Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تربية الكلاب في مصر... كائنات أليفة أم وحوش منزلية؟

"بيتبول" تملكه مذيعة شهيرة وراء إيداع أحد الجيران العناية المركزة والنيابة تباشر التحقيقات

تبين من التحقيقات أن الكلب من نوعية "بيتبول" المحظورة تربيته أو استيراده من الخارج لشراسته (أ ف ب)

ملخص

أعادت الحادثة النقاش بين رواد #مواقع_التواصل الاجتماعي في شأن قانونية تربية #الحيوانات_المفترسة في مصر، لا سيما الكلاب

حال جديدة من الجدل في مصر أثارتها حادثة عقر كلب مملوك لمذيعة شهيرة لأحد جيرانها، مما تسبب في فقد ذراعه وتدهور حاله الصحية ومكوثه في الرعاية المركزة بأحد المستشفيات، لتقود في النهاية إلى مثول زوج المذيعة للتحقيق أمام الجهات المختصة وحجزه تمهيداً لاستكمال التحقيقات، بعد أن تبين أن الكلب من نوعية "بيتبول" المحظورة تربيته أو استيراده من الخارج لشراسته.

أعادت الحادثة النقاش بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي في شأن قانونية تربية الحيوانات المفترسة في مصر، لا سيما الكلاب، وأزمة تزايد حالات العقر التي تكلف الدولة، وفق تصريحات سابقة لوزير الصحة المصري خالد عبدالغفار، نصف مليار جنيه (نحو 16 مليون دولار أميركي) خلال عام واحد، مشيراً إلى أن كلفة توفير الأمصال وصلت إلى 146 مليوناً (نحو 4.7 مليون دولار) عام 2019، وارتفعت إلى 151 مليوناً (نحو 5 ملايين دولار) عام 2022، وتتراوح بلاغات العقر بين 400 إلى 450 ألفاً سنوياً.

تفاصيل القصة

تداول ناشطو منصات التواصل الاجتماعي في مصر الواقعة، بعدما كتبت هند، ابنة الفنان الراحل سعيد صالح، تفاصيلها على صفحتها في موقع "فيسبوك" مساء أول من أمس الجمعة، قائلة إن زوج إحدى صديقاتها يدعى محمد محب الماوي ويعمل مديراً لأحد البنوك تعرض لحادثة بشعة في مقر إقامته بأحد الكمبوندات السكنية بمنطقة الشيخ زايد (غرب العاصمة).

ووفق الرواية التي سردتها، فإن الكلب وهو من نوعية "بيتبول" المحظور استيرادها دولياً، تملكه الإعلامية أميرة شنب التي اشتهرت في مصر عبر تقديم برامج الطبخ، هاجم جار المذيعة وتسبب له بإصابات بالغة وخطرة بعدما قرر الجار الذهاب إلى منزلها لمطالبتها بالسيطرة على الكلب.

وتابعت "عندما قرر الجار أن يتوجه إلى سكن جارته المذيعة، وبمجرد أن فتح الباب، خرج الكلب مسرعاً وهاجمه"، قائلة إن "الكلب حرفياً قام بافتراسه من دون مبالغة".

بعد نقل المصاب إلى المستشفى، اكتشف الأطباء تعرضه لإصابات خطرة وقطع نافذ في الأوتار والأعصاب، فقرروا إجراء جراحة نقل أعصاب من القدم إلى الذراع، بحسب هند التي أضافت "لكن بعد دخوله إلى غرفة العمليات، توقف قلبه لمدة 30 دقيقة كاملة، قبل أن يعود إلى النبض بعد الصدمات الكهربائية، ثم دخل المصاب في غيبوبة ولم يستعد وعيه حتى الآن، وأجلت الجراحة لأجل غير مسمى".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كذلك قالت زوجة المجني عليه في تصريحات تلفزيونية إن نسبة وعي زوجها 3 من 15 حالياً، مشيرة إلى أنها استعانت بأطباء كبار في الحالات الحرجة الذين أكدوا أن فصله عن أجهزة التنفس الاصطناعي أمر مستحيل، مما يصعب نقله من المستشفى.

لاحقاً نقلت وسائل إعلام محلية أن التقارير الطبية الأولية للحادثة أفادت بأن الإصابات التي لحقت بالمجني عليه تمثلت في جرح قطعي متهتك بالذراع والساعد الأيمن وقطع بالعضلات وقطع بالعصب الكعبري، أدت جميعها إلى شلل في العضلات الباسطة للذراع والأصابع وكدمات بالصدر والفخذ الأيمن.

في المقابل ومع انتشار الواقعة وتصدرها مواقع التواصل، نقلت تقارير محلية عن الإعلامية أميرة شنب قولها إنها "ترفض التعليق على ما جرى" وإنها حالياً تتابع الحال الصحية لجارها وتنتظر الاطمئنان عليه أولاً، قبل الحديث عن أية تفاصيل تتعلق بما حصل.

التحفظ على الكلب

إلى ذلك أفادت وسائل إعلام مصرية خلال الساعات الأخيرة عن إلقاء القبض على زوج المذيعة (يدعى محمد يوسف) الذي أدلى باعترافات أمام جهات التحقيق تؤكد صحة الواقعة.

وقال الزوج إن كلبه عقر جاره مدير البنك، مضيفاً أن المجني عليه يمتلك كلباً هو الآخر، واتفقا في وقت سابق على إبعاد الكلبين عن بعضهما بعضاً حتى لا يحدثا إصابات في نفسيهما.

وتابع أن المجني عليه حضر إلى شقتهم قبل الواقعة وطرق الباب، ولم يكن هو وزوجته المذيعة موجودين. وعندما خرجت الخادمة إليه لمعرفة سبب حضوره خرج الكلب ونبح عليه، لكن الجار ضربه ليقوم الأخير بالهجوم عليه متسبباً له بإصابات.

من جانبها أعلنت وزارة الداخلية المصرية في بيان أمس السبت الكشف عن ملابسات البلاغ الذي تقدمت به سيدة بقسم شرطة الشيخ زايد (غرب) بتضررها من أحد الأشخاص (مقيم في العنوان ذاته) لعدم سيطرته على الكلب الخاص به، مما أدى إلى قيامه بعقر زوجها (مدير بأحد البنوك) وتعرضه لإصابات وجروح متعددة، وبمواجهة المشكو في حقه أقر بصحة الواقعة، كما بدأت النيابة العامة في الشيخ زايد التحقيق بالواقعة وتحفظت الوحدة البيطرية على الكلب.

إلى ذلك أمر النائب العام المصري حمادة الصاوي بحبس المتهم المسؤول عن الكلب على ذمة التحقيق معه لاتهامه بالتسبب خطأ في إصابة جاره المجني عليه بإهماله وعدم احترازه بترك الكلب من دون قيد أو تكميم، مما أسفر عن عقر الكلب للمجني عليه وإصابته إصابات بالغة ودخوله في غيبوبة تامة حتى تاريخه.

وقالت النيابة العامة في بيان لها اليوم الأحد إنها استمعت إلى أقوال ذوي المجني عليه وإحدى الجيران بالعقار ذاته وثلاثة من العاملين بالمجمع السكني، وكان حاصل أقوالهم في التحقيقات إن المجني عليه حال عودته برفقة ابنه للعقار محل سكنهما، أبصرا الكلب الخاص بالمتهم طليقاً غير مكمم على شرفة مسكنه، فانتابتهما حال من الرعب والفزع وتوجها إلى مسكن المتهم ليطلبا منه إحكام وثاقه حتى لا يصاب أحد بأذى، وعندما طرقا باب مسكنه وفتحت لهم العاملة به فوجئ حينها المجني عليه بهجوم الكلب عليه وتمكنه من عقره من دون إفلاته، فاستغاث ابنه بقاطني المسكن لنجدة والده، وخرج ابن المتهم وتمكن من السيطرة على الكلب وإفلات المجني عليه منه، بعدما أصيب الأخير من جراء ذلك بإصابات بالغة، وتم نقله إلى المستشفى لإسعافه، حيث توقف قلبه إبان التحضير لتدخل جراحي عاجل له وتم إنعاشه ونقله إلى غرفة الرعاية المركزة ودرجة وعيه حالياً ضعيفة جداً إذ إنه يقبع في غيبوبة شبه تامة.

وباستجواب النيابة العامة للمتهم وسؤال عاملة المسكن التي شهدت الواقعة ادعيا أن سبب هجوم الكلب على المجني عليه مبادرته بالاعتداء على الحيوان خشية منه، على خلاف ما شهد به ابن المجني عليه من مبادرة الكلب بالهجوم، وأكدت تحريات الشرطة صحة واقعة عقر الكلب للمجني عليه، وبناء على ذلك أمرت النيابة العامة بحبس المتهم احتياطياً على ذمة التحقيقات.

"عقر الكلاب" في مصر

بين ما يعرف بـ"كلاب الحراسة" التي يقتنيها أصحابها و"الكلاب الضالة" التي تتزايد أعدادها في الشوارع، ارتفعت معدلات حوادث العقر في مصر خلال الأعوام الأخيرة، إذ يقول وزير الصحة المصري خالد عبدالغفار في تصريحات حديثة له إن "حالات العقر المسجلة خلال الأعوام الماضية بدأت تتزايد بنسبة 20 في المئة سنوياً، وأثناء فترة كورونا تضاءلت نسبة العقر لكنها عادت للزيادة عام 2022".

ووفق وزير الصحة المصري، فإن محافظات "القاهرة والجيزة والبحيرة أكثر المحافظات تعرضاً للعقر، ومن أكثرها تأثراً بالحيوانات الضالة"، مشيراً إلى أن "كلفة توفير الأمصال ارتفعت من 146 مليون جنيه (نحو 4.7 مليون دولار) عام 2019 إلى 151 مليوناً (نحو 5 ملايين دولار) في 2022، وقد تصل إلى 500 مليون جنيه (نحو 16 مليون دولار)".

يأتي ذلك في حين تشير الإحصاءات الرسمية إلى وجود نحو 16 مليون كلب ضال في مصر وتفيد التقديرات غير الرسمية بأن العدد يصل إلى نحو 22 مليوناً في البلاد.

ومن بين أبرز الحوادث المشابهة التي أثارت الرأي العام في البلاد ما حدث في فبراير (شباط) 2019 حين عقر كلبان أحد الأطفال في مدينة "مدينتي" (شرق القاهرة)، مما تسبب للطفل بتشوهات في الوجه، ومع تداول الواقعة تم احتجاز صاحب الكلبين، لكن أفرج عنه لاحقاً بكفالة مالية قيمتها ألف جنيه (نحو 65 دولاراً)، وأمرت الشرطة حينها بالتحفظ على الكلبين في الحجر البيطري لبيان حصولهما على أمصال التطعيم من عدمه.

كذلك أثارت حادثة مهاجمة كلبين من نوعية "بيتبول" الشرسة لضابط شرطة في مدينة الرحاب (شرق القاهرة) جدلاً في مارس (آذار) 2019، بعدما تسببا في إحداث إصابات بالغة في يديه ووجهه وقدمه وسببا له تشوهات كثيرة.

وتقول إحصاءات رسمية أجريت عام 2019 أن "عدد بلاغات العقر في مصر الناتجة من الكلاب الضالة تتراوح بين 400 و450 ألف بلاغ سنوياً ويصل عدد الوفيات إلى نحو 100 حالة سنوياً".

القانون وحالات العقر

لم ينص القانون المصري بشكل واضح على تطبيق عقوبة تتعلق بتربية الكلاب الشرسة، كما أنه لا يفرض عقوبة على امتلاك حيوان غير مرخص إلا في حال ارتكابه جريمة، إذ تعاقب المحكمة مالك الكلب حال إهماله وتسببه في مشكلة للمواطنين بعقوبات تتفاوت بحسب الضرر وتصل إلى السجن ثلاثة أعوام مع غرامة مالية، وأقرت بضرورة وجود اشتراطات عدة لكي تكون هناك عقوبة ضد مالك الكلب، من بينها القصد الجنائي وإهمال تدريب الكلب وعدم تطعيمه وعدم إصدار رخصة لاقتنائه.

وطبقاً للقانون رقم 52 لسنة 1966 ولائحته التنفيذية والقرار رقم 35 لسنة 1967، يجب تكميم الكلاب، أي وضع كمامة على وجه الكلب وربطه بسلسلة أثناء السير في الطريق العام، وفي حال المخالفة يتم إعدام الكلاب غير المرخصة والتحفظ على المرخصة والكشف عليها وعزلها للتأكد من عدم إصابتها بمرض السعار.

كذلك يتيح القانون المصري رقم 53 لسنة 1966 إعدام الكلاب الضالة عن طريق الخرطوش أو تسميمها عبر حملات من الحجر البيطري التابع لوزارة الزراعة، لا سيما مع ارتفاع أسعار إخصاء للكلاب.

لكن انتشار ظاهرة العقر وتزايدها دفعا البرلمان إلى الدخول على الخط قبل أكثر من عام لاستصدار مشروع قانون جديد في شأن تنظيم حيازة وتداول الحيوانات الخطرة، وحظر حيازة واقتناء الكلاب من دون ترخيص من مديرية الطب البيطري المتخصصة، كما حظر اصطحابها إلى الأماكن العامة من دون تكميمها وتقييدها بقلادة مناسبة للسيطرة عليها، فضلاً عن إنشاء سجلات بمديريات الطب البيطري، إلكترونية أو ورقية، بأرقام متسلسلة لقيد الكلاب المرخصة.

ونصت مواد مشروع القانون على عقوبة لا تتجاوز خمس سنوات سجناً لكل من استخدم حيواناً خطراً أو كلباً للاعتداء على إنسان، وتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن عشرة أعوام إذا أفضى الاعتداء إلى عاهة مستديمة، والسجن المؤبد إذا أفضى الاعتداء إلى الموت.

كذلك يعاقب مشروع القانون بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تتجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه (نحو 1630 دولاراً) ولا تتجاوز 100 ألف جنيه (نحو 3260 دولاراً) أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من حاز كلباً من دون الحصول على ترخيص.

وأيضاً نص المشروع على المعاقبة بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه (نحو 1630 دولاراً) ولا تتجاوز 200 ألف جنيه (نحو 6520 دولاراً) أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من حرض كلباً واثباً على مار أو كان مقتفياً أثره ولم يرده عنه إذا كان الكلب في حيازته، حتى لو لم يتسبب ذلك في أذى أو ضرر".

اقرأ المزيد

المزيد من الأخبار