Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا اتسع تقييم الاستخبارات الأميركية لقوة الصين؟

تتقدم بسرعة كبيرة في المجالات السيبرانية والفضائية والعسكرية وهدفها تقويض أميركا

مديرو وكالات الاستخبارات الأميركية الأربعة خلال جلسة الاستماع في الكونغرس، في 8 مارس الحالي (أ ف ب)

ملخص

يتوقع تقرير #الاستخبارات_الأميركية أنه مع بدء جينبينغ ولايته الثالثة سيعمل #الحزب_الشيوعي_الصيني على الضغط على #تايوان في شأن إعادة التوحيد مع #الصين الشعبية

بينما يعد تقرير التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة، مجرد إصدار عام سنوي تُقيّم فيه وكالات الاستخبارات الأميركية مجموعة متنوعة من تحديات الأمن القومي، ولا تتغير جوانبه إلا قليلاً، فإن تقرير هذا العام وشهادات قادة أبرز خمس وكالات استخباراتية أمام مجلس الشيوخ يوم الأربعاء الماضي، اتسع بشكل لافت للتركيز على الصين أكثر من أي وقت مضى، على رغم أن روسيا وحرب أوكرانيا لا تزال في بؤرة الأحداث، فما الذي يجعل أميركا أكثر قلقاً تجاه الصين، وكيف تنظر واشنطن إلى مستقبل العلاقة بين بكين وموسكو؟

حاضرة في كل تهديد

لم يكن غريباً أن تحتل الصين المرتبة الأولى في قائمة التهديدات العالمية بالنسبة إلى الاستخبارات الأميركية الأبرز في الولايات المتحدة، فهي ترى أن قوة الصين وطموحاتها في النفوذ الإقليمي والعالمي تتدفق في كل تهديد تتعقبه، ويظل الحزب الشيوعي الصيني هو الشاغل الرئيس لأميركا، لأن حكومته مقتنعة بشكل متزايد أنها لا تستطيع أن تجعل نفسها القوة البارزة في آسيا، وقوة كبرى على مستوى العالم، إلا من خلال تقليص النفوذ الأميركي، حسبما قالت أفريل هاينز، مديرة الاستخبارات الوطنية التي مثلت أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، إلى جانب رؤساء أربع وكالات استخباراتية أخرى هي "وكالة الاستخبارات المركزية" (سي أي إيه) ومكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) و"وكالة استخبارات الدفاع" و"وكالة الأمن القومي" (أن أس إيه).
وبالنسبة إلى هؤلاء القادة، تعتقد الصين أنها تستطيع تحقيق أهدافها في السيطرة على منطقتها في شرق آسيا، وتوسيع نطاق نفوذها العالمي فقط على حساب قوة الولايات المتحدة ونفوذها، وكما قالت هاينز، "تتحدى جمهورية الصين الشعبية، الولايات المتحدة بشكل متزايد اقتصادياً وتقنياً وسياسياً وعسكرياً في جميع أنحاء العالم"، ولهذا تظل الصين أولوية لا مثيل لها في الحسابات الأميركية، وهو ما يفسر التركيز الأكبر لوكالات الاستخبارات في الولايات المتحدة خلال إدارة الرئيس جو بايدن الذي قال منذ حملته الانتخابية في عام 2020، إنه في حين أن روسيا تمثل تحدياً متوسط المدى، فإن الصين هي أكبر منافس للولايات المتحدة على المدى الطويل وهي الدولة الوحيدة التي لديها القوة والموارد لتحدي القيادة الأميركية للنظام الدولي.

أخطر منافس

وعلى رغم أن تقرير التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة، تكرر آراء إدارة بايدن في شأن التحديات الاستراتيجية التي تفرضها الصين، والتي يعتمد كثير منها على التحليلات التي أجريت خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، إلا أن توسيع مساحة التهديدات التي تمثلها الصين بالنسبة إلى أميركا يعكس تزايد القلق في شأن سرعة تقدم بكين في مجالات مختلفة بخاصة التجسس، ويجعل من طموحاتها وقدراتها أخطر منافس لواشنطن في مجال الاستخبارات.
وإذا كان الرئيس الصيني، شي جينبينغ، وجه انتقاده الخاص للولايات المتحدة يوم الإثنين الماضي، في خطاب نقلته وكالة الأنباء الصينية الرسمية، معتبراً أن "أميركا تقود الغرب في احتواء وتطويق ومحاولة إخضاع الصين"، يتوقع تقرير الاستخبارات الأميركية أنه مع بدء جينبينغ، فترة ولايته الثالثة خلال أيام، سيعمل الحزب الشيوعي الصيني على الضغط على تايوان في شأن إعادة التوحيد مع الصين الشعبية، وتقويض نفوذ الولايات المتحدة، ودق إسفين لتعزيز الخلافات بين واشنطن وشركائها، على رغم اعتراف التقرير بأن القادة الصينيين قد يكونون مقيدين في بعض السياسات والإجراءات بسبب بعض العوامل الداخلية، مثل شيخوخة السكان وبطء النمو الاقتصادي ومشكلات الديون.

مخاوف غزو تايوان

وفي حين يقر التقرير الأميركي بأن القادة الصينيين ربما سيبحثون عن فرص للحد من التوترات مع واشنطن عندما يعتقدون أنها تناسب مصالحهم، فإن تعزيز الجيش الصيني وعملياته الموسعة، بخاصة في جميع أنحاء منطقة آسيا والمحيط الهادئ، يمثل نقطة محورية في التقرير الذي يحذر من أن بكين تجمع بشكل متزايد بين القوة العسكرية المتنامية وبين نفوذها الاقتصادي والتكنولوجي والدبلوماسي، كما يقول كاتبو التقرير إن الجيش الصيني يحاول تحقيق هدف الرئيس شي جينبينغ، في أن يكون قوياً بدرجة كافية بحلول عام 2027 لتجنب أي تدخل بقيادة الولايات المتحدة في صراع مسلح على تايوان، على رغم أن الرئيس الصيني وغيره من المسؤولين لم يصرحوا علانية بأنهم سيقومون بغزو تايوان في أي وقت قريب.
وتشير صحيفة "نيويورك تايمز" إلى نقاش قوي يدور داخل وكالات الاستخبارات الأميركية حول نوايا بكين الدقيقة في تايوان، حيث تحدث بعض المسؤولين العسكريين في الولايات المتحدة عن أنه من المحتمل أن تتصرف بكين في السنوات القليلة المقبلة لإجبار تايوان على الخضوع لحكم الحزب الشيوعي، لكن هذه آراء فردية داخل الحكومة الأميركية.
 

صراع نووي محتمل

يقدم التقرير أيضاً رؤى جديدة حول تقييم بكين للتهديدات النووية واحتمال نشوب صراع نووي، إذ يخلص التقرير إلى أن بكين قررت أن التوترات المتزايدة مع واشنطن وتزايد القدرات النووية الأميركية، زاد من احتمال قيام الولايات المتحدة بتوجيه ضربة نووية أولى إلى الصين، كما استنتجت بكين أن قدراتها النووية غير كافية، ولهذا السبب تهدف إلى توسيع ترسانتها النووية وتبني مئات الصوامع الجديدة للصواريخ الباليستية العابرة للقارات، كي تتزايد الثقة في ترسانتها النووية بمرور الوقت، الأمر الذي يمكن أن يشد عزيمتها على الانخراط في نزاعات تقليدية، عندما تكون قدراتها النووية رادعة ضد أميركا وحلفائها.
ويحذر التقرير أيضاً من أن الصين ستتجنب توقيع اتفاقات للحد من الأسلحة النووية مع الولايات المتحدة أو روسيا، حتى تقوم ببناء وتحديث ترسانتها، ولذلك، من غير المتوقع أن تهتم بكين بالاتفاقات التي تقيد خططها النووية، ولن توافق على المفاوضات التي تحافظ على المزايا الأميركية أو الروسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تحالف لإضعاف أميركا

ويشير تقييم الاستخبارات الأميركية إلى أن الصين ترى في الشراكة مع روسيا وسيلةً لتحدي وإضعاف نفوذ الولايات المتحدة، وهذا هو أحد الأسباب التي تجعل الصين تواصل السعي لتعميق الشراكة مع روسيا، وأنه على رغم الإدانة الدولية لموسكو بعد شنها الحرب على أوكرانيا، ستواصل بكين تعاونها مع روسيا لمحاولة تحدي واشنطن.
وخلال شهادات قادة أجهزة الاستخبارات الأميركية في الكونغرس، حذر هؤلاء من أن الصين تدرس تقديم "مساعدات مميتة" إلى روسيا خلال حربها مع أوكرانيا مثل الذخيرة، وأكدوا أن الصين كانت تهدف إلى توفير قذائف مدفعية لروسيا، لكنهم كانوا يأملون في القيام بذلك دون اكتشافهم، حتى تتمكن بكين من الحفاظ على موقفها الذي ينتقد الولايات المتحدة لتزويدها أوكرانيا بالأسلحة.
ومع ذلك، وصفت أفريل هاينز العلاقة بين بكين وموسكو بأنها "مجرد شراكة مؤقتة لا ترقى إلى وصفها بأنها علاقة حب طويلة الأمد"، نظراً لأن العلاقة تحكمها بعض القيود، لكن الصين ستواصل معاملة روسيا كقوة استراتيجية مهمة، على رغم الانتقادات التي وجهتها الولايات المتحدة وغيرها إلى بكين لحفاظها على تلك العلاقة.

حرب أوكرانيا

ونظراً إلى أن الصينيين مترددون إزاء مساعدة روسيا عسكرياً في حربها ضد أوكرانيا خشية تصعيد التوتر مع الولايات المتحدة أو التعرض لعقوبات اقتصادية منها، فقد أصبحوا غير مرتاحين الآن، ولا يتطلعون إلى القيام بذلك علناً.
وبحسب تحليل الاستخبارات الأميركية، فإنه من دون قيام دولة ثالثة بتجديد أسلحة روسيا بخاصة المدفعية، وإذا توقف بوتين عن التعبئة الإلزامية، فقد تتحول القوات الروسية من العمليات الهجومية إلى محاولة السيطرة على الأراضي التي تحتلها في أوكرانيا والدفاع عنها.
وحتى في الوقت الذي تقدر فيه الاستخبارات الأميركية أنه من غير المرجح أن يتعافى الجيش الروسي بما يكفي هذا العام لتحقيق مكاسب إقليمية كبيرة، فإن الرئيس فلاديمير بوتين يظن أن الوقت في صفه ولهذا يطيل أمد الحرب على اعتبار أن ذلك هو أفضل طريق متبق له لتأمين المصالح الاستراتيجية الروسية.


إحباط من "كوفيد" والمنطاد وهافانا

وبينما أشاد المشرعون في الكونغرس برؤساء الاستخبارات لرفع السرية عن المعلومات في تحذيرهم العالم في شأن خطط بوتين لشن الحرب على أوكرانيا، فقد ضغطوا على كبار المسؤولين في شأن الإخفاقات في تحديد أصول وباء "كوفيد-19" والمسؤولية التي تتحملها الصين عن تفشي المرض، وانقسام أجهزة الاستخبارات في تقييمها.
كما شعر المشرعون بالإحباط نتيجة اكتشاف منطاد التجسس الصيني والأجسام الطائرة الأخرى التي لا تزال مجهولة الهوية وإسقاطها الشهر الماضي، من دون الكشف عن تفاصيلها، وعبر البعض عن قلقهم في شأن التقييم الأخير لمجتمع الاستخبارات بأنه لا يمكنه تحديد خصم أجنبي باعتباره مسؤولاً عن حوادث صحية غامضة تؤثر في وزارة الخارجية والاستخبارات وغيرهم من الموظفين الأميركيين، في ما يسمى بـ "متلازمة هافانا".

عذاب "تيك توك"

وعلاوةً على ذلك، فإن أحد أبرز مصادر القلق للمشرعين الأميركيين هو النقاشات المحيطة بالجهود المبذولة لحظر تطبيق "تيك توك" للتواصل الاجتماعي مع شركته الصينية الأم "بايت دانس" بسبب مخاوف من أن بيانات الأميركيين المخزنة على التطبيق عرضةً لاطلاع الحزب الشيوعي الصيني عليها، وهو نقاش يصفه البعض بـ"العذاب" نظراً لاستمرار الجدل حوله لفترة طويلة من دون نهاية في الأفق.
واعترف مدير "وكالة الاستخبارات المركزية" بيل بيرنز، بأن "الإخفاق في حماية خصوصية البيانات يتيح فرصاً هائلة للخصوم للتجسس وسرقة الملكية الفكرية والوصول إلى التقنيات الحساسة".

الهم الأكبر

غير أن مدير وكالة استخبارات الدفاع، الجنرال سكوت بيرييه، قال في رده على سؤال حول ضرورة أن تكون الولايات المتحدة رائدة في مجال الابتكار التكنولوجي لمواجهة التهديدات التي يشكلها الحزب الشيوعي الصيني، "إن الصينيين يتقدمون بسرعة كبيرة جداً في كل مجال حربي بما في ذلك المجالات السيبرانية والفضائية والعسكرية لتشمل المشاة والقيادة والسيطرة، وهم يحرزون تقدماً سريعاً للغاية، ووكالة استخبارات الدفاع تدون ذلك وتراقبه بعناية شديدة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير