Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

76.8 مليار دولار من أميركا لأوكرانيا في 400 يوم

حصلت كييف على 5 أضعاف ما تلقته إسرائيل وأفغانستان ومصر والعراق والأردن

طلبت أوكرانيا بعض المعدات المتطورة مثل الطائرات المقاتلة التي كانت الولايات المتحدة وحكومات مانحة أخرى غير مستعدة لتقديمها خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى تصعيد الحرب (رويترز)

ملخص

وجهت إدارة #بايدن #والكونغرس_الأميركي أكثر من 76.8 مليار دولار من المساعدات #لكييف تشمل الدعم الإنساني والمالي والعسكري

مع تسجيل 400 يوم على اندلاع الحرب في أوكرانيا، هذا الأسبوع، تواصل كلفة الحرب ارتفاعها على الجميع من دون بادرة على قرب انتهاء المأساة، فما الفاتورة التي تكبدتها الولايات المتحدة ودول الغرب لمساعدة أوكرانيا عسكرياً واقتصادياً وإنسانياً؟ وما حجم الخسائر التي عانتها أوكرانيا باعتبارها المتضرر الأكبر من الحرب، ثم روسيا في المقابل؟

أوكرانيا في الصدارة

ترسل الولايات المتحدة مساعدات تقترب من 40 مليار دولار كل عام إلى كثير من الدول المستفيدة في جميع أنحاء العالم سعياً وراء مصالحها الأمنية والاقتصادية والإنسانية، وهو رقم يفوق أي دولة أخرى، وكانت هذه المساعدات مدفوعة قبل الهجوم الروسي على أوكرانيا بالأولويات المختلفة لإدارة الرئيس جو بايدن، بما في ذلك مكافحة تغير المناخ، والاستجابة لوباء كورونا، لكن مع بدء شرارة الحرب، أصبحت أوكرانيا أكبر متلق للمساعدات الأميركية، واحتلت، للمرة الأولى، دولة أوروبية الصدارة في تلقي المساعدات منذ أن وجهت إدارة الرئيس هاري ترومان مبالغ طائلة لإعادة بناء القارة من خلال خطة "مارشال: بعد الحرب العالمية الثانية".

 

وعلى مدى نحو عام، وجهت إدارة بايدن والكونغرس الأميركي أكثر من 76.8 مليار دولار من المساعدات لكييف، تشمل الدعم الإنساني والمالي والعسكري، وفقاً لمعهد "كيل" للاقتصاد العالمي، وهو معهد أبحاث ألماني، وعلى رغم أن معظم المساعدات كانت مرتبطة بالدعم العسكري للجيش الأوكراني، فإن هذه المبالغ التاريخية شملت أيضاً مجموعة واسعة من الأشخاص والمؤسسات الأوكرانية، بما في ذلك اللاجئون وقوات إنفاذ القانون والإعلاميون المستقلون، كما قدمت عشرات من الدول الأخرى، وأعضاء منظمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" والاتحاد الأوروبي حزم مساعدات كبيرة لأوكرانيا.

نصيب الأسد

ومن بين 76.8 مليار دولار قدمتها واشنطن لكييف، استحوذت المساعدات العسكرية على نصيب الأسد، حيث وصلت إلى 46.6 مليار دولار تشكل 61 في المئة من إجمالي المساعدات، في حين جاءت المساعدات الاقتصادية والمالية والقروض في الترتيب الثاني بقيمة 26.4 مليار دولار تمثل 34 في المئة من إجمالي المساعدات، بينما شكلت المساعدات الغذائية الطارئة والرعاية الصحية ودعم اللاجئين والمساعدات الإنسانية الأخرى خمسة في المئة فقط بقيمة 3.9 مليار دولار في الفترة من يناير (كانون الثاني) 2022 وحتى يناير 2023.

ويعود توجيه الكثير من المساعدات نحو توفير أنظمة الأسلحة والتدريب والاستخبارات التي يحتاج إليها القادة الأوكرانيون، إلى تعزيز الدفاع ضد روسيا التي تمتلك أحد أقوى الجيوش في العالم. ويقول عديد من المحللين الغربيين إن المساعدة العسكرية التي قدمتها الولايات المتحدة وحلفاء آخرون لعبت دوراً محورياً في الدفاع عن أوكرانيا ضد روسيا على حدود حلف "الناتو"، والتي إذا نجحت في هجومها، ستشجع أهداف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتمثل دعوة للصين للقيام بعمل مماثل.

ومع ذلك، طلبت أوكرانيا بعض المعدات المتطورة، مثل الطائرات المقاتلة التي كانت الولايات المتحدة وحكومات مانحة أخرى غير مستعدة لتقديمها، خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى تصعيد الحرب التي يشعر حلفاء "الناتو" بالقلق من الانجرار المباشر إليها، مما قد يزيد من خطر نشوب حرب نووية، لكن مع تقدم القتال، تخلص الحلفاء الغربيون من ترددهم في منح أوكرانيا مزيداً من الأسلحة المتطورة، مثل دبابات القتال، ووافقت إدارة بايدن على تزويد أوكرانيا بقائمة طويلة من القدرات الدفاعية، بما في ذلك دبابات "أبرامز" القتالية والصواريخ المضادة للطائرات وسفن الدفاع الساحلي وأنظمة المراقبة والرادار المتقدمة.

 

أسلحة المشاة والمدفعية

ووفقاً لبيانات وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، استنزفت أوكرانيا ترسانة الولايات المتحدة في عديد من نظم التسليح، ففي أسلحة ومعدات المشاة، قدمت واشنطن 8500 صاروخ من طراز "جافلين" المضاد للدروع، و54000 ذخيرة أخرى مضادة للدروع، و1600 من نظام صاروخ "ستينغر" المضاد للطائرات، و2500 صاروخ "تاو"، و13000 قاذفة قنابل وأسلحة صغيرة وذخيرة، و75000 من الدروع والخوذات، وآلاف من أجهزة الرؤية الليلية والمراقبة وأنظمة التصوير الحراري والبصريات وأجهزة تحديد المدى بالليزر ومتفجرات "سي-4"، وألغام "كلايمور أم 18 أي 1"، ومعدات وأنظمة إزالة الألغام، ومعدات للحماية من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والإشعاعية والنووية، و350 مولداً للكهرباء، فضلاً عن المعدات الميدانية ومعدات الطقس البارد والإمدادات الطبية ومعدات وأنظمة إزالة الألغام.

وقدمت الولايات المتحدة لسلاح المدفعية 160 مدفع "هاوتزر" عيار 155 مليمتراً، وذخيرة و30 مدفع هاون عيار 120 مليمتراً وذخيرة، و10 مدافع هاون عيار 82 مليمتراً، و10 مدافع هاون عيار 60 مليمتراً، و38 من أنظمة "هيمار" لصواريخ المدفعية عالية الحركة، وصواريخ أخرى عالية الدقة، فضلاً عن 50000 صاروخ غراد 122 مليمتراً.

الدبابات والناقلات المدرعة

أما بالنسبة إلى الدبابات والناقلات المدرعة، فقدمت واشنطن 109 من مركبات مشاة "برادلي" القتالية، و31 دبابة "أبرامز" من المقرر أن تصل قريباً، و45 دبابة "تي-72 بي" وفرتها جمهورية التشيك، و90 ناقلة جند مصفحة من طراز "سترايكر"، و300 ناقلة جند مصفحة من طراز "إم 113"، و250 مركبة أمنية مصفحة من طراز "إم 1117"، و100 مصفحة من العربات المخصصة للعلاج الطبي، و500 مركبة "أم آر أي بي"، فضلاً عن ذخائر دبابات عيار 125 مليمتراً.

وعلاوة على ذلك، شملت مركبات الدعم الأرضي المقدمة من أميركا لأوكرانيا 1700 عربة "هامفي"، و334 مركبة تكتيكية، و100 مركبة تكتيكية خفيفة، و44 شاحنة و88 مقطورة، و10 مركبات مركز قيادة، و30 عربة للتزويد بالذخيرة، وست شاحنات خدمات مصفحة.

الدفاع الجوي والطائرات

وبالنظر إلى التفوق الجوي الروسي، كان الاهتمام بدعم الدفاع الجوي الأوكراني واضحاً منذ بداية الحرب، حيث وفرت وزارة الدفاع الأميركية بطارية باتريوت واحدة للدفاع الجوي وذخيرتها، وثمانية أنظمة "ناسامز"، و12 بطارية "آفنجر" للدفاع الجوي، واثنتين من وحدات الدفاع الجوي "هوك" وذخائرها، وأنظمة صواريخ أخرى موجهة بالليزر، وصواريخ "آر أي أم 7"، ومعدات أخرى للتكامل مع الأنظمة الأوكرانية للدفاع الجوي.  

كما قدمت أيضاً صواريخ جو - أرض لأوكرانيا ومنها 4000 صاروخ من طراز "زوني"، وذخائر جوية عالية الدقة، وصواريخ مضادة للإشعاع عالية السرعة من طراز "هارمس".

أما الطائرات المأهولة، فقد أسهمت الولايات المتحدة بإرسال 20 طائرة هليكوبتر من طراز "مي 17"، لكنها امتنعت حتى الآن عن تزويد كييف بطائرات "إف-16" القتالية المتقدمة، وغضت الطرف عن تزويد بولندا والتشيك طائرات "ميغ-29" لأوكرانيا، ومع ذلك، فقد زودت أوكرانيا بـ700 طائرة "درون" متفجرة من طراز "سويتش بليد"، و1800 طائرة درون متفجرة من طراز "فوينكس غوست"، فضلاً عن طائرات درون للمراقبة والاستطلاع، ومنها 15 طائرة درون "سكان إيغل"، وطائرات درون تحمل أنظمة "بوما" الجوية.

الدفاع الساحلي والرادار والاتصالات

وقدمت أميركا اثنين من أنظمة الدفاع الساحلي طراز "هاربون"، و58 زورق دورية ساحلياً ونهرياً، وسفن دفاع ساحلي غير مأهولة، غير أن أنظمة الرادار والاتصالات الأميركية لعبت دوراً مهما في المعارك، ومنها 70 راداراً مضاداً للمدفعية والهاون، و18 راداراً للمراقبة الجوية، و20 راداراً متعدد المهام، وأربع هوائيات لاتصالات الأقمار الاصطناعية، وراداران للأنظمة الجوية، وأنظمة الاتصالات التكتيكية الآمنة، وأنظمة جوية مضادة لطائرات الدرون، ومعدات التشويش الإلكترونية، ومحطات وخدمات "ساتكوم"، إضافة إلى خدمات صور الأقمار الاصطناعية التجارية.

مساعدات استثنائية

وإذا قورنت المساعدات العسكرية لأوكرانيا في عام واحد (46.6 مليار دولار) مع كبار المتلقين الآخرين، بما في ذلك إسرائيل وأفغانستان ومصر والعراق والأردن، يظهر الحجم الاستثنائي لهذه المساعدة والذي يتجاوز خمسة أضعاف ما تحصل عليه هذه الدول مجتمعة سنوياً، إذ تتلقى إسرائيل 3.3 مليار دولار، وكانت أفغانستان تتلقى 2.8 مليار دولار، ومصر 1.3 مليار دولار، والعراق 548.1 مليون دولار، والأردن 504 ملايين دولار.

وبالمثل، عند مقارنة المساعدات الأميركية الإجمالية (العسكرية وغير العسكرية) بالدعم الحاسم المقدم لأوكرانيا من 42 دولة أخرى، فإن حجم المساعدات الأميركية يبرز واضحاً، فقد مثل أكثر من 50 في المئة من إجمالي المساعدات، في حين التزمت حكومات دول الاتحاد الأوروبي بنحو 20.1 مليار يورو (نحو 21.7 مليار دولار) على المستوى الثنائي، إضافة إلى 29.92 مليار يورو (نحو 32.3 مليار دولار) من خلال المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي، و3.1 مليار يورو (نحو 3.35 مليار دولار) عبر مرفق السلام الأوروبي، وملياري يورو (نحو 2.16 مليار دولار) من خلال بنك الاستثمار الأوروبي وفقاً لبيانات مركز بحوث السياسة الاقتصادية، وبذلك يصل إجمالي مساعدات دول الاتحاد الأوروبي إلى 55.12 مليار يورو (نحو .659 مليار دولار).

ومع ذلك، فإن بعض الحكومات الأوروبية، مثل لاتفيا وإستونيا، تقدم مساهمات مالية أكبر لأوكرانيا مقارنة بحجم الناتج المحلي الإجمالي، حيث قدمت أكثر من واحد في المئة من حجم اقتصادها، وتعطي دول أوروبا الشرقية مثل بولندا وليتوانيا نحو 0.6 في المئة من إجمالي حجم ناتجها المحلي الإجمالي مقارنة بالولايات المتحدة التي قدمت 0.4 في المئة فقط من حجم الناتج المحلي الإجمالي لها.

الخاسر الأكبر

ولكن منذ اللحظة التي تحركت فيها الدبابات الروسية من ثلاثة اتجاهات في وقت مبكر من يوم 24 فبراير (شباط) 2022، كان الأوكرانيون هم الذين دفعوا الثمن الأكبر للهجوم الروسي، حيث يشير التقييم المشترك الصادر، الأسبوع الماضي، من قبل الحكومة الأوكرانية والبنك الدولي والمفوضية الأوروبية والأمم المتحدة، إلى أن كلفة إعادة إعمار أوكرانيا تصل إلى 411 مليار دولار على مدى السنوات الـ10 المقبلة، وهي تقديرات ستستمر في الارتفاع طالما استمرت الحرب، حيث تضرر مليوني منزل، وأكثر من 20 في المئة من مؤسسات الصحة العامة، وتضررت أو سرقت 650 سيارة إسعاف، وتأكد مقتل 9655 مدنياً في الأقل من بينهم 461 طفلاً.

وقال البنك الدولي إن الهجوم الروسي قضى على 15 عاماً من النمو الاقتصادي في أوكرانيا، مما أدى إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 29 في المئة ودفع 1.7 مليون أوكراني إلى هوة الفقر، وشهد قطاع الطاقة الأوكراني أكبر زيادة في الأضرار نتيجة للهجمات الموجهة من روسيا على الشبكة الكهربائية ومراكز الطاقة الأخرى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتقدر كلية كييف للاقتصاد أن التدمير الكامل لحق بعدد 344 جسراً و440 منشأة تعليمية و173 مستشفى ومئات الآلاف من المنازل، بينما تعرض عديد من المباني لأضرار جسيمة، واعترفت كييف بمقتل ما لا يقل عن 13000 جندي، بينما تشير بعض التقديرات إلى سقوط ما يصل إلى 100 ألف ضحية (بين قتلى وجرحى) في حين يحتجز حالياً نحو 3500 جندي أوكراني كأسرى حرب لدى روسيا.

كما أدت الحرب إلى أكبر أزمة لاجئين أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، إذ يقدر عدد اللاجئين الأوكرانيين الذين يعيشون الآن خارج بلادهم بنحو ثمانية ملايين، ونزوح خمسة ملايين آخرين داخلياً مما تسبب في مشقة وعدم يقين، بخاصة لعديد من النساء والأطفال، وكلما استمرت الحرب واستمر بقاء اللاجئين خارج أوكرانيا، كلما تعمقت الجذور التي سيضعها الأوكرانيون في البلدان الأخرى، حيث يجدون وظائف ذات أجور أفضل وتسجيل أطفالهم في المدارس، وقد وجدت دراسة استقصائية للاجئين الأوكرانيين في ألمانيا، العام الماضي، أن أكثر من الثلث (37 في المئة) ينوون البقاء في ألمانيا بشكل دائم، ووجدت استطلاعات رأي مماثلة في بولندا أنه مع عثور مزيد منهم على وظائف، يخطط عدد متزايد من الأوكرانيين للبقاء بعد نهاية الحرب.

صعوبة التعويضات

وبينما تطالب أوكرانيا بتعويضات من روسيا، يبدو من غير المرجح أن تحدث مع استعداد روسيا لصراع أطول وأوسع نطاقاً، لكن دول الغرب صادرت 30 مليار دولار من الأصول المملوكة للنخبة الروسية وجمدت 300 مليار دولار يملكها البنك المركزي الروسي (يقدرها البعض بعشرات المليارات فقط)، لكن على رغم إمكانية تحويل بعض من هذه الأموال إلى أوكرانيا، فإن القانون المتعلق بذلك يحتاج إلى استكشاف، وستظل المبالغ المعنية أقل مما هو ضروري، وستعتمد قدرة أوكرانيا وحلفائها الغربيين على إجبار روسيا على دفع تعويضات على نتيجة الحرب التي من غير المعروف مصيرها الآن.

الأهم من ذلك، أن عملية إعادة إعمار أوكرانيا قد تكون معضلة كبيرة إذا توقف القتال، ولكن كانت النتيجة حرباً مجمدة خطرة، إذ سيظل مستثمرو القطاع الخاص مترددين في المغامرة بإعادة الإعمار، ما لم يتم توفير ضمانات للأمن، أو تعويض الخسائر، ولهذا قد تكون إعادة بناء أوكرانيا أكثر صعوبة من الناحية المالية من إدارة الحرب نفسها، إذ عانت البلاد من مستويات من الضرر لم تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، واستغرق الأمر من 20 إلى 30 عاماً لإعادة بناء ألمانيا والمملكة المتحدة بعد الحرب.

خسائر روسيا

وبالمقارنة، فإن كلفة الحرب بالنسبة لروسيا لم تكن ضئيلة، فعلى رغم أن الحكومة الروسية سعت إلى تقديم صورة عادية للحياة للمواطن الروسي العادي، إلا أنه من المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي الروسي لعام 2022 بنسبة 3.5 في المئة وفقاً للبنك الدولي، وبنسبة 3.9 في المئة وفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وبنسبة 2.2 في المئة وفقاً لصندوق النقد الدولي، في حين من المتوقع في عام 2023، أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي الروسي بنسبة 5.6 في المئة وفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وبنسبة 3.3 في المئة وفقاً للبنك الدولي، في حين يتوقع صندوق النقد الدولي نمواً بنسبة 0.3 في المئة.

ويبدو أن كلفة الحرب على روسيا آخذة في الازدياد، وسيكون لها في النهاية تأثير كبير في مستويات المعيشة الروسية، وعلى المدى القصير، هناك عبء الميزانية المباشر لدعم عملية عسكرية كبيرة، والعقوبات الغربية تضغط على كل من الصادرات والواردات، وتشير الاستخبارات الدفاعية البريطانية إلى أن إنفاق روسيا على الدفاع المعلن لعام 2023 زاد بأكثر من 40 في المئة إلى ما يعادل 84 مليار دولار أميركي عن التقديرات التي تم إجراؤها في عام 2021 قبل الحرب.

ويظهر تأثير العقوبات بطرق عديدة منها إجبار السكك الحديدية الروسية على سحب 10000 عربة شحن من الخدمة بسبب توقف قطع الغيار الأميركية والسويدية، بينما يعد الشحن بالسكك الحديدية خدمة اقتصادية محورية في مثل هذا البلد الشاسع، كما انخفض إنتاج السيارات الروسية، الذي كان أقل بقليل من ثلاثة ملايين وحدة في عام 2021، إلى 281 ألف وحدة فقط في النصف الأول من 2022، ومن العلامات الأخرى للضغط الاقتصادي زيادة بنسبة 33 في المئة في حالات الإفلاس وهبوط بنسبة 40 في المئة من الاقتراض الاستهلاكي.

وبينما يمكن للروس البقاء على قيد الحياة من دون العلامات التجارية الغربية الشهيرة مثل "غوتشي" أو "ماكدونالدز"، فإن حظر التكنولوجيا الغربية يؤثر على التصنيع عالي التقنية، كما يمكن أن يؤثر في قدرة روسيا على استغلال حقول النفط والغاز الحالية وتطوير حقول جديدة، وقد تتضرر روسيا أيضاً من عدم تمكنها من الوصول إلى الأسواق والمؤسسات المالية الغربية، بما في ذلك نظام رسائل الدفع "سويفت" في جميع أنحاء العالم.

التداعيات على أوروبا والعالم

ووفقاً لتقرير نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، كانت صدمة الحرب أحد العوامل الرئيسة التي أدت إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في عام 2022 إلى 3.1 في المئة فقط، ولهذا توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن يتباطأ إلى 2.2 في المئة في عام 2023، حيث وجد التقرير أن الحرب شهدت أكبر نسبة تأثير في الاقتصاد الأوروبي، إذ من المتوقع أن يبلغ النمو في عام 2023 نحو 0.3 في المئة فقط.

وشكلت صادرات النفط والغاز التفاعل الاقتصادي الأساسي لروسيا مع الغرب، لكن من غير المحتمل أن تعود هذه الصادرات إلى مستويات ما قبل الحرب، ومع ذلك لا تزال روسيا أكبر مصدر في العالم للقمح ومنتجات الغابات، ومصدراً للموارد الاستراتيجية مثل النيكل والكوبالت والبلاتين، لكن بغض النظر عن نتيجة الحرب، ستظل الشركات الغربية مترددة في العودة إلى روسيا أو الاستثمار فيها في المستقبل، حيث المخاطر ببساطة عالية للغاية.

وبحسب بريان مايكل جينكينز من مؤسسة "راند"، فإن الوضع الحالي يعيد التقسيم الذي كان موجوداً في الحرب الباردة للاقتصاد العالمي في قطاعات معينة، على رغم أن روسيا أصبحت في وضع غير موات، لأنها لم تعد تعمل في المساحة الأكبر للكتلة السوفياتية، والتي كانت تسمى مجلس المساعدة الاقتصادية المتبادل "كوميكون"، حيث أصبح أعضاؤها الآن أعضاء في الاتحاد الأوروبي وحلف "الناتو".

العالم في خطر

في حين أن وباء كورونا سلط الضوء على نقاط الضعف في سلاسل التوريد العالمية، فإن التداعيات الاقتصادية للحرب في أوكرانيا قد أبرزت المخاطر الإضافية في هذا النظام، فعلى رغم أن العولمة لن تشهد نهايتها قريباً، وسيستمر التصنيع والتجارة في العالم، لكن البيئة الجيوسياسية الجديدة ستؤثر في عملية صنع القرار المؤسسي في المستقبل، حيث سيتم فحص الكلفة ضد المخاطر، وسيؤدي تراجع العولمة إلى زيادة الأسعار على المدى القصير في الأقل.

كما عززت الحرب في أوكرانيا التزام أوروبا بزيادة الإنفاق الدفاعي، إضافة إلى التهديد المتصور من الصين، وهو ما ستستفيد منه كبرى شركات تصنيع الأسلحة، بينما يعيد مستوى المخاطر الحالي عالمنا إلى فترة عدم اليقين التي أعقبت سقوط الاتحاد السوفياتي مباشرة، أو ذروة الحرب الباردة، أو يعيدنا إلى الوضع في أوروبا في أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي.

المزيد من تقارير