Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قهوة فلسطينية من نواة التمور

مشروع تجاري نسائي يهدف إلى دعم الاقتصاد المحلي

يتجول المواطن موفق جلايطة بين مزارع النخيل في منطقة أريحا والأغوار شرق الضفة الغربية، في أخفض بقعة بالأرض، وتشتهر بإنتاج أجود أنواع التمور عالمياً، التي تُقدر بـ 20 ألف طن سنوياً. جولة بتمعن دفعت جلايطة إلى التفكير ملياً بنواة التمور التي تذهب هباء منثوراً إلى سلة المهملات، والتساؤل جدياً لما لا نحوّل نواة التمور إلى قهوة؟

فكرة لم تسترح كثيراً في مخيلة جلايطة، إذ أحضر عدداً من النسوة إلى منطقته الريحاوية الحارة، ليجمعن نواة التمور ويحولّنها مشروباً لذيذاً يشبه القهوة.

يقول جلايطة الذي يعمل أيضاً كرئيس لجمعية مزارعي النباتات الطبية والمنتوجات العضوية في حديث لـ"اندبندنت عربية" إن "الفكرة لم تكن يوماً مستحيلة، فأريحا والأغوار تحتضن 370 ألف شجرة نخيل، والبيئة المحيطة تساعد في إنتاج قهوة من نواة التمور. فهناك مخلفات تمور تالفة تقدر بـ60 طناً سنوياً، إضافة إلى 60 طناً أخرى من تمور بلدية أُهملت من قبل أصحابها ولم يقطفوها، وجميع نوى التمر يذهب إلى القمامة، فلماذا لا نستفيد من تلك المخلفات في إنتاج قهوة فريدة وغريبة بطعم جديد".

طريقة بدائية

قهوة نواة التمور الفلسطينية التي تُنتج داخل الجمعية التعاونية لمزارعي النباتات الطبية والمنتوجات العضوية في أريحا، تُحضّر يدوياً بنسبة 90 في المئة من مراحلها، فبعد جمع نوى التمور من المزارعين الذين يبيعونها بدولار واحد للكيلو، تُغسل وتُنقع بالماء لمدة لا تقل عن أسبوع، ومن ثم تُجفف تحت أشعة الشمس لأيام أخرى، لتبدأ بعد ذلك مرحلة التحميص التقليدية التي تستمر دقائق عدة.

وما أن تنتهي عملية التحميص، حتى يباشر جلايطة ومن معه بوضع النوى المحمصة في آلة مخصصة للطحن، لتخرج فيما بعد كما القهوة تماماً.

ويضيف جلايطة "شُبّهت بالقهوة لأن مراحل صنعها بدائية ويدوية كما القهوة العربية الأصيلة، وحتى في طريقة تحضيرها، تُخلط مع الماء وتُغلى لدقائق عدة لتصبح جاهزة للشرب. وننتج في داخل الجمعية 2400 كيلو سنوياً من قهوة نواة التمور، ونعمل بوسائل بسيطة ومعدات متواضعة. فنحن لم نصل بعد إلى مرحلة المصنع، وبدأنا ببيع المنتج للمحال التجارية بأحد عشر دولار للكيلو الواحد، لكن للأسف بعض التجار رفعوا السعر على المستهلك إلى 30 دولاراً، ما تسبب بإضعاف بيع قهوة نواة التمور، نظراً إلى سعرها الباهظ مقارنة بأنواع القهوة الأخرى المطروحة في السوق الفلسطينية".

11 امرأة

بدأ المشروع عام 2014 داخل جمعية مزارعي النباتات الطبية والمنتوجات العضوية بتشغيل 4 نساء، إلى أن أصبح عددهنّ اليوم 11 امرأة، فالجمعية تستهدف ابتكار مشاريع نموذجية تطّور من عمل المزارعين الصغار بشكل عام والمرأة الفلسطينية بشكل خاص.

 تقول أمينة دريعات (70 سنة) وهي إحدى العاملات في إنتاج قهوة نواة التمور لـ"اندبندنت عربية" إن المشروع بسيط، لكنه يعيل أسراً فلسطينية من ذوي الدخل المحدود، "إذ تتقاضى الواحدة فينا 500 دولار شهرياً، ونتعاون معاً لرفع جودة القهوة المنتجة من دون أي مواد حافظة، فهي قهوة غريبة وحديثة على المجتمع الفلسطيني، إضافة إلى أنها من دون كافيين، وأُثبت علمياً أنها لا تسبب حموضة في المعدة، ولا تُحدث أي اضطرابات في النوم".

طموحات بالعالمية

مشروع قهوة نواة التمور الفلسطيني في أريحا شرق الضفة الغربية، سيلقى حسب القائمين عليه رواجاً عالمياً إذا ما سُوّق له بالشكل الصحيح، فمنطقة أريحا والأغوار تنتج سنوياً 25 ألف كيلو من بذور التمور، أي 35 في المئة من إنتاج التمور يكون للتبذير، وهي عملية يقوم بها منتجو العجوة، كما تنتج 75 ألف كيلو من التمر سنوياً، ما قد يُسهم بقوة في إنتاج كميات من قهوة نواة التمور في المستقبل.

يؤكد الخبير الزراعي عمر بشارات لـ"اندبندنت عربية" أن المشروع جذاب نظراً إلى انخفاض تكلفة المادة الخام، وهناك تجارب بسيطة مماثلة في بعض دول المغرب العربي، "ووجدنا بعد البحث والدراسات أن إعادة تدوير نواة التمور والعمل على إنتاجها كقهوة، سيعود بعائد جيد جداً على أي جمعية نسوية بسيطة قد يصل إلى 300 ألف دولار سنوياً".

مؤسسات داعمة

أسهمت جمعية الشابات المسيحيات في الضفة الغربية، وضمن مشروع "تمكين النساء في الأغوار"، في دعم مشروع إنتاج قهوة نواة التمور لتحسين آلية الترويج لمنتجات الجمعيات النسوية بشكل خاص في السوق المحلية، وتشجيعهن على المشاركة الفاعلة في سوق العمل، وزيادة فرص العمل أمامهن للعيش الكريم وتطوير مشاريعهن البسيطة للتغلب على التهميش الاجتماعي ومعوّقات أخرى تواجههن.

وتكمن أهمية المشروع في دعم وتطوير الجمعيات التعاونية الأخرى، ووجود مشاريع وبرامج تنموية حقيقية في منطقة أريحا والأغوار شرق الضفة الغربية بحسب مسؤولين في جمعية الشابات المسيحيات، وتنفيذ برامج التدريب والتأهيل وتمكين المرأة اقتصادياً، سعياً إلى تحسين آلية التسويق للمنتجات النسوية الفلسطينية، ورفعها إلى مستويات عالية في مختلف المجالات. 

يذكر أن جمعية مزارعي النباتات الطبية والمنتوجات العضوية في الضفة الغربية تأسست عام 1999، في حين تفوق مشروع إنتاج القهوة من نواة التمور الخارج من بين أروقتها عام 2014 في معرض التراث الأردني عام 2017 على نظيرَيْه الأردني والسعودي للمنتج ذاته.

المزيد من منوعات