Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران تشعل أزمة ناقلات النفط وتهدد أمن الملاحة الدولية

خبراء: الاعتداء على السفن يرفع تكاليف التأمين ويزيد مخاوف إمدادات الطاقة العالمية

تهديدات إيران لناقلات النفط في مضيق هرمز تثير المخاوف بشأن الاقتصاد العالمي (أ.ف.ب)

يوماً بعد آخر يفرض مصطلح "حرب الناقلات" نفسه على الساحة مع تعرض ناقلات نفط وسفن تجارية لهجمات بالقرب من مضيق هرمز، الممر الملاحي الحيوي، لإمدادات النفط العالمية، والذي يربط بين منتجي الخام في الشرق الأوسط وبين أسواق آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية وما وراءها وكان محور توتر إقليمي على مدى عقود.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وربما ينذر المشهد الراهن بالخليج العربي بتكرار حرب الناقلات التي صاحبت الحرب الإيرانية – العراقية في ثمانينيات القرن الماضي، ما يلقي بظلال سلبية على الاقتصاد العالمي بشكل عام، وسيكون تأثيرها الأكبر على دول الخليج وإيران مع اشتداد الصراع الإقليمي في المنطقة.

وقبل 35 عاما اندلعت أطول حرب خلال القرن الماضي استمرت ثمانية أعوام بين إيران والعراق اللذين سعيا خلال حربهما إلى عرقلة صادرات نفط البلد الآخر فيما عرف في ذلك الوقت بــ"حرب الناقلات"، وهناك المئات من ناقلات النفط في الخليج يومياً تحمل أنواعاً مختلفة من النفط والمنتجات النفطية، وترفع أعلام دول كثيرة، وتملكها شركات ودول كثيرة.

ويمر عبر المضيق معظم صادرات الخام من السعودية والإمارات والكويت والعراق وإيران، وجميعها دول أعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، ويمر من المضيق أيضا كل إنتاج قطر تقريبا من الغاز الطبيعي المسال، وهي أكبر مُصدر له في العالم.

وبحسب تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية فإن 18.5 مليون برميل من النفط المنقول بحرا مرت عبر المضيق في 2016 يومياً، وشكل ذلك نحو 30% من الخام وغيره من السوائل النفطية التي جرى شحنها بحرا في ذات العام.

وقدرت شركة فورتيكسا للتحليلات النفطية أن نحو 17.2 مليون برميل يوميا من الخام والمكثفات جرى نقلها عبر المضيق في 2017، ونحو 17.4 مليون برميل يوميا في النصف الأول من 2018.

ومع بلوغ الاستهلاك العالمي للنفط نحو 100 مليون برميل يوميا، فإن ذلك يعني أن قرابة خُمس تلك الكمية يمر عبر مضيق هرمز.

وتشهد منطقة الخليج العربي توتراً في الأشهر الأخيرة، بعد سلسلة هجمات على ناقلات نفط واحتجاز بعضها. وآخر تصعيد كان الجمعة الماضية حين احتجز الحرس الثوري الإيراني ناقلة نفط بريطانية أثناء عبورها مضيق هرمز، واستولى لبعض الوقت على ناقلة ثانية تملكها شركة بريطانية قبل أن يفرج عنها.

هذه الحادثة جاءت عقب تمديد سلطات جبل طارق البريطانية فترة احتجاز ناقلة إيرانية تدعى "غريس 1"، أوقفتها في 4 يوليو (تموز) الحالي شهراً إضافياً. في المقابل أعلنت لندن أنها سترد على السلوك الإيراني بطريقة "مدروسة وقوية"، ونصحت السفن البريطانية بتجنب منطقة مضيق هرمز لـ"فترة مؤقتة".

تحركات إيران العدائية

وقال خبراء ومختصون لـــ"اندبندنت عربية"، "إن تحركات إيران العدائية ضد الناقلات تهدد أمن المياه الإقليمية وترفع تكاليف الشحن التأمين، وتزيد الضغوط على أسعار النفط، مما يتطلب توفير الحماية الدولية، نظرا للأبعاد الاقتصادية لتصاعد الأمر وانعكاس ذلك على الاقتصاد العالمي والخليجي".

ويمر في مضيق هرمز نحو 20% من النفط المستهلك عالمياً في شحنات من الدول الخليجية المنتجة، بما فيها السعودية، أكبر مصدر للخام في العالم، وتحتاج كل سفينة إلى أشكال متنوعة من التأمين، بما في ذلك تغطية سنوية ضد مخاطر الحرب، بالإضافة إلى تأمين إضافي عند الدخول في مناطق عالية الخطورة.

وتشير شركات التأمين على السفن إلى أن أضخم السفن التي تمر عبر منطقة الخليج تواجه تكاليف إضافية تصل إلى 200 ألف دولار للرحلة الواحدة التي مدتها 7 أيام، وهو ما يقارب ضعفي التكلفة التي كانت عليها في أول يونيو (حزيران) الماضي.

وفي 12 مايو (أيار) الماضي، ظهرت أول العمليات التخريبية ضد أربع سفن شحن تجارية في المياه الإقليمية الإماراتية قبالة إيران وسط تطورات متسارعة وحرب كلامية بين إيران والولايات المتحدة على خلفية تشديد واشنطن العقوبات على طهران باتخاذها إجراءات لتصفير تصدير نفطها، وعقوبات أخرى على قطاعات التعدين والحديد والصلب في إيران.

إيران تعلن عدم تأثر صادراتها النفطية بحوادث الناقلات

وعلى جانب آخر، قال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنة، الأحد، "إن حوادث ناقلات النفط في الخليج لم تؤثر على صادرات بلاده النفطية حتى الآن".

ونقلت وكالة فارس الإيرانية شبه الرسمية، عن زنغنة قوله، إن "قطاع النفط هو في واجهة الحرب الاقتصادية التي يشنها الأعداء على إيران، ويأتي من بعده النظام المصرفي، الذي ينبغي تبادل عائدات النفط من خلاله لتعود الى البلاد".

وبشأن أزمة ناقلات النفط مع بريطانيا، أوضح زنغنة "أنها لم تؤثر بعد على أسواق النفط، ولكن علينا أن نتحرى الدقة في هذا المجال".

الاعتداءات المتكررة تهدد إمدادات النفط

وفي هذا الصدد، قال جاسم عجاقة الخبير الاقتصادي والاستراتيجي والأستاذ في الجامعة اللبنانية، "إن الاعتداءات المتكررة على ناقلات النفط بالخليج العربي تحمل آثاراً سلبية على اقتصادات العالم وتغذي مخاوف إمدادات النفط غير المنتظمة، لأن أغلبية النفط لخليجي يمر عبر مضيق هرمز الذي يعد من الممرات المائية المهمة والاستراتيجية بالعالم لتجارة النفط معظم صادرات الخام من السعودية وإيران والإمارات العربية المتحدة والكويت والعراق".

وتابع عجاقة "تكرار الاعتداءات يعتبر إشارة سيئة للتصعيد المستقبلي ويزيد المخاطر الجيوسياسية بالمنطقة، وقد يحمل أبعاداً أكثر سوءاً اقتصادياً إذ لم يتم إحكام الأمن عند مرور الناقلات".

ورجح أن يزيد الوجود العسكري الدولي المرفقة للناقلات لتفادي تكرار الأعمال العدائية ضد السفن العابرة بمضيق هرمز، إلا ذلك من شأنه أن يرفع مستوى المخاطر ويضع تكاليف تأمين إضافية على الدول المصدرة عبر المضيق.

إسقاط طائرة إيرانية مسيرة

وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنّ سفينة عسكرية أميركية كانت تبحر في مضيق هرمز الخميس الماضي، أسقطت طائرة إيرانية مسيّرة بعدما اقتربت منها لمسافة خطرة.
وقال ترمب إنّ الطائرة الإيرانية المسيّرة اقتربت من السفينة "يو إس إس بوكسر"، أقلّ من ألف ياردة، مما دفع بالسفينة الحربية إلى القيام "بعمل دفاعي" أسفر عن "تدمير الطائرة المسيّرة".

وأضاف ترمب "هذه أحدث حلقة من مسلسل طويل من الأعمال الاستفزازية والعدائية التي تقوم بها إيران ضد السفن العاملة في المياه الدولية"، مشيراً الى "أنّ الولايات المتحدة تحتفظ بالحقّ في الدفاع عن منشآت موظفينا ومصالحنا، وتدعو كل الدول إلى إدانة محاولة إيران عرقلة حرية الملاحة والتجارة العالمية".
وتابع "أدعو بقية الدول إلى حماية سفنها أثناء مرورها عبر المضيق والعمل معنا في المستقبل".

وتثير تلك التطورات مخاوف من احتمال انزلاق البلدين الخصمين إلى أتون حرب.

وتتهم الولايات المتحدة إيران بالضلوع في سلسلة هجمات على ناقلات نفط بأهم شريان لنقل الخام في العالم منذ منتصف مايو (أيار) الماضي وتنفي طهران الاتهام.

عُمان تطالب إيران بالإفراج عن الناقلة البريطانية

فيما دعت سلطنة عمان إيران إلى الإفراج عن ناقلة النفط التي ترفع علم بريطانيا وتحتجزها طهران منذ الجمعة، مشددة على ضرورة حل الخلافات "بالطرق الدبلوماسية".

وقالت وزارة الخارجية العمانية في تغريدة عبر تويتر إن "السلطنة تتطلع إلى قيام إيران بإطلاق سراح السفينة البريطانية"، موضحة أنها "على اتصال مع جميع الأطراف بهدف ضمان المرور الآمن للسفن التجارية العابرة للمضيق مع احتفاظها بحقها في مياهها الإقليمية".

وأوضح مسؤول إيراني محلي في قطاع الملاحة الأحد "أن سرعة التحقيق حول ناقلة النفط التي ترفع علم بريطانيا واحتجزتها إيران الجمعة تعتمد على تعاون طاقمها".

تزايد الضغوط على السفن الإيرانية

ومن ناحية أخرى تتزايد الضغوط على السفن الإيرانية حول العالم، لا سيما بعد أن أكدت المجموعة النفطية البرازيلية "بتروبراس" رفضها تزويد سفينتي شحن إيرانيتين عالقتين منذ بداية يونيو (حزيران) في البرازيل، بالوقود خشية العقوبات الأميركية.

ووصلت الباخرتان الإيرانيتان إلى البرازيل محملتين باليوريا مع توقعات بأن تعودا محملتين بالذرة، وتظهر بيانات تتبع السفن أنه كان من المفترض إبحار الناقلتين "إم.في ديلروبا" و"قانغ"، الموجودتين حالياً قرب ميناء إمبيتوبا بجنوب البرازيل.

وتقبع في نفس الميناء السفينتان الإيرانيتان الأخريان "بواند" و"تمرة" اللتان ذكرت وكالة "رويترز" يوم الخميس، تعرضهما لمشكلة إعادة التزود بالوقود، وهما عائدتان إلى الشركة الإيرانية "سابيد شيبينغ"، وموجودتان في ميناء في باراناغوا (جنوب)، تباعاً منذ 8 و9 يونيو (حزيران).

والسفن الأربع مملوكة للحكومة الإيرانية ومدرجة بالعقوبات التي تفرضها الحكومة الأميركية. وترفض "بتروبراس"، بيع الوقود لها، وعزت ذلك إلى العقوبات.

وذكّرت بتروبراس بأنّ "ثمة مصدرين آخرين للوقود في البرازيل"، رغم أنّ هذه الشركة العمومية تهمين على سوق الطاقة. وأشار موقع "جي 1" إلى أنّ المحكمة العليا في البرازيل ألغت حديثاً قراراً قضائياً يجبر بتروبراس على توفير الوقود للسفينتين.

والمجموعة النفطية "بترو براس" مدرجة في بورصة نيويورك، وذكرت الشركة أنها لو باعت الوقود للسفن فقد تتعرض لعقوبات بسبب عملياتها مع الولايات المتحدة. والسفن الأربع، إضافة إلى السفينة "داريابار" التي تمكنت من مغادرة البرازيل محملة بالذرة، جزء من مسار تجاري جديد فتحته الحكومة الإيرانية التي تسعى إلى أسواق جديدة لبيع إنتاجها من البتروكيماويات للتعويض عن المفقود من مبيعات النفط.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد