ليس قول الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إن "سوريا ستعود إلى الجامعة لا محالة" موقفاً رسمياً. وعلى الرغم من ذلك هو لافت وقد جرى التوقف عنده بكثافة.
يكتسب التصريح أهميته لكونه يأتي ضمن تجاذب عربي في شأن عودة سوريا إلى الجامعة. وقد سبقته إشارات عدة توحي أن العودة قريبة وليست حتمية فحسب. علماً أن أبو الغيط كان حريصاً على أن لا يبدو ميّالاً إلى خيار عودة سوريا أو إلى رفضه. وقد تجنّب حسم الموقف واستباق الأمور. ففيما توحي عبارة "لا محالة" أنها تعني أن سوريا عربية وأن مصيرها الحتمي هو العودة إلى البيت العربي، اشترط العودة بـ"التحقق من أساس الأرضية الداخلية في سوريا، التي ستتعامل معنا".
وعلى الرغم من هذه الدبلوماسية في شكل العبارة ومضمونها، فقد اعتُبرت إيجابية لمصلحة العودة، لا سيما أنها أتت بعد أحداث وتصريحات عدة.
ففي 16 ديسمبر (كانون الأول) 2018 زار الرئيس السوداني عمر البشير العاصمة السورية والتقى الرئيس السوري بشار الأسد. وقد أحدث ذلك مفاجأة لمصلحة الأسد الذي بدأ يخرج من عزلته العربية، لا سيما أن زيارة البشير هي الأولى لزعيم عربي منذ تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، وقطع عدد من الدول العربية علاقتها بها على خلفية الأزمة السورية وبطش النظام خلالها.
واستند التفسير الذي يعتبر أن زيارة البشير بمنزلة فتح الباب العربي نحو نظام الأسد، إلى أن الرئيس السوداني لم يزر دمشق من تلقاء نفسه إنما بضوء أخضر من حلفائه العرب، أو على الأقل، لم يرفعوا في وجهه الضوء الأحمر. وابتسم أصحاب هذا الرأي حين فتحت سفارات دول عربية عدة في دمشق أبوابها بعد سنوات من الإقفال. والآن، بعد نحو شهر من الزيارة وما رافقها، لا يمكن فصل تصريح أبو الغيط عن مواقف أخرى. فهذا وزير الخارجية العراقي، محمد علي الحكيم، يعلن أنه ناقش مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف سبل دعم جهود العراق لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.
وهذا لبنان يشهد سجالاً يتعلّق بسوريا وعودتها إلى الجامعة العربية، ويكاد السجال يفجّر القمة العربية التنموية الاقتصادية التي ستنعقد في بيروت. فقد اقترح رئيس مجلس النواب نبيه بري، أن يسعى رئيس الجمهورية ميشال عون لتأجيل القمة إلى ما بعد عودة سوريا إلى الجامعة. واعتبر بري إن دور لبنان هو جمع العرب وليس تفريقهم. وكأنه يوحي أن عودة سوريا هي الجمع، في حين يشكل بقاؤها خارج الجامعة تفريقاً للإخوة.
وإلى جانب إشارة أبو الغيط إلى أن "الوضع ما زال معقّداً"، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، الأربعاء 16 يناير (كانون الثاني) 2019، إن قرار عودة سوريا للجامعة العربية هو قرار يخص مجلس الجامعة، مؤكداً أن عدم إقدام حكومة دمشق على اتخاذ خطوات ضرورية لتفعيل القرار السياسي يُبقي الأمر على حاله وليس هناك أي تطور بشأن عودة سوريا إلى مقعدها فى الجامعة.