Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عاملات الفراولة المغربيات يعانين في إسبانيا

يضم برنامج العمل الموسمي 19 ألف عاملة يعملن بين شهري أبريل ويونيو

عاملات مغربيات في حقول الفراولة الإسبانية يتحدثن عن تجربتهن في عام 2018 (أ.ف.ب)

أكد تحقيق نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية الوضع المزري للعاملات المغربيات في حقول الفراولة الإسبانية، لجهة معاناتهن من ظروف معيشية صعبة ومن التضييق والتحرش والاغتصاب.

التقرير الصحافي الأميركي جاء بعد تقارير صحافية مشابهة خلال السنوات الماضية تناولت أوضاع هؤلاء النساء، إضافة إلى دعوات بعض الحقوقيين للسلطات المغربية والإسبانية التدخل لوضع حد لتلك الممارسات المهينة لكرامة العاملات المغربيات.

وكان المغرب وإسبانيا قد وقعا اتفاقاً عام 2001 تعمل بموجبه آلاف النساء المغربيات من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران) من كل عام في حقول الفراولة الإسبانية، حيث يقمن بزراعة الثمار وجنيها.

وينص الاتفاق على أن العاملات الموسميات يجب أن ينحدرن من القرى، ويجب أن يكنّ أمهات، لكي يرغمن على العودة إلى أولادهن بعد انتهاء عملهن. ويهدف الاتفاق إلى ضمان فرص عمل لفئة من المغربيات الفقيرات مقابل ضمان إسبانيا يداً عاملة رخيصة التكلفة.

معاناة

تقدمت أربع من عاملات الفراولة المغربيات بشكاوى لدى السلطات الأمنية الإسبانية خلال مايو (أيار) الماضي من تعرضهن للتحرش الجنسي والاغتصاب، إضافة إلى عدم احترام بنود عقود العمل. وهذه الدعاوى تضاف إلى أخرى تقدمت بها 12 عاملة عام 2018، سجلن فيها تعرضهن لمضايقات وتحرش جنسي وابتزاز بالسماح بالعمل مقابل الجنس، إضافة إلى إرغامهن على عدم صيام شهر رمضان لضمان عملهن بأقصى طاقة.

وتنقل "نيويورك تايمز" عن إحدى النساء، البالغة من العمر 37 سنة، التي لم تشأ نشر اسمها مخافة الفضيحة، قولها إنها لم تعد قادرة على تحمل ظروف العمل القاسية في صمت، واستفحال ثقافة التحرش الجنسي والاغتصاب في المزرعة. وأضافت "لقد شعرت كأنني عبدة، مثل حيوان، لقد أتوا بنا لاستغلالنا وإرجاعنا إلى بلدنا، تمنيت لو غرقت في البحر ومت قبل أن أصل إلى إسبانيا".

كانت هذه السيدة أماً لطفلين وتعمل مدربة رياضية في بلدها، لكنها تسجلت في برنامج العمل الموسمي (ضمن حوالى 19 ألف عاملة)، بعدما رأت النساء يعُدن إلى المغرب وقد وفرن مبلغ 3500 دولار، أي أكثر مما يمكن أن يحققنه في بلادهن في عام.

وتقول هي ونساء أخريات إنهن وُعدن بأشياء كثيرة، على غرار ألا يتجاوز عدد اللواتي سيسكن في غرفة واحدة الأربع، إضافة إلى تأمين مطبخ وآلة للغسيل، إلا أنها وجدت نفسها في غرفة مزدحمة ومكتظة بخمس نساء أخريات، وصارت مضطرة لتخبئ طعامها وملابسها تحت سريرها، ولأنها لم تقم بالتدريب الذي وُعدت به، فقد كانت بطيئة في البداية لولا أن الأخريات كن يساعدنها في اللحاق بالركب حتى لا تُحرم من العمل.

وتضيف العاملة المغربية أنها مع مرور الأيام سئمت من العمل لساعات طويلة من دون استراحة حتى من أجل الذهاب إلى المرحاض، كما سئمت من الاضطرار إلى استعطاف رؤسائها من أجل العمل بما يكفي لشراء الطعام. وقالت إنها لم تتعرض للاعتداء، لكنها شعرت بالخوف عندما رأت ما حدث للأخريات، حيث كشفت أن عمليات الإجهاض أصبحت مسألة روتينية وناتجة من الإكراه الجنسي. "النساء تعودن على الإساءة، لقد فقدت كل شيء، وسأقاتل حتى الموت".

في المقابل، قال نشطاء محليون إن أي شخص يتقدم بشكوى كان يرحل فوراً إلى المغرب، على حد تعبير الصحيفة.

مؤازرة المجتمع المدني

شكلت أربع جمعيات حقوقية مغربية ائتلافاً لمساندة العاملات الموسميات والحد من الممارسات التي يتعرضن لها في الحقول الإسبانية.

وتقول لطيفة بوشوا، عضوة الائتلاف، إن الهيئة على اتصال دائم بمحاميتهن للاطلاع على تطور القضية في المحاكم الإسبانية.

وتؤكد الناشطة الحقوقية أن السعي إلى تحقيق العدالة لهؤلاء النساء يعد مشكلة حقيقية، كما تأسفت لإعلان بعض المحاكم الإسبانية عدم الاختصاص وأخرى لم تستدع حتى المتهمين للاستماع إليهم، بالتالي وجدت هؤلاء النسوة أنفسهن في وضع اجتماعي إقصائي، على حد تعبير الناشطة الحقوقية.

رد رسمي

كانت السلطات الإسبانية قد وعدت المغرب، في وقت سابق، بضمان حقوق عاملات الفراولة. وقال وزير التشغيل المغربي محمد يتيم إن "التحرش الجنسي يمكن أن يقع في أي بلد، بالتالي لا نستبعد وقوع تلك الممارسات، لقد تلقينا تعهدات من إسبانيا بعدم السماح بانتهاك حقوق العاملات المغربيات في الحقول الإسبانية".

وشدد الوزير على أن الشراكة بين المغرب وإسبانيا بخصوص العمالة الموسمية أمر ناجح، وأن ظروف العمل مقبولة وقابلة للتطوير.

وكانت وزارة التشغيل المغربية قد أجرت تحقيقاً خلال العام الماضي استمعت خلاله إلى إفادات حوالى 800 عاملة، وخلصت إلى وجود 12 محاولة تحرش من طرف مغاربة وإسبان، تمت متابعتها قضائياً. كما تقوم لجنة تابعة للوزارة بزيارات دائمة لتتبع وضعية العاملات المغربيات.

ويؤكد عبد المنعم مدني، مدير الوكالة المغربية لإنعاش التشغيل والكفاءات (المؤسسة الوسيطة بين أرباب العمل والعاملات)، عدم تلقيه أي معلومات من القنصلية المغربية في إسبانيا، ولا من أرباب العمل الإسبان، وأن الوكالة لا تتعهد بأي شيء سوى تقديمها الإطار الذي ستعمل فيه العاملات الموسميات.

وأكد مدني أن الاتفاق الجماعي هو الذي يؤطر العمل الموسمي الزراعي في إسبانيا، بالتالي فإن القانون الإسباني هو الذي يسري على ذلك التعاقد، فيما شكك في مسألة الاكتظاظ في أماكن الإقامة.

واستغرب مدني توقيت تقديم الشكاوى، التي جاءت قبل أيام من انتهاء موسم الفراولة. وقال إنه "كان بالأحرى على العاملات تقديم تلك الشكاوى منذ بداية عملهن. لا أكذب ادعاءاتهن ولا اعتمدها، ولكنني أحاول تحليل الوضع فحسب. مهمتنا هي التحقيق في تلك المزاعم، وليس التدخل في عمل السلطات الإسبانية أو المهام القنصلية المغربية في إسبانيا".

وأكد مدير وكالة التشغيل أن توجه النساء إلى سلطات الأمن الإسبانية والحديث إلى محامين يعتبر خطوة ممتازة في سبيل وضع حد لتلك الممارسات.

المزيد من العالم العربي