ملخص
متاعب #نفسية يواجهها #المسعفون الطبيون في #بريطانيا مرتبطة بعدم قدرتهم على مساعدة أشخاص يتهددهم الموت
كشف تقرير بريطاني جديد مثير للصدمة عن أن عاملين صحيين يعيشون تحت وطأة القلق الشديد إلى حد يجعلهم يتساءلون كم سيكون "عدد الأشخاص الذين سيقتلون اليوم"، في الوقت الذي يجدون فيه مصاعب في التعامل مع عواقب تأخر سيارات الإسعاف التابعة لهيئة "الخدمات الصحية الوطنية" (أن إتش أس) NHS.
هذا الواقع جعل المسعفين والعاملين في خدمة تلقي مكالمات الطوارئ يشعرون "بإحباط" أثناء تعاملهم مع "عبء" محاولة رعاية المرضى، الذين يواجهون فترات انتظار طويلة للحصول على الرعاية.
"فرع تحقيقات سلامة الرعاية الصحية" في المملكة المتحدة Healthcare Safety Investigation Branch (HSIB) دعا المؤسسات الاستشفائية إلى بذل مزيد من الجهد لحماية السلامة العقلية للعاملين في خدمات الإسعاف، مشيراً إلى وجود "صلة قوية" بين سلامة المرضى وراحة الموظفين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يأتي تحذير هذه الهيئة الرقابية بعدما كانت "اندبندنت" قد كشفت عن أن ستة آلاف مريض، من المحتمل أن يكونوا قد تعرضوا "لأضرار صحية بالغة"، بعد بلوغ حالات تأخير سيارات الإسعاف لنقل المرضى وتسليمهم للمستشفيات مستويات قياسية في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وقد أظهرت إحصاءات "هيئة الخدمات الصحية في إنجلترا" NHS England أن المرضى الذين يجب أن يتلقوا استجابة في غضون 18 دقيقة في حالات الطوارئ من الفئة الثانية - كالسكتات الدماغية المشتبه بها أو النوبات القلبية - كانوا ينتظرون لمدة ساعة ونصف.
وقد كشف تقرير "فرع تحقيقات سلامة الرعاية الصحية"، الذي اطلعت عليه "اندبندنت" عن الآتي:
• ما يثير قلق العاملين في الغالب هو "عدد الأشخاص" الذين "سيموتون اليوم،" لأنهم يخشون ألا تصل سيارات الإسعاف إلى هؤلاء في الوقت المناسب.
• عاملو الهاتف في قسم الطوارئ أفادوا بأنهم كانوا يضطرون إلى التحادث مع مرضى تتدهور حالهم، في حين أن طواقم الإسعاف كانت عاجزة عن الاستجابة لهم.
• أحد العاملين شاهد أكثر من 100 مريض مصابين بمرض خطر ينتظرون سيارة إسعاف عندما لم يكن أي منها متوافراً.
• موظفو أقسام "الحوادث والطوارئ" A&E اضطروا إلى التعامل مع "ضغوط معنوية"، حين كان يتعين عليهم تحديد أي من المرضى المنتظِرين يجب أن يقدموا رعاية الطوارئ لهم.
تحقيق الهيئة الرقابية بدأ بعدما اضطر مريض فقد وعيه، إلى الانتظار نحو ثلاث ساعات ونصف الساعة في سيارة إسعاف، خارج قسم "الحوادث والطوارئ".
وقال طاقم الإسعاف للمحققين إنهم شهدوا أوقاتاً أرغم فيها أكثر من 100 مريض من الفئة الثانية الأكثر إلحاحاً - الأفراد المشتبه في إصابتهم بجلطات أو بأزمات قلبية - على انتظار سيارات الإسعاف، فيما لم تكن تلك الخدمة متوافرة للاستجابة لهم.
وتحدث العاملون في وحدات "الحوادث والطوارئ" أيضاً عن اضطرارهم إلى اتخاذ قرارات صعبة في شأن أي من المرضى الذين ينتظرون داخل سيارات الإسعاف، يجب نقلهم لتلقي العلاج الطارئ.
وأفاد التقرير بأن "موظفين أتوا على ذكر ذلك في أغلب الأحيان في ما يتعلق "بأكثر المرضى توعكاً"، وقالوا إنهم عانوا ضغوطاً معنوية فائقة، عندما لم يتمكنوا من "القيام بما هو واجب وصحيح (مع جميع المرضى)".
وأبلغ عاملون في طواقم الإسعاف محققي "فرع تحقيقات سلامة الرعاية الصحية"، بأن صحتهم العقلية لا تحظى بأولوية إلا "عندما يكون الوقت متاحاً"، لكن بالنسبة إلى بعضهم، فإنهم يتلقون المساعدة "بعد فوات الأوان".
نيل ألكسندر المسؤول الأول عن تحقيق "فرع تحقيقات سلامة الرعاية الصحية "قال: "سمعنا عبارات تتكرر مثل: ’وضع محبط‘، و’لا حول ولا قوة‘، و’أمر موجع‘ و’قاس‘، خلال مقابلاتنا مع العاملين، وأعرب كثيرون عن شعورهم بعبء كبير من جراء التجارب التي يعيشونها، وبالضرر المعنوي الذي يصيبهم.
وأضاف أن "التحقيق تضمن روايات عدة من مختلف أقسام نظام الرعاية الصحية، تتناول تأثير انعدام السلامة والراحة النفسية على الأفراد والفرق".
وكانت "اندبندنت" قد كشفت الأسبوع الفائت عن أن "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" والحكومة البريطانية قد يقطعان في الشهر المقبل، التمويل المخصص لمراكز سلامة الصحة العقلية التي تم إنشاؤها لعلاج العاملين في القطاع خلال فترة تفشي وباء "كوفيد"، مع اضطرار بعض المراكز بالفعل إلى إغلاق أبوابها.
"فرع تحقيقات سلامة الرعاية الصحية"، طالب هيئة الخدمات الصحية في إنجلترا بإدراج صحة الموظفين ضمن استراتيجيتها الوطنية المقبلة المتعلقة بسلامة المرضى.
وأوضح نيل ألكسندر أن "التوصية التي تم تقديمها تستهدف الحرص على الأخذ في الاعتبار الروابط الأساسية التي تجمع ما بين سلامة المرضى والراحة النفسية للموظفين، على المستوى الوطني". وقال: "إننا ندرك أنه إلى حين أن يتم توافر استجابة كاملة من النظام الصحي للتحديات القائمة في مجال تقديم الرعاية الطارئة، سيستمر العاملون في مواجهة مصاعب. ومع ذلك، على المدى الأقصر، أخبرنا موظفون واختصاصيو علم النفس الصحي بأنه في هذه الأوقات الصعبة، من المهم أن يتم منحهم الوقت والمساحة الكافيين للتفكّر والتعلم مما حص معهم وكذلك الحصول على دعم من أشخاص ذوي خبرة في السلامة النفسية للموظفين".
مارتن فلاهيرتي (الذي يحمل "وسام الإمبراطورية البريطانية" OBE، و"وسام الملكة لخدمات الإسعاف" QAM)، وهو عضو منتدب لـ "جمعية الرؤساء التنفيذيين لخدمات الإسعاف" Association of Ambulance Chief Executives (AACE) التي تمثل قطاع الإسعاف في مختلف أنحاء المملكة المتحدة، أوضح أن "هذا التقرير الأخير الصادر عن ’فرع تحقيقات سلامة الرعاية الصحية‘، يسلط الضوء على الروابط الرئيسة بين نظام شديد الضغوط، والانهيار المترتب عن ذلك في جودة الرعاية، وما يتأتى من ضرر يلحق بالمرضى، إضافة إلى الآثار السلبية الكبيرة الناجمة عنها في السلامة النفسية للموظفين".
وأشار إلى أن "قطاع الإسعاف التابع لـ ’الخدمات الصحية الوطنية‘، سلط باستمرار الضوء، من خلال ’جمعية الرؤساء التنفيذيين لخدمات الإسعاف‘، على حقيقة تعرض المرضى لضرر كبير إضافي بسبب التأخيرات غير الضرورية في تسليمهم للمستشفيات، عندما لا تتمكن فرق الإسعاف لدينا من نقلهم إلى رعاية العاملين في أقسام الطوارئ".
وبحسب تقديرات "جمعية الرؤساء التنفيذيين لخدمات الإسعاف"، فإن تسعة في المئة من حالات التأخير في تسلم المرضى من سيارات الإسعاف التي تستمر لأكثر من 60 دقيقة، من المرجح أن تؤدي إلى "ضرر بالغ"، في حين أن 85 في المئة تتسبب بـ "مستوى معين من الضرر". وانطلاقاً من ذلك، فهناك ما لا يقل عن 448 ألف مريض قد تضرروا بسبب التأخيرات، منهم 47 ألفاً ربما عانوا أضراراً جسيمة، وذلك في الفترة الممتدة ما بين يناير (كانون الثاني) ونهاية ديسمبر (كانون الأول) من العام 2022.
ونبه فلاهيرتي إلى أن عدم القدرة على الاستجابة للمرضى، الذين يحتاجون إلى رعاية منقذة للحياة - وفي بعض الأحيان وفاة أشخاص أو تأذيهم بسبب التأخير - يكون له تأثير خطر في معنويات الأفراد.
تجدر الإشارة هنا إلى أن مرافق "أن إتش أس" شهدت إضراباً غير مسبوق هذا الشتاء، نفذ خلاله عشرات الآلاف من العاملين في خدمات الإسعاف سلسلة توقفات عن العمل منذ شهر ديسمبر (كانون الأول) الأخير. ومن المقرر أن تتصاعد الإضرابات الجماعية الشهر المقبل، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق في شأن تحسين الأجور وظروف العمل.
متحدث باسم "هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا" أكد أنه "ما من شك في أن موظفي ’أن إتش أس‘ واجهوا تحديات كبيرة هذا الشتاء، مع تزايد الطلب بشكل قياسي على الرعاية العاجلة والطارئة، وفي ظل مستويات عالية من إشغال الأسرة داخل المستشفيات، وصعوبات في تسليم المرضى، والتأثير المشترك لكل من عدوى ’كوفيد‘ والإنفلونزا، الأمر الذي جعل موسم الشتاء هذه السنة، الأكثر ازدحاماً على الإطلاق.
وأضاف المتحدث: "إن سلامة كل من المرضى والموظفين تعد أمراً حيويا، وتأخذ ’هيئة الخدمات الصحية الوطنية صحة العاملين وسلامتهم على محمل الجد، من خلال تقديمها مجموعة من وسائل الدعم، بما فيها خطوط المساعدة الهاتفية التي تم تخصيصها لهم، وتطبيقات السلامة، وورش التدريب، إضافة إلى خيار المرونة في العمل. وسنقوم قريباً بنشر تحديث لاستراتيجيتنا المتعلقة بسلامة المرضى، التي ستتضمن تفاصيل مرتبطة بطرق ضمان سلامة الموظفين".
وفي تعليق على ما تقدم، قال متحدث باسم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية البريطانية، إن الوزراة تواصل دعم الموظفين أثناء تعاملهم مع تراكم حالات انتظار المرضى الذي تسببت به جائحة "كوفيد"، والتزمت إضافة 800 سيارة جديدة إلى خدمات الإسعاف على الطرقات.
وأضاف أن "هيئة ’أن إتش أس‘ ستقدم المساعدة اللازمة للموظفين الذي يحتاجون دعماً في مجالي السلامة الجسدية والنفسية، بما في ذلك الدعم النفسي المستهدف والعلاج للأشخاص الأكثر تضرراً".
إشارة أخيراً إلى أن خلال إعداد هذا التقرير، كان محققون يتحدثون مع العاملين في رعاية الطوارئ وطواقم الإسعاف على امتداد مرافق "الخدمات الصحية الوطنية"، وقاموا بزيارات لمراكز الإسعاف ومراكز تلقي اتصالات المرضى، وتحدثوا مع قادة القطاع على المستوى الوطني.
© The Independent