Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تفاؤل حذر بتحسن الوضع الاقتصادي العالمي نهاية العام

الاقتصاد الصيني قد يسهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي

الاقتصاد الأوروبي تقدم بشكل جيد في مارس مدفوعاً بنمو قطاع الخدمات (أ ف ب)

ملخص

عدل #صندوق_النقد_الدولي توقعاته لنمو #الاقتصاد_العالمي بالارتفاع عن توقعاته في تقريره نصف السنوي السابق في أكتوبر 2022

أظهر مسح صدر أمس الجمعة، عن النمو الاقتصادي في دول منطقة اليورو، أن الاقتصاد الأوروبي تقدم بشكل جيد في شهر مارس (آذار) الجاري مدفوعاً بنمو قطاع الخدمات، وأظهر مؤشر مديري المشتريات لدول اليورو، الذي يقيس النشاط في قطاعي الخدمات والتصنيع، زيادة إلى 54.1 نقطة هذا الشهر، مقارنة مع 52 نقطة في فبراير (شباط) الماضي.

وجاءت القراءة في المؤشر الصادر عن "ستاندرد آند بورز غلوبال" لتظهر نمواً قوياً لقطاع الخدمات في الدول الأوروبية عند 55.6 نقطة لهذا الشهر مقارنة مع 52.7 نقطة الشهر الماضي، وأي قراءة فوق 50 نقطة لمؤشر مديري المشتريات تعني أن النشاط الاقتصادي يتوسع وينمو، أما القراءة دون 50 نقطة فتعني انكماش النشاط الاقتصادي.

ودلالة تلك القراءة، كما يقول كريس ويليامسون كبير اقتصاديي الأعمال في "ستاندرد آند بورز غلوبال" هي أن "اقتصاد دول اليورو ينشط مع دخول الربيع مع نمو الأعمال بأسرع وتيرة منذ 10 أشهر، وتتسق نتيجة المسح مع نمو الناتج المحلي الإجمالي لدول منطقة اليورو بنسبة 0.3 في المئة في الربع الأول من العام"، أما بالنسبة إلى أكبر اقتصاد في العالم في الولايات المتحدة، فالتوقعات الحالية بنمو بنسبة 0.7 في المئة، حتى في بريطانيا، التي يعد اقتصادها الأسوأ أداء حتى الآن بين اقتصادات الدول الكبرى، تشير إلى احتمال تفادي الاقتصاد الدخول في ركود هذا العام.

تفاؤل حذر

ومطلع هذا العام، عدل صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي بالارتفاع عن توقعاته في تقريره نصف السنوي السابق في أكتوبر (تشرين الثاني) 2022، ورفع الصندوق توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي عن توقعاته السابقة بنسبة 0.2 في المئة إلى نمو بنسبة 2.9 في المتوسط لعام 2023، على أن يرتفع معدل النمو إلى نسبة 3.1 في المئة للعام المقبل 2024، ومع أن تلك التوقعات لهذا العام جيدة مقارنة مع التوقعات قبل نصف عام، إلا أنها تظل أقل من المعدل التاريخي بنمو عند 3.8 في المئة في المتوسط.

صحيح أن معدلات النمو هذا العام قد تكون أقل من العام الماضي، لكن توقعات الركود في النصف الثاني من العام بدأت تخبو كثيراً على رغم هزات القطاع المصرفي في الأسابيع الأخيرة واضطراب الأسواق، فقد حقق الاقتصاد الأميركي نمواً في الربع الأخير من العام الماضي 2022 بنسبة 2.9 في المئة، أما في الربع الثالث من العام الماضي فحقق الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 3.2 في المئة، ومعدلات البطالة عند مستوى متدن بنسبة 3.6 في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي الأيام الأخيرة، زاد التفاؤل بين أوساط الأعمال حول العالم ولدى إدارات الأبحاث في كثير من المؤسسات مع توقعات النمو الاقتصادي في الصين بقوة هذا العام عقب الفتح الكامل للنشاط الاقتصادي بعد فترات الإغلاق المطولة للحد من انتشار وباء كورونا، وتتوقع بكين عودة النمو هذا العام بنسبة خمسة في المئة على الأقل.

ولطالما كان الاقتصاد الصيني في السنوات الأخيرة "قاطرة النمو للاقتصاد العالمي"، صحيح أن معدلات النمو في الصين للسنوات الثلاث الأخيرة تراجعت عن مستوياتها العالية فوق 10 في المئة سنوياً، إلا أن نمو الناتج المحلي الإجمالي لثاني أكبر اقتصاد في العالم بنسبة أعلى من معدلات النمو العالمي المتوقعة من صندوق النقد الدولي تبرر هذا التفاؤل الحذر.

تراجع احتمالات الركود

ولعل قراءة سريعة في تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي جيروم باول ومحافظ بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) أندرو بيلي ورئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد في الأيام الأخيرة من الأسبوع تعزز ذلك التفاؤل بأداء الاقتصاد العالمي في المستقبل القريب، ذلك على رغم "عصبية" الأسواق بشأن انهيارات بعض البنوك الأميركية وحتى مشكلات بعض البنوك الأوروبية.

وتشير رسائل صانعي السياسة النقدية في الاقتصادات الرئيسة إلى أن معدلات التضخم وإن ظلت مرتفعة ستأخذ في الانخفاض بسرعة في النصف الثاني من هذا العام، بالتالي لن تكون البنوك المركزية مضطرة للاستمرار في رفع سعر الفائدة، بل إن الأسواق بدأت الآن تتوقع أن تخفض البنوك المركزية نسبة الفائدة الصيف المقبل لتخفيف وطأة ارتفاع كلفة الاقتراض في ظل الضغوط الائتمانية الناجمة عن أزمة القطاع المصرفي.

وألمح رئيس الاحتياطي الفيدرالي إلى ذلك بوضوح باعتباره أن قيود توفر السيولة بسبب أزمة البنوك تعمل على رفع أسعار الفائدة تقريباً، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تهدئة الطلب في الاقتصاد الذي يقود إلى انخفاض معدلات التضخم، وطبعاً، يظل ذلك التقدير محكوماً بعدم حدوث أزمات حادة أو أحداث مفاجئة تهز النظام المالي العالمي وتغير تلك التقديرات.

في الإجمال، يرى كثيرون أن احتمالات الركود الاقتصادي العالمي التي سادت نهاية العام الماضي تتراجع بقوة في ظل مؤشرات تحسن النشاط والنمو الاقتصادي وتراجع معدلات التضخم وقوة سوق العمل.

مخاوف واحتمالات

ويرى المتشائمون من الاقتصاديين وبعض المحللين أن خطأ البنوك المركزية في التقدير الصحيح لمعدلات التضخم من قبل لا يجعلها المرجع الأمثل لتقدير أداء الاقتصاد في الفترة المقبلة، إنما الأرقام والبيانات الحقيقية حتى الآن تؤكد أن الاقتصاد العالمي ما زال في وضع جيد، ويمكنه التعامل حتى مع انهيار عدد آخر من البنوك في الولايات المتحدة، كما أن ثقة الأعمال والمستهلكين على السواء في الاقتصاد تظل عند مستوى جيد، إضافة إلى أن سوق العمل عادت إلى التحسن القوي بعد أزمة وباء كورونا. وإن ظلت المخاوف من ارتفاع الأجور، سواء استجابة لمطالب عمالية لمواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة نتيجة معدلات التضخم العالية أو في سياق التنافس على ملء الوظائف الشاغرة من قبل الشركات والأعمال، فمن شأن ارتفاع الأجور بقوة أن يجعل الطلب في الاقتصاد يرتفع، بالتالي تزيد الضغوط التضخمية ارتفاعاً.

ومن الاحتمالات التي يستند إليها المتشائمون في شأن وضع الاقتصاد العالمي هذا العام أمران في غاية الأهمية، الأول هو أن يشهد القطاع العقاري في الاقتصادات الرئيسة انهياراً لن يقتصر أثره السلبي في النظام المالي فحسب، بل سيعني تراجع فرص النمو بشدة وربما احتمال الدخول في ركود، لكن القطاع العقاري تمكن حتى الآن من تحمل الارتفاع في أسعار الفائدة إلى مستويات غير مسبوقة منذ ما قبل الأزمة المالية العالمية، وعلى رغم أنه شهد غلياناً في السنوات الأخيرة، إلا أن احتمالات تباطؤ النمو العقاري أكبر بكثير من احتمالات انهيار القطاع، وهو ما يجنب الاقتصاد أزمة حادة تهدد التوقعات الحالية بشأن النمو.

والأمر الثاني هو أن تنفجر فقاعة الدين العالمي بشكل يهدد النظام المالي العالمي ويدخل الاقتصاد في ركود عميق ربما يصل إلى الكساد، وعلى رغم اضطراب أسواق السندات حول العالم في العامين الأخيرين، والزيادة الهائلة في معدلات الاقتراض من قبل الحكومات نتيجة أزمة وباء كورونا وما تلاها من الحرب في أوكرانيا، إلا أن المخاطر لن تصل بعد إلى حد الانهيار الائتماني، وباستثناء حالات محدودة شديدة التعثر، تظل غالبية دول العالم قادرة على تحمل أعباء الديون حتى في الدول التي زاد فيها الدين العام عن إجمالي الناتج المحلي كما في إيطاليا وغيرها.

وتبقى النظرة المتفائلة بتحسن الاقتصاد في الدول الرئيسة، والاقتصاد العالمي عموماً، في النصف الثاني من هذا العام الاحتمال الأكبر، لكن من دون أن يعني ذلك أن المخاطر من حدوث أزمات قد زالت تماماً.

اقرأ المزيد