Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فايق حميصـي رائد المسرح الإيمائي في لبنان تغريه الدراما أخيراً

أخرج أعمالاً فريدة وأدار ممثلين من أجيال عدة في سياق التعليم الأكاديمي

المسرحي فايق حميصي مع فرقته الإيمائية (صفحة الفنان - فيسبوك)

ملخص

بعد غياب عن #الدراما التلفزيونيّة لسنوات طويلة بسبب سوء حال الانتاج الدّراميّ في #لبنان، عاد فايق حميصـي هذا العام من خلال مشاركته في مسلسل "#وأخيراً"

المسرح ملعبه منذ طفولته، والإيماء وسيلة تعبيره التي يحمّلها الكثير من ثورته الداخلية على الواقع، سواء في ما يتعلق بالمواطن والمجتمع أو بأوضاع الممثل... وتجربته الفنيّة غنية بأعمال متنوّعة مع الرحابنة، إلى جانب مسلسلات تلفزيونيّة برهن من خلالها على قدرته كممثل.

وبعد غياب عن الدراما التلفزيونيّة لسنوات طويلة بسبب سوء حال الانتاج الدّراميّ في لبنان، عاد هذا العام من خلال مشاركته في مسلسل "وأخيراً" الذي يعرض في شهر رمضان على محطة "أم بي سي" ومنصة "شاهد" في دور "أبو ياقوت".

هذا الرّجل اللّبنانيّ الّذي تزوّج في المسلسل من إمرأة سورية، منى واصف "أم ياقوت"، وأنجب ابنتين وولدًا، ومع اندلاع الحرب في سوريا في العام 2011 قرّر العودة إلى لبنان مع عائلته ليبدأ رحلة حياة جديدة. عن هذه المشاركة يقول فايق حميصي لـ"اندبندنت عربية": "كنت قد قرّرت عدم المشاركة في الدّراما التّلفزيونيّة اللّبنانيّة بسبب سوء تقدير الممثّل في لبنان من قبل شركات الانتاج، لكن قبل سنتين، تلقّيت اتصالاً من شركة "صبّاح إخوان"، وعرض عليّ المنتج المنفّذ لديها فراس العمري، التّعاون في الأعمال العربيّة المشتركة الّتي ينتجونها، لكنّني رفضت وشرحت وجهة نظري. إنّما قبل ثلاثة أشهر، تلقّيت مكالمة ثانية من الشخص نفسه، وطلب مني أن نجتمع، وبالفعل زرته في المكتب وعبرت عن هواجسي، فأقسم أنّ الممثّل وكلّ فريق العمل مقدرون، وأنّ كلّ الحقوق والمستلزمات الّتي تريحهم وتخلق الاجواء المناسبة لابداعهم متوفّرة. وهكذا وقعت عقد المشاركة في مسلسل "وأخيراً" من بطولة نادين نسيب نجيم، وقصي خولي، والقديرة منى واصف، ومجموعة من النّجوم السّوريّين واللّبنانيّين. وهذا العمل المؤلّف من 15 حلقة، يحقّق نسبة مشاهدة عالية، وأنا سعيد بهذه التّجربة، لكن يبقى المسرح هو هاجسي الوحيد."

الأجيال الجديدة

 

لم يتوقّف المخرج فايق حميصي عند هذا الحد، بل وسّع طموحه ليشمل تربية الأجيال الجديدة على حساب المسرح لتأمين استمرار الفنون، وإحداث تغيير في النّظرة الى معالم الثّقافة المختلفة. من هنا كان تركيزه على تأسيس "المسرح المدرسيّ" وإدخاله ضمن المناهج التّربويّة، سواء في لبنان أو في العالم العربي، وهو عضو في أكثر من مؤسّسة عربيّة تعنى بالمسرح، وتحديداً في الخليج والعالم العربيّ، وخصوصاً أنّ دول الخليج بدأت تبدي اهتماماً ملحوظاً بالفنون والثّقافة، عندما تلمّس المسؤولون قدرة هذه الفنون على توحيد الهويّة الفكريّة للأفراد، ويأتي هذا طبعاً لفائدة بناء المواطن الصّالح والمجتمع المؤمن بالمواهب الجيّدة والمميّزة. وكان قد طلب منه العمل مع " "الهيئة العربيّة للمسرح" الّتي يرأسها الشيخ سلطان بن محمّد القاسمي، حاكم الشّارقة، وهي إحدى المؤسّسات الّتي تعمل في النّطاق الثّقافيّ والفنّيّ في الإمارات. ويتعدّى دورهذه الهيئة كما تدلّ عليه تسميتها، الاهتمام بالفنون والنّشاطات الوطنيّة الى الاهتمام بالمحيط العربيّ ونتاجه المسرحيّ. لذلك وكلّ ما يتوجب عليها من جهد بشريّ، ومن مساهمة ماليّة، تنظّم الهيئة لقاءً مسرحياً عربياً كلّ عام في بلد عربيّ، تتلاقى فيه الوفود، فتتبادل الخبرات والأفكار.

 يقول حميصي: "فكرة المسرح المدرسيّ الّتي طرحها الشيخ القاسميّ من ضمن استراتيجيّة النّهوض بالمسرح العربي، وهو يتبناها ويطلع على مسارها ويشارك في الفعاليات الباحثة في إيجاد صيغة عمل لدعم إدخال المسرح المدرسيّ، كنشاط منهجي في المدرسة. ولذلك شُكّلت لجنة من الخبراء، أنا من بينهم، لوضع المفاهيم التّربويّة، والأهداف، والأنشطة، وطرق العمل. وفعلًا وضعنا المنهج، وبدأ التّدريس في مدارس الإمارت من الصّفّ الأوّل حتّى البكالوريا. وحالياً نجري البحث لتطوير هذا النّشاط، ونقل المسرح إلى النّوادي كي يصبح نشاطاً مثله مثل الرّياضة وما شابه."

الإحتراف الإيمائي

 

وبما أنّه رائد المسرح الإيمائيّ في لبنان، فعند سؤاله ما هو واقعه اليوم، يقول حميصي: "بعد نصف قرن من بداية المسرح الإيمائيّ الاحترافيّ في لبنان، أصبح فنّ الإيماء مدرجاً في مناهج إعداد الممثّل في معاهد الفنون كمادّة الزاميّة، وله وظيفة عضويّة في الاحتفالات الشعبيّة والاجتماعيّة في لبنان، فلا يخلو أيّ تجمّع شعبيّ احتفاليّ من إيمائيّ وأكثر، يشاركون في إحياء الاحتفال. أكان في لبنان أو في دول الخليج خصوصاً، فحين يتعلّق الأمر بافتتاح مراكز تجاريّة يعمد كذلك من يملك قدرة على الانتاج من الطّلاب الموهوبين، إلى تقديم عروض إيمائيّة للصّغار أو الكبار. عدد الّذين يتقنون فنّ الإيماء في لبنان كبير نسبة إلى عدد السّكّان، وهذا الأمر لافت.

كيف كانت بدايته مع المسرح الإيمائيّ فيعلّق: "بالكاد أعرف الإجابة عن هذا السّؤال، بدايةً، أغرمت منذ الصّغر بكلّ ما هو استعراضيّ وإيمائي، ثمّ في "كشافة الجرّاح" الّتي انتسبت إليها، شاهدت عن قرب فنانين يقدّمون حفلات. وأقصد ما بات يعرف في ما بعد ب"فرقة أبو سليم الطّبل". كذلك كانت تجذبني السّينما الصّامتة أكثر من السّينما النّاطقة، وربما وجدت وسيلة التّعبير الصامت مجالاً لتلبية ميلي للتّعبير بالحركة؛ فصرت أشارك في حفلات الكشّافة مقدّماً مشاهد صامتة هزليّة، اطلقت عليها تسمية "النّكتة الخرساء". إلى أن جاء من شرح لي أهمّيّة هذا النّوع من الفنّ وابلغني باسمه العالميّ، وهو فن الإيماء. ثمّ شجّعني أساتذتي على التّخصّص في التّمثيل أو أي شيء له علاقة بالفنون، وهذا ما حدث. مثّلت مسرحيّات إيمائية عدّة في لبنان، في السّبعينيّات والثّمنينيّات من القرن الماضي، ثم توقّعت لماذا كثيراً ما أسمع هذا الكلام، وهو غير صحيح، عن أن تحضير العرض الإيمائيّ يحتاج وقتًا لا يقل عن ثلاث سنوات إذا كرّسنا له كامل الوقت، وهذا مستحيل.

في التّسعينيّات شغلتني العروض الإيمائيّة التّلفزيونيّة فسجلت نحو 120 مشهداً ايمائياً لأربع محطّات تلفزيونيّة، وعلى أن تحسبي كم أخذ من الوقت تحضيرها وتصويرها، وتخلّلها عرض ايمائي مسرحي واحد "إيماء عرض سنة 1997". بعدها أشرفت على أعمال عدة، وأخرجت عروضاً إيمائية عدّة لم أشارك في تمثيلها، حتّى عدت في 2010 إلى العروض الإيمائيّة، فشاركت مع السّيّدة ماجدة الرومي في عرض "للحب سلام" في بيروت، وفي مهرجانات "جونية السياحية"، فقدمت بين 2010 و2011 عرض "كلّ هذا الإيماء" على مسرحي بيروت ومونو".

الشغف الدائم

ويضيف: "أمّا الفترات الّتي لم أقدم فيها إيماء، فخصّصتها لشغفي الثاني، وهو المسرح التربوي، فعملت على تحضير منهج لبنانيّ بالاشتراك مع زملاء لاستخدام المسرح في المنهج التربويّ، وأعتقد أنّ هذا يوازي أهمّيّة المسرح الإيمائيّ، لأنه يعطي للمسرح وظيفة في المجتمع عبر اعتماده كأداة تربويّة وليس كوسيلة إيضاح."

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن كونه مخرجاً مسرحياً فهل سَهُل عليه التّعامل مع الخشبة في عروضه الإيمائيّة، فيؤكّد: "أنا من الجيل الذي درس المسرح كمادّة شاملة؛ بمعنى أني درست الفنون الدراميّة كافة، بما فيها الإخراج والكتابة، وليس التمثيل فحسب، وقد استفدت من كلّ ذلك في استحداث أسلوب جديد في العرض المسرحيّ الإيمائيّ."

شارك حميصي في مسرحيّات لبنانيّة من بينها "الرّبيع السّابع"، "صيف 840"، "وبالنّسبة لبكرا شو"  لزياد  الرحباني. ومع سؤاله عن ذكرياته مع الرّحابنة، ولماذا غاب عنهم في السّنوات الاخيرة؟ يوضح:" إنّها ذكريات يلزمها مجلّد ضخم، كان من حظي أنّي عملت مع زياد الرحباني، والأخوين الرّحباني، ثمّ منصور وولديه مروان وغدي لفترة امتدت من 1980 حتى 1992 في مسرحيات وبرامج تلفزيونية. وقد أتاح لي العمل في المسرح الغنائيّ معهم تقديم نفسي كممثّل وراقص وإيمائيّ ومغنّ، ونشأت بيننا علاقة شخصيّة قويّة خاصّة اعتز بها. أمّا الذّكريات الحميمة الجميلة، فلا مجال لتعدادها الآن، وقد انتهت هذه العلاقة المهنيّة بعد مسرحيّة "صيف 840"، وبقينا أصدقاء من دون العمل معاً لأسباب لم أعرفها."

وعن تقييمه للدراما اللبنانية اليوم يضيف: "لا يسمح وقتي بمتابعة التلفزيون، أحياناً أشاهد أجزاء وأعجب أو أتحسر، لكني أتابع الإنتاجات السّينمائيّة وأفتخر بما يصنعه السّينمائيّون بالإجمال."

 ويضيف: "كأستاذ جامعيّ، أستفيد أحياناً من هذا التّعاطي بدرجة أكبر من استفادة الطّلّاب؛ فالجامعة ليست مدرسة، بمعنى أنّها تجمع راغبين في المعرفة. الأوّل طالب وصاحب خبرة والثّاني أستاذ، ويقوم التّدريس على بحث تجربة الطّالب بتوجيه الأستاذ. فهو إذن تلاق بين أفكار الأستاذ وتساؤل الطّلّاب، ولهذا يتطوّر الاثنان معاً. حتّى تدريس التّقنيات يعتمد على استكشاف الطّالب لآليات العمل التقنيّ، ثمّ يتعلّم إتقانه. وأنا أحترم من يخالفني الرّأي من الطّلّاب، ولا أطالبه إلا بإثبات ما يرتأيه عملياً؛ فالمسرح رغم كونه فنّاً، إلّا أنّه مادّة علميّة تخضع لمعادلات، وما على الطّالب الّذي يرغب بالتّمرّد إلّا استنباط معادلات وقوانين جديدة، تضمن ديمومة صمود ما توصل إليه من طرق في التعبير، أكان ذلك باستخدام التكنولوجيا الرقميّة او المنطق الميكانيكيّ او المهارات الحرفيّة".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة