Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما أن تصبحي أما حتى يشطب كيانك السابق

لن يبقى كل ما حققته أو ما كنت تهتمين به في ذاكرة أحد، إذ سينظر إليك على أنك مخزن متنقل لمناديل الأطفال المبللة

ستيلا كريسي العضو في البرلمان عن دائرة وولثامستو تحمل طفلتها (رويترز)

ملخص

ما #أن تصبحي أما حتى  ينمحي ما حققته أو ما كنت تهتمين به من ذاكرة الآخرين، و سينظر إليك على أنك مخزن متنقل لـ#مناديل الأطفال المبللة

زار أحد أعضاء البرلمان البريطاني أخيراً مدرسة ثانوية للبنات في دائرته الانتخابية، وقال للطلاب إنني "أبالغ كثيراً كالمعتاد"، في توقعه أن يصبح البرلمان مؤيداً للأسرة.

أراد أن يتأكد، فيما لا يزال عاجزاً عن التصويت، من أنهم يعرفون الحدود التي يمكن للنساء اللاتي لديهن أطفال أن يتوقعنها. وهو ليس وحده من الذين يسعون إلى تعزيز الفكرة المتمثلة في أن الأمومة لا بد أن تكون دائماً مصحوبة بثمن، حتى لو أن الأبوة نادراً ما تكون كذلك. وبعد احتفالات عيد الأم يوم الأحد، فإن ما يمثل صدمة بالنسبة إلى كثير من النساء على مدى بقية أيام السنة، هو مدى الضرر الذي يلحقه إنجاب الأطفال بفرص حياتهن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما الأمومة، في الأصل، فتنطوي في الواقع على مهمات صعبة ومضنية - يدفعها الشعار القائل إنه إذا لم تكوني تعانين، فأنت لا تقومين بدورك بشكل صحيح. وتسهم في تعزيز هذا الرأي أمهات أخريات، بحجة أنهن لم يتذمرن من قبل، فلماذا يجب عليك أن تقومي بذلك - وأنت "لست أول شخص ينجب طفلاً"، فلماذا يجب أن تكون تجربتك مختلفة أو أفضل حالاً.

ما أن تصيري أماً حتى يدخل كيانك السابق طي النسيان - ولن يبقى كل ما حققته أو ما كنت تهتمين في ذاكرة أحد، إذ بات ينظر إليك على أنك مخزن متنقل لمناديل الأطفال المبللة. ولا يمكن الحؤول دون ذلك إلا إذا تصرفت كما لو أن أطفالك هم غير موجودين - فبالكاد تقضين الوقت معهم، بالتالي تشعرين بالأسى في داخلك نتيجة ذلك. 

وعلى نحو متزايد، باتت فجوة الأجور بين الجنسين الآن بمثابة عقوبة للأمومة، فهي تطاول النساء في سن 30 سنة وما فوق، سواء كان لديهن أطفال أم لا، بحيث يرى أرباب العمل أنهن بتن جميعاً مصدر خطر.

والواقع أن نسبة 19 في المئة من الرأي العام في بريطانيا ينظرون إلى الآباء الذين يعتنون بأطفالهم على أنهم "أقل من رجال" - وهي مواقف أصبحت أكثر شعبية بين الأجيال الشابة. وتعرب عناوين رئيسة عن قلق حيال أسباب "إرجاء النساء مسألة إنجاب أطفال"، أو "أخذهن قراراً" بأن يبقين بلا أطفال - وكأن هذا الاختيار الشخصي يجب أن يكون من شأن أي شخص آخر.

وعلى نقيض ذلك، ليس هناك من اهتمام كاف في شأن خصخصة الإخصاب الاصطناعي بشكل أساسي، إما لأن هناك قيوداً مشددة للحصول عليه، أو لأن الولادة تعد من أخطر الأمور التي يمكن للمرأة أن تقوم بها، خصوصاً إذا كانت تنتمي إلى خلفيات مجتمع الأقليات.

إلى ذلك، تتم الاستهانة بالتأثير الذي تخلفه حالات الإجهاض، ويحظى باهتمام ضئيل من جانب الرأي العام، ناهيك عن الانعكاسات الشديدة التي يتركها على الصحة العقلية، ليس فقط لجهة فقدان الأطفال، بل أيضاً خلال فترة الحمل وبعد الولادة.

من بين النساء اللاتي لا يتم تسريحهن من العمل أثناء أخذهن إجازة أمومة (آلاف يتعرضن لذلك) ويتمكن من تغطية تكاليف رعاية أطفالهن، أبلغت نسبة 86 في المئة ممن يتمتعن بساعات عمل مرنة، عن معاناتهن من التمييز من جانب رب العمل.

كما أنه من البديهي وجود تحديات في المهمة التي تقضي برعاية الأطفال، وتنطوي على طبيعة الدوام والمواقع "التقليدية" للعمل. ومع ذلك، حتى على رغم أن مرحلة الوباء منحت عدداً من القطاعات خبرة في اعتماد طرق للعمل بشكل مختلف، لا تزال التوقعات تشير إلى أن تربية الأطفال يجب أن تشكل مسألة ثانوية إذا كنت ترغبين في إحراز تقدم في المجال المهني.

أما أولئك الذين يعملون في وظائف لا يمكن القيام بها من بعد - وهي غالباً ما تكون أقل أجراً - فلا يحظون إلا بمقدار ضئيل من الاهتمام على الإطلاق. وقد ساهمت مقاطع فيديو طريفة لأهال تجرى مقاطعتهم خلال مكالماتهم عبر تطبيق "زوم"، في تأكيد هيمنة الثقافة الذكورية التي تفيد بأن النجاح في التواصل الاجتماعي - الذي يحصل عادة في الحانات - هو الذي يؤدي إلى عقد الصفقات وتكوين علاقات مهمة.

عندما التزمت الحكومة أخيراً الاستثمار في رعاية الأطفال، بات من المشين تقديم الشكاوى. فالنقاش العام ابتعد أخيراً عما إذا كان يجب على الدولة "أن تدفع أموالاً للأطفال الذين ينبغي عدم إنجابهم إذا لم تكن لدى الناس القدرة على تحمل تكاليفهم"، وهو نقد لاحظت أنه لم يثر أبداً حول أعمال الطرق، من جانب الأفراد الذين لا يقودون سيارات.

ورغم أنه أصبح من المقبول اجتماعياً بالنسبة إلى السياسيين، اعتبار رعاية الأطفال جزءاً أساسياً من البنية التحتية الاقتصادية، وليس أمراً يتعين على النساء فقط الدفاع عنه، فلا يزال بعضهم يرى أن من المعيب ألا تسعى كل أم إلى التفرغ كلياً لرعاية أطفالها.

وإلى أن يحين الوقت الذي نكف فيه عن معاقبة النساء لكونهن بشراً ومن أولياء أمور، سيظل من الصعب إحراز أي تقدم في هذا المجال، لأنه سينظر إلى ذلك على أنه تساهل، وليس جزءاً لا يتجزأ من مجتمع فاعل.

وكي يحصل ذلك، يجب أن نحجم عن الافتراض أن الأمومة - سواء وجدت أم لا - يجب أن تشكل نقطة حاسمة في مجال تحديد دور المرأة. وذلك لا يتطلب توفير رعاية ممولة بشكل مناسب للأطفال فحسب، بل استثماراً في صحة الأم وتضمين الالتزامات الأسرية في نمط الحياة اليومية.

هذا يعني من جهة أخرى، التركيز على دور الآباء، وليس فقط التصفيق لهم للقيام بجزء بسيط من رعاية أطفالهم، بل أن يصبحوا شركاء حقيقيين في تقاسم هذه المسؤولية بنسبة النصف لكل شريك.

إن التحرك الهادف إلى تمويل رعاية الأطفال، يظهر أنه بات الآن يتم الاعتراف بالأمهات كقوة سياسية، طالما أنه لا يتم طرح أسئلة شائكة حول ما إذا كانت هذه الأموال ستوفر بالفعل ساعات عمل مجانية، لأن ذلك سيكون بمثابة موقف ينم عن جحود.

ولهذا السبب، فإنه من الأهمية بمكان خلال الفترة التي تسبق الانتخابات، أن نواصل تلك المساعي الآيلة إلى تفكيك هذه القيود إذا أردنا إنهاء عقوبة الأمومة.

المساواة لن تتحقق عبر قيام أعضاء البرلمان بجولات على المدارس لتحذير الشبان اليافعين من احتمال توقع خفض في الأجور إذا ما أصبحوا آباء، بل في تعزيز دور الأبوة وجعله مهماً بما يكفي للاستثمار فيه من أجل مصلحة الجميع. وذلك ليس ليوم واحد فقط، بل كل يوم.

ستيلا كريسي هي سياسية بريطانية في حزب "العمال"، وعضو في البرلمان عن دائرة وولثامستو منذ عام 2010. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة موقع www.thisMumVotes.org.uk

© The Independent

المزيد من آراء