Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الشعوب الأكثر غضبا... اللبنانيون يتصدرون والأوروبيون يتراجعون

انخفضت مستويات التوتر الإجمالية حول العالم نقطتين مئويتين عن العام السابق، إلا أن الغضب ارتفع نقطتين، أما القلق والحزن اللذان كانا بالفعل عند مستويات قياسية، فازداد كل منهما نقطة العام السابق، بحسب تقرير "غالوب للإحصاءات العالمية"

في لبنان أعلى معدل للغضب مسجل في العالم (أ ب)

ملخص

#اللبنانيون على لائحة الشعوب #الأكثر_غضباً في العالم

كلما اجتمع حشد من الناس من أجل المطالبة بحقوق، أو لإعلان موقف من قضية معينة تعنيهم تحديداً أو تعني جميع الناس كالبيئة والفقر والعمل والتقديمات الاجتماعية، فإن مشاعر الغضب تطغى في المكان. فالغضب ينتقل بالعدوى بين الأفراد وبسرعة شديدة. وأثبتت الدراسات التي أجريت على الجمهور العنيف للعبة كرة القدم، والذين يتشكلون في مجموعات منظمة ويقومون بتكسير المدرجات والدخول إلى الملعب أو نشر الفوضى في شوارع المدن بعد المباراة، بأن غضب هؤلاء ينتقل إليهم بالعدوى كحالة انهيار أحجار الدومينو، ويتغذى غضب الشبان وعنفهم من بعضهم بعضاً حتى يتحول إلى انفجار في النهاية.

 

دول العالم الأكثر غضباً ‏

الشعوب تصاب بالغضب أيضاً كما الحشود. وقد يكون غضبها ساكناً ومكبوتاً يلقي بظلاله على الحياة العامة للدولة ومواطنيها. فيقال إن هذه الشعوب غاضبة وفقاً لمجموعة من الإشارات. ومن التقارير المعروفة عالمياً التقرير الذي تصدره مؤسسة "غالوب للإحصاءات العالمية" حول العواطف العالمية، استناداً إلى عينات تمثيلية على المستوى الوطني بين السكان البالغين فوق الـ15. وتم حساب المؤشرات عبر الدراسات الاستقصائية في 122 دولة ومنطقة منذ بداية عام 2021 حتى أوائل 2022.

يقوم تقرير "غالوب" على قياس المشاعر، بما في ذلك مستويات الغضب في أكثر من 100 دولة حول العالم. ولطالما وجدت مؤسسة "غالوب" أن الغضب يميل إلى الظهور في أجزاء معينة من العالم، وبخاصة في الشرقين الأوسط والأدنى.

‏جاء اللبنانيون على رأس الشعوب الغاضبة في لائحة "غالوب" للغضب العالمي بنسبة تزيد على 50 في المئة، وذلك بين عامي 2021 و2022، إذ عبر أكثر من نصف اللبنانيين عن شعورهم بالغضب في اليوم السابق لاستطلاع آرائهم، وهو أعلى معدل مسجل في أي مكان في العالم. وتراكم غضب اللبنانيين المكبوت بعد سنوات من الأزمات الاقتصادية والتضخم المالي المرتفع، وبعد أن تدمر مرفأ بيروت بانفجار هائل مسبباً ضرراً هائلاً في نفوس المواطنين وفي اقتصاد البلاد وفي استقرارها الأمني والنفسي. ويسهم استمرار التضخم المالي على امتداد عامي 2021 و2022 مترافقاً مع الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية واستمرار الخلافات السياسية التي شلت عمل البرلمان والحكومة معاً، إضافة إلى غياب التقديمات الاجتماعية الأساسية من الكهرباء والماء والتعليم والطبابة، إلا أن ظروفاً كثيرة منها تفشي فيروس كورونا، وتوحد الطبقة السياسية، أدت إلى انحسار الحراك الشعبي عام 2019 الذي انتهى إلى نتائج ليست بقدر آمال اللبنانيين. الإحباط من القدرة على التغيير إضافة إلى الأزمات المتلاحقة التي لا تنتهي، كلها أسهمت في تصاعد الغضب المكبوت لدى اللبنانيين الذين يحاولون الهجرة بكثافة إلى مكان يمنحهم الأمل بحياة كريمة مجدداً.

‏كما تم قياس مستويات عالية من الغضب في تركيا بلغت 49 في المئة، ويلي الأتراك اللبنانيون على رأس لائحة الشعوب الأكثر غضباً بين عامي 2021 و2022. وقد عانى الأتراك أيضاً التضخم المالي الجامح حتى قبل الحرب في أوكرانيا، ثم جاء الزلزال الذي أضاف حزناً وغضباً عاطفيين يضافان على الغضب من التضخم غير المسبوق، وهكذا احتل الأتراك المرتبة الثانية بعد اللبنانيين، ثم تلاهم الأرمن الذين عانوا اندلاع الحرب في عام 2020 مع أذربيجان، فرفع من مستويات الغضب. أما العراقيون والأفغان فلم يخرجوا منذ سنوات من لائحة الشعوب الأكثر غضباً.

‏مالي وسيراليون كانتا الدولتين الأكثر غضباً خارج الشرق الأوسط والشرق الأدنى وبلاد فارس، بحسب تقرير "غالوب". وعانى 35 في المئة من المشاركين في الاستطلاع، الغضب في اليوم السابق على الاستفتاء.‏

 

الأقل غضباً

في أوروبا تم تسجيل أقل من 25 في المئة من نسبة الغاضبين بين شعوبها، بدءاً من مقدونيا الشمالية التي وصلت إلى 26 في المئة، وتعد القارة العجوز موطناً لبعض البلدان الأقل غضباً في العالم مثل فنلندا التي تتربع في أعلى اللائحة، إذ يعاني أقل من خمسة في المئة من الفنلنديين، الغضب في اليوم العادي، يليهم مواطنو إستونيا بنسبة ستة في المئة، ثم هولندا والبرتغال ثمانية في المئة، ثم جزر موريشيوس بنسبة ستة في المئة. فتكون شعوب هذه الدول الخمس الأولى في لائحة الأقل غضباً بين شعوب العالم.

ومنذ عام 2018 هيمنت باراغواي على أعلى لائحة دول أميركا اللاتينية الأقل غضباً والأكثر إيجابية، حيث أعرب البالغون عن شعورهم بكثير من المشاعر الإيجابية كل يوم. وتعكس النسب المئوية المرتفعة الثقافي للتركيز على إيجابيات الحياة بين شعوب جنوب أميركا.

بعد باراغواي جاء الترتيب على التوالي بنما وغواتيمالا والمكسيك والسلفادور وإندونيسيا وهندوراس وإكوادور وكوستاريكا وكولومبيا. ودخول إندونيسيا في اللائحة بين دول أميركا اللاتينية لأنها الدولة الآسيوية التي سجلت نسبة تقارب مع الدول اللاتينية، بينما تبتعد عن الشعوب الآسيوية المجاورة لها بنسبة عالية في اللائحة.

في أفريقيا تقدمت نيجيريا البلد الأكثر اكتظاظاً بالسكان لائحة البلد الأكثر إيجابية والأقل غضباً. ونيجيريا ثالث أكبر نسبة من الشباب في العالم. 90 مليون من سكانها البالغ عددهم 186 مليون نسمة تقل أعمارهم عن 18 سنة. وربما تكون هذه البيئة الاجتماعية القائمة على وحدة أعضاء الأسرة والتفافهم حول نواتهم الأسرية هي السبب في أن النيجيريين ابتسموا أو ضحكوا كثيراً في اليوم السابق، حيث أجاب أكثر من تسعة من كل 10 بإجابة إيجابية. وجاءت السنغال والنيجر في غرب أفريقيا في المرتبة الثانية بنسبة 73 في المئة و72 في المئة على التوالي.

وفي خلاصة تقرير "غالوب" تبين أن مستويات التوتر الإجمالية حول العالم قد انخفضت نقطتين مئويتين عن العام السابق، إلا أن الغضب ارتفع نقطتين ليصل إلى مستوى مرتفع جديد. أما القلق والحزن اللذان كانا بالفعل عند مستويات قياسية في السنوات السابقة، فقد زاد كل منهما بمقدار نقطة واحدة على العام السابق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كيف يتشكل الغضب الجماعي؟

يرى المتخصص في التاريخ بجامعة بورتسموث ومؤلف كتاب "الخرف الثقافي" ديفيد أندريس أن "كل شيء يدور حول المال والاقتصاد بالتالي يدور حول الندرة وانعدام الأمن. حينها، يتحول أي تعثر أو انهيار اقتصادي في الدولة إلى غضب عام بعد أن يتطور من القلق إلى التوتر إلى الشعور بالظلم وفقدان الأمل، ومن ثم يأتي الغضب". ويضيف قائلاً "بصفتي مؤرخاً ومدرساً أحاول دائماً التوضيح أن المجتمعات البشرية هي أماكن عنيفة وهرمية عموماً".

ويؤكد مؤلف كتاب "الديناميكا النفسية للشبكات الاجتماعية" آرون باليك، فكرة أندريس، ولكنه يضيف إليها عناصر مختلفة لإثارة الغضب الاجتماعي ضاعفتها وسائل التواصل الاجتماعي التي تكثف "العدوى العاطفية" في علم النفس أو "عربة الغضب" المسرعة في المنحدر، كما يسميها علم الاجتماع.

لكن الغضب الاجتماعي الجماعي لا يبقى مكبوتاً دائماً، ففي أحيان كثيرة يفرز من بيئاته الغاضبة مجموعة تعتبر أن العنف المسلح وسيلة للتعبير عن الرأي مثلاً، مما يخلق عدواً غير مرئي يسمى "الإرهاب العالمي". ولتأكيد هذه الفكرة كان على الباحثين مقابلة إرهابيين سابقين، وكانت هذه المهمة صعبة في العقود الماضية، إلا أن عالم النفس جون هورغان مدير المركز الدولي لدراسة الإرهاب أجرى مقابلات مع 60 إرهابياً سابقاً من دول مختلفة وتوصل إلى استنتاج مفاده أن الإرهابيين ومجنديهم يملؤهم شعور بالغضب والغربة والحرمان. وأجرى فريقه مجموعة من الدراسات في الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل، وتبين له أن في البلدان الثلاثة، كان الأشخاص المستفتين يدعمون العنف ضد الأعداء الخارجيين في سبيل الحفاظ على الهوية الوطنية". كان الإيرانيون أكثر ميلاً لدعم التفجيرات الانتحارية ضد الغربيين. وفي المقابل دعم الأميركيون استخدام القوة العسكرية لمحاربة المتطرفين الإسلاميين حتى أدى ذلك إلى قتل الآلاف المدنيين. الإسرائيليون أبدوا شعوراً بعدم الاكتراث لما يقوم به جيشهم بأمر من حكومتهم تجاه الفلسطينيين. واعتبرت الدراسة أن عدم الاكتراث هو موافقة صامتة على التدخل العنيف.

ويتفق علماء النفس على أن الغضب مثل أي شعور منبه له خصائص إدمانية يعتاد الأشخاص والجماعات عليها. فالغضب يعطيك جرعة عالية من وهم الفوة. والغضب غير المعالج يلوث المجال الاجتماعي، كما جاء في بحث مجلة "سيكولوجي توداي" الواسع حول الغضب وأنواعه وتأثيراته الاجتتماعية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير