Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اشتعال "هستيرية" التهديدات العسكرية بين موسكو و"الناتو"

زيلينسكي يحذر من سقوط "باخموت" وأصوات الرفض تتعالى تجاه "المبادرة الصينية"

دبابة أوكرانية  على طريق موحل بالقرب من باخموت (أ ف ب)

ملخص

تتعالى أصوات داخل #روسيا تحذر من مغبة اتساع نطاق محاولات الدوائر الغربية الرامية إلى #زعزعة_الاستقرار الداخلي وإثارة الاضطرابات بين صفوف #المجتمع_الروسي

يتواصل الاستعداد للهجوم المضاد على جبهة القتال الروسية– الأوكرانية للشهر الرابع على التوالي من دون بادرة تقول إن أياً من الجانبين حقق اختراقاً كبيراً على هذا الصعيد، وإن اعترف الجانب الأوكراني بتقدم طفيف للجانب الروسي في معارك باخموت التي يسميها الروس أرتيوموفسك.

ومن اللافت أن التهديدات التي لا تتوقف من الجانبين تقول إن كلاً منهما في سبيله إلى تحقيق الأهداف المرجوة، في توقيت يشهد تدفق الإمدادات العسكرية على أوكرانيا من جانب بلدان الـ "ناتو" التي تتسابق في إمدادها بدبابات "تشالينجر-2" البريطانية في انتظار تنفيذ ما وعدت به من "قذائف اليوارنيوم المنضب" التي كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة إلى جانب دبابات "ليوبارد" الألمانية التي يقول الجانب الروسي إنها لن تشكل اختراقاً يذكر على صعيد القتال في مواجهة الصواريخ الموجهة الروسية المضادة للدبابات والمزودة برؤوس قتالية مزدوجة تنفجر مرتين.

وبعيداً من الخصائص التقنية لكل هذه الأسلحة والدبابات، يتوقف مراقبون كثر في داخل روسيا وخارجها عند ما يتردد من تصريحات عن الجانب الغربي تقول إنه لن "يسمح بتجميد الصراع أياً كان الأمر"، في وقت تتعالى أصوات رفض "المبادرة الصينية" من دون الجلوس لمناقشة أي من بنودها، وذلك في توقيت مواكب لاحتدام الجدل بين الرئيس زيلينسكي والقائد العام للقوات الأوكرانية الجنرال فاليري زالوجني وما يجري من تعمد الكشف عن تفاصيله في شأن رفض زيلينسكي لما كان يطرحه الجنرال زالوجني من اقتراحات حول ضرورة الانسحاب من باخموت حفاظاً على حياة من بقي من القوات الأوكرانية بسبب صعوبة مواجهة الضغط من جانب القوات الروسية، على رغم تكرار العودة لنزول الغريمين المحتملين لخوض سباق الانتخابات الرئاسية المرتقبة في أوكرانيا العام المقبل إلى الوفاق في شأن عدم التفريط في باخموت.

ضغوط كبيرة

ومن هنا يتوقف المراقبون في موسكو أمام أبعاد ما صدر من تصريحات من جانب الرئيس الأوكراني في حديثه إلى وكالة "أسوشيتد برس" حول احتمالات تعرض أوكرانيا لضغوط كبيرة، لا من جانب المجتمع الدولي وحده بل من داخل المجتمع الأوكراني أيضاً في حال هزيمة القوات الأوكرانية في معركة "باخموت". وأضاف زيلينسكي أنه "إذا حصل ذلك فسيشعر مجتمعنا بالتعب وسيدفعونني للتنازل أمام الروس وإيجاد تسوية سلمية معهم"، إلا أنه سرعان ما أضاف أنه "لم يشعر بمثل هذا الضغط بعد".

وكانت صحيفة "بيلد" الألمانية تناولت تزايد ما وصفته بالصراع بين زيلينسكي وزالوجني حول استمرار القتال في باخموت، وقالت إن زالوجني يقف إلى جانب إنقاذ حياة الجيش مما يجعله يصر على انسحاب القوات من باخموت، على طرفي نقيض مما يقوله زيلينسكي حول اعتبار باخموت رمزاً سياسياً على رغم أن المدينة في الواقع ليست ذات قيمة إستراتيجية لأوكرانيا، بحسب ما نشرت الصحيفة الألمانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أدلى بتصريحات مماثلة تقول باعتقاده أن "باخموت ذات أهمية رمزية أكثر منها إستراتيجية وعملياتية"، ولعل ذلك ما قد يفسر ما صدر عن مكتب الرئيس زيلينسكي في وقت لاحق من بيان يقول إن زالوجنى وآخرين من قيادات القوات المسلحة الأوكرانية يدعون "إلى مواصلة العملية الدفاعية وزيادة تعزيز مواقفنا في باخموت".

وفي هذا الصدد نقلت وكالة "الصحافة الفرنسية" عن ميخائيل بودولياك مستشار مكتب رئيس أوكرانيا ما قاله حول "أن الجيش الأوكراني توصل إلى توافق في الآراء حول استمرار الدفاع عن باخموت، على رغم أخطار احتمالات التعرض للحصار من جانب الجيش الروسي، وأن "هناك توافقاً حول الحاجة إلى مواصلة الدفاع عن المدينة واستنزاف قوات العدو مع بناء خطوط دفاع جديدة في حال حدوث تغيير في الوضع".

من جهتها نقلت وكالة "نوفوستي" الروسية عن "أسوشيتد برس" تعليقها حول تصريحات زيلينسكي وما اعتبرته اعترافاً صريحاً بأن "خسارة معركة قواته في باخموت ستكون بمثابة هزيمة سياسية مكلفة لكييف أكثر من كونها خسارة تكتيكية"، وذلك قد يعيد للأذهان ما سبق وتصاعد من تعليقات من جانب وسائل الإعلام الروسية الرسمية حول الأسى الذي لا يزال ينتاب كثيرين بسبب تفريط القوات الروسية في بعض مكاسبها الأولى التي حققتها خلال الأسابيع الباكرة من القتال في مارس (آذار) من العام الماضي، وانسحابها الطوعي من مواقع محورية كثيرة ومنها فك حصارها عن العاصمة كييف، وما تلا ذلك من انسحابات جماعية من خيرسون في الجنوب وزابوريجيا في شرق أوكرانيا ومناطق كثيرة أخرى في محيطة بخاركوف في الشمال الشرقي من أوكرانيا، بهدف إنقاذ حياة الآلاف من العسكريين والمدنيين الذين جرى إجلاؤهم إلى داخل الأراضي الروسية المجاورة، والتركيز علي مواجهة القوات الأوكرانية في منطقة الدونباس.

آمال على الصين

وعلى رغم بصيص الأمل الذي ثمة من يعلقه في أوكرانيا على اللقاء المرجو من جانب الرئيس زيلينسكي مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، فإن ما يتوارد من واشنطن من أنباء يقول بإصرار الإدارة الأميركية على العمل من أجل إطالة أمد الحرب لأطول فترة ممكنة، فضلاً عما سبق وأفصحت عنه حول أنها لن تسمح لروسيا بنجاح خطتها الرامية إلى تجميد الصراع بما يكفل لها مزيداً من الوقت اللازم لحشد قواها، وتطوير ما تحققه من نجاح وانتصارات في مواجهة أوكرانيا وحلفائها على صعيد المواجهة العسكرية.

وكان زيلينسكي كشف في حديثه إلى وكالة "أسوشيتد برس" عن رغبته في دعوة الرئيس الصيني لزيارة أوكرانيا.

وإذ أشار إلى أنه لم يتمكن من أي اتصال معه خلال عام 2022 قال، "نحن على استعداد لرؤيته هنا وأريد التحدث معه"، وذلك ما علقت عليه المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ في إيجاز صحافي بقولها إن الجانب الصيني "لا يملك أية معلومات حول إمكان إجراء محادثة بين شي جينبينغ وزيلينسكي"، وإن قالت إن "بكين تحافظ على اتصالات مع جميع الأطراف" من دون الإشارة إلى موقع "المبادرة الصينية حول التسوية السلمية في أوكرانيا" على جدول أعمال اللقاء المحتمل بين الرئيسين الصيني والأوكراني.

ومن هذا المنظور تتعالى أصوات في الداخل الروسي تحذر من مغبة اتساع نطاق محاولات الدوائر الغربية الرامية إلى زعزعة الاستقرار الداخلي وإثارة الاضطرابات بين صفوف المجتمع الروسي من خلال تأليب عدد من نجوم الفن والثقافة ورجال المال ممن طاولتهم العقوبات الأوروبية والأميركية ضد الرئيس بوتين وسياساته، وذلك فضلاً عن استمرار الترويج لاحتمالات تحول الجانب الأوكراني إلى التركيز على الهجوم في الجنوب من أجل استعادة الأراضي التي يمكن معها عزل شبه جزيرة القرم، والوصول ثانية إلى بحر آزوف شرق أوكرانيا الذي كان تحول إلى بحيرة روسية مغلقة بعد سقوط ماريوبول أكبر موانئ المنطقة، وذلك ما تدركه قيادة القوات الروسية التي تواصل جهودها من أجل استعادة ما فقدته من أراض في دونيتسك وفي مقاطعتي زابوريجيا وخيرسون التي كانت أعلنت ضمها إلى روسيا في سبتمبر(أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي.

غير أن الأخطر من ذلك يتمثل في ما جرى نشره على موقع "روسيا اليوم" الناطقة بالعربية لمعلقها السياسي ألكسندر نزاروف، من مقالة أشار فيها إلى أن "أوكرانيا قد تحتاج إلى الاستيلاء على مدينة روسية كبيرة والحفاظ عليها لمدة طويلة، ولعل مدينة بيلغورود هي الأنسب لهذا الغرض، إذ تقع على بعد 37 كيلومتراً من الحدود الشمالية لأوكرانيا، وتبرز قليلاً داخل الأراضي الأوكرانية مما يسهل معه محاصرتها ويسهل على الأوكرانيين أنفسهم تجنب احتمالات محاصرتهم".

وعلى رغم اعترافه بأن مثل هذه التقديرات "تبدو غير واعدة"، حذر نزاروف من مغبة أن يؤدى ذلك إلى تحقيق أقصى قدر من التأثير السياسي وما قد يضعف مواقف روسيا في أية مفاوضات سلمية مرتقبة.

ومن هنا تتصاعد أهمية وخطورة ما سبق وهدد به الرئيس بوتين من نشر لأسلحته النووية التكتيكية في بيلاروس، رداً على تصعيد البلدان الغربية دعمها وإمدادها لأوكرانيا بأحدث الدبابات البريطانية والألمانية، وما أعلنته نائبة وزير الدفاع البريطاني حول إمداد أوكرانيا بقذائف اليورانيوم المنضب.

وكانت البلدان الغربية انتفضت لتعلن تحذيرها من مغبة نشر الأسلحة النووية التكتيكية الروسية في بيلاروس ومدى احتمالات الصدام العسكري المباشر مع بلدان الـ "ناتو" وإطالة أمد المواجهة، ليس فقط مع أوكرانيا بل ومع البلدان المجاورة من أعضاء حلف الـ "ناتو"، بما لا بد من أن يتبعه توسيع للوجود الأميركي في بلدان شرق أوروبا.

وعلى رغم تجدد الصراع وتعالي التهديدات والتحذيرات من مغبة الإقدام على مثل هذه الخطوة فإن هناك من يقول إن ما يجرى على هذا الصعيد لا يتعدى العودة لسابق ما كانت عليه الأوضاع إبان سنوات ما قبل انتهاء الحرب الباردة، وذلك نظراً إلى أن الولايات المتحدة لم تسحب ما كانت تملكه من أسلحة نووية تكتيكية في عدد من بلدان الـ "ناتو"، وأن روسيا ستعود لسابق وضعية ما كان الاتحاد السوفياتي ينشره في بيلاروس من مثل هذه الأسلحة قبل انهياره مطلع تسعينيات القرن الماضي، وذلك ما قد يسهم أيضاً في كبح جماح بولندا المجاورة لبيلاروس والحد من تهديداتها المتواصلة ضدها بما يدفع بالأوضاع إلى أن تظل مفتوحة أمام جميع الاحتمالات.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات