Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شراكة أم تنفيس؟ منصة "حوار" بين الحكومة والمواطن في مصر

متخصصون يؤكدون ضرورة الترويج لها والعمل على تطبيق المقترحات وآخرون يطالبون بإعادة بناء الثقة

رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي (أ ف ب) 

ملخص

#الحكومة_المصرية تحاول إشراك المواطن في عملية #صنع_القرار عبر إطلاق #منصة_حوار الإلكترونية لتكون قناة اتصال مباشرة تضمن الاستفادة من جميع الآراء ووجهات النظر المختلفة

في محاولة من الحكومة المصرية لإشراك المواطن في عملية صنع القرار، أطلق مجلس الوزراء منصة إلكترونية بعنوان "حوار" للمشاركة المجتمعية، في منتصف فبراير (شباط) الماضي، لتكون قناة اتصال مباشرة تضمن الاستفادة من جميع الآراء ووجهات النظر المختلفة للنهوض بالأداء في مختلف القطاعات، وكذلك استطلاع الرأي العام حيال مختلف القضايا، بحسب بيان الحكومة، في الوقت الذي تترقب فيه مصر انطلاق جلسات الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ 11 شهراً، ولم يتم تحديد موعد جلساته بعد.

جاء إنشاء المنصة التي وصفتها الحكومة بأنها أكبر منصة تفاعلية "تستهدف تحقيق أفضل مشاركة مستدامة للمواطنين في عملية صنع القرار"، بعد دراسة أفضل 10 تجارب دولية في مجال المشاركة المجتمعية الإلكترونية بدول اليابان وأستراليا وإستونيا وسنغافورة وفنلندا والدنمارك وكندا والإمارات والسعودية وعمان، التي حققت أعلى تصنيف بمؤشر المشاركة الإلكترونية، بحسب تصنيف الأمم المتحدة لتنمية الحكومة الإلكترونية.

بيان مجلس الوزراء حول إطلاق منصة "حوار" أكد أن القرار يأتي تنفيذاً للمؤتمر الاقتصادي، الذي انعقد في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي "مصر 2022". وأكد رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن إطلاقها يعبر عن الحرص على استدامة تحقيق المشاركة المجتمعية الفعالة لتبادل الرؤى والأفكار في القضايا ذات الأولوية، بهدف الوصول إلى أفضل الحلول لمواجهة تحديات المجتمع المصري.

وأوضح مدبولي، في بيان رسمي، أن المنصة الجديدة ستشمل منتدى حوار الخبراء، ومركز المعرفة، واستطلاعات رأي في شأن أهم الجهود الحكومية المنفذة، ومعلومات عن متابعة تنفيذ الـ(125) توصية الصادرة عن المؤتمر الاقتصادي لتعزيز الشفافية والمتابعة الفعالة لمخرجات المؤتمر.

مقترحات المواطنين

في أول أسبوعين من إطلاق الموقع قدم 73 مواطناً مقترحات وأفكار تركز معظمها حول الاقتصاد والأحوال الوظيفية، وكانت أول المقترحين عطية أحمد، الذي طالب بدعم الفلاحين، فيما قدم محمد مصطفى مقترحاً بعنوان "حل خارج الصندوق لمشكلة عجز الموارد البشرية بالجهاز الإداري للدولة من دون إضافة أعباء مالية على الموازنة العامة"، بينما نادى نجاح شحاتة بإلغاء الدعم العيني وتحويله إلى نقدي، كما اقترح أندرو أبرام تعديل قانون الإيجار القديم.

كما اقترح محمود حسن إنشاء القوات المسلحة "معسكرات مليونية"، لاستيعاب المتسربين من التعليم وإدماجهم في أنظمة تعليم مهنية لمدة عام أو عامين بالتوازي مع "الانضباط العسكري"، على أن تخصم تلك المدة من فترة الخدمة العسكرية لهؤلاء الشباب.

ومن أغرب المقترحات على المنصة استخدام ذبابة تسمى الجندي الأسود في تغذية الدواجن واستخراج الوقود وإنتاج منتجات التجميل، وهو ما تقدم به المواطن محمد إبراهيم جرابيع، كذلك اقترح همام محمد إلغاء الثانوية العامة وإنشاء جامعة في كل مدينة.

وعند تدوين المقترح ترد المنصة آلياً في صورة تعليق "نشكركم على مشاركتكم الفعالة وثقتكم في منصة حوار، ويرجى من سيادتكم إرسال مقترحكم بشكل أكثر تفصيلاً حتى يتسنى اتخاذ اللازم في شأنه".

وللمشاركة تطلب المنصة التسجيل بكتابة الاسم رباعي باللغتين العربية والإنجليزية ورقم بطاقة الهوية ورقم التليفون المحمول والوظيفة وجهة العمل والبريد الإلكتروني مع إمكانية إضافة صورة شخصية.

الديمقراطية الإلكترونية

يرى عميد كلية الإعلام بالجامعة البريطانية محمد شومان أن المنصة الجديدة هي ظاهرة إيجابية وطريقة مهمة لمشاركة المواطنين في حوار مستمر ودائم مع متخذي القرار، كما تعد أحد مظاهر "الديمقراطية الإلكترونية".

وأعرب شومان عن تعجبه من عدم الترويج الكافي لمنصة الحكومة الجديدة عبر وسائل الإعلام المختلفة. وقال لـ"اندبندنت عربية" إنه كان يجب التوسع في نشر معلومات أكثر عن المبادرة وتفاصيلها وطريقة المشاركة، لافتاً إلى أنه كلما ازداد الوعي بها ارتفعت معها نسب نجاح التجربة، موضحاً أن المنصة تفتقر لأجندة ترتيب الحوار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشدد على ضرورة تحديد محاور يتم التفاعل حولها، ثم يلي ذلك قرارات فعلية، وألا يكون الحوار من أجل الحوار أو شكلاً من أشكال التنفيس، لكن يجب ترجمته إلى قرارات حكومية وتستجيب الحكومة لأطروحات المواطنين، موضحاً أن الحوار يعني النقاش بين طرفين متفاعلين بشكل مستمر وبناء، حتى وإن لم يتوصلوا إلى اتفاق فيجب الإعلان عن رد الحكومة ومسؤوليها على آراء المواطنين.

ودعا شومان إلى تطوير فكرة المنصة الحكومية للحوار مع المواطنين وتشكيل مجلس أمناء قائم على إدارتها، ويمثل فيه بعض الأطراف بعيداً من الدولة أو الحكومة، مشدداً على ضرورة ألا تكون إدارة المنصة تابعة بالكامل للجهات الحكومية، لكن يمثل فيها أيضاً عدد من المواطنين.

وأوضح أن الحوار بين المواطن والحكومة أصبح سمة من سمات العصر، وهو متبع في عدد من دول العالم، وإطلاق المنصة الحكومية الجديدة يعد استكمالاً لما دعا إليه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي منذ ما يقرب من عام للحوار الوطني بين جميع أطياف وقوى المجتمع.

وحول تزامن إطلاق المنصة مع مرور الدولة المصرية بعدد من الأزمات الاقتصادية، قال شومان إن ذلك لا يقلل من أهمية المنصة، بل يؤكد ضرورتها وتفعيلها بالشكل المطلوب بمشاركة مجتمعية على قدر الحدث.

أقسام المنصة

يمكن للمواطن عبر المنصة المشاركة بالتصويت حول قضايا محددة خلال توقيت زمني، مما قد يستخدم كمؤشر حول آراء المواطنين والمتخصصين حول مختلف الملفات، بحسب ما أكد مدير الإدارة العامة بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري مدحت البكري.

وبحسب المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء المصري نادر سعد، فإن منصة "حوار" تتكون من سبعة أقسام، أولها للتعريف بالمنصة وأهدافها وقواعد عملها، وقسم لتسجيل بيانات الدخول، وقسم ثالث تحت اسم "منتدى الحكومة"، وهو الجزء الرئيس بالمنصة الذي يتيح المشاركة المجتمعية في القضايا والموضوعات المطروحة من قبل الحكومة المصرية، للتعرف على اتجاهات الرأي العام في شأنها وآراء المتخصصين حولها، بينما يأتي رابع الأقسام تحت اسم "حوار الخبراء"، وتم تخصيصه للخبراء للتعرف على آرائهم حول بعض الموضوعات الاقتصادية والاجتماعية التخصصية، ومنها الموضوعات المتعلقة بالمشروع البحثي المتكامل لصياغة السيناريوهات وبدائل السياسات اللازمة لتعامل الاقتصاد المصري مع الوضع الاقتصادي العالمي خلال عامي 2023 و2024، وقسم آخر عن نشاطات مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار للتواصل مع المواطنين والمتخصصين، إلى جانب قسم تلقي المبادرات والمقترحات، وآخر للتعريف بالقطاعات المختلفة التي يشملها الحوار على المنصة، مثل الثقافة والإعلام وعديد من القطاعات الاقتصادية والتعليم والصحة.

بناء الثقة

بدوره، أكد أستاذ العلوم الإدارية في أكاديمية السادات عادل عبدالرحمن أن أي شكل من أشكال التواصل بين الرأي العام والحكومي يبني جسراً من الثقة، لافتاً إلى أن هناك كماً كبيراً من القضايا تحتاج إلى التفسير والتوضيح، و"منصة حوار" ستضفي نوعاً من الشفافية بين الحكومة والشارع المصري في ظل الأزمات الاقتصادي الحالية.

وقال عبدالرحمن، في تصريح خاص، إن تدشين منصة للحوار سيقلل من القلق لدى المواطن المصري، وسيقضي على انتشار الإشاعات التي تنهك الحكومة في الرد عليها، مضيفاً أن وضع آلية تمكن المواطن من التعبير عن رأيه للحكومة هو أمر إيجابي.

وأعرب عن مخاوف بعض المواطنين من عدم جدوى "منصة حوار"، قائلاً "من الضروري بالتأكيد أن يشعر المواطن بتفاعل الحكومة مع آرائه بالرد أو التعليق بدلاً من أن تكون المنصة الجديدة أقرب لضجيج بلا طحين، فيجب تفعيل حلول المواطن وآرائه والاستماع إليها، وذلك سيؤثر بشكل كبير في حجم المشاركة وفاعلية الحوار".

نافذة للتنفيس

ووصف مدير مركز الدراسات الاستراتيجية سعد الزنط المنصة بأنها مرحلة تالية لإطلاق الحكومة الحوار الوطني مع النخبة منذ أشهر، والآن تريد الاستماع إلى المواطن العادي.

وقال الزنط في تصريح خاص إن الحكومة تعلم تماماً أولويات حاجات الدولة، التي يتصدرها الفساد الذي يصعب حياة الناس، بحسب تعبيره، مؤكداً الاحتياج لجهود متخصصين لتحسين الوضع الاقتصادي المصري، وكذلك ضبط الأسواق عبر آليات جديدة.

وأضاف أن "البلد ليس في حاجة إلى حوار ولا منصات، وكل هذا الكلام يعد محاولة لخلق نوافذ للمواطنين للتنفيس عن أنفسهم" في ظل وجود أزمات معيشية واقتصادية، مؤكداً أهمية وجود الجرأة لدى الدولة لحل المشكلات التي تواجهها من خلال مسؤولين وطنيين.

وأشار إلى أن الدولة ليست عاجزة بأجهزتها الأمنية والمعلوماتية والتنفيذية عن التوصل لحلول للتحديات المختلفة، وليست في حاجة إلى لبحث عن حلول، لافتاً إلى غياب الثقة بين المواطن والمسؤولين الحكوميين، والتغلب على أزمة الثقة يكون بتغيير الحكومة وتعيين "حكومة إنقاذ وطني"، وليس مجرد الحوار عبر منصات إلكترونية.

إشادة برلمانية

في المقابل، حازت "منصة حوار" على إشادة عدد كبير من أعضاء غرفتي البرلمان المصري، النواب والشيوخ، حيث وصف النائب محمد عريبي عضو لجنة القيم بمجلس الشيوخ المصري المنصة بأنها فرصة جيدة ومبادرة إيجابية لتوسيع نطاق مشاركة المواطنين بالآراء والمقترحات مع الحكومة من أجل تحسين الأداء في كل القطاعات، وتوفير أكبر كم من الرؤى والحلول تجاه القضايا المحلية المختلفة، والتي تكون محل اهتمام من الجميع، مؤكداً في تصريحات صحافية أن عملية صنع القرار مسؤولية مشتركة بين القيادة السياسية والحكومة والمواطن.

كذلك، قال النائب خالد بدوي عضو لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين إن المنصة تتيح مزيداً من مساحات الاتصال بين المواطنين والحكومة، موضحاً أنها خطوة جادة لتعزيز مجال المشاركة المجتمعية الإلكترونية في مصر.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات