Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خلاف قائد جيش لبنان والوزير امتداد للفراغ الرئاسي

هل قطع بري الطريق على ترشيح جوزيف عون للرئاسة بقوله إنه يحتاج إلى تعديل دستوري؟

قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون (أ ف ب)

ملخص

الأشهر الماضية من #الفراغ_الرئاسي الذي دخل شهره الخامس في #لبنان لم تخلُ من إصابة #المؤسسة_العسكرية برذاذ الخلافات السياسية، وإن بقيت محدودة.
 

يبقي المجتمع الدولي المهتم بالأزمة اللبنانية وبمراقبة مدى تأثير المأزق المزدوج السياسي والاقتصادي في شلل مؤسسات الدولة بفعل الفراغ الرئاسي، عينه على مؤسسة الجيش باعتباره الضامن الرئيس للحد الأدنى من الاستقرار الذي يحرص على عدم المس به نظراً إلى انعكاسات اهتزازه على الوضع الإقليمي في بلد تتشابك فيه مواقع النفوذ بين الدول، ويضم زهاء مليوني نازح سوري وفلسطيني، وسط صعوبات اقتصادية أصابت رواتب العسكريين بعد فقدان الليرة أكثر من 90 في المئة من قيمتها.

رذاذ الخلاف على الرئاسة يصيب الجيش

إلا أن الأشهر الماضية من الفراغ الرئاسي الذي دخل شهره الخامس في لبنان لم تخلُ من إصابة المؤسسة العسكرية برذاذ الخلافات السياسية، وإن بقيت محدودة. فاسم قائد الجيش العماد جوزيف عون مطروح كمرشح لرئاسة الجمهورية، ويتعاطى الوسط السياسي معه على أن الخيار الجدي هو بينه وبين مرشح "حزب الله" ورئيس البرلمان نبيه بري وحلفائهما، رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية. هذا على رغم أن العماد عون يبعد نفسه عن السجال الدائر حول الرئاسة ولا يتناول هذا الأمر في اجتماعاته مع السياسيين. وكانت تحصل احتكاكات بين الفينة والأخرى بين القائد وفريق الرئيس السابق العماد ميشال عون من وزراء الدفاع الذين تولوا هذه الحقيبة وكانوا محسوبين على "التيار الوطني الحر"، الذي عارض رئيسه النائب جبران باسيل ترشيح قائد الجيش للرئاسة أسوة برفضه انتخاب فرنجية.

إشكالات ما قبل وما بعد الفراغ الرئاسي

ظهرت بعض الإشكالات بين العماد عون ووزير الدفاع الحالي العميد السابق في الجيش موريس سليم، والمحسوب على الرئيس السابق ميشال عون، هي من موروثات الخلاف على الصلاحيات بين الوزير والقائد، قبل انتهاء الولاية الرئاسية، تناولت بعض عقود شراء معدات وأسلحة للجيش، وفي شأن بعض المناقلات والترقيات لضباط كان التيار "العوني" يسعى إليها، لم يتجاوب في شأن بعضها قائد الجيش. وهو ما دفع الرئيس عون إلى القول لبعض المقربين منه بأن العماد جوزيف عون خذله. يضاف إليها أن الأخير لم يستجب لطلب الرئيس السابق قمع المتظاهرين إبان تظاهرات 17 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019، احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية، حين رفعوا شعارات ضد العهد الرئاسي، فيما نقل عن باسيل قوله عن قائد الجيش "إننا اختلفنا معه بعد شهرين على تعيينه". وتدهورت العلاقة بين عون الرئيس وعون القائد، حتى إن باسيل طرح في مرحلة سابقة إبان رئاسة عمه فكرة تغيير قائد الجيش ضمن سلة تعيينات في المناصب الأمنية، لكنه لم يلقَ تجاوباً من مكونات الحكومات السابقة لأسباب عدة، خصوصاً أن التعيينات تتطلب قرارات بأكثرية الثلثين.

تراكمات الخلاف بين القائد والوزير

أما الإشكالات الناشئة بين العماد عون ووزير الدفاع بعد الفراغ الرئاسي فتعود إلى تعذر ملء الفراغات في بعض المناصب العسكرية بانتهاء خدمة بعض كبار الضباط في الأشهر الثلاثة الماضية، في ظل حكومة مستقيلة منذ مايو (أيار) 2022 وهي بوضعية تصريف الأعمال "على نطاق ضيق" كما ينص الدستور، ويتعذر عليها إقرار تعيينات في مناصب الفئة الأولى. كما أن هناك نزاعاً دستورياً بين "التيار الحر" وفرقاء آخرين حول حقها في الاجتماع بغياب رئيس الجمهورية على رغم أن الدستور ينيط بها صلاحياته في حال شغور الرئاسة الأولى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لم يوافق الوزير سليم على اقتراح العماد عون إصدار مذكرة بإبقاء رئيس الأركان في الجيش اللواء أمين العرم طالما يتعذر تعيين بدلاً منه في منصبه، عبر مخرج قانوني يؤدي إلى تأخير تسريحه من الخدمة لبضعة أشهر بحجة الضرورة، ورفض التوقيع على مرسوم في هذا الشأن. وبقيت المؤسسة بلا رئيس للأركان منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي وهو أحد ستة من كبار الضباط، أعضاء في المجلس العسكري. وهذا يحول دون سفر قائد الجيش إلى خارج البلاد في حال اضطر إلى ذلك، لأن قانون الدفاع ينيط صلاحياته في غيابه برئيس الأركان حصراً.

أعقب ذلك غضب الوزير سليم من استباق قائد الجيش نيته تعيين بديلين لضابطين كبيرين آخرين هما المفتش العام ومدير الإدارة عند انتهاء خدمة كل منهما، مطلع السنة. نقل عون أحدهما إلى غرفة قائد الجيش تحت تصرفه، للحؤول دون إصدار سليم قرار تعيينه مفتشاً عاماً، فيما حصلت تسوية على تولي آخر مديرية الإدارة المنوط بها كل الأمور اليومية المتعلقة بلوازم القطعات العسكرية والعمليات اللوجيستية والغذاء والطبابة.

وفي كل الأحوال يحول عدم قدرة الحكومة على تعيين من يخلف الضباط الثلاثة المحالين على التقاعد من دون التئام المجلس العسكري للجيش. أي أن التعطيل في الرئاسة انتقل إلى هذه الهيئة الأساسية في المؤسسة العسكرية، فالتعيينات تتطلب حكومة مكتملة الصلاحيات يستحيل تشكيلها قبل انتخاب رئيس للجمهورية، الذي يصدر مع رئيسها مراسيم تأليفها.

ومنذ ظهور تلك الخلافات يغلب التجاذب في الصلاحيات على العلاقة بين الرجلين. الوزير رد بعدم تسلم البريد المرسل من القيادة عبره إلى جهات متعددة ولا سيما ما يتعلق بمفتشية الجيش لأن تعيين المفتش البديل بالإنابة من القائد يناقض صلاحياته، واكتفى بتوقيع وتحويل البريد المتعلق بالإدارة، لتأمين لوازم المؤسسة.

قنن الوزير توقيع رخص حمل السلاح لمدنيين التي من صلاحياته منحها، بعد اقتراح القيادة. والقيادة تعتبر طلباتها لهذه الرخص عائدة إلى أشخاص يتعاونون مع مديرية الاستخبارات... ورد عون بقرار يعتبر بطاقة تسهيل المرور الصادرة عن مديرية الاستخبارات بمثابة ترخيص حمل سلاح لحاملها اعتباراً من الثالث من مارس (آذار).

وتصاعد التوتر بين الجانبين وبات التنافر شبه يومي حتى على قضايا صغرى.

بري يقطع الطريق على عون المرشح؟

لم تكن خلفيات التجاذب انعكاساً للعلاقة السلبية بين عون و"التيار الحر"، بل إن تحول القائد إلى مرشح جدي يطرح بديلاً لفرنجية، نظراً إلى أن الأخير مرشح "حزب الله"، زاد تركيز الأضواء عليه مما دفع خصومه إلى الإفادة من الخلافات بينه وبين الوزير لبث المزيد من التسريبات ضده، مثل الحديث عن عقد صفقات لشراء قذائف صاروخية تبين أنها غير صالحة، ردت عليها القيادة بأنها ردتها إلى مصدرها بعد اكتشاف عيوبها. ويرى مؤيدو خيار العماد عون للرئاسة أن هناك حملة مبرمجة من أجل تهشيم صورته كمرشح رئاسي.

طرح اسم العماد جوزيف عون من أصل ثلاثة أسماء اقترحها رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط كمرشحي تسوية بدلاً من فرنجية ومن النائب المدعوم من معارضي "الحزب" ميشال معوض. كما تردد أن الجانب الفرنسي طرح على هامش اجتماع الدول الخمس المعنية بلبنان في باريس في السادس من فبراير (شباط) الماضي، لمناقشة الأزمة اللبنانية اسم قائد الجيش للرئاسة. 

وفي وقت قال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الذي يعارض ترشيح فرنجية بقوة، إن لا مانع بانتخاب العماد عون، فإن رئيس البرلمان نبيه بري أعلن للمرة الأولى في تصريح علني في 2 مارس أن انتخاب العماد عون يحتاج إلى تعديل دستوري، (لتجاوز مادة تشترط على موظفي الفئة الأولى في الدولة الاستقالة قبل سنتين من انتخابهم للرئاسة) وهو أمر متعذر في ظل حكومة مستقيلة، ولا يمكن تجاوزه، مما يعني أن "الثنائي الشيعي" قطع الطريق على دعم ترشيحه. 

ونقل مقربون من "حزب الله" عن قيادته استبعادها عون عن الرئاسة لقربه من الأميركيين، على رغم تعاونه مع "الحزب"، بعدما كانت التسريبات عن موقف "الحزب" منه أن "لا فيتو" على توليه الرئاسة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير