Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أنا أحب الكوميديا ​​الرومانسية لكنها فظيعة، أليس كذلك؟

لماذا ما زلنا ننساق وراء هذا النمط من الأفلام رغم أذاها

سيث روغون وتشارليز ثيرون في لونغ شوت (ليونز غيت)

فيلم وثائقي جديد يستكشف نمط الأفلام الذي أدى إلى ميلاد ميغ رايان، وعقوداً من كره الذات وعلباً كبيرة من المثلجات أكلها المتفرجون بحزن وهم جالسون على أرائكهم، حسب آدم وايت

نشأت المخرجة والموسيقية إليزابيث سانكي في العصر الذهبي للكوميديا الرومانسية، عصر السينما الذي بني على أكتاف فيلم ’الفتاة العاملة‘ للممثلة ميلاني غريفيث و الممثلة أندي ماكدويل التي لم تلحظ المطر في فيلم ’هل ما زال الجو ماطراً؟‘ لكنها كبرت وتزوجت وألقت نظرة إلى الوراء على علاقتها بالأفلام التي علّمتها كيف تحب وتشتاق وبشكل عام كيف تكون، وأدركت مدى ضرر الكثير من تلك الأفلام وكم من مرة لقّنتها الدروس الخاطئة.

وتقول: "بعد أن تزوّجت تكشّفتْ لي حقيقة أن هناك الكثير من الأمور الإشكالية العميقة في تلك الأفلام ... لقد أدركتُ، يا إلهي، أن معظم الناس يعتبرونها خيالية، لكنني كنت أعاملها على أنها واقعية، أو مثل مخطط أو خارطة طريق لكيفية التصرف في العلاقات. وهذا أمر مقلق حقاً."

إن الفيلم الوثائقي الجديد لـسانكي الذي يحمل عنوان ’الكوميديا الرومانسية‘، يفكّك إلى حد بعيد هذا النمط السينمائي الذي تعشقُوه وتكرهُونه بنفس القدر. إلى جانب مجموعة من أروع المقاطع السماوية من مئات أفلام الكوميديا الرومانسية عبر تاريخ السينما، تقدم سانكي موسيقى تصويرية حالمة من تأليفها وأداء فرقتها ’سمر كامب‘ وبأصوات المساهمين مثل الصحافية الموسيقية لورا سنابس والناقدة السينمائية سمران هانز. تسترجع سانكي في هذا العمل رحلتها الخاصة كفتاة مولعة بأفلام الكوميديا الرومانسية وإدراكها التدريجي للمعيارية المغايرة لهذا النمط  من الأفلام وارتباطها بشكل شبه عالمي بثقافة البيض وتصويرها على نطاق واسع أفرادأ أثرياء بطريقة غير منطقية.

ثم هناك "القواعد" التي يجب على الشخصية الأنثوية اتباعها في الكوميديا الرومانسية، والتي تقول سانكي إنها قضت وقتاً طويلاً في محاكاتها خلال سنوات شبابها. تقول سانكي في الفيلم: "يجب أن تكون دائماً مسترخية ومرنة ومرحة. إذا كنت تعتقد أنك تكره شخصاً ما، قد يعني هذا في واقع الأمر أنه الشخص المثالي لك. ويتحقق النجاح الحقيقي للعلاقة من خلال شيء واحد لا ثاني له وهو -  حفل زفاف كبير أبيض."

غالباً ما تكون الأفلام الكوميدية الرومانسية بمثابة وحش بحجم مضاعف، ورسائلها مدمرة وخبيثة وأدواتها معروفة جيداً. في أفلام الكوميديا الرومانسية الجميع أغنياء، وجهاز التلفاز هو للأشخاص الوحيدين - وتعرض إلى ما لا نهاية أفلاماً بالأبيض والأسود، حيث يتم تصوير النساء العازبات ووجوههن المكفهرة في هيئة غير جذابة .  

النساء صاحبات الأعمال هن أيضا نساء في حاجة إلى خلاص ذكوري. الوظائف في وسائل الإعلام، والهندسة المعمارية أو العلاقات العامة هي كل ما هو موجود. وإذا كان أي شخص يعمل في مجال المبيعات، فيكون هذا في السوبر ماركت بصورة قليلة وأكثر من ذلك في مكتبة مستقلة محببة مضاءة بواسطة المصابيح وتملؤها أصوات مفاتيح الحاسوب الذي يعمل بنظام ويندوز 98 وتضغط ميغ رايان عليها. النساء السوداوات والمثليات والممثلة ريتا ويلسون ميالات إلى أن يكن أكثر بقليل من الكورس في الجوقات اليونانية يقفن على هامش قصص حب أصدقائهن البيض المستقيمين. فيلم ’ذا شرينك إز إن‘ (’حضر الطبيب النفسي‘) وهو كوميديا رومناسية منسية من إنتاج عام 2001 وبطولة كورتني كوكس وديفيد آركيت، يعود ذكره اليوم فقط بسبب تعبير كوكس الذي يلخص بـ "أفضل صديقة سوداء"، موجودة من أجل تقديم النصح وتقول بين الفينة والأخرى عبارة "ممم، حبيبة"، وليست أكثر من فيولا ديفيس قبل أن تصبح مشهورة.

وحتى في الأفلام الكوميدية الرومانسية (الأندر) التي تسلط الضوء على الممثلين السود، مثل ’بوميرانغ‘ و ’اثنان يمكن أن يلعبا تلك اللعبة‘ أو معظم أفلام سناء لاثان السينمائية، لا تزال الشخصيات تعمل في عوالم نادرة من المطاعم الراقية، والشقق العالية الفاخرة وملابس مصممي الأزياء. أفلام الكوميديا الرومانسية المِثلية مثل ’حفظ الوجه’ و’تخيل أنا وأنت’ - الفيلم الأول هو عمل كوميديا رومانسية نادر يقدم شخصيات آسيوية من أي ميول جنسية - تحركها بصورة مشابهة بطلات ثريات.

ولكن، على الرغم من أخطائها العديدة، فإن أفلام الكوميديا الرومانسية هي أيضاً أشياء سيئة لا يمكن مقاومتها،  مليئة بالسحر الجمالي والتفاؤل البراق ونهايات القصص الخيالية. إنها مريحة وتشعرك بالراحة وآمنة تماماً ومليئة بالممثلين المرحين ذوي أسنان يحسدون عليها وبشرة مثالية.  بالإضافة إلى ذلك، هناك حجة يجب مناقشتها وهي أن هذه الأفلام تجذب جوانب من أنفسنا لا نحب أن نقول إنها موجودة - رغبة سرية في أن نكون جميلين، أو رغبة في امتلاك خزانة مليئة بالملابس باهظة الثمن، أو التي تتناسب مع شكل معين من الأجسام. ولأننا نعرف أنه من غير المنطقي عموماً أن نريد مثل هذه الأشياء، فنحن نرفضها بشكل عملي، في حين كنا نرغب سراً في أن نعمل في ’بوا ماغازين آ‘ بدل جينيفر غارنر في فيلم ’13 أصبحت 30‘ أو أن نعيش في نوتينغ هيل ونثبت بأننا شخص لا تقاومه أشهر نجمة سينمائية في العالم.

لا يوجد نوع آخر من الأفلام يلهم هذا الشعور بالذنب في جمهوره. أفلام مايكل باي أو ’جاكاس‘ أو تلك التي تحتوي ’دواين جونسون‘ ارتقت إلى نوع من المديح الساخر، ويُستمتع بها لما ’هي عليه‘ أكثر من كونها أشياء تستحق الخزي، في حين أن مراجعات النقاد لها نادراً ما تشتمل نقدا لاذعا يتساوى مع أي عمل متوسط لـجنيفر أنيستون. وقد تركت بصمة أيضاً فيما يتعلق بكيفية تعاملنا معها، وكل هذا للأسف بسبب مدى سيطرة النساء على هذا النمط من الأفلام أمام  الكاميرا وخلفها، وما تقوله عن علاقتنا بقصص معترف بها على أنها نسائية بشكل خاص. على حد تعبير إيميلي نوسبوم المذهل في مقال في مجلة نيويوركر عن إرث فيلم ’الجنس والمدينة’ في عام 2013 ، التي تقول "[هناك] افتراض بأن كل شيء منمق أو محسوب أو ممتع أو مضحك أو أنثوي ... يجب أن يكون أدنى."

"عندما أخبر النساء أنني كنت أصنع هذا الفيلم، سيقلنّ:’يا إلهي، أنا أحب الكوميديا ​​الرومانسية لكنها فظيعة، أليس كذلك؟‘ وكان هناك الكثير من الأشياء المتغيرة ومشاعر الاستياء التي ترافقها" تتذكر سانكي. وتعترف بأنها هي نفسها كانت لديها تلك المشاعر: "لقد كان لدي الكثير من مشاعر الكراهية الداخلية حولها إذ كنت أحس ’أنا نسوية، لا أستطيع أن أحب هذه الأفلام، إنها سخيفة، إنها من الأشياء النسائية‘. مثل، ’أوه لا ، أنا لا أريد أن أكون من هذا النوع من النساء اللواتي يذهبن مع صديقاتهن لمشاهدة الكوميديا ​​الرومانسية - هذا أمر محرج للغاية، أنا لست من هذا النوع من النساء، أنا ذكية ، أنا مثقفة، أنا قارئة كتب!‘ وأشعر بالخزي من هذا الجانب من نفسي."

بالنسبة لأولئك الذين يحبونها - بغض النظر عن رعبها المتأصل - سوف يدافعون عنها دائماً. جزء من الفضول في مشاهدة وثائقي ’كوميديا رومانسية’ هو الطريقة التي يجبرك فيها على معالجة علاقتك من خلال هذا النمط السينمائي، ومدى حرصك على التسامح مع العديد من أسوأ صفاتها.

ولا يعود هذا إلى الأعمال الممتازة في هذا النمط من الأفلام، ومن بينها: ’عندما التقى هاري وسالي‘ ’زفاف أعز أصدقائي‘ أو أغلب الأعمال التي كتبتها نورا إفرن، ريتشارد كورتيس و نانسي مايرز.

بدلاً من ذلك، تجد نفسك تنحني للخلف للدفاع عن أعمال مثل ’بينما كنت نائماً‘ الاجتماعي لساندرا بولوك، أو العشاق القساة الغامضين الذي يجمعهم القدر في فيلم ’مصادفة‘ من بطولة جون كوزاك و كيت بيكنسيل.

تقول سانكي: "أعتقد أن القوة التي تتمتع بها بدائية بالفعل ... أعلم أنه بغض النظر عن مدى غرابة الفرضية، أو مدى إشكاليتها، أو ماذا يحدث خلالها، ما زلت أجد نفسي متأثرة بالشوق والرغبة المكبوتة. لقد كان رد فعلي العاطفي دائماً قوياً جداً على ذلك، وأعتقد أن الوقوع في الحب هو الشيء الأكثر سحراً الذي يختبره البشر، يمكنك أن تجد نفسك في هذه الأفلام بغض النظر عن جميع الأشياء الغريبة فيها. وهذا السبب الذي يجعلها مميزة للغاية."

قد يرجع ذلك أيضاً إلى أن هذا النمط من الأفلام بات نادراً في السينما. في كثير من الأحيان، لا تنتشر الأفلام الكوميدية الرومانسية المُسهبة والمنفذة على نطاق ضيق في الدول الأخرى. جيل الممثلات الشابات الشقراوات والمحبوبات الذي أتى بعد  كاثرين هيغل اخترن بدلاً من ذلك أن يصنعن شخصيات تترشح للأوسكار أعمالاً نخبوية غريبة بدلاً من ركوب موجة الأفلام الكوميدية الرومانسية -  مهيأة للغاية كما لو أنها كانت قوالب جاهزة. وعندما تصل الأفلام إلى دور السينما، مؤخراً من خلال فيلم ’بعيدة المنال‘ من بطولة سيث روغن وتشارليز ثيرون (المعروف باسم التحفة الفنية السرية لعام 2019  في مجال الأفلام )  فإنها تلقى استهجاناً إلى حد كبير من قبل الجماهير. بدلاً من ذلك، وجدت موطناً لها في التلفزيون أو في أفلام  نيتفليكس مثل ’دبّر الموعد‘ أو’كن دائماً حبيبي‘ أو في مسلسلات مثل ’مشروع مايندي‘ و’متيم بالحب‘ والنسخة التلفزيونية القادمة التي تعيد تقديم فيلم ’مايندي كالينغ‘ ’أربعة أعراس وجنازة‘.

ومثلما انتهت أفلام الكوميديا الرومانسية من السينما، كذلك انتهت البطلة النموذجية لهذا النوع من الأفلام المحبوبة من قبل الجماهير، والمسؤولة عن تحويل ممثلات مثل جوليا روبرتس أو ريس ويذرسبون إلى نجمات. بدلاً من ذلك، فإن أيقوناتنا الخيالية الجديدة للمرأة المتمكنة تميل إلى أن تكون شريرة أو على شكل نساء معقدات بشكل ساحر اللواتي يرغبن في تفكيك الصور التي تحركها وسائل الإعلام عن الكمال الجذاب للمعيارية المغايرة والسخرية منها بدلاً من تقبلها. خطاب ’الفتاة الرائعة‘ الذي تؤديه آمي دون في فيلم ’غان غيرل‘ عن المظهر والسلوكيات والاهتمامات التي يتوقع أن تجسدها النساء ذوات الجنس المغاير كي يظهرن جذابات للرجال الخشنين، كان بإمكانه أن يكون رداً على أي عدد من أفلام كاميرون دياز.

تقول سانكي: "أعتقد أن الكثير من النساء غاضبات للغاية ويشعرن بأنهن يُمثَّلن بطريقة سيئة للغاية... وهذا ما يجعل من اللطيف حقاً رؤية هذه الشخصيات الشريرة، على سبيل المثال فيلانيل [بطلة مسلسل قتل حواء] فيلانيل أو حتى في دور مثل مسلسل ’حكاية أَمَة‘، حقيقة أن [شخصية إليزابيث موس] تميل إلى هذا الموقف الرهيب وتقاتل وتصك أسنانها وتمضي قدماً في ذلك، هناك شيء تحرري ومثير حقاً في ذلك.

"السبب الرئيسي في ذلك يرجع إلى أنها مجرد شخصيات لم نرها من قبل، وهي أنثوية ومعقدة وإشكالية من حيث كيفية تعاملها مع الآخرين. خاصة لأن مشكلات المرأة في أفلام الكوميدية الرومانسية تميل إلى أن تكون من نمط ’أوه، إنها حقاً خرقاء!‘. أتذكر عندما كنت مراهقة كنت أشعر أنني لم أستطع أن أقول لصديقي أنه فعل شيئاً أزعجني، وكان الغضب ينمو في داخلي بسبب ذلك، وأعتقد أن هذه الشخصيات الجديدة هي بالتأكيد استجابة لهذا الشعور بالإحباط الذي شعرت به نساء كثيرات تجاه الطريقة التي مُثّلن بها في الأفلام والتلفزيون. بالنسبة لي، إنه أمر مثير بالفعل."

هذا لا يعني ، كما تصر سانكي، أن الكوميديا الرومانسية بالشكل الذي نعرفه قد انتهت، أو أن النساء على الشاشة بحاجة إلى تحطيم أو أنهن باردات أو يحتجن إلى غرز إبرة في أذرعهن كي يكنّ تقدميات أو ’أفضل‘ من  تلك المرأة العصابية العاملة التي لا حظَّ لها في الحب التي تؤديها جينيفر لوبيز كل بضع سنوات. إنهن بحاجة فقط إلى أن يمثلن النساء بصورة أكبر، وأن يكن على صلة أكبر بما تشعر به المرأة اليوم وما تريده وكيف تبدو.

وتوضح: "أتفهم الميل الغريزي للقول إن الكوميديا ​​الرومانسية حلوة للغاية أو أننا مررنا بتجربة عصيبة كي نجعلها حلوة، لذلك ما يتعين علينا القيام به الآن هو جعلها أقتم أو أكثر تعقيداً ... لكنني لا أظن أن هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكننا فعله حيالها. يمكنك أن تبقيها متفائلة وطموحة وجميلة، كل ما تحتاجه هو أن يكون لديك شخصيات ليست بيضاء ولا سوية جنسياً ولا من الطبقة المتوسطة. أعتقد أن هذه هي الطريقة الممكنة، وهذه هي الطريقة التي تبث الحياة فيها. "

طالما أن هناك حباً واشتياقاً وممثلين شبان مرحين، فإن هوليوود حريصة على اللجوء إلى النجوم، وسيكون هناك أفلام كوميديا رومانسية. لكن في عام 2019، لا تحتاج هذه الأفلام أن تكون دائماً حول نفس النمط من الأشخاص.

يُعرض وثائقي ’كوميديا ​​رومانسيّة‘ ضمن مهرجان ’ذا لوكو’ السينمائي للكوميديا في لندن لعام 2019  الذي يقام في الفترة ما بين 11-14 يوليو/تموز 2019 في ’جمعية الأفلام البريطانية‘ في ساوثابانك.

للمزيد من المعلومات: http://locofilmfestival.com/

© The Independent

المزيد من فنون