Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صور الأطباق "الفاخرة" عند المغاربة تفاخر أم تشارك؟

يرى المنتقدون لنشر صور موائد الإفطار على مرأى الناس في مواقع التواصل سلوكاً "غير أخلاقي" لأنه لا يراعي مشاعر الأسر الفقيرة

يعيش العديد من المغاربة ظروفاً اجتماعية واقتصادية استثنائية بسبب ارتفاع غي مسبوق في الأسعار (وسائل التواصل الاجتماعي)

ملخص

صور #موائد_الإفطار "الفاخرة" في #رمضان تثير الجدل في #المغرب بين مؤيد ومعارض

بحلول شهر رمضان ترتفع وتيرة نشر صور موائد الإفطار الممتلئة أحياناً بكل ما لذ وطاب من مأكل ومشرب، والتي تصل أحياناً أخرى إلى درجة "الإسراف"، بحسب تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، الشيء الذي خلق سجالات كثيرة بين مؤيدين ورافضين ومنتقدين في المغرب.

ويرى المنتقدون لنشر صور موائد الإفطار على مرأى الناس في مواقع التواصل سلوكاً "غير أخلاقي" لأنه لا يراعي مشاعر الأسر الفقيرة التي لا تحظى بمثل تلك الموائد في خضم ارتفاع فاحش للأسعار في البلاد، بينما يرى آخرون أن نشر هذه الصور "حرية شخصية لن تضر بأية فئة اجتماعية".

ويعيش عديد من المغاربة خلال شهر رمضان الجاري، ظروفاً اجتماعية واقتصادية استثنائية بسبب ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، خصوصاً أسعار الخضراوات التي بلغت مستويات قياسية، وعلى رأسها البصل والطماطم التي تعد من المواد الضرورية لإعداد أطباق "الحريرة" التي تتسيد موائد رمضان في معظم بيوت المغرب.

تفاخر أم تشارك؟

ويضج عديد من الحسابات على مواقع التواصل المختلفة بنشر صور لموائد الإفطار لشهر رمضان، وهي مصففة ومرصعة بجميع المشهيات والحلويات والعصائر من شتى الأصناف والأنواع والأشكال.

وأمام وفرة هذه الصور لموائد الإفطار الرمضاني توزعت المواقف حيالها إلى ثلاثة آراء بين رافض وموافق ومتحفظ.

فالفريق الأول يرفض رفضاً قاطعاً عرض هذه الصور "المليئة بالنعم لأسباب أخلاقية واجتماعية ونفسية بالأساس"، إذ يعتبر علي بلار، رجل تعليم، أن عرض هذه الصور بمثابة اعتداء صريح على الشرائح الاجتماعية التي لا تملك مقومات العيش الكريم.

وتابع المتحدث ذاته بأن "كل صورة تتضمن مائدة فاخرة من المأكل والمشرب تعني تعرضاً لإحساس فقير أو معدم أو أرملة مسكينة، بالكاد يجدون لقمة عيش في هذا الظرف المتسم بغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق".

ووفق صاحب هذا الطرح ومن على رأيه، فهناك أيضاً "مشكلة أخلاقية في هذا الموضوع تتمثل في كون الذين يعرضون صور الإفطار الباذخ يفعلون ذلك في الغالب للتباهي والظهور بمظهر الغنى والثراء أمام أعين فئات اجتماعية يعرفون حتماً بأنها لا تقدر على إعداد تلك الموائد بسبب الفقر أو الحاجة أو الهشاشة الاجتماعية".

حرية وتوازن

أما أصحاب الرأي الثاني فيرون أن ذلك يدخل في إطار حرية التعبير عن الاستمتاع بما يجود به المطبخ من إبداعات في الشهر الكريم، وليس الهدف من نشر الصور إيذاء الفقراء والمحتاجين. هذا الرأي تزكيه سلمى هباق، موظفة في شركة خاصة، بالقول إنها من الذين ينشرون صور موائد الإفطار، ومن الذين يتابعون "أحدث الموائد وأجملها" على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنها لم تقصد يوماً أو تتعمد التفاخر أو التباهي بذلك.

وتابعت المتحدثة ذاتها بأن موضوع نشر صور الموائد الرمضانية لا يختلف عن نشر أطباق الأكل في غير رمضان، لأن الفقر أو الحرمان هو نفسه خلال هذا الشهر أو في أي وقت آخر، بالتالي "هنا أستغرب الضجة في شأن نشر وترويج صور موائد الإفطار".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما زكية حداد، صاحبة قناة لتعليم الطبخ، فهي مع الرأي الذي يقول بإمكانية "نشر صور هذه الأطباق على مواقع التواصل من باب الاستفادة وتبادل التجارب والآراء، لكن دون الإكثار من ترويجها بسبب ومن دون سبب"، وفق تعبيرها.

وتعتبر أن "الحكم على ناشري صور موائد الإفطار على مواقع التواصل يعتمد على نية هؤلاء، فإذا كان الأمر يتعلق فقط بالمباهاة فهذا غير مقبول، وإذا كان الأمر مرتبطاً بتبادل التجارب فهذا محبذ، وإذا كان فقط من أجل التسلية وتمرير الوقت ففي هذا تحفظ".

دوافع اجتماعية ونفسية

لكن ما الذي يدفع كثيرين إلى نشر صور موائد الإفطار على مواقع التواصل بشكل متواتر؟ تجيب الباحثة الاجتماعية ابتسام العوفير عن هذا السؤال بالقول، إن الدوافع مختلفة ومعقدة في آنٍ واحد، لأنها تتعلق بخلفيات الشخص الذي يعمد إلى نشر تلك الصور تحديداً. وتابعت الباحثة بأنه إجمالاً هناك دوافع اجتماعية ونفسية وراء مثل هذه السلوكيات، من بينها التباهي وسط مجموعة، سواء أصدقاء وصديقات أو أسرة وغيرها، فالمائدة المليئة بأصناف المأكولات تعني أن صاحبها ذو ذوق وحظوة مالية في المجتمع. وتضيف أن "من الأسباب الأخرى الرغبة في التقاسم والتشارك مع الآخرين دون مباهاة أو تفاخر، باعتبار أن التشارك أو المشاركة صارت قيمة جديدة في المجتمعات، حيث صار عديد من السلوكيات والمنتجات والأفكار تتسم بالمشاركة عبر مواقع التواصل، سواء لأهداف مادية أو فقط من باب التشارك الصادق".

انعكاسات

وأردفت العوفير بأنه في المقابل تنعكس هذه الصور الرائجة لموائد الإفطار سلباً على الفئات الاجتماعية الهشة، من حيث تأثيرها السلبي في نفسية الفقراء أو ذوي الدخل المحدود. وتشرح الباحثة بأنه مع تكرار تداول وتناقل صور الموائد الفاخرة، تماماً مثل باقي الإعلانات التلفزيونية التي تروج لمنتجات غالية، قد يحصل شرخ اجتماعي وطبقي، وحتى نفسي لبعض الفقراء من ذوي النفسيات الحساسة، الشيء الذي قد يدفع ببعضهم إلى الاكتئاب أو السعي وراء الكسب غير المشروع لتحقيق بعض الغايات الاستهلاكية.

في المقابل، هناك من يرد على هذا الرأي بأن "الفقراء في الأصل لا وقت لهم لتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، والعمل يأخذ كل وقتهم، بالتالي فإن الفقراء غير معنيين بهذه الانعكاسات".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات