Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عودة سوريا إلى المرجعية السعودية بعد إزالة الحاجز الإيراني

جهود الرياض لتحرير دمشق من أسر طهران بدأت باكراً عبر القناتين الروسية والأميركية

بقي مقعد دمشق شاغراً في كل الاجتماعات العربية لأكثر من عقد (أ ف ب)

ملخص

ما تفعله #السعودية الآن نحو #سوريا قامت بمثله نحو دول عربية عدة من بينها #العراق و#اليمن و#لبنان

أثارت أنباء فتح السعودية أبوابها مجدداً أمام سوريا، نقاشاً واسعاً بين المهتمين بالعلاقات العربية- العربية، إلا أن التحولات التي يشهدها الإقليم لصالح تعاظم نفوذ الرياض لم تكن هذه الخطوة إلا نقطة في بحرها، خصوصاً عند النظر إلى تاريخ العلاقة مع دمشق التي ظلت كلما وجدت الأفق أمامها مسدوداً تسارع خطاها نحو "دارة العرب" في نجد، بوصفها مرجعية لا بد منها وإن طال الهجر. 

ومع أن أطرافاً إقليمية وعربية حاولت استغلال تباعد الرياض ودمشق لسنوات مضت، إلا أن خطوات عدة ظلت تربط الخيوط بين العاصمتين، استمزج فيها الطرفان إمكان فتح نوافذ التواصل بينهما إثر رسائل تناقلها مسؤولون من درجات مختلفة منذ 2015 بين الدولتين عبر وسائل الإعلام أو الجولات السرية. 

كي لا تكون دمية إيرانية

وكان أبرز تلك الخطوات قول رجل الرياض القوي الأمير محمد بن سلمان صراحة لمجلة "تايم" الأميركية 2018، إن طرد بشار الأسد ليس من أولويات السعودية في عهده.

وقال رداً على سؤال حول ماهية السيناريو الواقعي لإنهاء الحرب في سوريا "لا أعلم إن كان بعض الأشخاص سيغضبون حينما أجيب على هذا السؤال، لكنني لا أكذب...أعتقد أن بشار باق في الوقت الحالي، وكانت ولا تزال سوريا منطقة نفوذ روسيا على المدى الطويل. لكنني أعتقد أن مصلحة سوريا ليس في ترك الإيرانيين يفعلون ما يشاؤون فيها خلال فترة متوسطة وطويلة، لأنه إذا تغيرت سوريا أيديولوجياً فسيصبح الرئيس بشار الأسد دمية بيد إيران".

لكن جميع الرسائل حاول المقاول الإيراني إحباط مفعولها، وهو الذي لا يخفي إصراره على استتباع دمشق وتوظفيها ورقة في صراعاته الإقليمية على أكثر من صعيد، لذلك كان ثمة جهد عربي تقوده الرياض من خلف الستار، يعمل على تهيئة الأجواء الضرورية لعودة سوريا إلى محيطها العربي، بما يجنب البلاد قبل النظام أخطار التفكك والتغول الأجنبي من دول عدة.

ومع أن حرب أوكرانيا وإعلان دمشق تأييد روسيا ولو شكلياً، خفف من تسارع خطى عودة الدولة العربية لمنظومتها، إلا أن قناة موسكو كانت وفق متابعين للملف إحدى الأدوات التي عملت عليها الرياض وحلفاؤها للضغط على سوريا؛ بأن يمنح النظام فرصة جديدة في مقابل إعاقة تمدد النفوذ الإيراني هناك، وتطبيق حد أدنى من الإصلاحات لا يمكن من دونها توحيد الدولة وإعادة إعمارها. 

المعرقل أصبح المشجع

لكن التساؤل الذي طرحه محللون سعوديون أمثال الكاتب خالد الدخيل، هو حول ما إذا كان النظام في دمشق يملك أن يحسم عدداً من الملفات التي يرهن بها الإقليم عودته. 

ويرى أن الانفتاح الجديد على النظام في دمشق "ينطلق من أن إغلاق أبواب العرب أمامه يعمق ارتهانه لروسيا وإيران"، وهو يرى ذلك "فرضية عقلانية"، إلا أنه أعقبه بالتساؤل السابق حول ما إذا كان بقي للنظام "خط رجعة" أصلاً، بعد أن بات من مسلماته أمنياً وسياسياً التحالف مع إيران "منذ اعتماده على حزب الله في لبنان واغتيال الحريري، ثم اعتماده على روسيا وإيران ضد شعبه".

أما بعد عقد الرياض صفقتها اللافتة مع إيران بضمانة بكين في 10 مارس (آذار) الحالي، صار الطرف العائق، هو الأكثر اهتماماً بأن تصبح دمشق فاعلة في المشهد العربي، على النحو الذي يخفف من أعباء النظام ويجعله أكثر فائدة لطهران، التي تعتمد عليه كثيراً في تسليح ودعم "حزب الله" اللبناني، أهم أذرعتها في المنطقة. 

وكان ولي العهد السعودي ذكر في وقت سابق أن سياسة بلاده نحو إيران ستتغير، لينقل المعركة معها إلى المركز بدلاً من الانشغال فقط بميليشياتها العاملة بالوكالة، في مثل اليمن ولبنان، وهي سياسة أثبتت فاعليتها، وجعلت حتى المحللين الأجانب يعتبرون أن الرياض أصبحت تفرض منطقاً جديداً في الإقليم، جعل نفوذها آخذاً في التمدد ومقاربتها التنموية أكثر إقناعاً وصدقية بين جيرانها، بمن فيهم إيران، وإسرائيل التي تستميت في فتح قناة من أي نوع مع الرياض مهما كانت ضئيلة، فيما يصر السعوديون على أن ذلك مرهون بمصالحة أوسع مع الفلسطينيين.

دبلوماسية "العشر الأواخر"

ومثلما شهد رمضان العام الماضي عودة باكستانية وتركية إلى مرجعية السعودية الإسلامية، بدأت بوادر نشاط هذا العام كذلك "دبلوماسية رمضان" خصوصاً عشره الأواخر، التي قد تشهد فيها مكة المكرمة بدايات عودة إيرانية وسورية، أو زخماً أكبر يتردد أنه سيفضي إلى عقد قمة للجامعة العربية مايو (أيار) المقبل، قد تشغل فيه دمشق مقعدها الشاغر في الجامعة لأكثر من عقد. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وما تفعله السعودية الآن نحو سوريا، قامت بمثله نحو دول عربية عدة من بينها العراق واليمن ولبنان، فمهما بعد العربي عن مقاربة الرياض، يلقى يدها ممدودة، حين يعود إلى صوابه، بما يدعم استقرار المنطقة وأمن العرب الإقليمي. 

ويروي السياسي السعودي المخضرم الأمير بندر بن سلطان، كيف كانت بلاده في مناسبات عدة، القناة المأمونة لدمشق في الخروج من عزلتها.

ويقول في مقابلة خاصة مع الزميل عضوان الأحمري، إن بلاده لم تترك أي جهد في "سبيل أن تبقى سوريا ونظامها قويان"، إلا فعلته. 

ويضيف، أنه بعد شهرين من صعود بشار الأسد إلى سلم الحكم، واستقرار الأمور السياسية في سوريا، طلب منه الملك عبدالله الذهاب إلى دمشق ولقاء بشار، ويقول "ذهبت فعلاً، واستقبلني بشار بطلبات... ترتيب زيارة له إلى فرنسا وطلب مقابلة الرئيس الفرنسي جاك شيراك، وقال إنه لا يعرف كيف يحصل على دعوة. سألته أين تريد أن تذهب؟ قال باريس ولندن. قلت له سأستأذن من الملك. عدت إلى السعودية وأخبرت الملك، فاتصل برئيس الحكومة اللبناني الراحل رفيق الحريري، الذي كان يوجد صدفة في المملكة، جاء الحريري وكان لا يعطي اهتماماً لبشار الأسد في حياة حافظ، ويتجاهل الطلبات التي يرسلها إليه، ويقول "جيبوا موافقة من حافظ". ولم يكن رفيق الحريري يفعل هذا إهانة لبشار، بل احتراماً لحافظ الذي أرسل للحريري قائلاً: "إياكم وأن يأتيكم أحد ويقول لكم الرئيس أرسلني، أو يطلب مساعدة، لو كان هناك أي شيء أنا أكلمكم".

طريق العودة

وكان وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان قال في أعقاب الزلزال الذي ألحق خسائر بشرية ومادية كبيرة في أجزاء من سوريا وتركيا، إن زيادة التواصل مع سوريا قد تمهد الطريق لعودتها إلى جامعة الدول العربية بعد عزلة تجاوزت 10 سنوات.

وجدد الوزير السعودي التأكيد أن الإجماع يتزايد في العالم العربي على أن عزل سوريا لا يجدي وأن الحوار مع دمشق ضروري خصوصاً لمعالجة الوضع الإنساني هناك، في حين أرسلت الحكومة طائرات محملة بالمساعدات لمناطق سورية منكوبة في إطار جهود الإغاثة من الزلزال المدمر الذي وقع في السادس من فبراير (شباط)، الذي أودى حياة آلاف السوريين.

وأفادت وزارة الخارجية السعودية، الخميس 23 مارس (آذار)، أن هناك محادثات مع سوريا لاستئناف الخدمات القنصلية بين البلدين. وأوردت قناة "الإخبارية" الحكومية عن مسؤول في الخارجية أنه "في إطار حرص المملكة على تسهيل تقديم الخدمات القنصلية الضرورية للشعبين، فإن البحث جار بين المسؤولين في المملكة ونظرائهم في سوريا حول استئناف تقديم الخدمات القنصلية"، وذلك في غضون نقل "رويترز" عن ثلاثة مصادر مطلعة أن البلدين اتفقا على "معاودة فتح سفارتيهما بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما"، في خطوة من شأنها أن تمثل تحولاً كبيراً إلى الأمام في عودة دمشق إلى الصف العربي.

ووفقاً للباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إميل حكيم، فإن "التوازن الإقليمي" هو ما يجعل سوريا مهمة من منظور الدول الخليجية، إذ "كان توازن القوى الإقليمي مختلاً بشكل أساسي بسبب التحول السياسي للعراق، جراء الصعود اللاحق لإيران في الخليج ونفوذها المتنامي في الشرق عبر سوريا وحزب الله".

وهكذا يعتقد في وقت سابق أن "الكيفية التي ينبغي بها دحر القوة الإيرانية في الوقت الذي يُحافظ فيه على النظام العربي المتداعي، يضع سوريا في قلب الانشغالات الاستراتيجية الخليجية. ففي السنوات الأخيرة، تسلسلت هذه الخيارات بدءاً من عزل ومحاربة سوريا وصولاً إلى إشراكها ومحاورتها ومحاولة اجتذابها واستدراجها بعيداً من إيران".

وفي هذا السياق يعتبر ولي العهد السعودي في معرض تعليقه على موقف بلاده من وجود القوات الأميركية في سوريا في حديثه مع "التايم" عام 2018، أن بقاء تلك القوات لفترة متوسطة على الأقل، إن لم يكن لفترة طويلة، ضروري "لأنه يتعين على الولايات المتحدة الاحتفاظ بالأوراق للتفاوض والضغط"، في إشارة إلى أهمية تحجيم النفوذ الإيراني. 

ومنذ أعوام زار اللواء علي المملوك السعودية في يوليو (تموز) عام 2015، وتمحورت زيارته حول مبادرة السعودية "لإجراء انتخابات رئاسية سورية بإشراف دولي".

وذكرت وسائل إعلام أنه تم "بالفعل الترتيب لعقد لقاء بوساطة روسية ووصل مملوك إلى جدة بعدما نسقت السعودية مع حلفائها وهو ما كان يجهله الأسد إذ حاول الحصول على إذن لطائرة المملوك عبر إحدى سفاراته في الخليج لرغبته بتسريب الخبر".

وذكرت مصادر أن "السعودية لم تطلب من النظام السوري الابتعاد عن إيران كثمن للتقارب مع الأسد، فعلاقة سوريا بإيران ليست وليدة اليوم" مشددة على أن المملوك طلب حينها "فرصة للتفكير" حول كيفية التعامل مع "حزب الله".

وفي أكتوبر (تشرين الأول) عام 2021 جرت عمليات صيانة لمقر السفارة السعودية في سوريا.

المزيد من تقارير