Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تحولت الأكلات الشعبية في سوريا إلى رفاهية؟

ما كان بمتناول الجميع بات تدريجاً حاجة صعبة المنال

عرف أهل بلاد الشام بأكلات شعبية جابت العالم تعريفاً بهم ولا سيما الفلافل والفول والمسبحة (اندبندنت عربية)

ملخص

قد تخرج هذه #الأكلات اليوم من قائمتها #الشعبية في #سوريا ولم تعد المطاعم الشعبية تقدم الأكلات التي يستطيع كل المواطنين تأمينها بل واكبت مكوناتها صعود #الدولار وهبوط #الليرة_السورية

لا تخلو حضارة في العالم من مجموعة ثقافات مرئية أو غير مرئية كونت لها هويتها الرئيسة من عمارة وموروث وإنجازات خلدتها منذ آلاف السنوات وحتى اليوم، ومن ضمن هذه الثقافات الطعام أو ما يعرف محلياً بالأكلات الشعبية التي تعتبر جواز سفر يعرف عن شعب من الشعوب.

فقد عرف أهل بلاد الشام بأكلات شعبية جابت العالم تعريفاً بهم، ولاقت إقبالاً ورواجاً في أي بلد فتح فيه مطعم يقدم الفلافل والحمص والفول والشاورما وغيرها إذ كانت التجارب ناجحة في غالبيتها.

لكن قد تخرج هذه الأكلات اليوم من قائمتها الشعبية في سوريا، فلم تعد المطاعم الشعبية تقدم الأكلات التي يستطيع جميع المواطنين تأمينها، بل واكبت مكوناتها صعود الدولار وهبوط الليرة السورية في حبة البندورة والنعنع الأخضر والحمص وغيرها من منتوجات الأرض التي بات شراؤها يحتاج إلى ألف حساب.

عادات شعبية

ويعرف معظم السوريين، وبخاصة في المدن الكبرى، بعادة شعبية متفق عليها ضمنياً يوم الجمعة، وهي تناول المسبحة والفول والفلافل صباح كل يوم عطلة، لكن هذه العادة التي أصبحت من ضمن تراث ألفوه سنوات، وصنعوا منه عادة لأبنائهم وأحفادهم، يكادون اليوم يقلعون عنه، فما كان يطلق عليه شعبياً، أي يستطيع أي مواطن في البلاد الحصول عليه وتناوله، يصبح تدريجاً حاجة صعبة المنال أو تحتاج إلى التفكير ملياً قبل أخذ قرار شرائها.

 

 

هذا ما أكده فؤاد، سائق تاكسي، إذ أوقف سيارته عند الظهر وقت وجبة الغداء في اللاذقية أمام أحد محال الفلافل بشارع "الجمهورية"، وطلب منه "ساندويتش" بما يعرف بـ"خبز الدولة"، أي أن حجمها كبير وأرخص من الخبز السياحي الذي قد يطلبه بعضهم لحجمه المتوسط ورقته.

وعند سؤاله هل تشبعه "ساندويتش" واحدة قال "لقد تقصدت طلبها بخبز الدولة لكي تشعرني بالشبع، كما أنها أرخص عن مثيلتها التي بالخبز السياحي الصغير، كنا دائماً ننتظر يوم الجمعة، حين كان أبي يأتينا صباحاً بصحن الفول والحمص، فتجتمع العائلة بحب وأمان، وكأنها لم تر بعضها منذ مدة".

المعجنات على الطلب

وقبل سنتين من اليوم، كان افتتاح مشروع خاص بخبز المعجنات من المشاريع الناجحة، إذ تنتشر في كل مكان إن كان على طرق السفر بين المحافظات أو بين القرى في المحافظة الواحدة، لكن مع ارتفاع أسعار المواد الأولية بشكل كبير، اضطر أصحاب بعض هذه الأماكن إلى إغلاقها أو اقتصار العمل فيها على صنفين أو ثلاثة أو بحسب الطلب، ومنهم من لجأ إلى تقليل أيام العمل، فبدل الوجود كل أيام الأسبوع يقتصر العمل على ثلاثة أيام فقط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أم أحمد التي تخطى عمرها 67 سنة، قالت وهي تعمل مع ابنتها على طريق الشاطئ في اللاذقية "إن ارتفاع أسعار المواد الأولية اضطرنا إلى رفع سعر المنقوشة، فكيلوغرام الجبنة تخطى 20 ألف ليرة (حوالى ثلاثة دولارات) وكذلك سعر الطحين والزيت، وبعد أن كنا نستعين بالغاز للخبز، اضطررنا إلى استخدام الحطب، لكن لم نستطع أن نبقي سعر أي نوع من المعجنات على ما كان عليه، وإلا فإن مشروعي خاسر"، وتتابع "لقد كان الناس يقصدون الشاطئ بعد أن يشتروا كمية كبيرة من المعجنات التي كانت ربما تفيض عن حاجتهم، لكن اليوم أصبحوا يجلسون على البحر بأبسط الحاجات، وبالتالي فإن عملنا تضاءل في الكمية عن الفترات السابقة".

الشاورما تواكب ارتفاع الأسعار

إن معاناة أصحاب محال الأكلات الشعبية لا تقل عن نظيرتها لدى الزبائن، فهم يحاولون دائماً تلبية السوق والحفاظ على أبواب رزقهم مفتوحة، لكنهم يصطدمون معظم الوقت بأسعار المواد الأولية المشغلة لمحالهم وأهمها الوقود والكهرباء. وهذا المشهد يتكرر عند أصحاب محال الشاورما، وهي الأكلة الشعبية التي يتضاعف سعرها بشكل واضح بين ليلة وضحاها، حتى غدت خياراً مستبعداً لدى كثيرين.

 

 

فسعر "الساندويتش" يعادل الآن دولاراً وربع دولار. وتحدث صاحب أحد محال الشاورما عن بعض الصعوبات والتحديات التي تواجههم "ما لا يعرفه الزبون أننا في كل يوم نسعى إلى تأمين المواد الأولية، لكن عدم استقرار الوضع واستمرار ارتفاع الأسعار يعرضنا في كل يوم لتقلبات أسعار السوق التي تضطرنا إلى رفع سعر الساندويتش التي يبدأ مشوارها مع تأمين اللحوم وتغير سعرها ولا ينتهي مع تأمين الغاز والمحروقات لتوليد الكهرباء، ولم نتحدث بعد عن العاملين وأجورهم".

انتقاد رفع بعض الأسعار

وكانت جمعية المطاعم في دمشق قد انتقدت أخيراً قرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك التي حددت أسعاراً جديدة لعدد من المأكولات الشعبية، وشملت فقط الحمص وقرص الفلافل وكيلوغرام الفول، متجاهلة أسعار عديد من المواد والمأكولات الشعبية التي ارتفعت أسعارها في الأسواق وبخاصة أسعار "الساندويتش" على اختلاف أنواعها.

وأعربت الجمعية، ومعها أصحاب المطاعم، عن استيائهم من رفع الأسعار بهذا الشكل، معتبرين أنها غير منصفة على الإطلاق ولا توائم التكاليف الكبيرة لمستلزمات المواد بخاصة مع ارتفاع سعر كيلوغرام الطحينة (من مستلزمات عديد من الأطعمة) إلى 30 ألف ليرة سورية (نحو أربعة دولارات)، وارتفاع كلف المواد وصعوبة تأمين مادة الغاز التي ما تزال لغاية الآن تشكل عائقاً كبيراً لتأمينها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير