هل تقترب أزمة "كريدي سويس" من كارثة مالية في أوروبا؟

تراجع سهم بنك "كريدي سويس" لأكثر من 30 في المئة إلى مستوى قياسي جديد، وشهد ثاني أكبر بنك في سويسرا انخفاضاً في سعر سهمه إلى 1.565 فرنك سويسري (1.7دولار) فقط للسهم، ليصل إلى أدنى مستوى تاريخي جديد له. وشهدت القيمة السوقية للمصرف انخفاضات شديدة هذا الأسبوع بسبب مخاوف من انتقال عدوى انهيار مصرفين أميركيين، إضافة إلى تقريره السنوي الذي أشار إلى "نقاط ضعف جوهرية" في الضوابط الداخلية. وقال رئيس مجلس إدارة بنك "كريدي سويس" أكسل ليمان خلال مؤتمر القطاع المالي في السعودية اليوم الأربعاء، إن المصرف لا يحتاج إلى مساعدة حكومية، مضيفاً أنه سيكون من غير الدقيق مقارنة المشكلات التي يواجهها بانهيار مصرف "وادي السيليكون" الأميركي، بسبب الاختلاف في التنظيم. وبحسب متخصصين، فإن تكبد المصرف السويسري لأكبر خسارة أسبوعية له منذ الأزمة المالية العالمية 2008، قد ينذر "بكارثة مالية "في أوروبا، مما أسفر عن سرعة عمليات سحب غير مسبوقة للعملاء.

 السيولة القوية
وتابع ليمان، "لدينا نسب رأسمال قوية وموازنة عمومية قوية" مشيراً إلى أنهم بدأوا تنفيذ خطة إعادة الهيكلة الجذرية للبنك التي كشف عنها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
لكن يبدو أن خطابه لم يسهم في كبح هبوط قيمة أسهمه أو منع المخاوف من الانتشار خارج حدود سويسرا، فقد دعت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن اليوم الأربعاء السلطات السويسرية إلى التدخل وتسوية المشكلة، مضيفة أنه من المقرر أن يتحدث وزيرا المال الفرنسي والسويسري خلال الساعات القليلة المقبلة.
من جهته قال المحلل في شركة "فينالتو" التجارية نيل ويلسون إنه "إذا كان بنك ’كريدي سويس‘ يواجه فعلاً مشكلة وجودية، فإننا سنكون أمام واقع مر حقيقي، فالمصرف أنه أكبر من أن يقع".

مصرف "كريدي سويس" مر بأزمة سابقة لكنها تفاقمت اليوم مع تداعيات عاصفة "بنك وادي السيليكون" (أ ب)

ويعتبر بنك "كريدي سويس" واحداً من 30 مصرفاً على مستوى العالم تعد أكبر من أن تنهار، مما يجبره على تخصيص مزيد من السيولة النقدية لمواجهة أية أزمة.
وسجل المصرف خسارة صافية قدرها 7.3 مليار فرنك سويسري (7.8 مليار دولار) لسنة 2022 المالية.

عمليات سحب أموال
وجاء ذلك بعد عمليات سحب هائلة للأموال من قبل عملائه بما في ذلك قطاع إدارة الثروات، وهو أحد النشاطات التي يعتزم المصرف إعادة التركيز عليها كجزء من خطة إعادة هيكلة كبرى.

"وول ستريت" تفتح على انخفاض

إلى ذلك فتحت المؤشرات الرئيسة في "وول ستريت" على انخفاض، إذ جدد اضطراب في بنك "كريدي سويس" المخاوف من أزمة مصرفية، في حين أبقت بيانات اقتصادية أميركية الآمال على تحرك السياسة النقدية بحدة أقل من جانب مجلس الاحتياط الاتحادي الأسبوع المقبل.
وتراجع مؤشر "داو جونز الصناعي" 395.53 نقطة بما يعادل 1.23 في المئة إلى 31759.87 نقطة، وفتح مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" منخفضاً 42.55 نقطة أو 1.09 في المئة إلى 3876.74 نقطة، في حين نزل مؤشر "ناسداك" المجمع 136.98 نقطة أو 1.20 في المئة إلى 11291.17 نقطة.

أوروبا: تأثير إفلاس "وادي السيليكون" محدود

و قالت مفوضة الخدمات المالية بالاتحاد الأوروبي ميريد مكجينيس إن "بنك وادي السيليكون" له حضور محدود في الاتحاد الأوروبي، لكن انهياره يبرز سبب حاجة البنوك الأجنبية التي تخضع لقواعد تنظيمية بسيطة إلى استيفاء قواعد أكثر صرامة داخل التكتل.
وأضافت أمام البرلمان الأوروبي أن "حضور ’بنك سيليكون فالي‘ في الاتحاد الأوروبي محدود للغاية، ونحن على صلة بالسلطات الرقابية ذات الصلة، "ولذلك يبدو الأثر المباشر لانهيارات هذه البنوك محدودا في الاتحاد الأوروبي".

وكانت الأسواق الأوروبية قد شهدت تراجعا حاداً اليوم الأربعاء مع استمرار انزلاق أسهم البنوك إلى المنطقة الحمراء بعد تداعيات بنك "سيليكون فالي" عالمياً، إذ انخفض مؤشر "ستوكس 600" الأوروبي 1.7 في المئة منتصف التعاملات الصباحية.ومع تداول معظم القطاعات والبورصات الرئيسة في المنطقة الحمراء واصلت أسهم البنوك سلسلة خسائرها وانخفضت 4.6 في المئة، يليها قطاع التجزئة الذي انخفض 3.9 في المئة، ومع بداية التعاملات هوت أسهم أكبر بائع تجزئة للأزياء في العالم "إنديتكس" المالكة للعلامة التجارية "زارا" بأكثر من ثلاثة في المئة عند بدء الجلسة، وسجلت الشركة زيادة 27 في المئة بصافي أرباحها لعام 2022. وبحسب متخصصين، فإن تكبد المصرف السويسري لأكبر خسارة أسبوعية له منذ الأزمة المالية العالمية 2008، قد ينذر "بكارثة مالية "في أوروبا، مما أسفر عن سرعة عمليات سحب غير مسبوقة للعملاء.

التشاؤم يطغى

وأعلنت ثاني أكبر بائع تجزئة للأزياء في العالم "إتش أند إم" زيادة صافي مبيعاتها 12 في المئة خلال الفترة من ديسمبر (كانون الأول) إلى فبراير (شباط)، لكن محللين قالوا إن النتائج كانت "مخيبة للآمال إلى حد ما"، إذ هوت أسهم الشركة أيضاً بأكثر من خمسة في المئة.

الأسهم اليابانية تنهي خسائر ثلاثة أيام متتالية

في غضون ذلك أغلقت أسهم البنوك اليابانية على ارتفاع مما ساعد مؤشر "نيكاي" في إنهاء سلسلة خسائر استمرت ثلاثة أيام متتالية، إذ استعادت الأسواق بعض الهدوء بعد أن هدأت مخاوف المستثمرين من تسرب تداعيات انهيار بنك "سيليكون فالي".

وارتفع مؤشر البنوك في بورصة طوكيو 3.3 في المئة بقيادة أسهم بنكي "سوروغا" و"شيمان" بعدما ارتفع كل منهما بأكثر من خمسة في المئة.

وكان أداء المؤشر خلال الجلسة متقلباً لكنه تعافى في آخر 15 دقيقة من التداول ليغلق عند 27229.48 نقطة، وكان تراجع على مدى الأيام الثلاثة الماضية خمسة في المئة تقريباً، كما ارتفع مؤشر "توبكس" الأوسع نطاقاً والذي يتأثر بشكل أكبر بأسهم البنوك 0.7 في المئة إلى 1960.12 نقطة

وفي تلك الأثناء انخفضت أسعار الذهب نتيجة ارتفاع الدولار وعائدات السندات الأميركية، بينما يقيّم المستثمرون مسار أسعار الفائدة الأميركية بعدما أظهر تقرير أسعار المستهلكين أن التضخم لا يزال مرتفعاً.

وتراجع الذهب في السوق الفورية 0.1 في المئة إلى 1901.24 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 00:52 بتوقيت غرينتش بعدما انخفض لفترة وجيزة إلى ما دون 1900 دولار خلال وقت سابق من الجلسة، وخسرت العقود الآجلة الأميركية للذهب 0.3 في المئة مسجلة 1905.30 دولار.

وارتفع مؤشر الدولار 0.1 في المئة مما يجعل المعدن النفيس أعلى سعراً على حائزي العملات الأخرى، وكذلك زاد العائد على سندات الخزانة الأميركية القياسية لأجل 10 سنوات.

ومن المتوقع أن يرفع مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) سعر فائدته الرئيس بواقع ربع نقطة مئوية خلال اجتماع السياسة النقدية الأسبوع المقبل، ومرة أخرى في مايو (أيار) بعدما أظهر تقرير حكومي أن التضخم في الولايات المتحدة ظل مرتفعاً خلال فبراير، ومع انحسار مخاوف من وقوع أزمة ممتدة في قطاع البنوك.

وانخفضت الفضة في السوق الفورية 0.1 في المئة إلى 21.67 دولار للأوقية، بينما تراجع البلاتين 0.1 في المئة إلى 981.69 دولار والبلاديوم 0.7 في المئة إلى 1496.61 دولار.