Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من مرتزقة "فاغنر"؟ وما سبب تورطهم في أوكرانيا؟

يعتمد فلاديمير بوتين على المتعاقدين العسكريين لتحقيق الانتصارات في أوكرانيا، لكن الدور الصريح لزعيمهم قام بزعزعة المنظومة داخل موسكو بشكل متزايد

يفغيني بريغوجين محكوم سابق يبلغ من العمر 61 سنة كان يعرف في السابق بلقب "طباخ بوتين" (أ ب/ غيتي)

ملخص

من هي مجموعة #فاغنر التي تضم في صفوفها مجرمين سابقين وجرى اتهامها بارتكاب انتهاكات في كل من #أوكرانيا و#سوريا وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى والسودان ومالي وموزامبيق؟

يتلقى الجنود الروس في أوكرانيا دعماً على أرض المعركة من آلاف المرتزقة المنتمين إلى مجموعة غامضة يديرها رجل أعمال وأحد رجال فلاديمير بوتين القدامى.

ومجموعة "فاغنر" Wagner هي شركة عسكرية خاصة بقيادة يفغيني بريغوجين، قامت بشق طريقها في البداية عبر نشر قواتها في شبه جزيرة القرم ومنطقة دونباس الأوكرانية عام 2014. ومنذ ذلك الحين، أرسلت جيوشاً للمشاركة في حروب عديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا، بما في ذلك الحرب الأهلية السورية.

وخلال الاجتياح الروسي لأوكرانيا، أثبتت مجموعة "فاغنر" أنه لا يمكن الاستغناء عنها، لكن صراعاً ظاهرياً على السلطة بين الكرملين وبريغوجين السليط اللسان قاد إلى قص جناحي المجموعة من قبل موسكو.

والحال أن بريغوجين - وهو محكوم سابق يبلغ من العمر 61 سنة، ويعرف أحياناً بلقب "طباخ بوتين" لأن شركة توصيل الطعام التي يديرها نظمت مآدب عشاء للرئيس الروسي وأطعمت القوات المسلحة التابعة للكرملين - ظل ينفي وجود أي رابط يصله بالمجموعة حتى سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، عندما أعلن أنه "فخور" بأن يكون مؤسسها.

 

وقد عزى بريغوجين تأسيسه للمجموعة بهدف دعم الانفصاليين المدعومين في روسيا في حرب دونباس. وعن هذا يقول: "لقد نظفت الأسلحة القديمة بنفسي، وفرزت الستر الواقية من الرصاص بنفسي، وعثرت على اختصاصيين قادرين على مساعدتي في ذلك". وأضاف أنه "في تلك اللحظة، وتحديداً في الأول من مايو (أيار) 2014، ولدت مجموعة من الوطنيين، باتت تعرف لاحقاً باسم كتيبة ’فاغنر‘".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتفيد المزاعم بأن دميتري أوتكين، وهو ضابط سابق في الاستخبارات الروسية، كان شريكاً في التأسيس حافظ على مقامه القريب من رأس قيادة المجموعة.

ومنذ تشكيل مجموعة "فاغنر"، جرى اتهامها بالقيام بانتهاكات في أوكرانيا وسوريا وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى والسودان ومالي وموزامبيق. ويسود الظن أيضاً بأن المجموعة تعمل بالتعاون مع حكومة بوركينا فاسو لكبح تمرد للإسلاميين.

وقبل أن يقر بريغوجين بدوره في المجموعة، كان له تاريخ من الملاحقات القضائية التي رفعها ضد وكالات إخبارية روسية وغربية زعمت ارتباطه بالمجموعة، علماً أنه اعتمد موقفه السري هذا لحماية جنود "فاغنر"، بحسب ما أفاد.

 

وفي نهاية المطاف، اضطر بريغوجين إلى الاعتراف بالصلة التي تربطه بالمجموعة، بعد أن سطع نجم "فاغنر" في حرب أوكرانيا. وتقدر الاستخبارات البريطانية حجم عديد مجموعة "فاغنر" هناك بـ50 ألف عنصر، أي ما يمثل ربع قوة روسيا الإجمالية.

ليس التعاقد الحربي بالأمر الجديد، لكن المحللين العسكريين يقولون إن الكرملين يعتمد كثيراً على مجموعة "فاغنر" بسبب الخسائر الفادحة التي تكبدتها القوات الروسية الرسمية خلال الحرب، ناهيك عن الصعوبات في التجنيد التي تواجهها.

كانت المرة الأولى التي كشفت فيها وزارة الدفاع البريطانية عن أن مجموعة "فاغنر" نشرت عديدها في أوكرانيا في 28 مارس (آذار) 2022، أي بعد شهر ونيف من بدء القتال، بعد أن بدأت الخسائر الروسية تعرقل وتيرة الهجوم الأساسية.

ومنذ ذلك الحين، تؤدي مجموعة "فاغنر" أدواراً محورية في الاستيلاء على بلدات على غرار سوليدار، وبوباسنا، وليسيتشانسك - فتوفر مهارات نسبية على صعيد العمليات، في حين اضطر الكرملين مراراً إلى إحداث تغييرات في قيادة قواته الخاصة في مواجهة الخسائر.

 

يبذل بريغوجين قصارى جهده لحث مجموعة "فاغنر" على تحقيق الانتصارات في أوكرانيا، ما يتسبب أحياناً بتضارب مع خط الكرملين. وحتى أنه اتهم وزارة الدفاع الروسية بأنها نسبت لنفسها نجاحات مجموعة "فاغنر".

خلال معركة سوليدار، وهي قرية صغيرة تعرضت لهجوم عنيف في سياق حملة روسيا المستمرة للاستيلاء على مدينة باخموت، أفاد بريغوجين بأن مرتزقته انتصروا على القوات الأوكرانية قبل أيام من أن يعلن الكرملين أن جيوشه قامت بالمثل.

والحال أن مدينة باخموت هي من الغنائم القيمة بنظر موسكو، نظراً إلى أن الاستيلاء عليها سيعطي مكانة أقوى للقوات الروسية في سياق تحقيق هدفها، ألا وهو الاستيلاء على مجمل منطقتي دونيتسك ولوغانسك اللتين تشكلان مقاطعة دونباس.

وفي 12 فبراير (شباط) الماضي، قال بريغوجين إن مجموعة "فاغنر" قامت باحتلال قرية كراسنا هورا بمحاذاة باخموت ومن دون ذكر أي دور للقوات الروسية مع بدء موسكو بشن هجوم كبير جداً على القرية المذكورة، الواقعة في قلب دونيتسك، وعلى عدد من المستوطنات الأخرى على خط الجبهة الأمامي.

 

وكثرت التخمينات حول طموحات بريغوجين في السياسة الروسية، إذ تشير أدلة إلى أن بوتين يتطلع بحساسية إلى أي تحديات محتملة قد تصدر عن طباخه السابق.

وفي هذا السياق، قرر الكرملين قص جناحي بريغوجين، وأصدر أمراً طالبه فيه بوضع حد للانتقاد العلني لوزارة الدفاع، كما وأوصى وسائل الإعلام الحكومية بالكف عن ذكره أو ذكر مجموعة "فاغنر" بالاسم.

ومنذ ذلك الحين، أكد بريغوجين أنه بات أيضاً محروماً من حق تجنيد محكومين من داخل السجون - علماً بأنهم يشكلون عنصراً أساسياً ضمن صفوف مجموعة "فاغنر" - متخلياً عن سلطة القيام بهذا الأمر وإعادته إلى الحكومة من أجل ضمهم إلى قواتها الخاصة بها.

مستشار الكرملين السابق سيرغي ماركوف، الذي يحافظ على علاقات ضمن الدوائر السياسية، ذكر بأن الحكومة الروسية حصلت على وعد من بريغوجين بأنه لن ينشئ تحركه السياسي الخاص ولن ينضم إلى حزب برلماني ما لم يطلب منه المسؤولون ذلك.

وقال ماركوف "إنهم يخشونه بعض الشيء ويعتبرونه شخصاً غير مناسب".

والجدير بالذكر أن المجموعة، التي كانت معروفة سابقاً باسم "بي إم سي فاغنر" PMC Wagner، قامت بنقل مقرها الرئيس أخيراً إلى ناطحة سحاب زجاجية بارزة في سانت بطرسبرغ، التي تحوي أيضاً مركز تكنولوجيا يستضيف معارض أسلحة متقدمة على امتداد أروقة رمادية يملؤها موظفون في ملابس عسكرية مموهة.

أخيراً، ظهرت إلى العلن روايات مقلقة عن حياة المرتزقة ضمن المجموعة، قام على ذكرها أعضاء سابقون، من بينهم أندريه ميدفيديف، الذي طلب اللجوء إلى النرويج في يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد أن فر من كتيبة "فاغنر" في أوكرانيا.

الشاب البالغ من العمر 26 سنة روى بأن الرقباء كانوا عديمي الرحمة وسط مساعيهم الهادفة إلى تجنيد مقاتلين جدد. وفي مقابلة مع شبكة "سي أن أن" أنهم زعم أنهم "كانوا يطوقون أولئك الذين لم يرغبوا في القتال ويقتلونهم رمياً بالرصاص أمام القادمين الجدد... قاموا بإحضار سجينين رفضا الذهاب إلى القتال وأطلقوا النار عليهما أمام الجميع ودفنوهما في الخنادق التي كان قد حفرها المتدربون".

 

وكانت وزارة الدفاع قد أعلنت في يوليو (تموز) الماضي أن مجموعة "فاغنر" تخفض معايير التجنيد لديها، لتشمل أفراداً كانوا موضوعين سابقاً على القائمة السوداء.

وزعم ميدفيديف أنه انضم إلى مجموعة "فاغنر" كمتطوع بعد أن خدم في الجيش الروسي. وقال إن مقاتلي فاغنر غالباً ما كانوا يرسلون إلى القتال من دون أن يتلقوا تعليمات كافية.

وفي مقابلة مع قناة "سي أن أن" أيضاً، تحدث مقاتلان سابقان ضمن مجموعة "فاغنر" عن الخسائر الفادحة التي تسببت بها الهجمات، قائلين إنها تذكر بالقصف والدمار خلال الحرب العالمية الأولى.

وتحدث أحدهما عن أول هجوم شارك فيه على مقربة من قرية بيلوغوريفكا في لوغانسك: "كان عددنا 90. ومات 60 منا خلال الهجوم الأول بنيران قذائف الهاون، فيما أصيب البقية بجروح". وأخبر المقاتل الآخر أنه شارك في هجوم على ليسيشانسك عند حدود لوغانسك ودونيتسك مشيراً إلى أن الخطوات الأولى إلى داخل الغابة كانت صعبة بسبب انتشار الألغام في المكان. ومن بين 10 عناصر، لقي سبعة مصرعهم على الفور".

ولفت إلى أن القتال بقي مستمراً طوال خمسة أيام، مضيفاً أن "القتال كان خالياً من أي مشاعر، حيث كان المقاتلون يتوافدون ضمن موجات متتالية. وقد تم إحضار 400 [مقاتل من مجموعة "فاغنر"] إلى المكان، وبعد ذلك جرى استقدام مزيد ومزيد منهم، طوال الوقت".

وظهرت أدلة أخرى على الوحشية في 14 فبراير (شباط) الماضي، مع انتشار لقطات أظهرت محكوماً روسياً مقاتلاً ضمن مجموعة "فاغنر" يتعرض للضرب حتى الموت بالمطرقة بعد اتهامه بالفرار من الحرب.

يعتبر حزب العمال البريطاني المعارض أحدث المنضمين إلى قافلة المنظومات الحكومية المطالبة بتصنيف "فاغنر" كمنظمة إرهابية، رداً على سلوكها البربري في أوكرانيا وخلف حدودها.

وقد تصدرت المجموعة العناوين مطلع مارس (آذار)، بعيد الذكرى الأولى لاندلاع الحرب، عندما استعان بريغوجين مرة جديدة بتطبيق "تيليغرام" لتقويض موسكو، عبر التحذير من أن مجمل خط الجبهة الأمامي الروسي في أوكرانيا سيكون على المحك إن اضطر جنوده إلى الانسحاب من باخموت في نهاية المطاف وسط "جوع للذخائر"، في ما بدا ظاهرياً كمطالبة بمزيد من الموارد.

وأكد في فيديو من أربع دقائق نشره عبر التطبيق المشفر أنه "في حال انسحبت مجموعة ’فاغنر‘ الآن، فسينهار خط الجبهة الأمامي بكامله"، مضيفاً أن "الوضع لن يكون ممتعاً لجميع التشكيلات العسكرية المدافعة عن المصالح الروسية... إن انسحبنا، فسندخل التاريخ إلى الأبد كأشخاص اتخذوا الخطوة الرئيسة باتجاه الهزيمة في الحرب. وهنا تكمن تحديداً مشكلة الجوع للذخائر".

وجاءت مناشدته هذه وسط تقارير تفيد بأن دور القوات الروسية بات محصوراً بالمشاركة في قتال بالأيادي، باستعمال المعاول، بسبب الشح في الأسلحة والرصاص.

يبقى القتال محتدماً في محيط باخموت منذ أشهر، مع أن السكان المحليين الذين صمدوا على رغم الخطر الكبير على حياتهم بدأوا أخيراً بالفرار، إذ يبدو أنه لا مفر من انسحاب الجيش الأوكراني بعد أن خاض معركة دفاعية شجاعة.

© The Independent

المزيد من تقارير