ملخص
#جمعية_خيرية تتكفل بتنظيم #موائد_الرحمن لـ #إفطار مئات العالقين في ملتقيات الطرق وسائقي سيارات الأجرة ومشردي #نواكشوط
لم تُسعف زحمة المواصلات الشيباني ولد دحمد في أن يلحق الإفطار في بيته المتواضع على تخوم العاصمة نواكشوط، ودقائق قبيل رفع آذان المغرب، والزحمة على أشدها، والطريق الى البيت لا يزال بعيداً على الشيباني. فجأة يدعوه أحد الشباب المتطوع في جمعية خيرية تتكفل بإفطار مئات العالقين في ملتقيات الطرق وسائقي سيارات الأجرة ومشردي المدينة، الذين تقطعت بهم السبل في يوم رمضاني حار.
غرباء جمعهم رمضان
تحت خيمة موريتانية لا تزال تحافظ على الطابع القديم، يجلس عشرات العابرين الذين لا يعرف بعضهم بعضاً، ويمر عليهم متطوعون في عمر أولادهم، يقسمونهم إلى حلقات صغيرة لا يتعدى أعضاؤها الـ 10 أشخاص، وعند رفع آذان المغرب يوضع أمام كل صائم بضع حبات تمر وزجاجة ماء وشوربة خضراوات.
ويقول محمد علي، أحد المشرفين على خيمة إفطار في منطقة المطار القديم، "نجهز سفرة الصائمين ساعات قبل موعد الإفطار ونبدأ بترتيب الخيم ووضع ممرات فيها بشكل منتظم لا يعيق التنقل داخلها، ومن ثم نضع إفطار كل صائم على حدة ونقدم وجبتين رئيستين كل ليلة، الأولى عند الإفطار مباشرة والثانية قبل صلاة العشاء والتراويح".
أملت أجواء رمضان طقساً خاصاً على رواد هذه الموائد فتحت هذه الخيم نُسجت علاقات إنسانية بين غرباء، وبفضل هذه العادة التي لم يكن الموريتانيون يعرفونها قبل عقود، استطاع بعض الخيرين توفير فرص عمل لأشخاص تعرفوا عليهم في "موائد الرحمن".
بيتي الثاني
أضحت هذه الموائد ملاذاً للكثير من فقراء نواكشوط الذين يسكنون في ضواحي المدينة التي أصبحت مترامية الأطراف بعد أن سكنها أكثر من نصف سكان موريتانيا.
وبفضل هذه التجربة تعود كثير من رواد "موائد الرحمن" على جو الألفة الذي تضفيه أحاديث السامرين على ليالي الخيم الرمضانية.
وبكثير من الود يسرد الشيباني ولد دحمد كيف وجد فرصة عمل في مصنع للمياه المعدنية بفضل صديق تعرف عليه في موائد الرحمن في رمضان الفائت، ويضيف "شاءت الأقدار أن أجد فرصة عمل مازالت قائمة تحت هذه الخيمة، حيث عرض عليه أحد العابرين فرصة عمل سائق توصيل في مصنع للمياه المعدنية، وهو ما تم في اليوم الموالي، إذ قصدت المصنع وطلبوا رخصة قيادة وأخضعوني لتجربة قيادة شاحنة نقل كبيرة، ونجحت في الامتحان. ومازالت أعمل في المصنع إلى يوم. هذه الخيمة هي بيتي الثاني فأكثر من نصف أيام الشهر أفطر هنا مع أصدقائي وبين متطوعي هذه الجمعية".
ويعتبر محمد علي "الرواد هم السكان الحقيقيون لهذه الخيم، فأصبحت أعرفهم بأسمائهم وتكونت بيننا علاقات إنسانية تتجدد مع حلول رمضان من كل عام".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
طقوس ثابتة
أصبح مشهد صفوف المصلين الذين يؤدون صلاة التراويح أمام خيم "موائد الرحمن" طقساً ثابتاً في ليالي شهر رمضان في نواكشوط، وتحرص بعض الخيم على تنظيم سهرات مديحية تعتمد في جمهورها على رواد الخيم الاعتياديين بخاصة في ليالي الجمعة طوال الشهر الكريم.
وتحولت لقاءات "موائد الرحمن" في نواكشوط الى موعد ثابت في أجندة الجمعيات العاملة في مجال التطوع. ففي العشر الأواخر من الشهر يحظى كثير من مرتادي هذه الخيم بتقسيمات العيد التي توزعها عليهم عادة الجمعية المشرفة على الخيم، وتتنوع الهدايا ما بين مبالغ نقدية وملابس العيد لأطفال رواد الخيم.
ويرى الاجتماعي أحمدو إسلاكه أن "هذه الموائد أحيت قيم شهر رمضان من تكافل وتضامن، وأعادت للمجتمع الموريتاني بعضاً من خصائصه التي بُني عليها وكادت المدينة أن تقضي عليها".
ويضيف إسلاكه "تعيد ثقافة موائد الرحمن عنصراً مهماً وهو أن الفقير في هذه البلاد لديه من يشعر بأوجاعه ويجلس معه ويتقاسم معه الطعام ويستمع إلى مشكلاته وتحدياته اليومية المريرة".
وتنشط في موريتانيا عشرات الجمعيات التي تقدم خدمات اجتماعية للفقراء الذين تفوق نسبتهم ربع عدد سكان البلاد. وتزدهر أعمال هذه الجمعيات بشكل مكثف في شهر رمضان، وفى مواسم الأعياد الدينية وخلال الكوارث الطبيعية بخاصة في فصل الأمطار الذي يؤدي إلى تضرر مساكنهم.