Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لا إصلاحات في لبنان بغياب رئيس للجمهورية

في كل مرة يحصل لقاء على الصعيد الدولي يعتقد البعض أن "العصا السحرية" ستجلب الحلول

من دون اتفاق مع الصندوق يصعب تنظيم مؤتمرات استثمارية مع المتمولين الغربيين في العواصم لدعوتهم إلى التوظيف في البلد (رويترز)

ملخص

ليس هناك في الأفق ما يشير إلى أن الاجتماع الخماسي حول #لبنان سينعقد قريباً مرة أخرى وفي كل الأحوال ليس قبل انقضاء عطلة #عيد_الفطر ويصعب التكهن حول إمكان انعقاده

"لبنان يقف حالياً عند مفترق طرق خطر، ومن دون الإصلاحات السريعة سيغرق في أزمة لا نهاية لها".

هذه العبارة التي تضمنها بيان صندوق النقد الدولي بعد انتهاء عمل بعثته في بيروت، في 23 مارس (آذار)، لاستكشاف ما أنجز من الاتفاق مع لبنان على مستوى الموظفين منذ التوقيع عليه، في السابع من أبريل (نيسان) 2022، أي بعد سنة إلا بضعة أيام كانت أشبه بصفعة ليس لحكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي وحدها، بل رموز الطبقة السياسية اللبنانية كافة.

الأوصاف التي ذكرها صندوق النقد في بيانه الذي جاء فيه أن الجانب اللبناني وافق على نشره، بما يعني أن الحكومة تقر بما تضمنه من اتهام للمنظومة الحاكمة قاطبة بما فيها الحكومة، تشكل إدانة صريحة لها.

وعد الإصلاحات خلال شهر

البيان نص على عبارات من نوع "من شأن بقاء الوضع الراهن أن يزيد تقويض دعائم الثقة في المؤسسات الوطنية"، و"تراجعت قدرات الإدارات العامة بشكل كبير، وتسبب حالة اللافعل الأضرار بشريحة السكان منخفضة الدخل إلى متوسطة الدخل أكثر من سواها"، وصولاً إلى الإعلان الصريح أنه "أصبح لزاماً على الحكومة والبرلمان والبنك المركزي (مصرف لبنان) معاً اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة للتصدي للضعف المؤسسي والهيكلي طويل الأمد"، وهي عبارات لا تترك مجالاً للشك بأن الصندوق الذي يتجنب في مهامه الخروج باستنتاجات سياسية ويترك المجال لقراءتها بين السطور، يحمل الطبقة الحاكمة كامل المسؤولية عما آل إليه الوضع المأساوي في البلد الذي تعمه الإضرابات وإقفال معظم القطاع العام والجزء الأكبر من المحاكم.

أضاف على ذلك مصدر دبلوماسي غربي "كنا حاضرين حين وقعت الحكومة اتفاق السابع من أبريل السنة الماضية مع الصندوق، وأذكر أن الجانب اللبناني قال إنه يستطيع تنفيذ الإصلاحات المطلوبة في الاتفاق مع الصندوق خلال شهر، ونحن بتنا في الذكرى السنوية الأولى للتوقيع"، وبيان الصندوق يقول إن "التقدم المحرز يبقى محدوداً نحو تنفيذ حزمة شاملة من الإصلاحات الاقتصادية التي نص عليها الاتفاق".

الأزمة تتفاقم بلا رئاسة

إلا أن المصدر نفسه اعتبر أن "البيان واضح وندرك أن هناك صعوبة في التعاطي مع أزمة اقتصادية في ظل أزمة سياسية، ونحن نلتقي الفرقاء ومنهم الأحزاب المسيحية لتشجيعهم على إحداث تقدم ولكن لا اتفاق على مرشح، فمن دون تقدم في شأن الرئاسة من الواضح أن الأزمة الاقتصادية ستتفاقم، وبيان صندوق النقد واضح بأن مواصلة تأجيل الإصلاحات يعني أن الوضع سيسوء أكثر".

لا حلول لدى بعض الدبلوماسيين الذين يمثلون دولاً غربية فاعلة سوى "التحدث إلى أعضاء البرلمان والحكومة لتشجيعهم على إحداث تقدم لأن الوقت حان كي يتصرف المعنيون على أساس المصلحة العامة للبلد حتى تعود العجلة الاقتصادية للدوران، والمليارات الثلاثة التي سيقدمها الصندوق للبنان، صحيح أنها غير كافية من أجل تجاوز الأزمة وردم الهوة لكنه بهذا المبلغ يبعث بإشارات بأن في الإمكان تغيير الاتجاه الذي تسلكه الأمور حالياً، وهذا يشجع الاستثمارات، في النهاية لا حل للأزمة إلا بالاستثمارات من قبل القطاع الخاص وبتوظيف الأموال الخاصة التي سيسأل أصحابها عن موقف صندوق النقد قبل أن يستثمروا".

لا عصا سحرية والإصلاحات مترابطة مع الرئاسة

إزاء عدم الاتفاق، لاحظ المصدر الغربي أنه في كل مرة يحصل لقاء على الصعيد الدولي حول لبنان، مثل اللقاء الخماسي في باريس (فرنسا، الولايات المتحدة، السعودية، مصر، وقطر)، يعتقد البعض أن "العصا السحرية" تجلب الحلول فيما الدول تبحث أزمة لبنان من باب اهتمامها بالبلد لمساعدته اقتصادياً ومن الأفضل ألا ينتظر تلك العصا السحرية، وليس هناك في الأفق ما يشير إلى أن الاجتماع الخماسي حول لبنان سينعقد قريباً مرة أخرى وفي كل الأحوال ليس قبل انقضاء عطلة عيد الفطر، ويصعب التكهن حول إمكان انعقاده.

أما بالنسبة إلى "اتفاق بكين" بين السعودية وإيران، فعلى رغم أنه يغير في قواعد اللعبة، يسود اعتقاد أنه سيجلب الحل الذي يجب أن يأتي من اللبنانيين لأن الناس في البلد يعانون وخسروا ودائعها والتضخم بلغ ثلاث خانات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لم يصل الغربيون بعد إلى قناعة بأن اللبنانيين غير قادرين على التوصل إلى اتفاق على ملء الفراغ الرئاسي، ويرون أن "ليس من الحكمة انتظار الحل الخارجي، فاتفاق بكين يخفض التوتر في المنطقة وهذه إيجابياته، وفي المفاوضات بين السعودية وإيران هناك كثير من القضايا التي تحتاج إلى حلول بدءاً باليمن والعراق، وتحتاج إلى وقت، ولبنان وسط هذا الخضم يحتاج إلى حلول سريعة، ومهمة اللبنانيين أن يقولوا ماذا يريدون.

وبين أن تكون الأولوية انتخاب رئيس الجمهورية وأن يتم تنفيذ الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، رأى المصدر الدبلوماسي الغربي أن كل الأمور مترابطة مع بعضها، ولو طرح السؤال، في سبتمبر (أيلول) الماضي، لقلت: نفذوا الاتفاق مع الصندوق، أما الآن فإن تطبيق الاتفاق يحتاج إلى رئيس، والفراغ يعني نقصاً في الإرادة السياسية للنهوض بالاتفاق وبالوضع الاقتصادي، وكل الدول تريد مساعدة لبنان، ومن دون اتفاق مع الصندوق يصعب تنظيم مؤتمرات استثمارية مع المتمولين الغربيين في العواصم لدعوتهم إلى التوظيف في البلد، لكن تنفيذ الاتفاق يسهل عقد مثل هذه المؤتمرات، وفي نهاية المطاف، معالجة الأزمة الاقتصادية ستتم عبر الاستثمارات في البلد من قبل السعودية ومن دول الغرب.

وسمع الدبلوماسي الغربي من اقتصاديين لبنانيين أن لبنان بلد صغير، وإنقاذه ممكن وقلب صفحة التدهور الحالي في سرعة نظراً إلى وجود قطاع خاص ناشط فيه، وبفعل آمال المغتربين، وعبر جذب الاستثمارات الخليجية.

لا دفع للرواتب بل تشجيع على الاستثمار

وفي العلاقة مع المشكلات الراهنة التي يعانيها لبنان بسبب الإضرابات التي تعم القطاع العام بسبب الانخفاض الكبير في قيمة العملة الوطنية، شدد الدبلوماسيون الساعون على تأمين المساعدات للبنان. ويقول أكثر من سفير، إن الدول ليست في وارد تقديم الدعم المالي للإنفاق على رواتب الموظفين لأن هذا وظيفة الحكومة، على رغم المساعدة التي تقدمها الولايات المتحدة لرواتب القوات المسلحة، وينطبق ذلك أيضاً كما يقول هؤلاء، على المصاريف المطلوبة من أجل إجراء الانتخابات البلدية التي يفترض أن تجري، في مايو (أيار) المقبل، التي يسعى فرقاء إلى تأجيلها على رغم الاستعداد الدولي لتأمين بعض التمويل من أجل المساعدة على إتمام هذا الاستحقاق، ويتوجب على الحكومة أن تؤمن المصاريف الأساسية وألا تعتمد على التمويل الخارجي بالكامل لهذا الغرض.

ويستغرب هؤلاء كيف لا يستفيد الفرقاء اللبنانيون من أن لبنان موضوع تقارب بين الدول، خصوصاً في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ويلفتون إلى أن في المناقشات التي جرت حول تطبيق القرار الدولي الرقم 1701 في 16 مارس بدت الدول الدائمة العضوية وتلك التي عضويتها موقتة، موحدة حول ضرورة مساعدة البلد، في وقت مجلس الأمن منقسم حول القضايا جميع جراء الخلاف الكبير في شأن أوكرانيا، وهذه فرصة للجانب اللبناني، خصوصاً أن ممثلي الدول جميعاً مطلعون على تفاصيل الوضع اللبناني ويركزون على أهمية تنفيذ الاتفاق مع صندوق النقد، وعلى التعجيل في انتخاب رئيس للجمهورية، ويسألون عن أسباب الفراغ الرئاسي، وعن سبل دعمه اقتصادياً والحاجة إلى المساعدات الإنسانية، وفي الحديث عن انتخاب الرئيس الجديد يطمحون إلى رئيس لديه رؤية اقتصادية، يعمل 24 ساعة، وينسى البروتوكول ويعمل على إعادة بناء علاقات لبنان العربية والدولية.

في اعتقاد الدبلوماسيين الذين يتابعون أزمة لبنان في مجلس الأمن أن الوقت أخذ يضيق ولا تستطيع القيادات السياسية أن تؤخر انتخاب الرئيس أكثر، بل بعض هؤلاء الدبلوماسيين يرى أن من العلامات على أن المسؤولين في لبنان يعيشون في عالم آخر سعي بعضهم إلى تأجيل الانتخابات البلدية، وهذا مؤشر سلبي، لأن حصولها يسهم في بناء الثقة مجدداً.

المزيد من متابعات