Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بينما يحتد النقاش في أميركا لماذا لا نتحدث عن تعويضات للعبودية في بريطانيا

أثناء رحلته إلى جامايكا عام 2015 رفض ديفيد كاميرون بشكل قاطع الاستماع إلى النداءات المطالبة بتعويضات مالية

عرفت الولايات المتحدة العبودية لوقت طويل (ويكي ميديا)

في الوقت الذي يواجه العالم صعوبات في تحديد ما هو عنصري وما هو غير عنصري، يبرز مجدداً حديث آخر حول العرق والإرث - إنه النقاش حول دفع التعويضات.

رغم أن الضغط باتجاه دفع ثمن عَطْبِ التاريخ لم يتوقف أبداً، فقد تم تجاهله ورفضه بشكل فعال لدرجة أن النداء لتحقيق العدالة كان بالكاد مسموعاً في بعض الأحيان. نجوم الاستعمار المتبرّمة - الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والعديد من الدول الأوروبية الكبرى بما في ذلك فرنسا وسويسرا - تُجرّ الآن مرة أخرى إلى نقاش حول ما إذا كانت أي دولة مسؤولة، اليوم، عن تجارة الرقيق وتداعياتها. وإذا تبيّن ذلك، فهل ينبغي أن ننتظر منها تقديم تعويض مالي.

المجادلة لصالح التعويضات هي أمر منطقي أخلاقي بسيط بالنسبة لأولئك الذين يقبلون فكرة أنه ما زال بالإمكان الشعور بآثار ممارسات استمرت لقرون من الزمن من العمل القسري غير مدفوع الأجر والمُضني (ناهيك عن التعذيب النفسي والجنسي والجسدي الذي تعرض له أغلب الأفارقة المُستعبَدين).

في الولايات المتحدة حيث سيطرت العبودية وقوانين فصل الأعراق في كثير من الأماكن العامة المعروفة اصطلاحاً بقوانين ’جيم كرو’ مجتمعتين على أكثر من 80 في المئة من تاريخ الولايات المتحدة برمته، فإن التفاوتات الاجتماعية بين مجتمعات السود والبيض ما زالت مستمرة اليوم، وبادية للعيان في كل المناحي، من التفاوت في الدخل إلى التمييز في الحصول على المسكن.

حصلت حملة التعويضات يوم أمس على دعم تشاك شومر، زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأميركي، بعد جهود متضافرة من زميليه كوري بوكير وشيلا جاكسون لي، الذين تقدما بطلب لإنشاء لجنة "لدراسة وتطوير مقترحات لدفع تعويضات للأمريكيين الأفارقة "من خلال مشروع القانون المقترح. علينا أن ننتظر لنرى ما إذا كانت الأمور ستذهب أبعد من ذلك، حتى بعد الجهود المتكررة من أمثال ’تا نيهيسي كوتس’ الذي أشعل مرة أخرى شرارة الحملة للحصول على التعويضات المالية عام 2014 من خلال مقالته الآسرة التي حملت عنوان ’قضية التعويضات’.

أما في المملكة المتحدة، فليس لدينا أشخاص يحملون لواء حملة محلية مماثلة.  من خلال تحفظهم المعروف دائماً وأبداً على تقديم الاعتراف نفسه للتاريخ البريطاني الأسود، ينسف السياسيون أهمية تجارة الرقيق دون أي عناء يذكر، أو يكررون المغالطة المستهلكة القائلة إن ذلك قد حدث برمته في زمن سحيق جداً لدرجة أننا لا نحتاج أن نقلق بشأنه الآن. هذا بالإضافة إلى ادعاءات مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بأن الكومنولث قد يلعب دوراً رئيسياً في استراتيجيتنا التجارية الدولية بعد أن نغادر الاتحاد الأوروبي.

التفاوتات الناجمة عن إرث العبودية لا تزال قائمة في جزر الهند الغربية. في بربادوس التي هي  من أوائل ’مجتمعات العبودية الحديثة‘ في الإمبراطورية البريطانية وأحد أكثرها ربحاً، استفاد الأحفاد البيض لمُلّاك العبيد من الثراوات الموروثة، مع مواصلة عدد من العائلات العيش والتربح في المزارع السابقة لغاية يومنا هذا. وكما وجدت دراسة حديثة حول عدم المساواة في الدخول في دول الكاريبي، فليس من المستغرب أن القوانين التي كانت تستثني الأشخاص المُستعبَدين سابقاً بشكل مباشر من شراء العقارات لم تُلغَ إلا في عام 1937 فقط.

هناك أمثلة لا حصر لها من التفاوتات المستمرة في كل أنحاء منطقة الكاريبي. بالنسبة لأي شخص زار بعض هذه الجزر، مثلي أنا، فلا تحتاج أن تبحث مطولاً حتى تجد تلك التفاوتات. إلى جانب المناظر الطبيعية الجميلة والبحر الأزرق السماوي التي يتم تلخيص هذه البلدان بها غالباً، تواجهك بشكل مباشر في أغلب الأحيان بقايا ذلك العهد، مع وجود شرائح كبيرة من السكان السود والسكان الأصليين في بعض بلدان الكاريبي تتعرض للفصل الاجتماعي، أو عدم قدرتها على الوصول إلى كماليات الرفاهية والثروة المتاحة للعديد من الكاريبيين البيض منذ وصول القوى الاستعمارية منذ مئات السنين.

في عام 1984 ، على سبيل المثال، ومع أن السود كانوا يشكلون أكثر من 90 في المئة من سكان جامايكا، فإن أربعة فقط من أصل 41 رئيسَ شركة بورصة جامايكية كانوا سوداً، على أية حال فإن نسبة تمثيل السود قد تحسنت منذ ذلك الحين.

مع ذلك، وفي حين أن بعض الدول ومن بينها جزر البهاما، إحدى الدول الاثنتي عشرة أعضاء لجنة تعويضات مجتمع الكاريبي، تواصل مطالبة العالم بإبداء الاهتمام،  اختارت المملكة المتحدة أن تفعل العكس. في الواقع، تم تجاهل مطالب اللجنة بالكامل - كما رأينا في عام 2015 عندما قام رئيس الوزراء آنذاك ديفيد كاميرون بزيارة دولة لجامايكا. في محاولة لتعزيز العلاقات مع المُستعمَرة السابقة (وفي نفس الوقت القيام بالتسويق لكسب الرأي العام حول اتفاق لدفع 25 مليون جنيه إسترليني لبناء سجن جديد على أرض الجزيرة - طالما أن بإمكان بريطانيا إعادة مئات السجناء الجامايكيين إلى وطنهم) كان رد كاميرون على دعوة البرلمان الجامايكي للحصول على تعويضات بأن طالبه "بتجاوز الموضوع" و"المضي في البناء من أجل المستقبل". ألم يكن طلبه محاولةً لفعل ذلك بالضبط؟ 

اليوم، ستجد بريطانيا في القريب العاجل توجه أنظارها نحو الولايات المتحدة والنقاش الدائر فيها حول تاريخ العبيد أكثر من النظر إلى المعركة المستمرة في ساحاتها الخلفية (الحالية والسابقة). هل يجب أن تدفع الولايات المتحدة تعويضات للأميركيين الأفارقة؟ حسناً، يبرز نفس هذا السؤال أمامنا مباشرة عبر المحيط الأطلسي من "الكومنولث" الخاص بنا، بما في ذلك النصحية التي وجهتها هيلاري بيكليس، رئيسة ’لجنة تعويضات الكاريبي‘، إلى مجلس الشيوخ حول هذه المسألة في الشهر الماضي.

في الوقت الذي يستخدم أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيون موقفهم لدفع هذا النقاش إلى الأمام، لا تستطيع الحكومة البريطانية حتى أن توحّد موقفها للرد بشكل واضح ومتعاطف على فضيحة قضية المهاجرين من دول الكومونولث المعروفة باسم ’ويندراش‘ (على اسم إحدى السفن التي أقلت مجموعة منهم من منطقة الكاريبي). لقد خذلت وزارة الداخلية بانتظام ضحايا ’البيئة المعادية‘ القادمين من الهند الغربية. لقد وُصف مشروع تعويضات ’ويندراش‘ على أنه غير فعال من قبل النواب بمن فيهم ديان أبوت والضحايا على حد سواء. تظهر حالات جديدة كل يوم، وما زال الضغط باتجاه التعويضات حلماً بعيد المنال.

عندما يدعي سياسيون مثل روري ستيوارت أن "الغضب تجاه الإمبراطورية البريطانية يأتي الآن من أشخاص لم يختبروها قط" ولكنهم "قرأوا عنها فقط" لأنه "من السهل أن نغضب بشأنها" ببساطة، فما هو الأمل المتبقي لدينا؟

لكنه مخطئ. إن مسألة التعويضات - للأمريكيين الأفارقة، والكاريبيين - ليست قضية لا لزوم له وهدفها الوحيد هو تأجيج الانقسام. إنها قضية مُبررَة ومازالت حية.

© The Independent

المزيد من آراء