Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بايدن يصر على الترشح للرئاسة وسط انقسام الديمقراطيين حوله

الرئيس الأميركي يحاول استعادة الهوية الوسطية بعد عامين من دعمه التقدميين

في حين أن الرئيس بايدن لم يعلن رسمياً حتى الآن عن ترشحه لولاية ثانية إلا أنه من المتوقع على نطاق واسع أن يفعل ذلك (أ ب)

ملخص

وصف بعض #الديمقراطيين الأميركيين تحركات #بايدن بأنها خيانة لأنهم في كلتا الحالتين لم يتلقوا كلمة مسبقة عن تفكير #البيت_الأبيض قبل الإعلان عن هذه القرارات

مع تضييق خيارات الرئيس الأميركي جو بايدن حول من سيتولى إدارة حملته الانتخابية، بات من الواضح أن الرئيس حسم أمره واقترب من إعلان ترشحه رسمياً، لكن على رغم ذلك، أثار بايدن غضب زملائه الديمقراطيين الذين يشككون في تكتيكاته واستراتيجيته، ويظهر الانقسام في الائتلاف الديمقراطي مع تركيز البيت الأبيض على ملفي الجريمة والهجرة، وهي قضايا حساسة للديمقراطيين الذين وصفوا تحركات بايدن الأخيرة من دون التشاور معهم بأنها خيانة، فلماذا يصر بايدن على الترشح على رغم شعبيته المتدهورة؟ وكيف له أن ينجح في ظل انقسامات بدأت تطفو على السطح مع الديمقراطيين بعد عامين من التوحد وتمرير أربعة تشريعات رئيسة في الكونغرس؟

علامات الترشح

في حين أن الرئيس بايدن لم يعلن رسمياً حتى الآن عن ترشحه لولاية ثانية، إلا أنه من المتوقع على نطاق واسع أن يفعل ذلك، كما أن الأحاديث في الأوساط الديمقراطية حول من سيقود حملته الانتخابية هي علامة أخرى على اقتراب ترشحه، وتتصدر جين ريدر التي كانت ضمن فريق حملة بايدن لعام 2020، قائمة المنافسين لمنصب مدير الحملة، وينافسها على المنصب سام كورنال المدير التنفيذي للجنة الوطنية الديمقراطية، فضلاً عن أسماء أخرى مطروحة، وفقاً لما ذكره موقع "ذا هيل" الذي أوضح أن فريق بايدن يأمل أن يتم شغل المناصب العليا للحملة بحلول الشهر المقبل، عندما يتم إطلاق الحملة رسمياً كما يتوقعون.

وخلال الأسابيع الأخيرة، قدم الرئيس الأميركي عناصر قوية مثل باقي الرؤساء السابقين، باعتبارها حجر الزاوية في حملة إعادة انتخابه، كالتعهد بحماية الناس والاقتصاد في الداخل والديمقراطية في قلب أوروبا، وكثف السفر خارج واشنطن، وأعلن عن خلق فرص للعمل في ولاية ويسكونسن وإنفاق الرعاية الصحية الفيدرالية لكبار السن في فلوريدا، بينما كان يروج لحزمة الأشغال العامة التي تبلغ قيمتها تريليون دولار، كما زار أوكرانيا التي مزقتها الحرب مشيداً بتكتيكات التجسس والمراقبة الأميركية التي ساعدت كييف على الصمود.

وأمس الخميس، كشف الرئيس النقاب عن اقتراح مبدئي لتقليص فجوة الميزانية الحكومية عبر خفض العجز بنحو ثلاثة تريليونات دولار على مدى العقد المقبل، في وقت يواجه فيه للمرة الأولى مجلساً يسيطر عليه الجمهوريون ويعتزم إجباره على تقليص الإنفاق، ما يعد محاولة لإثبات أنه ديمقراطي معتدل لا يريد السماح للجمهوريين بالالتفاف حول الديمقراطيين.

بايدن الوسطي

وبعد عامين من الدفاع عن بعض الأولويات التقدمية العليا لحزبه، يتحدث الرئيس أكثر الآن عن مخاوف الوسط السياسي، ساعياً إلى استعادة الهوية الوسطية التي يقول إنه ينتمي إليها، فقد تخلى بايدن، الأسبوع الماضي، عن زملائه الديمقراطيين برفضه إجراء اتخذته مقاطعة كولومبيا (واشنطن العاصمة) من شأنه أن يخفض الحد الأدنى من عقوبات بعض الجرائم العنيفة، حتى لا يوصف بأنه متساهل مع الجريمة، والأهم من ذلك أن إدارته تتجه نحو سياسات أكثر صرامة لوقف موجة من الهجرة غير الشرعية، تشمل إحياء عمليات احتجاز عائلات المهاجرين الذين يعبرون الحدود الجنوبية الغربية بشكل غير قانوني.

ووفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز"، لم يكن بايدن في أي وقت هو المفضل لليسار التقدمي على مدى 36 عاماً من عمره السياسي في مجلس الشيوخ وثماني سنوات كنائب للرئيس، لكنه تحول إلى المكان الذي يجد فيه مركز ثقل حزبه في الوقت الحالي، وقد كان نصيراً قوياً للتشريعات الصارمة ضد الجريمة في التسعينيات وزعيماً لمعسكر الخروج من العراق وأفغانستان في العقد الأول من القرن الحالي.

وعلاوة على ذلك، تغلب خلال حملة الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي عام 2020، على منافسيه الليبراليين مثل السيناتور بيرني ساندرز وإليزابيث وارن، وقدم نفسه كوسطي معقول في حملة الخريف عندما هزم الرئيس السابق دونالد ترمب.

وفي حين يأمل بايدن الآن في حشد الديمقراطيين وراء خطته لحماية الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية وتقليص عجز الميزانية عن طريق زيادة الضرائب على الأثرياء والشركات، وليس من خلال التخفيضات الكبيرة في الإنفاق، فقد أثار غضب زملائه الديمقراطيين الذين يشككون في تكتيكاته واستراتيجيته.

انقسام الديمقراطيين

وبعد أن كان الرئيس الأميركي متحداً بشكل ملحوظ مع الديمقراطيين في الكونغرس، مما ساعده على تمرير أربعة تشريعات رئيسة خلال العامين الأولين من رئاسته، بدأت الانقسامات تظهر في الائتلاف الآن مع تركيز البيت الأبيض على ملفي الجريمة والهجرة، في محاولة لسحب البساط من تحت أقدام الجمهوريين الذين يوجهون سهام الانتقادات إلى إدارته في شأنهما، فقد دعا بعض المشرعين الديمقراطيين إلى عدم استئناف عمليات الاحتجاز المحتملة للمهاجرين على الحدود التي وصفها كثيرون بأنها غير إنسانية عندما فرضها الرئيس ترمب آنذاك، كما احتج آخرون على قرار بايدن دعم قرار جمهوري يحظر قانون الجريمة المثير للجدل في العاصمة، الذي صوت عليه عديد من الديمقراطيين في مجلس النواب الساعين لإعادة انتخابهم في دوائر متأرجحة بين الجمهوريين والديمقراطيين بحسب موقع "آكسيوس".

ووصف بعض الديمقراطيين تحركات بايدن بأنها خيانة، لأنهم في كلتا الحالتين، لم يتلقوا كلمة مسبقة عن تفكير البيت الأبيض قبل الإعلان عن هذه القرارات، فقد اعتبر السيناتور الديمقراطي بوب مينينديز الذي يشارك بعمق في سياسة الهجرة، أن الافتقار إلى التواصل في شأن القرارات السياسية المتعلقة بالهجرة يعد إهانة، كما عبر النائب الديمقراطي ماكسويل فروست عن شعوره بالاشمئزاز وخيبة الأمل لأن البيت الأبيض ينظر في مثل هذه الخطط.

أسباب الترشح

ومع ذلك، يجد الرئيس بايدن أنه يجب ألا يتخلى عن الترشح لدورة رئاسية ثانية مثل غالبية الرؤساء الأميركيين لأسباب عديدة، من أبرزها أنه يحظى بدعم كامل من اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، وعبر عديد من منافسيه السابقين عن دعمهم له إذا قرر الترشح، ولا يخطط قادة الحزب لعقد مناظرات تمهيدية، بحجة أنه لم يعد هناك وقت كاف لوضع جدول زمني للمناظرات الانتخابية، التي كان من الممكن أن تضع بايدن في مواجهة مع من يترشح للانتخابات.

وعلاوة على ذلك، يعتبر الرئيس الأميركي أنه يبلي بلاء حسناً في أداء إدارته سياسياً واقتصادياً، فقد عادت أميركا إلى العالم، وتقود حالياً التحالف الغربي ضد روسيا، وتسعى إلى الحد من النفوذ العالمي للصين، وفي الاقتصاد لا تزال معدلات البطالة منخفضة، والتضخم يتراجع تدريجاً، بينما لم تظهر علامات قوية على الركود الذي حذرت منه بعض المؤسسات الاقتصادية بسبب سياسة رفع أسعار الفائدة المستمرة منذ أشهر.

لكن، على رغم أن مكانة بايدن بين المسؤولين الديمقراطيين قوية، فإن الناخبين الفعليين يبدون أكثر حذراً، وأظهر استطلاع حديث للرأي أجراه مركز أبحاث الشؤون العامة أن 37 في المئة فقط من الديمقراطيين يدعمون ترشح بايدن لولاية ثانية، بانخفاض كبير عن 52 في المئة الذي سجله الرئيس في الأسابيع التي سبقت انتخابات التجديد النصفي العام الماضي، ومثلما كان عمر بايدن مصدر قلق رئيساً في أيام حملته الانتخابية الأولى، لا يزال هذا الهاجس مزعجاً الآن تجاه أكبر رئيس في تاريخ الولايات المتحدة، الذي سيبلغ من العمر 86 عاماً بنهاية فترة ولايته الثانية، في حال فوزه بانتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) من العام المقبل 2024.

استمرار المراوغة

ويبدو أن بايدن يجد في المراوغة وسيلة لبلوغ غاياته بحسب ما تقول صحيفة "أتلانتيك"، إذ يتجنب المعارك الثقافية مع الرئيس ترمب، وحاكم فلوريدا رون دي سانتيس الذي يتوقع أن يترشح للانتخابات الرئاسية قريباً، وباستثناء حقوق الإجهاض، يعمل بايدن على التقليل من أهمية جميع القضايا الثقافية تقريباً، ويركز بدلاً من ذلك على تقديم فوائد اقتصادية ملموسة لأسر الطبقة العاملة، مثل انخفاض كلفة الأنسولين، وحماية الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، وخلق مزيد من وظائف التصنيع.

ويسعى بايدن من وراء هذه الاستراتيجية إلى الحفاظ على الأغلبية الوطنية للديمقراطيين، ويراهن على أن العمال غير الحاصلين على تعليم جامعي، وبخاصة البيض، الذين يشكلون الجمهور الرئيس الذي يتعرض لتأثيرات الهجوم الثقافي الجمهوري، سيكونون أقل تقبلاً للرسائل المثيرة للانقسام إذا شعروا بأمان اقتصادي أكبر.

المعركة الثقافية

لكن الديمقراطيين الآخرين يخشون من أن نهج بايدن المتمثل في الاقتصاد أولاً وعدم الانخراط في الخلافات الثقافية بشكل مباشر مع الجمهوريين، يهدد بإحباط الدوائر الانتخابية الأساسية للديمقراطيين، بمن في ذلك الأميركيون من أصل أفريقي، ومن أصول أميركا اللاتينية. ويرى تيرانس وودبري الرئيس التنفيذي لشركة استشارات ديمقراطية تركز على الناخبين الشباب والأقليات أن عدم الانخراط في حروب ثقافية يعني خسارة الديمقراطيين.

ومع ذلك، فإن الديمقراطيين المقربين من البيت الأبيض يعتبرون أن بايدن ومن حوله لا يشاركون هذا المنظور، والرأي السائد في تلك الدائرة الداخلية، هو أن أفضل طريقة للرد على هجوم الحرب الثقافية من الجمهوريين هو التعامل معها بأقل قدر ممكن، ولا يعتقد المحيطون بالرئيس بايدن أن المواقف التي يتبناها الجمهوريون في شأن قضايا مثل الأفكار حول العرق والجنس، وحقوق مجتمع الميم، وإصلاح الشرطة، والسماح للأشخاص بحمل الأسلحة النارية من دون تصريح، وتقييد الإجهاض أو حظره، سيساعد شعبيته لدى الناخبين في الولايات المحافظة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والأهم من ذلك، تعتقد الدائرة المقربة من الرئيس بايدن أن الناخبين لا يريدون أن يتعرضوا لمعارك حول هذه القضايا الثقافية المستقطبة، ويفضلون أن يركز المسؤولون المنتخبون أكثر على الاهتمامات الاقتصادية اليومية مثل التضخم والوظائف والرعاية الصحية.

ويعكس اعتماد ترمب ودي سانتيس الشديد على هذه المواجهات الثقافية، اعتقادهما أن ناخبي الحزب الجمهوري الأساسيين أصبحوا أكثر نشاطاً الآن بسبب القضايا الاجتماعية وليس الاقتصادية، كما يمثل الاعتقاد السائد في الحزب الجمهوري بأن النفور من المواقف الليبرالية في شأن القضايا الثقافية، لا يزال يمثل حاجزاً لا يمكن التغلب عليه بالنسبة إلى الديمقراطيين مع معظم الناخبين من الطبقة العاملة، بما في ذلك عدد متزايد من الرجال اللاتينيين.

ويؤكد براد تود الخبير الاستراتيجي في الحزب الجمهوري أن الناخبين من الطبقة العاملة ذوي الياقات الزرقاء لا يفصلون عادة الاهتمامات الثقافية عن المخاوف الاقتصادية، فهم يعتقدون أن الشركات العالمية الكبرى تتعاون مع اليسار في نشر هذه الثقافة، ولهذا لا تأتي مخاوفهم الاقتصادية على حساب اهتماماتهم بأسلوب الحياة.

غير أن جينيفر فرنانديز الخبيرة الاستراتيجية الديمقراطية ترى أن التركيز بشكل أساسي على القضايا الاقتصادية أمر منطقي بالنسبة لبايدن الآن، لأنه سيضطر في النهاية إلى معالجة الحجج الثقافية للحزب الجمهوري التي تركت من دون معالجة، بالنظر إلى أنها يمكن أن تكون مقنعة للغاية ليس فقط للناخبين البيض من الطبقة العاملة، ولكن أيضاً من أصل لاتيني أو من الأميركيين الأفارقة.

ملامح الخطر

وينحصر الجدل المرير بين الديمقراطيين حالياً حول ما إذا كان بوسع بايدن أن يتحكم بمهارة في ساحة المعركة الانتخابية، فهو يحاول إحياء تحالف لم يعد موجوداً، كان يتمحور حول عائلات الطبقة العاملة، على حساب إضعاف معنويات التحالف الذي يعتمد عليه الحزب فعلياً اليوم، الذي يركز على الشباب والناخبين البيض الحاصلين على تعليم جامعي والناخبين من الأقليات العرقية.

 وما يقلق الديمقراطيين أن استطلاعات الرأي طوال فترة رئاسة بايدن وجدت أن مزيداً من الأميركيين سيختارون الحزب الجمهوري عند سؤالهم عن أي حزب يمكنه تقديم أفضل النتائج الاقتصادية لعائلات الطبقة العاملة، وكما تحذر سيليندا ليك التي أشرفت على استطلاعات الرأي في حملة بايدن عام 2020، فإن الناس ما زالوا يعتقدون أن اقتصاد ترمب كان أفضل بالنسبة لهم من اقتصادات بايدن أو باراك أوباما، وإذا أصر بايدن والديمقراطيون على حصر معركتهم في الشأن الاقتصادي، فإن كل استطلاع في أميركا يظهر أنهم سيخسرون.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير