Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العراق يواجه تحدي تأمين صحرائه الغربية لضمان عمل الشركات النفطية

تخطط بغداد لاستثمار الغاز المحلي ووقف استيراده من إيران

أعلن العراق في 22 فبراير الماضي، توقيع عقود الجولة الخامسة التي تتضمن تطوير ستة حقول ورقع استكشافية (أ ف ب)

ملخص

ظهر منذ عامين لأول مرة، اهتمام حكومي #عراقي حقيقي بتوسيع نطاق الاستثمارات في تطوير حقول #الغاز ، نظراً لاعتماد أغلب محطات إنتاج #الكهرباء المحلية على تلك المادة

يخطط العراق لجولة تراخيص نفطية تشمل سلسلة من الحقول الغازية الحدودية التي تقع شرق البلاد وغربها، خصوصاً مكامن الغاز في الصحراء، وذلك بهدف سد احتياجات محطات الكهرباء والصناعة المحلية من الغاز، الذي تستورَد كميات كبيرة منه سنوياً من إيران.
وظهر منذ عامين لأول مرة، اهتمام حكومي عراقي حقيقي بتوسيع نطاق الاستثمارات في تطوير حقول الغاز، نظراً لاعتماد أغلب محطات إنتاج الكهرباء المحلية على تلك المادة، تزامناً مع تذبذب صادرات الغاز الإيرانية إلى العراق التي أثرت كثيراً في واقع التغذية بالطاقة في البلاد.

استثمار الغاز

وكشف وزير النفط العراقي حيان عبد الغني عن خطة استثمارية كبيرة تتضمن وقف استيراد الغاز من إيران خلال خمس سنوات. وقال عبد الغني في كلمة ألقاها خلال جلسة حوارية ضمن برنامج "حوار بغداد الدولي" المنعقد في العاصمة، إن "لدى وزارة النفط خطة خلال السنوات الخمس المقبلة تتضمن استثماراً كبيراً للغاز بهدف وقف استيراده من إيران"، مبيناً أن "عقود جولة التراخيص الخامسة شملت الحقول الحدودية للجانب الشرقي العراقي وستوفر ما لا يقل عن 750 مليون متر مكعب من الغاز وهي كمية واعدة".
وكان العراق أعلن في 22 فبراير (شباط) الماضي، توقيع عقود الجولة الخامسة التي تتضمن تطوير ستة حقول ورقع استكشافية وهي "نفط خانة" في محافظة ديالى، وأحيل إلى شركة "جيو جيد" الصينية، وتطوير حقل "الحويزة" النفطي في محافظة ميسان، وأحيل إلى شركة "جيو جيد" أيضاً.
وشملت الجولة أيضاً تطوير وإنتاج حقل "السندباد" النفطي في محافظة البصرة وأحيل إلى شركة "يو أي جي" الصينية، وتطوير إنتاج حقول "كلابات – قمر" في محافظة ديالى، وأحيل إلى شركة "نفط الهلال" الإماراتية، فضلاً عن تطوير إنتاج حقول "الخشم الـحمر – انجانة" في محافظة ديالى، وأحيل إلى شركة "نفط الهلال" أيضاً، واستكشاف وتطوير إنتاج الرقعة الاستكشافية "خضر الماء" في محافظة البصرة، وأحيل إلى الشركة الإماراتية ذاتها.

حقول حدودية

وأوضح عبد الغني أن "حقل المنصورية سيطرح للمنافسة في وقت قريب، ولكن ليس وحده وإنما ضمن جولة التراخيص الخامسة التكميلية التي فيها أربعة حقول حدودية في الجانب الشرقي للعراق"، مشيراً إلى أن "خطة الوزارة تشمل إعلان جولة أخرى من ترخيص العقود للجانب الغربي الذي يمتد من الحدود السورية والأردنية والسعودية وصولاً إلى محافظة السماوة".
ولفت إلى أن "هناك أكثر من 10 رقع استكشافية واعده ومعظمها غازية"، موضحاً أن "الوزارة بصدد إعداد وتحضير حقيبة المعلومات لهذه الحقول التي لا تتجاوز شهر يوليو (تموز) من هذه السنة للإعلان عنها".
وقد تصطدم الخطط الحكومية لاستثمار الغاز في صحرائه الغربية بالمشكلات الأمنية التي قد تتعرض لها الشركات الأجنبية، لا سيما وأن تلك المناطق كانت إبان الحرب التي خاضها العراق ضد مسلحي "داعش" بين عامي 2014 و2017 مسرحاً للعمليات العسكرية قبل أن تستتب الأوضاع بصورة نسبية.

الاكتفاء الذاتي

ورأى الخبير النفطي حمزة الجواهري أنه "بعد استثمار تلك الحقول سيكتفي العراق من الغاز وسيصدر الفائض"، لافتاً إلى أن "قدوم الشركات النفطية يحتاج إلى تأمين المناطق الغربية من العراق". وتابع "إن حضور الشركات النفطية الى المناطق الغربية من العراق مهم جداً، لكننا نأمل في أن يتم تأمين تلك المناطق من قبل القوات الأمنية بالتنسيق مع قوات التحالف الدولي"، مبيناً أن "هذه الحقول تقع على طول وادي حوران الذي ينشط فيه "داعش"، بالتالي من الصعوبة عمل الشركات النفطية هناك من دون تأمين الحماية".

سنوات قليلة

وقال الجواهري إن "العمل في تلك الحقول، إذا ما تم، لا سيما في المناطق الغربية من العراق، فمن الممكن أن يتم الإنتاج فيها في غضون ثلاث سنوات"، لافتاً إلى أن "المناطق الغربية من العراق تضم مكامن بكميات هائلة إلا أنها بحاجة إلى استكشاف".

مكامن حدودية

وعن الرقع الاستكشافية في المناطق الشرقية من العراق بين الجواهري أن "هناك ستة مكامن في الحدود الشرقية من العراق، ثلاثة منها تضم مكامن غاز والثلاثة الأخرى تضم غازاً مصاحباً بنسب عالية، وتقع ثلاثة من المكامن الستة في شمال ديالى في المناطق المختلف عليها بين الإقليم والمركز، بالتالي يتطلب الأمر الاتفاق مع الإقليم، في حين تقع المكامن الثلاثة المتبقية على الحدود المشتركة مع إيران".
وأكد الجواهري أن "استثمار تلك الرقع الاستكشافية سيلبي حاجة العراق من الغاز مع التوجه إلى تصدير الفائض، كون أن المناطق الغربية تضم كميات ضخمة من الغاز".
ووقع العراق منذ عام 2009 سلسلة عقود مع شركات النفط العالمية لتطوير حقوله في مناطق جنوب البلاد ووسطها، لتركز على محافظات البصرة وميسان وواسط وذي قار، ثم توسعت لاستكشاف احتياطات نفطية جديدة في محافظات المثنى والنجف والأنبار.
وعلى رغم ما حققته هذه الجولات من رفع إنتاج النفط العراقي الذي بلغ أدنى مراحله في عام 2007 بمليون ونصف مليون برميل يومياً، ليصل إلى خمسة ملايين برميل يومياً بعد قيام هذه الشركات بعملية تطوير شاملة لحقول النفط العراقية في جنوب البلاد في مختلف نواحي هذا القطاع إنتاجاً وتصديراً واستخراجاً، إلا أنها تواجه بانتقادات لاذعة بدعوى ارتفاع كلفها وتأثير ذلك في إيرادات العراق السنوية من النفط.

الاستثمار معقد

من ناحية أخرى، شكك أستاذ الاقتصاد في "جامعة المعقل" نبيل المرسومي بقدوم الشركات النفطية إلى العراق للاستثمار في حقول الغاز، وقال إن "هناك عزوفاً من قبل الاستثمار الأجنبي في مجال الغاز والنفط، وأخيراً أقدمت شركة إكسون موبيل على بيع حصتها في حقل  غرب القرنة واحد"، مبيناً أن "الحقول الستة التي أحالتها وزارة النفط بموجب الجولة الخامسة أحيلت إلى شركات صغيرة، وبعضها ليست حقولاً استكشافية".

محاذير أمنية

ولفت المرسومي إلى أن "المنطقة الغربية غير مستقرة أمنياً ووزارة النفط غير قادرة على جلب استثمارات في تلك المناطق كون أن الموجود ما هو إلا رقع استكشافية وليست حقولاً غازية"، لافتاً إلى "زيادة نسبة المغامرة في وضع أمني غير مستتب، ولذلك على العراق أن يستثمر الغاز المصاحب في منطقتي الوسط والجنوب".

الاكتفاء بعيد المنال

واستبعد المرسومي أن يتمكن العراق من تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز لكون الطلب المحلي على الكهرباء في تصاعد مستمر، فضلاً عن اعتماده على المحطات الغازية، مما سيزيد استهلاك الغاز، مشيراً إلى أنه "إذا أراد العراق الاكتفاء من الغاز عليه أن يلجأ إلى محطات كهربائية تعمل على الطاقة المتجددة، بخاصة الطاقة الشمسية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ستوفر ملياري دولار

من جهته، بين المتخصص في شؤون الطاقة كوفند شيرواني أن "استثمار الغاز سيوفر ملياري دولار تُصرف على استيراد تلك المادة سنوياً"، مشيراً إلى إمكان أن يتجه العراق إلى التصدير، وأضاف، "العراق بلد غني ليس بالنفط فقط، الذي تبلغ احتياطاته 153 مليار برميل، وإنما غني بالغاز الطبيعي الذي تقدر احتياطاته بـ 130 تريليون قدم مكعب".
ولفت شيرواني إلى أن "جولة التراخيص الخامسة التي من ضمنها عقود لاستثمار الغاز الطبيعي ستحل مشكلة توفير الوقود للمحطات الكهربائية التي تعتمد على الغاز الطبيعي".
وأشار إلى "وجود خطط حكومية لاستثمار الغاز الطبيعي إلا أنها ظلت خلال السنوات الماضية على الورق، إذ إن استثمار الغاز الحر والغاز المحروق سيؤدي إلى عدم استيراد الغاز مما سيوفر مبلغ ملياري دولار سنوياً".
وعن إمكان استثمار الغاز في المناطق الغربية من العراق، شدد شيرواني على أن الأوضاع الأمنية مستقرة نسبياً، وتوجد حقول في مناطق عكاز ورقع استكشافية غير مكتشفة، وإذا ما استثمرت ستوفر مورداً جديداً لمصادر الطاقة"، وأكد أنها "لو استثمرت الاحتياطات فمن الممكن أن نتجه إلى التصدير بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي".

لا مخاوف أمنية

وعلى رغم المخاوف التي يبديها بعض الباحثين في المجال النفطي، إلا أن المتخصصين في الشأن الأمني يؤكدون أن الوضع الأمني في صحراء الأنبار ممكن السيطرة عليه، وأنه أفضل من مناطق أخرى في العراق.

ولفت الباحث في الشؤون الأمنية معن الجبوري إلى أن "مناطق الأنبار مؤمَّنة وأن عمل الشركات سيمنع حدوث خروقات أمنية مستقبلية"، وأضاف أن "المنطقة الممتدة من الحدود الأردنية إلى السماوة لم تشهد عمليات عسكرية. هذه المناطق كانت أكثر هدوءاً لا سيما أنها أقل كثافة سكانية ومراقبتها أكثر سهولة من خلال الأبراج والكاميرات الحرارية والنواظير الليلية والمسيرات ومن خلال الدوريات المشتركة".

الحدود السورية

وأكد الجبوري أن "المناطق القريبة من الحدود السورية أكثر قلقاً كونها مناطق ساخنة وتنشط فيها الميليشيات وعصابات "داعش" وهناك صراع إقليمي ودولي عليها، إلا أن هذا الأمر عولج  من خلال حفر الخنادق على الحدود السورية ونشر أبراج المراقبة، ومناطيد الرصد، والكاميرات الحرارية".
ولفت إلى أنه "إذا ما أنشئت مشاريع للنفط والغاز فستوضع قوات إضافية وسيعمل سكان تلك المناطق في تلك المشاريع وسيكون لهم دور في العامل الاستخباري ويكونون وسيلة رصد للقوات الأمنية كونهم مستفيدين من تلك المشاريع، ولذلك سيعملون على حمايتها"، مبيناً أن "الأجهزة الأمنية العراقية لديها خبرة في منع حدوث عمليات استهداف مباشرة للشركات العالمية".
واعتبر أن "هناك مبالغة في الحديث عن خطورة وادي حوران، حيث إن هناك مناطق على الحدود التركية أكثر خطوة من حوران بعشرات المرات مثل مناطق سنجار وقنديل وحتى في مكحول وحمرين وتوجد فيها استثمارات نفطية كبيرة".

اقرأ المزيد