Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما قصة "هوغ بول" وكيف احتالت على المصريين بملايين الدولارات؟

منصة إلكترونية جمعت من ضحاياها النقود بحجة الاستثمار في "بيتكوين" والأمن يقبض على 29 بينهم 13 أجنبياً

أغرت بعض مستخدمي الإنترنت بالربح السريع وبدأت المنصة الجديدة في جمع الأموال شيئاً فشيئاً (أ ف ب)

ملخص

سلمت البعض دروعاً تحمل شعار الشركة الوهمية لطمأنتهم وبث الثقة في نفوس آخرين من المتابعين المترددين في ضخ أموالهم وجمعت #ملايين_الدولارات التي قدرها البعض بـ300 مليون دولار

تنوعت أساليب "المستريحين" ولكن الهدف واحد، فلا فرق بين "مستريح" في شمال مصر وجنوبها أو شرقها سوى في الأساليب المستحدثة للنصب. "مستريح" اليوم لم يكن شخصاً مادياً مرئياً بل مجموعة من المحتالين خلف شاشات الهواتف والكمبيوتر مستخدمين فضاء الإنترنت ساحات جديدة للنصب. ففي غضون ثمانية أشهر جمع القائمون على تطبيق إلكتروني أطلقوا عليه "هوغ بول" ملايين الدولارات من المصريين الطامحين إلى تحقيق الربح السريع، كما زعموا عند الترويج قدرتهم على استثمار الأموال في عمليات تعدين العملات المشفرة.

ظاهرة "المستريح"

طفت ظاهرة "المستريح" على السطح المصري في عام 2014 من خلال أحمد مصطفى، الذي اشتهر بلقب "المستريح"، واستطاع أن يجمع من أهل قريته في صعيد مصر أكثر من 53 مليون جنيه لاستثمارها في تجارة بطاقات شحن الهواتف المحمولة، وقبض عليه في 2015، وحصل على حكم نهائي بالحبس لمدة 15 عاماً ورد 266 مليون جنيه للمدعين بالحق المدني في قضايا تتعلق بالاحتيال المالي.

300 مليون دولار

عادت ظاهرة "المستريح" من جديد ولكن على الإنترنت، ففي أغسطس (آب) 2022، ظهرت دعاية مكثفة على مواقع التواصل المختلفة لتطبيق جديد اسمه "هوغ بول" متضمناً موقعاً إلكترونياً على "سوق بلاي مصر"، وزعم مطلقوه أن له رخصة سجل تجاري مصرية.

ومع وسائل الترويج تارة وإغراء بعض مستخدمي الإنترنت بالربح السريع تارة أخرى، بدأت المنصة الجديدة في جمع الأموال شيئاً فشيئاً من دون عناء يذكر، بل إنه ووفقاً لشهادات بعض الضحايا على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن المحتالين بالتطبيق الجديد قد نظموا لقاءات علنية تضمنت احتفالات في بعض الأحيان بحجة تحقيق الأرباح وزيادة الاستثمارات، كما سلمت البعض دروعاً تحمل شعار الشركة الوهمية، لطمأنتهم وبث الثقة في نفوس آخرين من المتابعين المترددين في ضخ أموالهم، وما إن تحقق مرادهم وجمعوا ملايين الدولارات التي قدرها البعض بـ300 مليون دولار، حتى اختفى تطبيق "هوغ بول" تماماً من على الإنترنت ومعه اختفى القائمون والمنظمون للشركة.

ومع ظهور الضحايا يوماً بعد يوم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ورسائل الاستغاثة عبر الفيديوهات القصيرة، هبت وزارة الداخلية المصرية للتحقيق في الأمر، إذ أعلنت في بيان رسمي السبت الماضي، أنها تلقت بلاغات من عدد من المواطنين بتضررهم من القائمين على إدارة تطبيق (Hogg Pool) على شبكة الإنترنت لقيامهم بالنصب والاحتيال عليهم والاستيلاء على أموالهم، عن طريق إيهامهم باستثمار أموالهم لتحقيق أرباح يومية باستخدام التطبيق المشار إليه، إلا أنهم فوجئوا بغلق التطبيق عقب الاستيلاء على أموالهم.

القبض عليهم

وبعد بضع ساعات نجحت أجهزة وزارة الداخلية في القبض على القائمين على الشبكة الإجرامية، إذ قالت الوزارة إن "الشبكة تتزعمها عناصر أجنبية تنصب على المواطنين وتستولي على أموالهم بزعم استثمارها لهم من خلال تطبيق إلكتروني عبر شبكة الإنترنت".

وقالت إنها تمكنت بعد إجراء التحريات وجمع المعلومات والتعامل الفني من تحديد ورصد عناصر تلك الشبكة الإجرامية القائمين على إدارة التطبيق المشار إليه، وتبين أنهم 29 شخصاً من بينهم 13 شخصاً يحملون جنسية إحدى الدول الأجنبية، واتخاذهم فيلتين سكنيتين بالقاهرة مقراً لمزاولة نشاطهم غير المشروع، مشيرة إلى أنه "عقب تقنين الإجراءات تم استهدافهم وأمكن ضبطهم وبحوزتهم 95 هاتفاً محمولاً و3367 خط هاتف محمول وتسعة أجهزة مودم رسائل جماعية وسبعة أجهزة حاسب آلي، علاوة على 39 شاشة كمبيوتر ومشتملاتها، وثلاث سيارات ومبالغ مالية عملات محلية وأجنبية بلغت نحو 600 ألف جنيه (19.5 ألف دولار أميركي) إضافة إلى 41 كارتاً ائتمانياً لبنوك بالخارج".

9965 محفظة إلكترونية

وتابعت وزارة الداخلية في البيان الرسمي أنه "بمواجهتهم اعترفوا بتكوينهم تشكيلاً عصابياً استهدف راغبي تحقيق المكاسب المالية السريعة عبر شبكة الإنترنت، واستيلائهم على أموالهم عن طريق عدد من المحافظ الإلكترونية بلغ عددها 88 محفظة، والتي يتم توزيعها عقب ذلك على عديد من المحافظ الإلكترونية الأخرى بلغ عددها 9965 محفظة إلكترونية، تجنباً للرصد الأمني وتمهيداً لتحويلها للخارج لصالحهم من خلال برامج عبر شبكة الإنترنت لشراء عملات رقمية مشفرة بيتكوين".

ولفتت إلى أنهم "أقروا أنهم أغلقوا التطبيق بعد تمكنهم من الاستيلاء على تلك الأموال، وأنهم كانوا بصدد إطلاق تطبيق إلكتروني آخر تحت مسمى (RIOT) للغرض ذاته، في إطار استكمال نشاطهم الإجرامي. تم اتخاذ الإجراءات القانونية وتولت النيابة العامة التحقيق".

في غضون ذلك قال مدير أكاديمية التسويق الرقمي التابعة لوزارة الاتصالات المصرية، محمد حنفي، في تصريحات صحافية، إن "شركة هوغ لوب شركة مصرية بدأت عملها تحديداً في أغسطس الماضي، وبدأت تدعو الناس إلى استثمار أموالهم معها مقابل تحقيق أرباح غير مسبوقة"، مضيفاً أن "القائمين على الشركة استغلوا سعي كثيرين إلى تحقيق الربح السريع، بالتالي دعوهم إلى تحويل أموالهم لاستثمارها في عملية تعدين العملات المشفرة".

وأوضح أن "عملية تعدين العملات المشفرة أو تداولها أو التجارة فيها ممنوعة بمصر، لذلك فالقائمون على الشركة المذكورة قالوا لضحاياهم إنهم سيستأجرون بأموالهم أجهزة وسيرفرات تعدين في الخارج من أجل القيام بالعمليات المطلوبة ومقاسمتهم في الربح".

الدولار بـ20 جنيهاً وشرائح للاستثمار

وأشار حنفي إلى أن الشركة "أعلنت عن تسهيلات أمام العملاء لجمع أكبر مبلغ في أسرع وقت ومن أكبر عدد من الضحايا، إذ أعلنت أنها ستقبل التحويل بالجنيه المصري وستحسب الدولار بعشرين جنيهاً فحسب، بينما السعر الرسمي أكثر من 30 جنيهاً للدولار، بل ستحول المكاسب بالدولار، على أساس أن كل ألف جنيه ستحقق ربحاً أربعة دولارات يومياً".

وتابع أنه "لمزيد من إثارة الطمع لدى الضحايا فقد أعلنت الشركة عن أربع فئات للاستثمار فيها، الأولى فئة أربعة آلاف جنيه (130 دولاراً) والأرباح ستحول بعد 150 يوماً، وفئات تتراوح بين ستة آلاف جنيه (195 دولاراً)، وثمانية آلاف جنيه (260 دولاراً) و16 ألف جنيه (520 دولاراً) وستحول الأرباح بعد 200 يوم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال إن "الشركة بالفعل حولت أرباحاً لأول مجموعة من الضحايا ممن تعاملوا مع الشركة لبث الطمأنينة في نفوسهم، كما أرسلت رسالة إلى آخرين لتحويل أموالهم إليها عبر فتح حسابات على التطبيق وتحويل الأموال من خلاله وكذلك استقبال الأرباح على الحساب ذاته".

وأكد أنه "مع انتشار أمر التطبيق في الأيام الماضية أصدر متخصصون في الاقتصاد الرقمي تحذيرات للمواطنين من أن تلك عملية نصب، خصوصاً أن عمليات التعدين في العملات المشفرة بالخارج لا تحقق تلك الأرباح الضخمة"، ولفت إلى أن "المسؤولين عن الشركة نشروا على موقعها تصريحاً منسوباً لوزارة التموين والتجارة الداخلية باعتبارها شركة تكنولوجيا مرخصة قانوناً، وهذا ما زاد من انخداع الناس أكثر فيها".

استرداد أموال الضحايا صعب

وحول استرداد الضحايا أموالهم قال حنفي إنه "من المؤكد أن شرطة الأموال العامة بوزارة الداخلية تعمل على تلك القضية وستعلن تفاصيلها، ولكن المؤسف أن الضحايا في مأزق، لأنهم شاركوا في مسألة ممنوعة ومجرمة قانوناً في مصر وهي العملات المشفرة، ومن ثم سيكون من الصعب أن يطالبوا باسترداد أموالهم لأنهم أيضاً سيحاسبون على تلك الجريمة".

وحول الرخصة التي ادعى المحتالون أنهم حصلوا عليها من وزارة التموين المصرية، قال مدير قطاع التموين والتجارة الداخلية بوزارة التموين، عبدالمنعم خليل، إن "الصورة المتداولة على الإنترنت باعتبارها ترخيصاً صادراً من وزارة التموين للشركة المذكورة ما هي إلا ورقة سجل تجاري من جهاز تنمية التجارة التابع للوزارة".

وأشار في تصريحات إلى أن "أي شركة تحصل على سجل تجاري ضمن أوراق الترخيص"، مؤكداً أنه "لا يعد ترخيصاً بل مجرد قيد لعلامة تجارية، ولا تخول لحاملها الترخيص بأي نشاط إلا بعد إتمام أوراق ترخيصه من جميع الجهات المعنية".

مجلس النواب على خط الأزمة

في تلك الأثناء تدخل مجلس النواب المصري على خط الأزمة، إذ تقدم عضو المجلس هشام سعيد الجاهل، بطلب إحاطة إلى البرلمان في شأن النصب على المصريين من المنصة، مطالباً "بسرعة الوصول إلى المسؤولين عنها في مصر ومحاسبتهم وإعادة أموال المودعين".

وأضاف أن "المنصة انتشرت خلال الأشهر الماضية والتي تصنف على أنها متخصصة في تعدين بيتكوين وتقديم خدمات التعدين السحابي، واستطاعت من خلال الإعلانات الوهمية جذب كثيرين من المواطنين الذين وقعوا ضحية لها"، موضحاً أن "الشركة كانت تدعو المستخدمين عبر منشوراتها إلى الحصول على مبلغ يتراوح بين 150 جنيهاً (4.87 دولار) إلى ألفي جنيه (65 دولاراً) في اليوم الواحد، كما ادعت تأجير عدد من الماكينات والآلات الخاصة بتعدين بيتكوين، وتعرض على المستخدمين الاستثمار في مثل هذه الماكينات مع عدد من الخيارات للأرباح، إذ توفر خيارات تبدأ من مبلغ 10 دولارات إلى 50 دولاراً، مع فوائد ربحية تبدأ من 250 جنيهاً (ثمانية دولارات) في اليوم وحتى 300 جنيه (9.75 دولار)".

أرقام خيالية تداعب أحلام البسطاء

وأشار إلى أن "المنصة أعلنت عن أرقام خيالية تداعب أحلام البسطاء، بعرض مكسب يومي قيمته أربعة دولارات مقابل إيداع مبلغ ألف جنيه، مما أدى إلى وقوع المئات من المصريين ضحية لها، مطالباً بفتح تحقيق موسع في هذا الشأن وتشديد الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي لمنع تسلل مثل هؤلاء المحتالين وانتشارهم، كما طالب البرلماني بحجب مثل هذه الإعلانات والمنصات الوهمية التي ليس لها ترخيص.