Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما حقيقة "احتلال" مهاجرين من جنوب الصحراء لشمال أفريقيا؟

"سلطة الخوارزميات" تسهم في انتشار فيديوهات تهدد حياة الوافدين الأفارقة

أطلق صناع محتوى مغاربة حملة كراهية ضد مهاجرين من جنوب الصحراء ودعوا إلى طردهم (اندبندنت عربية)

ملخص

في الوقت الذي يحاول فيه عدد من الدول الأوروبية تجاوز #الخطاب_العنصري المتطرف، يظهر هذا الخطاب في #المغرب، ويروج له شباب على مواقع التواصل

في وقت تحاول فيه دول أوروبا تجاوز الخطاب المبني على "العرق"، بسبب تداعياته على المجتمعات وتأجيجه الخطاب العنصري المتطرف، يظهر هذا الخطاب في المغرب، ويروج له شباب على مواقع التواصل الاجتماعي عبر فيديوهات تشير إلى أن المهاجرين من جنوب الصحراء يسعون إلى "احتلال شمال أفريقيا والقضاء على عرق دول شمال القارة"، فما حقيقة ذلك؟

"المهاجرون الأفارقة سيقضون علينا"

إن عبارة "العرق" عنصرية قائمة على تقسيم الأجناس البشرية إلى أعراق مختلفة، استخدمها علماء أوروبيون بشكل مكثف في القرن الـ19، وفي سياق استعماري يقال إن "العرق" الأوروبي هو الأسمى والأكثر تحضراً، بينما "الأعراق" الأخرى أدنى شأناً.
وينشر صناع محتوى مغاربة فيديوهات تحرض على كراهية المهاجرين الأفارقة، ويستعملون عبارة "العرق"، ويدعون إلى تصدى لما يسمونه "المخطط الاستعماري". وتحظى هذه الفيديوهات بعشرات آلاف المشاهدات والتعليقات، ويستدل معظمها بفيديوهات لأشخاص من جنوب الصحراء يتحدثون عن "المركزية الأفريقية"، وأن "أفريقيا ينبغي أن تكون سوداء".
ويعيد المتابعون نشر هذه الفيديوهات والتعليق عليها بأن "المهاجرين الأفارقة سيقضون علينا"، وأحياناً بعبارات مهينة تحرض على طردهم.
"اندبندنت عربية" تابعت بعض الفيديوهات، ووجدت أن أصحابها يستعملون الأفكار ذاتها، ويثيرون الرعب بين مشاهديهم. ولم تبن هذه الفيديوهات على أبحاث علمية أو شهادات متخصصين في المجال، بل تعتمد على نشر فيديوهات مقتبسة من محادثات شباب من جنوب الصحراء يقولون إن "أفريقيا سوداء".

الخطاب الشعبوي لمواجهة "المركزية الأفريقية"

ويروج أصحاب الفيديوهات المحرضة على الكراهية أن المهاجرين من جنوب الصحراء يكرهون المغاربة لأنهم "بيض"، على رغم أن لون البشرة "الأبيض" يقصد به الأوروبيين، وليس سكان شمال أفريقيا الذين تتنوع ألوان بشرتهم، وتم تصنيفهم في السابق من قبل الاستعمار بأنهم "عرق متدنٍّ".
من جهة أخرى، ظهرت "المركزية الأفريقية" في أوائل ستينيات القرن الماضي ودعت إلى اتباع نهج أفريقي مركزي وشددت على أهمية تبني الأميركيين السود وعياً متمركزاً حول أفريقيا من خلال المثل والقيم الأفريقية، من أجل مواجهة "المركزية الأوروبية" التي تدعو إلى سمو العرق الأوروبي الأبيض في جميع المجالات العلمية، وتلغي تاريخ وعلوم وفلسفة أفريقيا.
وفي خضم هذا الصراع التاريخي الذي يهدف إلى مواجهة "المركزية الأوروبية" بـ"مركزية أفريقية" نشأت في الولايات المتحدة، يروج نشطاء مغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي لخطاب شعبوي ويثيرون الرعب في جمهورهم، ويطالبون بطرد المهاجرين من جنوب الصحراء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


سلطة الخوارزميات

من جهته، يرى المخرج حكيم الهشومي، المتخصص في مواقع التواصل الاجتماعي، أن "سلطة الخوارزميات تسهم في انتشار فيديوهات تهدد حياة المهاجرين من شمال أفريقيا وتحرض على كراهيتهم". ويضيف "لاحظنا منذ فترة القوة التي تمارسها الخوارزميات في التأثير بسلوكيات الناس وجعلهم يشاهدون نوعاً من الفيديوهات التي يطلق أصحابها حملات كراهية ضد المهاجرين عبر استعمال فيديوهات مفبركة، لتأجيج مشاعر الخوف لدى المغاربة". ويمضي المتحدث ذاته قائلاً  "إن أصحاب الفيديوهات يهتمون بزيادة عدد المتابعين، لذلك بالنسبة لهم المواضيع الشعبوية، لا سيما القائمة على خطاب الكراهية، أكثر إثارة للجدل وجذباً للمتابعين، لا سيما في أوقات الأزمات، مثل ارتفاع الأسعار، إن صناع هذه المحتويات، سواء عن قصد أو من دون قصد، يسهمون في تهديد حياة المهاجرين وتنامي خطاب العنصرية". ويضيف الهشومي، "يمكن لأي شخص أن يعبر عن رأيه على مواقع التواصل، لكن نشر فيديوهات مفبركة أو فيديوهات لأشخاص يتحدثون عن آرائهم وتعميمها وخلق الرعب في نفوس الناس، فهذا أمر غير مقبول، لأن التداعيات ستكون وخيمة، سواء على المهاجرين من جنوب الصحراء أو الشمال أفريقيين أصحاب البشرة السمراء". ويعتبر الهشومي أن "بعض المشاهدين يصدقون ما يروج له صناع المحتوى، الذين لا يملكون معرفة تؤهلهم للحديث في مواضيع علمية، وهذا ما يخلق معارف مشوهة مبنية على تزوير الحقائق وتأجيج المشاعر لأجل الربح والمشاهدات".
ويتابع الخبير في مواقع التواصل الاجتماعي، "أعتقد أننا بحاجة إلى ميثاق أخلاقي على مواقع التواصل الاجتماعي، لضبط هذه المحتويات التي تهدد حياة الناس وتخلق الرعب، لأن صناع المحتوى الشعبويين في المغرب يستغلون غياب هذا الميثاق الأخلاقي وينشرون خطابات محرضة على الكراهية".

الحكومة المغربية تدين العنصرية

ودانت الحكومة دعوات التمييز والكراهية ضد المهاجرين من جنوب الصحراء التي انتشرت على مواقع التواصل. وأعرب مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف العلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، عن رفض حملات الكراهية والتمييز في المغرب.
وقال بايتاس خلال ندوة صحافية عقب انتهاء جلسة الحكومة المغربية، جواباً عن أسئلة الصحافيين، إن "قضايا الكراهية والتمييز مرفوضة دستورياً، كما ترفضها الاتفاقات الدولية التي وقع عليه المغرب".
ويمنع الدستور المغربي التمييز على أساس العرق أو الدين، والتحريض على الكراهية.
إلا أن رواد مواقع التواصل الاجتماعي كانوا قد أطلقوا حملة أخرى تدعو إلى عدم زواج المغربيات من مهاجرين من جنوب الصحراء، لحماية "العرق" المغربي، مما ينذر ببعد الحل لتلك الظاهرة السلبية في البلاد.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات