Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف غدت نجمة أفلام إباحية واحدة من أقوى الشخصيات في السياسة الأميركية؟

كانت ستورمي دانييلز ترقص على طريقتها الخاصة خلال إحدى جولات عروضها المعنونة "لنجعل أميركا مهتاجة من جديد" عندما وصلت الأخبار عن تلقيها رشى مالية من دونالد ترمب، ما الذي أوصل دانييلز إلى قلب هذه العاصفة السياسية؟

إدانة ترمب إن حصلت لن تمنعه من الترشح والسعي إلى الفوز بفترة رئاسية ثانية سنة 2024 (أ ب)

ملخص

تعود #ستورمي_دانييلز إلى قلب عاصفة وطنية مع قيام مدعين عامين بولاية نيويورك بالاستعداد لتوجيه الاتهام ضد الرئيس الأميركي السابق #دونالد_ترمب، والذي قد يمثل المقاضاة الجنائية الأولى في تاريخ #الولايات_المتحدة لرئيس سابق.

في ليلة مزدحمة من ليالي الأسبوع من شهر مايو (أيار) 2018، توجهت راقصة من راقصات نادي التعري في مدينة بيتسبورغ [في ولاية بنسلفانيا الأميركية]، تدعى سكارليت، نحو البار لطلب البطاطا المقلية. وهناك صادفت أمراً غير مألوف: شاب يحمل كتاباً سياسياً تحت ذراعه على نحو لافت للنظر. الكتاب كان "نار وغضب" (Fire and Fury) لمايكل وولف، والذي يتناول السنة الأولى من رئاسة دونالد ترمب. والشاب، الذي يدعى آيزاك، كان يأمل أن تقوم راقصة محددة من راقصات النادي بتوقيع الكتاب له. "أنا لست من المعجبين كثيراً بأندية التعري، لكنني أتيت لمحاولة تحقيق هذا الهدف"، يقول آيزاك لـ “ذا بت نيوز" The Pitt News فيما كان ينتظر دوره للدخول ضمن رتل خلف رجل يحمل عدداً من "قبعات ترمب" (القبعات التي يرتديها أنصار الرئيس الأميركي السابق) الحمراء الفاقعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذان الرجلان هما من مئات الرجال الذين سعوا لمشاهدة نجمة العروض الإباحية ستورمي دانييلز التي جالت في مختلف أنحاء الولايات المتحدة لتقديم عرضها الذي حمل عنوان "لنجعل أميركا مهتاجة من جديد" Make America Horny Again [في تلاعب واضح على الكلام للتذكير بشعار حملة ترمب الرئاسية]، وذلك إثر عاصفة سياسية أثارها زعم علاقة جمعتها بدونالد ترمب، الذي كان آنذاك رئيساً للولايات المتحدة الأميركية (خلال جولات عروضها).

وبعد 10 دقائق فقط من شروع السيدة دانييلز بتقديم عرضها الأول في بيتسبورغ، ظهر على شاشة فوكس نيوز محامي ترمب، رودي جولياني، ليقر بأن رجل الأعمال الزئبقي واللعوب [المتقلب الأهواء والمزاج] قام فعلاً بدفع رشوة مالية بلغت 130 ألف دولار لعشيقته السابقة المزعومة، ليناقض بذلك إنكاراً ونفياً سابقين للواقعة.

والآن، مرة أخرى، تعود السيدة دانييلز إلى قلب عاصفة وطنية إثر ما أفيد عن قيام مدعين عامين بولاية نيويورك بالاستعداد لتوجيه الاتهام ضد ترمب، والذي قد يمثل المقاضاة الجنائية الأولى في تاريخ الولايات المتحدة لرئيس سابق.

ترمب من جهته نفى مراراً أي علاقة جمعته بالسيدة دانييلز، واتهمها محاميه بممارسة الابتزاز. وفي منشور على منصة "تروث سوشيال" Truth Social بتاريخ 18 مارس (آذار) الجاري، وصف ترمب الاتهامات بأنها "قصة مختلقة قديمة وزائفة تماماً" يجري استغلالها من قبل مدعين عامين "فاسدين ومسيسين" في مانهاتن.

كذلك قام الرئيس السابق بتصعيد الموقف عبر توقعه أن يتم اعتقاله يوم الخميس (21 مارس)، داعياً في السياق إلى تظاهرات حاشدة بغية "استعادة أمتنا". وقد جاء يوم الخميس وانقضى من دون صدور أي اتهام، وما زالت هيئة المحلفين تقوم بعملها، فيما تعهد المدعي العام في مانهاتن، آلفين براغ، بأنه لن يخضع للترهيب.

على أن إدانة ترمب إن حصلت لن تمنعه من الترشح والسعي إلى الفوز بفترة رئاسية ثانية سنة 2024، لكن الإدانة لو حصلت قد تضر بحظوظه، وتصعب عليه بالتأكيد خوض حملته الانتخابية تزامناً مع خضوعه للمحاكمة، أو تمنعه من مغادرة ولاية نيويورك، وتبقيه بالسجن في فترة الانتخابات.

إنها لحظة ربما لم تتخيلها السيدة دانييلز، البالغة من العمر الآن 44 سنة، عام 2006 عندما أقامت علاقتها المزعومة مع رجل الأعمال ونجم تلفزيون الواقع، الذي بلغ أوج شهرته عبر تقديمه برنامج "المتدرب" (The Apprentice)، وبفضل وضع اسمه على كل شيء، من ناطحات السحاب إلى قطع الـ"ستيك" والكازينوهات.

هذه قصة امرأة جمعت بين السياسة والأعمال والعمل في قطاع الجنس - أمور ليست معزولة تماماً عن بعضها كما قد يود أفراد النخبة السياسية الأميركية إقناع أنفسهم - والتي قد ينتهي بها الأمر في لعب دور حاسم بإسقاط رئيس الولايات المتحدة الخامس والأربعين.

ليست من النوع الذي يمكن الاستهانة به

"سوف نتأقلم مع بعضنا بعضاً بشكل جيد حالما تدركون أنني ملكة". تلك هي الكلمات التي ظهرت تحت صورة ستورمي دانييلز في الكتاب المدرسي السنوي حين تخرجت وختمت دراستها في مدرسة "سكوتلاندفيل ماغنيت" الثانوية في بايتون روج، لويزيانا، سنة 1997، وفق ما أوردت "نيويورك تايمز".

حينها كان اسمها ستيفاني غريغوري، تلميذة جدية، بشعر بني محمر قادمة من "حي سيئ السمعة"، وتحب الأحصنة وفرقة الميتال "موتلي كرو". اسمها الحقيقي الآن، بعد زواج سابق، بات ستيفاني كليفورد. وهي تتحدث عن نفسها، فتقول لمجلة "تايمز" ضمن موضوع عنها نشرته سنة 2018: "لم أكن فتاة محبوبة تماماً، ولم أكن أضحوكة، ولا غبية. لقد كنت في منتصف الطريق".

علاماتها الجيدة جعلتها تفكر في أن تصبح طبيبة بيطرية، أو كاتبة، أو صحافية، بيد أن زيارة قامت بها عن طريق الصدفة لنادي تعرٍّ حين كانت بعمر الـ 17، قادتها لأن تصبح مؤدية زائرة، ثم إلى تقديم عروض منتظمة، أثبتت فيها أنها امرأة استعراض موهوبة وناجحة.

موظف في نادي التعري ذاته واسمه تشاك رولينغ أخبر صحيفة "تايمز": "لقد أدركنا أنها تتحرك في اتجاه كان أكبر منا، إذ إننا في بايتون روج، لا في نيو أورلينز حتى".

نجاح عملها مكنها من شراء منزل وسيارة في عمر الـ23، وفق مقابلة أجريت معها في ذلك الوقت، لكنها أيضاً عبرت عن قلق ساورها تجاه ألا تتمكن من العثور على طريقة تقوم من خلالها ببناء مدخول دائم، مما قد يتركها بلا حول أو قوة في منتصف العمر.

وقد أشارت كل التقارير إلى أن السيدة دانييلز أظهرت موهبة خاصة في الترويج للذات والظهور النزق فيما كانت تتقدم بمسيرتها وتنتقل للعمل في مجال الصناعة الإباحية. وهي حازت على جوائز عديدة في ذلك القطاع وتولت أدواراً في عروض برامج تلفزيون الواقع السائدة، وفي مسلسلات تلفزيونية، وبأفلام مثل "عذراء في عمر الأربعين" (The 40-Year-Old Virgin) و"حبلى" (Knocked Up).

 

والجدير بالذكر هنا أن لدى السيدة دانييلز، في نواح عديدة، الكثير من القواسم المشتركة مع ترمب، إذ إنها، بحسب زملاء لها سابقين، كانت حاذقة في رسم وتسويق صورتها بمسار النجاح، وإنها، كمخرجة أفلام، لا تتورع، كما يقال، عن إقالة الأشخاص أو مهاجمتهم عندما تشعر بأن هناك ما يبرر ذلك.

"لقد كانت سيدة أعمال وصانعة أفلام بالغة الجدية، وتولت زمام مهنتها على نحو كامل. هي امرأة لا ينبغي التقليل من شأنها"، بحسب ما ذكره المخرج الهوليوودي جود أباتو لصحيفة "نيويورك تايمز".

وأيضاً هي مغردة دائمة وفصيحة على "تويتر"، وغالباً ما تناوش نقادها وتواجههم بواحد من أقوى أسلحتها: الرفض المرح والبهيج لفكرة الخجل من مهنتها في أي شكل من الأشكال.

"إنه يفتح فمه أكثر مما أفتح ساقي"، قالت في يناير (كانون الثاني) لأحد مستخدمي "تويتر" مشيرة إلى السيد ترمب. ومرة أخرى في رد على أحد مهاجميها قالت "كشاب مثلي الجنس، هل يزعجك قيامي بلعق ق... أفضل مما تقوم به؟". وبجواب على مهاجم آخر سنة 2018 وصفها بأنها "عا... بلهاء"، ردت: "ففف! وذكية أيضاً لحسن الحظ".

وبين هذه المعارك بذلت السيدة دانييلز جهوداً كبيرة كي تحمي جمهورها والمعجبين بها من المقرصنين الذين يستخدمون صوراً شبيهة بها أو مزورة، فراحت تنشر بانتظام تحذيرات توضح أن هناك حسابات باسمها على "فيسبوك" أو غيره من منصات الإنترنت، لا علاقة لها بها. حتى أنها، وبطلب من معجبيها، ترشحت وفشلت في الانتخابات لعضوية مجلس الشيوخ الأميركي سنة 2009، ضد الجمهوري في لويزيانا، ديفيد فيتير، بشعار "إزعاج الناس بأمانة" Screwing People Honestly. وزعمت التقارير الإخبارية في ذلك الوقت أن سيارة مستشارها السياسي تعرضت للتفجير بواسطة ما يشتبه أنه عبوة أو حريق متعمد، لكن "اندبندنت" لم تتمكن من التأكد من نتائج أي تحقيقات أجريت حول الواقعة.

وقرابة ذلك الوقت أيضاً أوقفت السيدة دانييلز في إطار قضية عنف منزلي بعد أن ضربت زوجها وقذفته بحوض نباتات خلال مشاجرة وقعت بينهما، وفق مجلة "تايمز". لم يصب الزوج بأذى أو جروح، وقد أسقطت الاتهامات في حق السيدة دانييلز في ما بعد.

رشوة، تهديدات وصفع مزعوم

قبل فترة طويلة من حملة ترمب الرئاسية، تحدثت الإشاعات عن علاقة قامت بينه وبين السيدة دانييلز، فراحت تلك الإشاعات تظهر في المواقع الإلكترونية مرفقة بصورة لدانييلز واقفة إلى جانب ترمب الذي كان يرتدي ثياب الغولف. على أن السيدة دانييلز ظلت صامتة إزاء هذا الأمر حتى سنة 2018، عندما نشرت "وول ستريت جورنال" تقريراً مدوياً زعمت فيه أن محامي ترمب آنذاك، مايكل كوهن، دبر أمر تسديد دفعة 130 ألف دولار للسيدة دانييلز قبل وقت قليل من انتخابات سنة 2016، لإبقاء تلك العلاقة طي الكتمان. وأقر كوهن منذ ذلك الحين بخطئه في انتهاك القوانين المالية للحملة (الرئاسية) عبر تسديد هذه الدفعة. وقال للادعاء إنه قام بذلك إثر تعليمات تلقاها من السيد ترمب (الأمر الذي ينفيه الرئيس السابق)، لكن حين أقر كوهن سنة 2018 بتلك الدفعة، قالت دانييلز إن موافقتها على عدم الإفصاح عما حصل غدت الآن لاغية، إذ تحول الأمر إلى قضية. وقد تحدثت مراراً وبصراحة عن ذلك قائلة إن كوهن "تصرف كأنه فوق القانون" و"لعب وفق مجموعة مختلفة من القواعد".

وفي مقابلة مع برنامج "60 دقيقة"، زعمت أنها التقت ترمب في بطولة غولف للمشاهير قرب بحيرة تاهو في كاليفورنيا، عندما كان في الـ60 من العمر وهي بسن الـ27. وقد دعاها إلى العشاء ومن ثم إلى جناحه الفندقي، وفق ما قالت.

وفي إشارة إلى طريقة ترمب المغرورة في الأحاديث، قالت السيدة دانييلز إن الأخير عرض عليها مجلة تضم صورته على غلافها. وتابعت ساخرة أنها أمرته بإنزال بنطاله كي يتسنى لها صفعه بالمجلة (على مؤخرته). وهو، لمفاجأتها ربما، فعل ذلك. وثم جاء دور الجنس، وفق زعمها، وعلى رغم أن السيدة دانييلز لم تكن معجبة بهذا البليونير فإنها ذكرت أن ما حصل بينهما كان "توافقياً" وهي "لم تكن ضحية". بقي الاثنان على تواصل، وقد "قدم" لها ترمب فرصة الظهور في برنامج "متدربو الشهرة" (The Celebrity Apprentice)، لكن السيدة دانييلز قالت إنهما لم يمارسا الجنس أبداً مرة أخرى، على رغم توسلاته.

 

في عام 2011، وافقت السيدة دانييلز على بيع قصتها مقابل 15 ألف دولار لمجلة مشاهير، اتصلت بدورها، وعلى نحو طبيعي، بالسيد ترمب للحصول على تعليقه. حينها، وفق زعم السيدة دانييلز، اقترب شخص لا تعرفه منها في موقف للسيارات بلاس فيغاس قائلاً لها أن "تترك ترمب وشأنه" وإلا "ستتعرض" لـ"أمر ما". "ليس لديَّ أي سبب للكذب" قالت السيدة دانييلز لبرنامج "60 دقيقة" في هذا السياق. فـ "أنا أعرض نفسي، كما تعلمون، لخطر محتمل، وبالتأكيد لكثير من السوء إذ إنه يعلم أنني أقول الحقيقة".

بعد أشهر جرى توقيف السيدة دانييلز في كولومبوس، أوهايو، لخرقها قانون "عدم اللمس" الذي تطبقه المدينة على راقصات التعري. وقد تقدمت بدعوى قضائية تزعم تعرضها للمضايقة من قبل عناصر شرطة مناصرين للسيد ترمب، إلا أن حكومة المدينة سوت المسألة خارج إطار المحكمة مقابل 450 ألف دولار.

واليوم تواصل السيدة دانييلز عملها وتتابع رواية قصتها، فتقدم برنامج تلفزيون واقع مرموقاً عن مواعدة الرجال الشاذين جنسياً عنوانه "في حب الـ[ديلفس]" (عبارة الـ"ديلفس" DILFs، تعني "الآباء الذين أحب معاشرتهم" Dads I'd Like to F***). وفي سنة 2019، أعلنت مثليتها الجنسية (Bisexual)، وقد احتفلت قبل أسبوع بعيد ميلادها الـ43.

السيدة دانييلز متزوجة راهناً من باريت بلايد (اسمه الحقيقي راسل باريت)، رجل الأعمال وزميلها في تمثيل الأفلام الإباحية. شركته "إليان ويركس" Alienwerks تبيع ألبسة بأنماط لا أرضية (فضائية) غرائبية، إضافة إلى منتجات توافق أسلوب السيدة دانييلز.

والجدير ذكره هنا أن السيد باريت هو زوج دانييلز الرابع، إذ إنها كانت متزوجة من بريندون ميلر الذي أنجبت منه ابنة واحدة.

إلى جانب استمرارها في إخراج وتمثيل الأفلام الإباحية، ما زالت السيدة دانييلز تحب الأحصنة، وهي في الحقيقة تشترك وتنافس في مسابقات الفروسية، كما أنها رفعت صوتها في الآونة الأخيرة ضد الهجوم الذي شنه الحزب الجمهوري على حقوق مجتمع الميم والعين (LGBT+) في ولايات حمراء (جمهورية) مثل فلوريدا. وقد استمرت أيضاً في هجومها على ترمب (الذي تسميه "الضئيل")، معتبرة احتمال فوزه بولاية رئاسية ثانية أمراً "مروعاً"، ومبدية استعدادها للإدلاء بأقوالها كشاهدة في القضية المرفوعة بولاية نيويورك.

كذلك فإن جولة عروضها المعنونة "لنجعل أميركا مهتاجة من جديد" (Make America Horny Again) سنة 2018، بدت ناجحة أيضاً. فهي حين تعتلي المسرح بعد الواحدة فجراً في أوريغون، مرتدية ألوان العلم الوطني الأميركي، تصدح أصوات الجمهور هاتفة "ستورمي! ستورمي! ستورمي!" وذات مرة أجبر العرض على التوقف بعد 10 دقائق من بدايته إثر قيام زبون ثمل بقذفها بمحفظته، لكن السيدة دانييلز لم تشأ تقديم شكوى ضد الرجل، فجرى إطلاق سراحه بعد إبدائه الندم والاستعداد للاعتذار. "لقد كنت ثملاً"، قال الرجل للشرطة، وفق "أوريغون لايف" (Oregon Live). وتابع "أعتقد أنها شخص طيب فعلاً. وأنا آسف إلى أقصى الحدود".          

© The Independent

المزيد من دوليات