Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صحافيو تونس يرفضون القيود والحكومة تدعوهم إلى النقد البنّاء

أطلقت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين سلسلة احتجاجات ضد المرسوم 54 وضد ما تسميه بالتضييق على حرية التعبير

تظاهرات تونسية احتجاجاً على الاعتقالات بين صفوف الصحافيين  (أ ف ب)

ملخص

تعاني #تونس من قيود على عمل #وسائل_الإعلام فيما دعا أنصار الرئيس قيس_ سعيد الصحافيين إلى النقد البناء لا الاتهامات المرسلة

تصاعد التوتر في تونس بين السلطة التونسية والصحافيين على خلفية ملاحقات قضائية استهدفت صحافيين اثنين، بناء على دعاوى رفعها وزير الشؤون الدينية إبراهيم الشايبي، فيما يستمر توقيف الصحافي ومدير إذاعة "موزاييك أف أم" واسعة الانتشار نور الدين بوطار منذ حوالى شهرين.

ونددت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين بما وصفته بالتنكيل بالصحافي محمد بوغلاب الذي خضع الجمعة إلى الاستجواب، بعد أن اتهم وزير الشؤون الدينية بالحصول على سيارة من الجمارك تعود ملكيتها إلى تونسي يمكث خارج البلاد، فيما ستمثل الصحافية منية العرفاوي للمرة الثانية في أقل من أسبوعين أمام القضاء بناء على دعوى أيضاً من الوزير نفسه.

تضاف هذه التطورات إلى خلافات بين الهياكل المهنية للصحافيين في تونس والسلطة خرجت إلى العلن في أعقاب إصدار الرئيس قيس سعيد للمرسوم 54 الذي يستهدف مكافحة الجرائم المرتبطة بالاتصالات، وهو مرسوم سارعت الهياكل المهنية إلى رفضه.

استهداف حرية الصحافة

ولم تتردد النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين شأنها شأن بقية الهياكل المهنية في إطلاق سلسلة احتجاجات أخيراً ضد المرسوم 54، وضد ما تسميه بالتضييق على حرية التعبير، لكن الرئيس قيس سعيد الذي ركز أغلب الصلاحيات بيديه يعد بحماية الحريات التي كانت مكسباً نادراً لانتفاضة 14 يناير (كانون الثاني) 2011.

وقالت عضو نقابة الصحافيين ريم سوودي إن "الملاحقات القضائية التي يتعرض لها الصحافيون تأتي في سياق عام بدأ منذ فترة يستهدف حرية الصحافة والتعبير وهو سياق لم يبدأ الآن، بل منذ 25 يوليو (تموز) 2021".

وأضافت سوودي لـ"اندبندنت عربية" أن "هذا السياق بدأ بالمرسوم 117 الذي تم إصداره في 2021 لتنظيم حال الاستثناء، لكنه أفرز نوعاً من التعتيم سواء من الحكومة أو الرئاسة، مما منع الوصول إلى المعلومة على رغم أنها حقنا وحق كل مواطن، واليوم انتقلنا بالمرسوم 54 إلى الملاحقات القضائية للصحافيين، وهو مرسوم حذرنا منذ البداية من أنه يستهدف حرية التعبير والصحافة".

وكان الرئيس قيس سعيد جمد أنشطة البرلمان التونسي السابق في 25 يوليو (تموز) 2021، وبدأ العمل بالمراسيم وصولاً إلى تعديلات دستورية وسياسية شاملة أعادت البلاد إلى النظام الرئاسي القوي في خطوات تلقى معارضة متنامية على رغم أنها لم ترق إلى حد دفعه على التراجع.

وبات عديد من المنظمات القوية في تونس مثل اتحاد الشغل كبرى النقابات العمالية، ونقابة الصحافيين تنتقد خطوات الرئيس سعيد، وتعرب عن مخاوف علنية من التراجع عن الحريات، لكن الرجل رد على ذلك بالتعهد بحماية الحقوق والحريات.

وعلى رغم ما تعهد به الرئيس قيس سعيد فإنه بات في مرمى ضغوط خارجية بسبب ملف الحريات، إذ اعتمد البرلمان الأوروبي في الـ16 من مارس (آذار) الماضي لائحة بشأن "الاعتداءات على حرية التعبير".

وأشارت اللائحة بشكل خاص إلى إيقاف الصحافي نور الدين بوطار في 11 فبراير (شباط) الماضي في إطار حملة واسعة استهدفت صحافيين وسياسيين ورجل أعمال بارز هو كمال اللطيف. ولفتت سوودي إلى أن "الصحافيين في تونس، خصوصاً في حالات بوغلاب والعرفاوي، يتعرضون إلى تضييقات متزايدة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إعلام خاضع لشبكة مصالح

وعلى رغم الشكاوى من الملاحقات القضائية وغيرها فإن عديداً من الصحافيين في تونس لا يزالون يوجهون وابلاً من الانتقادات لخيارات السلطة بجرأة كبيرة، مما يثير تساؤلات جدية حول من يستهدف من، السلطة أم الصحافيون؟

يقول المتحدث باسم حزب التيار الشعبي الموالي للرئيس قيس سعيد محسن النابتي إنه "حتى في الديمقراطيات لا يوجد حرية مطلقة للإعلام بل هناك توجهات، ما نتمناه هو أن يكون هناك نقد مع وضع مصلحة البلاد العليا فوق كل اعتبار، لأن فقدان الوطن لا يجب أن يكون ثمناً لحرية التعبير".

وأوضح النابتي في تصريح خاص "نريد إعلاماً بناء وناقداً، لكن مع الأسف ما نراه من الإعلام التونسي في الظرف الراهن ليس نقداً بل اتهامات مرسلة تجاه السلطة، نتمنى لو نرى نقاشاً ونقداً للخيارات وهي مسألة تحتاج إليها تونس حالياً".

وتابع "نحن أمام إعلام يتغذى على الإشاعات والإثارة، على رغم أننا نقدر حق الصحافيين في السبق الصحافي، لكن هناك قضايا تستحق نقاشاً معمقاً وبسيطاً كل الرؤى وهو ما لا نراه الآن".

وبالنسبة إلى النابتي فإن "الإعلام في تونس لا تزال تمسك به شبكة المصالح المرتبطة بالمنظومة السياسية القديمة، وهي شبكة ليست راضية على الوضع الحالي لأن مصالحها باتت في خطر، لا نطلب من الإعلام أن يكون موالياً للسلطة بل بالعكس نريد النقد للخيارات وليس الإثارة وغير ذلك".

"محاولات تركيع مستمرة"

وفي الواقع فإن ما يحدث الآن بين السلطة والصحافيين في تونس ليس سوى جولة جديدة من التصعيد بين الطرفين، فعلى رغم تعاقب عديد من الحكومات والأحزاب على إدارة شؤون البلاد بعد انتفاضة 14 يناير إلا أن العقد الماضي شهد سجالات عنيفة بين السلطة والصحافيين.

وشنت حكومة الترويكا (2011 – 2013) حملات عدة ضد الإعلام التونسي بينها اعتصام عام 2012 أمام مقر التلفزيون الرسمي للضغط عليه بهدف تغيير خطه التحريري، إذ عد التلفزيون آنذاك موالياً للنظام السابق بقيادة الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.

ولا يزال الصحافيون في بعض المؤسسات التي تمت مصادرتها بعد الانتفاضة التي تعود ملكيتها إلى أقارب الرئيس بن علي، يواجهون مصيراً يلفه الغموض في ظل عدم تسوية وضعية تلك المؤسسات، من بينها صحيفة "الصباح" اليومية، وإذاعة "شمس أف أم" وغيرهما.

واعتبر الصحافي والمحلل السياسي محمد صالح العبيدي، أن "الملاحقات القضائية الأخيرة والتطورات في علاقة السلطة بالصحافة هي محاولة جديدة لتركيع الصحافة كسلطة رابعة، وفي الحقيقة تعودنا على مثل هذه المحاولات".

وشدد العبيدي في تصريح على أن "هذه المحاولات لتركيع الصحافة تشمل التعيينات على رأس المؤسسات العمومية مثل التلفزيون الرسمي وغيره، وتجويع الصحافيين وملاحقتهم قضائياً، في اعتقادي أنه لا أحد يريد استيعاب الدرس في تونس المتمثل في أن السيطرة على الإعلام لا يمكن أبداً أن تكون حلاً لأزمات البلاد".

وأكد أن "حركة النهضة حاولت ذلك لكنها فشلت واستمرت في المحاولة حتى الأشهر الأخيرة قبل سقوطها، عندما قدم ائتلاف الكرامة المقرب منها مشروع قانون ليحل محل القانون المنظم لهيئة الاتصال السمعي البصري، واليوم نشهد الأمر نفسه، إذ تتم معاداة كل صحافي يكشف الحقيقة أو ينقد السلطة، في اعتقادي أن على الأخيرة مراجعة خياراتها خصوصاً أنها دخلت في مواجهات مع الجميع وهذا لن يزيد سوى في عزلتها".      

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي