Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ارتفاع الفائدة المصرفية يحكم الخناق على المقترضين الفلسطينيين

"الإجراءات التي تقوم بها البنوك ستؤدي إلى تدمير 130 ألف موظف و50 ألف رجل أعمال في الضفة الغربية وقطاع غزة"

 فلسطيني يتقاضى راتبه المجتزء عبر صراف آلي (اندبندنت عربية)

ملخص

 وصل سعر #الفائدة في بعض البنوك #الفلسطينية إلى أكثر من 9 في المئة مما تسبب في عجز المقترضين عن سداد #الأقساط_الشهرية

عند عتبة أحد البنوك داخل مدينة رام لله بوسط الضفة الغربية يقف الشاب بشار جابر (35 سنة) متردداً في حسم قراره بطلب قرض من البنك لإتمام زواجه المتعسر منذ عامين، فالراتب الذي يتقاضاه من عمله في إحدى الوزارات الحكومية والذي لا يزيد على 800 دولار، قد لا يكفي وفق حساباته الشخصية سداد الأقساط الشهرية التي قد تترب عليه، بخاصة بعدما رفعت البنوك الفلسطينية سعر الفائدة على المقترضين بالدولار، وذلك بعد رفع البنك الفيدرالي الأميركي (المركزي) سعر الفائدة على القروض السابقة والقائمة مرات عدة لكبح جماح التضخم في الولايات المتحدة، ووصل سعر الفائدة في بعض البنوك الفلسطينية إلى أكثر من تسعة في المئة مما تسبب بعجز كبير لدى المقترضين عن سداد الأقساط الشهرية.

وفي بيانات مالية مصرفية حديثة فقد تجاوز عدد المقترضين من القطاع المصرفي الفلسطيني حتى نهاية عام 2022 أكثر من 220 ألف مقترض، من إجمال عدد أصحاب الحسابات البالغ عددهم 1.4 مليون تقريباً، وتعتبر العقارات والإنشاءات من القطاعات الاقتصادية الأكثر حصولاً على قروض مصرفية في فلسطين بمبلغ تجاوز ملياري دولار.
 


استياء عام

وأثار الارتفاع المتواصل لسعر الفائدة استياء الموظفين الذين لاحظوا فرقاً كبيراً في قيمة سداد الأقساط الشهرية، إذ تلقى مقترضون إشعارات نصية من بنوكهم عبر هواتفهم المحمولة تفيد بزيادة أسعار الفائدة على قروضهم، ووصلت نسبة الزيادة على إجمال قيمة القسط عند بعضهم إلى 25 في المئة.

ويرى متخصصون أن من حصل على قرض بقيمة 100 ألف شيكل (27 ألف دولار) في الأول من يناير (كانون الثاني) 2022 بتقسيط دفعات لمدة خمس سنوات في مقابل قرض بالشروط نفسها في الأول من يناير 2023، فإن الفرق من حيث سعر العمولة والفائدة المرجو إعادتها إلى البنك يتراوح بين 2000 و5000 دولار.

ووفقاً لمؤسسة مرصد البحثية المتخصصة في درس وتحليل ونقد السياسات الاجتماعية والاقتصادية في فلسطين (مستقلة)، فستكون فئة الموظفين الحكوميين الأكثر تضرراً من رفع سعر الفائدة، لأنهم يتقاضون رواتبهم بالشيكل الإسرائيلي في حين أن قروض قسم منهم بالدولار الذي ارتفع كثيراً، إضافة إلى أنهم لا يتقاضون رواتبهم كاملة، وأن قسماً منهم مهدد بالتقاعد الباكر ولن يتقاضوا سوى نسب ضئيلة من رواتبهم الاعتيادية.

وأكدت "الحركة الشعبية لاستعادة الحقوق" أن "الإجراءات التي تقوم بها البنوك الفلسطينية بفرض فوائد جديدة على القروض الممنوحة للموظفين ورجال الأعمال بحجة تغير سعر الفائدة على المستوى الدولي ستؤدي إلى تدمير 130 ألف موظف و50 ألف رجل أعمال في الضفة الغربية وقطاع غزة".

من جهتها أقرت سلطة النقد الفلسطينية بالتأثيرات السلبية الكبيرة في المقترضين، خصوصاً في ظل ارتفاع سعر الدولار والاقتطاعات من الرواتب، وقال محافظ سلطة النقد الفلسطينية فراس ملحم خلال مؤتمر صحافي، "لا نستطيع التدخل في أسعار الفائدة، لكن ندرس استخدام أدوات أخرى للحد من تأثير هذه الزيادة عبر التأكد من التزام البنوك بحد أقصى لقيمة القسط لا تزيد على 50 في المئة من الدخل بغض النظر عن سعر الفائدة، والثانية زيادة الإقراض عبر صندوق استدامة للمشاريع الصغيرة بفائدة منخفضة لا تتجاوز الثلاثة في المئة"، مضيفاً أن "أسعار الفائدة ارتفعت في كل أنحاء العالم وانعكست علينا".

بدوره أوضح المدير العام لجمعية البنوك الفلسطينية بشار ياسين أن "أدوات السياسة النقدية التي تمتلكها البنوك المركزية والسلطات النقدية العالمية تخولها رفع أسعار الفائدة على العملات، في حين أن فلسطين تعتبر بلداً تابعاً للاقتصادات العالمية الأخرى بسبب الاحتلال، إذ لا تملك عملة وطنية ولا أدوات السياسية النقدية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تعثر السداد

وفي ظل ضعف الرواتب والمداخيل ومحدودية فرص العمل المترافقة مع ارتفاع نسب البطالة والفقر داخل الأراضي الفلسطينية التي وصلت إلى 36 في المئة من السكان، يتزايد إقبال المواطنين الفلسطينيين على القروض المصرفية وبخاصة الشخصية والاستهلاكية منها، وأظهرت بيانات مصرفية حديثة أن إجمال الإقراض المصرفي في السوق الفلسطينية بلغ 11.2 مليار دولار حتى نهاية العام الماضي، فيما بلغت نسبة القروض إلى الودائع في القطاع المصرفي الفلسطيني 64 في المئة، أي أن ثلثي الودائع في فلسطين مقدم على شكل قروض وتسهيلات وتمويلات، وتعد إيرادات البنوك من فوائد القروض والتمويلات ضمن أعلى مصادر الدخل للقطاع المصرفي الفلسطيني، إذ تتجاوز الـ 65 في المئة من مجمل الدخل كفوائد على القروض.

محمد رزق مواطن فلسطيني تعكس حاله معاناة المقترضين، وقال لـ "اندبندنت عربية" إنه أخذ قرضاً من البنك بقيمة 120 ألف دولار لترميم بيته وشراء بعض الأثاث على أن يسدده في ظرف 15 عاماً، وبعد مرور خمس سنوات تفاجأ بأن ما كان يدفعه طوال هذه المدة ويأخذ نصف راتبه هو من أصل الفائدة وليس من أصل القرض.

ويجمع مواطنون على أن اللجوء إلى القروض سببه قضاء الحاجات الملحة مثل شراء بيت أو بنائه أو الزواج أو عمل مشروع تجاري، وكلها ترمي إلى تحسين الظروف المعيشية للذين لا تكفيهم رواتبهم لتوفير الأموال اللازمة، بخاصة وأن السلطة الفلسطينية وبسبب الأزمة المالية المستعصية التي تمر بها تواصل للعام الثاني على التوالي دفع جزء من رواتب موظفيها البالغ عددهم 140 ألفاً.

ووفقاً لمراقبين فسيضطر المواطن العادي بسبب ارتفاع الأسعار الذي سيلي رفع سعر الفائدة إلى دفع مزيد من الأموال في مقابل الحصول على الخدمات الحيوية والأساسية من كهرباء وماء ومنتجات استهلاكية أساس.

تمييز واضح

وفيما يتذمر فلسطينيون داخل الضفة الغربية وقطاع وغزة من رفع البنوك الفلسطينية سعر الفائدة على المقترضين، يعاني الفلسطينيون في إسرائيل من التمييز في دفع الفوائد بين العرب واليهود، إذ تفرض المصارف الإسرائيلية على الفلسطينيين دفع فوائد أكثر مما تفرضه على الإسرائيليين، وتزيد نسبة الفوائد على القروض الاستهلاكية للمجتمع العربي واحداً في المئة عن معدل الفوائد في المجتمع اليهودي.

وأظهرت دراسة أجراها الخبير الاقتصادي في مركز المعلومات والإشراف بالـ "كنيست" الإسرائيلي نعوم بوتوش أن "60 في المئة من عدد الفروع المصرفية في إسرائيل والتي تزيد على 1000 فرع هي في التجمعات اليهودية، و30 في المئة في التجمعات المختلطة وواحد في المئة فقط في التجمعات الفلسطينية".
وفي حين بينت معطيات صادرة عن البنك المركزي الإسرائيلي أن نسبة قروض الإسكان التي حصل عليها المواطنون العرب في إسرائيل تعادل اثنين في المئة فقط من مجمل القروض المقدمة وترتفع النسبة في المدن المختلطة إلى أربعة في المئة، إذ تصل نسبة السكان العرب في تلك المدن إلى 24 في المئة.

وأشار "بنك إسرائيل" الى أن 800 قرض سنوي في البلدات العربية يقابله 67 ألف قرض في البلدات اليهودية، و14 ألف قرض في البلدات المختلطة، وتبلغ نسبة هذه القروض لغرض شراء عقار في البلدات العربية نحو واحد في المئة فقط من مجمل القروض.

ووفقاً لصحيفة "ذي ماركر" الإسرائيلية فإن "البنوك الإسرائيلية تقصي المواطنين العرب عن قروض الإسكان بشكل منهجي، وأن ما بين 30 إلى 50 في المئة من البيوت في البلدات اليهودية ذات التدريج الاجتماعي المتدني حصلت على قروض إسكان في مقابل 10 في المئة في البلدات العربية بالتدريج نفسه"، مما يعني، بحسب الصحيفة، أن "الفقراء في إسرائيل يحصلون على قروض إسكان لكن ليس العرب".

قروض سوداء

ولفتت الصحيفة إلى أن "التعويض عن غياب قروض الإسكان يكون من خلال قروض من السوق السوداء التي تغذي اقتصاد الجريمة المنظمة في المجتمع العربي".

وبحسب التقديرات فإن المواطنين العرب يضخون سنوياً قرابة مليار شيكل (273 مليون دولار) على الأقل إلى السوق السوداء في بلداتهم، وتتزايد قيمة المبالغ المستحقة على المقترضين من السوق السوداء بسبب دفع المقترض فائدة شهرية تتراوح بين 10 و15 في المئة على المبلغ الإجمالي.

ويرى مراقبون أن ندرة الخدمات المالية للعرب في إسرائيل تدفع كثيراً منهم إلى هذا النوع من القروض والخدمات التي تقدمها المنظمات الإجرامية التي تضاعف قيمة ديونهم عند التعثر وتستهدف أملاكهم وحياتهم.

وبحسب جمعية الشباب العرب (بلدنا) فقد تعرض مقترضون عرب مراراً لهجمات مسلحة بالقنابل والرشاشات من مقرضين بهدف الضغط عليهم لتسديد القروض، ويقول الباحث في الجمعية وئام بلعوم "أصبحت العصابات الإجرامية بدائل عن البنوك التي لا تقرض العرب".

اقرأ المزيد