Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الرعاية الملطفة"... لمسة رحيمة للحالات الحرجة قبل الوفاة

تنتشر في بعض الدول العربية وتختلف عن إجراء "الموت" المجرم بالقانون والدين

تنتشر "الرعاية الملطفة" في بعض مستشفيات الشرق الأوسط رغم عدم ذيوع التخصص مجتمعياً (أ ف ب)

ملخص

رغم انتشار #الرعاية_الملطفة قبل نهاية الحياة في بعض المؤسسات الصحية عربياً فإن أمرها يلتبس لدى أهالي المريض مع إجراء #الموت_الرحيم

تربط منظمة الصحة العالمية بين الحصول على "الرعاية الملطفة" في الأيام الأخيرة للمريض قبل وفاته وتخفيف الألم والمعاناة واحترام الكرامة الإنسانية، وتقر المنظمة التابعة للأمم المتحدة "أن هناك واجباً أخلاقياً للحصول على هذه النوع من الرعاية من قبل الأطباء المتخصصين في (علاج الألم)".

الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، البالغ من العمر 98 عاماً، قرر في فبراير (شباط) الماضي التوقف عن تلقي رعاية صحية في المستشفى والانتقال إلى منزله بولاية جورجيا لتلقي رعاية نهاية الحياة بين أفراد عائلته، بحسب ما أكدت وسائل إعلام عالمية، الأمر الذي يثير تساؤلات عن الفارق بين "الرعاية الملطفة" (Palliative care) وإجراء "الموت الرحيم"، وهل توجد بالمراكز الطبية في الدول العربية، وكيف يستقبل ذوو المرضى الأمر؟

"رعاية ملطفة" أم موت رحيم؟

تقول مصادر طبية متخصصة لـ"اندبندنت عربية"، "لا يزال التخصص يقابل بالتباس كبير لدى كثيرين ممن يعتقدون أنه يعني بشكل أو بآخر الإجراء الطبي المعروف بـ(الموت الرحيم)، أو يصاحب فكرة اليأس المطلق من شفاء المرضى".

تضيف المصادر، أن "الرعاية الملطفة لا تنطبق فقط على المرضى الذين لم يعد يجدي معهم العلاج نفعاً وانتهت وسائل الأطباء المعروفة في مساعدتهم، ولكنه أيضاً يمكن أن يصاحب حالات بعينها تتلقى علاجاً صعباً من أمراض خطرة، ولكن لا يزال هناك أمل في تعافيها، حيث تكون مهمة المتخصص مساعدة المريض وعائلته على اجتياز المرحلة بأقل قدر من الآلام البدنية والنفسية، ويسمح خلالها عادة باستخدام مسكنات قوية كالمخدرات للتغلب على الأوجاع المبرحة".

تنتشر "الرعاية الملطفة" في بعض مستشفيات الشرق الأوسط التي تمارس بها منذ سنوات رغم عدم ذيوع التخصص مجتمعياً شأنه في هذا شأن تخصص "علاج الألم"، حيث نجد على المواقع الرسمية لوزارات الصحة العربية فصولاً مطولة عن أهداف وبنود وتعريف تلك الخطوة، بينها وزارة الصحة السعودية التي أقرت بأن الطب التلطيفي يعتبر "نوعاً من أنواع الرعاية الصحية التي تقدم للمريض وللقائمين على رعايته من ذويه بهدف الحد أو التخفيف من معاناتهم في مواجهة المرض، حيث تقدم في المنازل والعيادات الخارجية وغيرها من المراكز الصحية".

خدمة أساسية بمراكز علاج الأورام

يؤكد المتخصصون أيضاً "وجودها في أكثر من مؤسسة طبية في مصر، وهي بشكل عام تقدم للمرضى في مراحل حياتهم الأخيرة ممن عجز الطب عن إيجاد حلول لهم، وكذلك لبعض ممن لا يتحملون الآثار الصعبة للعلاج الكيماوي، وتكون شائعة لدى مرضى السرطان والأمراض التنفسية الحادة وأمراض القلب، وغيرها من الأمراض الصعبة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

توضح الطبيبة حنان رمضان المتخصصة في الأورام، أن "عدداً من المراكز الطبية الخاصة بالفعل بدأت في توعية الجمهور بهذا النوع من الرعاية حيث تتعاون تلك المراكز مع هيئات حكومية في هذا الأمر عن طريق توفير أسرة ومعدات، وكذلك تنتشر تلك الوحدة في مراكز علاج الأورام وعادة ما تكون تابعة لعيادات الألم، إذ تتم الاستعانة بعدة أطباء في تخصصات متعددة، خصوصاً التخدير، للإشراف على جرعات المسكنات التي تعطى للمرضى الذين يتألمون بشدة".

مفهوم أوسع للرعاية الملطفة

مستشفى علاج سرطان الأطفال المصرية تعتني أيضاً بهذه المسألة، وبحسب ما تذكر على موقعها الرسمي فإن "الرعاية الملطفة تبدأ بالتوازي من أول يوم لبدء علاج السرطان، وليس عند فشل علاج المرض، ولا تعني أن حالة المريض ميؤوس منها"، وتتضمن زيارات منزلية للعائلة والمريض من قبل متخصصين بهدف تقديم الدعم النفسي والاجتماعي، إلى جانب تخفيف الأعراض الدوائية والمرضية، وتوفير جليس لتقليل أعباء أفراد الأسرة".

 من جانبها ترصد منظمة الأمم المتحدة، على موقعها، أن "الرعاية الملطفة في الوقت الحالي لا يحصل عليها سوى 14 في المئة فقط ممن هم بحاجة فعلية إليها". وأرجعت السبب إلى أن "بعض الحكومات لا تدرج هذا الأمر ضمن سياساتها الصحية".

وتشير المصادر الطبية، في حديث خاص، إلى أن هناك "عدم وعي مجتمعي بأمر الرعاية الملطفة قبل نهاية الحياة، بخاصة في ما يتعلق ببعض الحالات التي يقر الأطباء بأنه لا أمل من شفائها، وعلى رغم نصائحهم لأهل المريض بألا يرهقوه بمزيد من التجارب، وأن يكتفوا بقضاء ما تبقى له في الحياة بمنزله وسط الأحبة، فإن بعض العائلات تعتقد أن قبولها بهذا الوضع نوع من التقصير وقنوط من الرحمة الإلهية، ولا يتوقفون عن زيارات متعددة لاستطلاع آراء طبية أخرى وينتهي الحال باستنزاف الموارد المالية والضغط على النظام الصحي وبالطبع مزيد من المعاناة للحالة".

نهاية الحياة والقتل الرحيم

يوضح الأطباء أن "الموقف هنا مختلف تماماً عن الإجراء الطبي المعروف بـ(القتل الرحيم)، الذي يعني إنهاء حياة المريض بناء على طلبه أو ذويه حال اليأس من شفائه على نحو ما يحدث في إسبانيا ونيوزيلندا وسويسرا وكندا وهولندا، وكل دولة لها ضوابط قانونية مختلفة واشتراطات بعينها، فهناك بعض الدول التي تترك الموضوع مفتوحاً حيث يبدو الأمر وكأنه انتحار أو مساعدة عليه، وهناك تشريعات تقضي بأن يكون الأمر مخصصاً لأصحاب الأمراض العضال من كبار السن فقط، وأخرى تتيحه لجميع الأعمار، حيث تسمح بلجيكا به في حال المرض الميؤوس منه للأطفال دون الـ12".

تتابع المصادر، "هذه الطريقة تجرمها القوانين في المنطقة العربية وتعتبرها الأديان محرمة، كما يرفضها أفراد المجتمع، ويعتقدون أنه محاولات للتدخل في إرادة الله، ولكن مع ذلك هناك بعض الاختلافات في تعامل القانون الوضعي مع هذا الموقف فبعض الدول تخفف العقوبة في حال كان القتل بدافع الشفقة".

حالة درامية

قصة المسلسل المصري "أوبرا عايدة" الذي عرض عام 2000 تناول طرفاً من القتل بدافع الشفقة، حيث كانت الطبيبة تحاكم بتهمة إعطاء جرعة عالية من المسكنات لمريض يعاني آلاماً مبرحة أدت لقتله في النهاية. وأثناء دفاعها عن نفسها أقرت بأنها حاولت تخفيف ألمه ولم تكن تتعمد إنهاء حياتها.

وعلى رغم أن القصة الدرامية استوحت قضية ممرضة دينت بالفعل بتهمة قتل المرضى في مصر، ولكن التفاصيل والحيثيات كانت مختلفة كثيراً، فالقانون المصري يجرم إزهاق الأرواح عمداً تحت أي ظرف، وفي ما يتعلق بالفتاوى الدينية فقد اتفقت دار الإفتاء وكذلك الكنسية المصرية على تجريم "الموت الرحيم".

دار الإفتاء المصرية شددت مراراً على التحريم، ففي فتوى صدرت عام 2004 تضمنت سؤالاً عن مدى جواز إنهاء حياة المريض سواء بإرادته أو بقرار من الأهل والطبيب ليتخلص من آلام المرض الذي سيقضي على حياته إن آجلاً أو عاجلاً؟

جاء الرد حاسماً بأن "القتل الرحيم" المشار إليه في هذا الاستفسار انتحار وقتل للنفس، ولا يجوز شرعاً ويعد من الكبائر. الأمر نفسه أقرته الكنيسة الكاثوليكية المصرية، إذ عدت هذه المسألة مخالفة لتعاليم الكتاب المقدس وهو جريمة ضد الحياة، وينبغي على العائلات أن تعتني بذويها المرضى حتى النهاية وتحيطهم بالحب.ومع ذلك فإن دار الإفتاء عادت وأقرت في 2007 بشرعية رفع أجهزة التنفس الصناعي عن المرضى الذين يقرر الطبيب المعالج أنهم بلغوا "الموت الإكلينيكي"، ولكن مع تشديدات أن تكون تلك الأجهزة فقط هي التي تستخدم للإبقاء على حياته، ولكن أن يتم التعجيل بإنهاء حياة المريض بجرعة كيماوية مثلاً، أو اتخاذ قرار بإنهاء الحياة خوفاً من الإعاقة أو التخلص من الألم، فهذا يعد إزهاقاً للنفس ويدخل تحت (القتل الرحيم) المحرم بشكل قاطع".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات