Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتحمل دول الخليج هجرات التغير المناخي من شرق آسيا؟

الظاهرة العالمية تحدٍ مشترك بين مجلس التعاون والأرخبيل وأعداد المهاجرين قد تصل إلى 143 مليوناً في عام 2030

دول "آسيان" على شفا كوارث اقتصادية ناجمة عن الظواهر الجوية السيئة التي سيشهدها الإقليم (أ ف ب)

ملخص

#آسيان مهددة بفقدان 35 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي مع حلول 2050 نتيجة #التغير_المناخي

تواترت التقارير والدراسات حول معاناة معظم دول العالم من آثار التغير المناخي وما خلفه من خسائر اقتصادية. إلا أن دول جنوب شرقي آسيا هي الأكثر ضرراً من ذلك التغير الكوني المناخي، تزامناً مع تعرض دول "آسيان" إلى موجات حر غير مألوفة وطقس سيئ وفيضانات وأعاصير بمعدلات أعلى من غيرها من الدول الأخرى. وجاءت دول ميانمار والفيليبين وتايلاند على قائمة الدول الأكثر تضرراً من التغير المناخي بين عامي 2000 و2019 فيما ستتعرض دول الخليج لموجة هجرة مناخية بعشرات الملايين من البشر مع التغيرات المناخية في دول جنوب شرقي آسيا.

تقارير مرعبة

فيما أظهر تقرير استشرافي لجامعتي غلاسكو البريطانية ونانيانغ التكنولوجية في سنغافورة 2021 أن دول "آسيان" على شفا كوارث اقتصادية ناجمة عن الظواهر الجوية السيئة التي سيشهدها الإقليم خلال السنوات القليلة المقبلة، وتظهر الدراسات أن "آسيان" مهددة بفقدان 35 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي مع حلول 2050 نتيجة التغير المناخي، فيما ستطاول الخسائر الاقتصادية الفادحة عدداً من القطاعات الحيوية أكثر من غيرها كالزراعة والسياحة والثروة السمكية إلى جانب الأضرار التي ستقلل من الإنتاجية والصحة العامة. يعضد تلك الدراسات تقارير البنك الدولي التي تؤكد احتمالية تقلص الناتج الإجمالي المحلي لدول "آسيان" بنسبة 11 في المئة في السنوات المقبلة بسبب تغير المناخ.

المخاطر لن تتوقف على تقلص الناتج الإجمالي المحلي فحسب، إذ تشير دراسة جامعة نانيانغ السنغافورية إلى أن 96 في المئة من سكان المنطقة ستتدهور أحوالهم المعيشية متأثرين بجفاف الأرض، إذ يمثل التغير المناخي خطراً وجودياً لسكان دول المنطقة يشتمل على حياتهم وأمنهم الغذائي وصحتهم إلى جانب إمكانية النزوح للدول الأخرى هرباً من الكوارث المناخية.

وتوضح التقارير أن الفيضانات والأعاصير أخيراً أصبحت أكثر حدة في دول جنوب شرقي آسيا نتيجة ظاهرة التغير المناخي، فيما يهدد ارتفاع منسوب المياه للبحار والمحيطات بإغراق عدة مدن في المنطقة، حيث تنذر مؤشرات علمية بغمور منطقة ساحل مانيلا في الفيليبين بحلول 2050 بالمياه في حالة عدم الاستجابة بالسياسات المناخية السليمة، بينما حذرت منظمة السلام الأخضر في شرق آسيا من خطر تعرض ما يصل إلى 109 كيلومترات في جاكرتا للغرق بحلول 2030 وتكبد خسائر تصل إلى 68 مليار دولار. وشهدت ماليزيا هذا العام أسوأ فيضانات ضربت البلاد منذ أربعة عقود أوقعت عشرات الضحايا وتسببت في نزوح الآلاف من السكان عن قراهم ومنازلهم، ومن المتوقع تكرارها خلال السنوات المقبلة. 

نصائح دولية

نظراً إلى ذلك، تنصح التقارير الاقتصادية والبيئية لمنظمات دولية دول "آسيان" باتخاذ خطوات متسارعة وأكثر فاعلية للتقليل من مخاطر التغير المناخي بالتركيز على نقاط الضعف في قطاعات الإنشاءات والأنظمة البيئية والجماعات الاجتماعية في المنطقة. وهو ما تحاول دول "آسيان" جاهدة تنفيذه لمحاربة التغير المناخي، فوقعت الدول العشر اتفاقية باريس 2015، كما أنشأت الرابطة عدداً من المؤسسات وأطلقت خطة عمل مرنة للتأقلم مع التغير المناخي في عدد من المجالات منها الطاقة والمواصلات والقطاع الزراعي.

ويبدو أن الممارسات الرئيسة التي تفاقم الأزمة في "آسيان" هو اعتمادها على الوقود الأحفوري في الحصول على الطاقة الذي يشهد زيادة من عام لآخر، إلى جانب تصحر الغابات لبعض الأغراض الزراعية، والتي تقلص من الرقعة الزراعية ومساحة الغابات في المنطقة، مما يحتم على تلك الدول التعاون وزيادة الجهود المبذولة في مجالات التحول نحو الطاقة النظيفة والحد من ظاهرة إزالة الغابات واعتماد ممارسات مستدامة في قطاع الزراعة حتى يمكنها تجنب الآثار الكارثية للتغير المناخي والكوارث البيئية.

هجرة مناخية 

وبالمثل، نجد التغير المناخي من الملفات التي بدأت دول مجلس التعاون الخليجي في التنبه لأهميتها لما له من مخاطر اقتصادية ووجودية. وتتعرض دول الخليج لعدد من التحديات المناخية مثل التصحر وخسارة التنوع البيولوجي وندرة المياه وارتفاع مستوى سطح البحر التي يمكن أن تزداد حدتها في حالة الإحجام عن التعامل مع الظاهرة، كما تتوقع الوكالة الوطنية للملاحة الجوية وإدارة الفضاء أن عدة مناطق في دول الخليج يمكن ألا تكون صالحة للحياة بحلول 2050، وذلك بسبب الارتفاع الشديد في درجات الحرارة. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب ما أورده البنك الدولي، سيتعرض ما بين 80 و100 مليون شخص لنقص المياه في منطقة الشرق الأوسط والخليج، كما أن أزمات الأمن الغذائي في المنطقة معرضة للتدهور بسبب انكماش الثروة المائية والزراعية، كما يظهر لدى دول الخليج تحد مختلف ينطوي على مخاطر الهجرة المناخية، والتي لا يتحكم فيها آثار التغير المناخي في منطقة مجلس التعاون الخليجي فحسب، بل تشمل آثار تغير المناخ في باقي دول العالم. وبحسب تقرير صادر عن البنك الدولي، فإن الدول الخليجية قد تستقبل ما يصل إلى 143 مليون مهاجر من التغيرات المناخية معظمهم من دول جنوب شرقي آسيا، وذلك بحلول 2030. 

سياسات استباقية

وخلال الفترة الأخيرة تبنت دول مجلس التعاون الخليجي عدداً من السياسات التي تمكنها من زيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة، حيث ازداد إجمالي كمية الطاقة المتجددة المولدة بنحو سبعة أضعاف بين عامي 2016 و2021، ليبلغ إجماليها 3.498 ميغاواط في عام، كما بدأت دول الخليج في تدشين مبادرات وقوانين وبرامج للتعامل بالتوازي مع تحقيق الاستراتيجيات التنموية الوطنية. 

على رغم ذلك يرى عديد من المراقبين أن ما تضخه دول الخليج من مليارات الدولارات من الاستثمارات في تطوير الطاقة المتجددة في الداخل لن يكون كافياً للحد من آثار الهجرة المناخية المتوقعة، وأن عليها المشاركة مع دول "آسيان" للحد من خطر التغير المناخي بإمكانية التعاون معاً لمجابهة هذا التحدي. ويعضد ذلك الرأي تقارير دولية تؤكد أهمية هذا التعاون بين المنطقتين، بخاصة مع تأثر دول الخليج العربية بالهجرة المحتملة من سكان جنوب شرقي آسيا نتيجة اشتداد حدة الكوارث في السنوات المقبلة. 

الخليج و"آسيان" واللقاء التاريخي

ولعل اللقاء التعاوني المشترك بين "آسيان" ومجلس التعاون الذي بدأ منذ سنوات في شأن الاستثمار في مجالات الزراعة والأمن الغذائي، إلى جانب توقيع السعودية وإندونيسيا على مذكرة تفاهم في مجال الطاقة تشمل التعاون في إنتاج الهيدروجين النظيف وتطبيق اقتصاد الكربون الدائري الذي يمكنه أن يشكل نقطة انطلاق لمزيد من التعاون في مكافحة التغير المناخي ومشروعات استثمارية في مجالات الطاقة النظيفة بين الرابطتين، تصدياً للتحدي المشترك وما يحمله وراءه من عواقب مرتقبة.

علاوة على قرار الاجتماع الأول لوزراء خارجية رابطة "آسيان" برئاسة إندونيسيا، بتكليف ماليزيا إقامة وتنفيذ التعاون بين "آسيان" ودول مجلس التعاون الخليجي بتنظيم قمة (الآسيان - مجلس التعاون الخليجي) التي يتوقع مشاركة زعماء دول الكتلتين فيها، كما أعلن وزير الخارجية الماليزي، زامبري عبدالقادر، أن ماليزيا بدأت الترتيبات لاستضافة قمة "آسيان" ومجلس التعاون الخليجي خلال أواخر العام الحالي، في خطوة تعزز العلاقات بين الرابطتين وسط التحول العالمي نحو منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وتبرز القمة - وهي الأولى من نوعها - اتجاه دول مجلس التعاون الخليجي نحو تعزيز العلاقات مع دول آسيا وبشكل خاص الشرق الآسيوي. ويتوقع أن تناقش القمة تقوية العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الجانبين إلى جانب زيادة التعاون في مجالات الطاقة والاستثمار والبنية التحتية.

المزيد من تقارير