Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الخصومات تحد من فعالية أنظمة السلامة الغذائية في الجزائر

اقتطعت أجهزة الرقابة عينات للتحاليل المايكروبيولوجية لبعض المواد ذات الاستهلاك الواسع للتأكد من مدى استجابتها للمواصفات

تسويق منتجات بعضها على وشك الانتهاء من مدة الصلاحية في الجزائر (اندبندنت عربية)

ملخص

غياب ثقافة معاينة #المنتوج من #المستهلك_الجزائري والتأكد من سلامة التعبئة ومدة صلاحيتها بهدف ضمان #السلامة_الغذائية.

لا تزال ظاهرة إغراق الأسواق الجزائرية بمنتجات غذائية مستوردة أو محلية الصنع تحوي مواد خطرة تطرح تساؤلات حول نوعية ما يستهلكه المواطن، ومدى فعالية المصالح المتخصصة في مراقبة وردع المخالفين لقواعد السلامة الغذائية.

ويزداد إقبال الجزائريين على اقتناء المواد الغذائية مع اقتراب بعض المواسم التي تعرف ارتفاعاً في معدلات الاستهلاك، على غرار الأعياد الدينية وشهر رمضان، فيستغل التجار الفرصة لتقديم عروض مغرية للزبائن ويصل الأمر حد البيع من طريق الخفوضات أو ما يعرف في الجزائر بـ "الصولد" في الأسواق التي لا تخضع للمراقبة، وهو ما يسهل على بعض التجار تسويق منتجات من دون التأكد من صلاحيتها أو مكوناتها ويهدد صحة المستهلك وسلامته.

منتوجات غذائية

وأصبح عرض المواد الغذائية في الأسواق الموازية في الجزائر ظاهرة تجارية تمارس بعيداً من أعين الرقابة، يتم فيها تسويق منتجات بعضها على وشك الانتهاء من مدة صلاحيته، وأخرى لا تحمل حتى تاريخ الإنتاج والبيانات الضرورية، وذلك على أرصفة الأسواق وبأسعار منخفضة جداً، مما يجعل هذه المواد تنفد في وقت قصير من عرضها.

ويلاحظ المتجول في الأسواق الجزائرية الكميات الكبيرة من لوازم صناعة الحلويات والمواد الغذائية المختلفة والمعلبات والزيوت بأنواعها، والأخطر من ذلك عرض مواد سريعة التلف مثل الأجبان ومشتقاتها على قارعة الطريق، كما أن معظم هذه المنتجات يباع من دون توضيب داخل علب ولا تحمل بيانات المنتج والجهات المصنعة له أو تاريخ الإنتاج وفترة الصلاحية للاستهلاك.

وغالباً ما يعمد عدد من أصحاب محال البيع بالتجزئة والمساحات التجارية إلى عرض منتجات غذائية غير صالحة للاستهلاك على رفوف محالهم، ويندفع المستهلك إلى اقتنائها واستهلاكها من دون التأكد من سلامتها إلا في حالات استثنائية يكون فيها الخلل ظاهراً، وفي بعض الأحيان لا يتفطن المواطن للخلل إلا بعد مغادرة المتجر، في ظل غياب ثقافة معاينة المنتوج من المستهلك الجزائري والتأكد من سلامة التعبئة والرزم كأول خطوة، وتفحص ما تحويه المنتوجات الغذائية من معطيات تخص تركيبتها ومدة صلاحيتها، وكل ما له علاقة بالبيانات التوضيحية التي تخص المواد الغذائية وتهدف إلى ضمان سلامة المستهلك وصحته.


حصيلة ثقيلة

ورصدت نشاطات فرق الرقابة الاقتصادية وقمع الغش التابعة لوزارة التجارة في الجزائر خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي استمرار الممارسات التي يقوم بها بعض التجار في السوق الوطنية، وتتعلق بتسويق منتجات غذائية غير مطابقة لمعايير الجودة والسلامة مما يجعلهم يقعون تحت طائلة القانون.

وأسفرت عمليات الرقابة التي نشرتها وزارة التجارة عبر موقعها عن 173854 تدخلاً، مكّنت مصالح الرقابة من تسجيل 16767 مخالفة وتحرير 15791 محضر متابعة قضائية.

 وإضافة إلى ذلك قامت مصالح الرقابة باتخاذ إجراءات إدارية تحفظية تمثلت في حجز سلع ذات قيمة إجمالية تقدر بـ 208.537 مليون دينار جزائري (1.521.277 دولار أميركي) واقتراح غلق 1247 محلاً تجارياً.

وبموجب الإجراءات التحفظية تم حجز سلع غير مطابقة أو غير صالحة للاستهلاك قدرت قيمتها المالية بـ 189.480 مليون دينار جزائري (1.382.256 دولار أميركي)، واقتراح غلق 275 محلاً تجارياً.

وأسفر تدخل الوقات المنية المولجة قمع الغش على مستوى المفتشيات الحدودية عن رفض 48 حمولة لمنتجات غير مطابقة على مستوى الحدود تُقدر كميتها بـ 3.158 طن وبقيمة مالية إجمالية قدرها 817.35 مليون دينار جزائري (5.962.568 دولار أميركي).

وقامت أجهزة الرقابة باقتطاع عينات للتحاليل المايكروبيولوجية والفيزوكيماوية لبعض المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع والمنتجات الصناعية غير الغذائية للتأكد من مدى استجابتها للمواصفات والمعايير المعمول بها، إذ تم إجراء تحاليل مخبرية على 926 عينة مقتطعة من مواد غذائية وغير غذائية، ثبت منها عدم مطابقة 127 عينة، بينما أظهرت التحاليل السريعة بواسطة أدوات القياس (حقيبة التفتيش) بلوغ عدد التحديدات المنجزة في الميدان 11017، مما أدى إلى ثبوت 230 حالة عدم مطابقة.

وبحسب نتائج عمليات الرقابة على مستوى السوق المنجزة خلال شهر يناير الماضي في ما يتعلق بمطابقة المنتوجات الغذائية، تم تسجيل 45801 تدخل و861 مخالفة وتحرير 737 محضر متابعة قضائية، فيما بلغت القيمة الإجمالية للمحجوزات 10730 مليون دينار جزائري (75649 دولار أميركي).


أخطار صحية

وتشير هذه الأرقام إلى حجم وخطورة بعض الممارسات التجارية التي تستهدف صحة المستهلك من خلال عمليات الغش والتحايل على القانون، إذ تقف ترسانة التشريعات وإمكانات المراقبة عاجزة عن القضاء بشكل كامل على هذه الجرائم التي يرتكبها هؤلاء التجار في حق المواطن.

وعلى رغم أن القوانين الصحية والغذائية في معظم الدول تلزم شركات إنتاج الأطعمة والمأكولات المعلبة بوضع نشرة مرفقة لكل المنتجات تضم نسبة المكونات الداخلية فيها، مع التشديد على أهمية قراءة النشرة المرفقة لكل منتج غذائي قبل شرائه والاطلاع على المعلومات الواردة فيها، إلا أن بعض الشركات في الجزائر لا تجد حرجاً في بيع منتجاتها الغذائية من دون ذكر معلومات خاصة بالمنتج أو حتى عنوان الشركة.

وحول الموضوع يقول امحمد كواش المتخصص في الصحة العمومية، "بالفعل هناك عمليات سحب للمنتجات الغذائية التي تهدد السلامة الصحية للمستهلكين من الأسواق والمحال بعد تلقي مصالح قمع الغش معلومات بخصوص احتوائها على ميكروبات أو أنواع من البكتيريا الضارة، وهو أمر موجود في كل دول العالم، إذ بإمكان تعرض أي منتوج لخلل أثناء عملية الإنتاج أو ظروف التخزين، وتعرضها للبكتيريا أو الجراثيم".

ويوضح كواش لـ "اندبندنت عربية" أن عدداً من المنتجات على غرار المياه المعدنية أو الحليب والأجبان ومشتقاتها، يمكن أن تحوي بكتيريا ضارة وفيروسات تؤدي للإصابة بأمراض خطرة، لذا سيتم سحبها من الأسواق.

ويضيف أن "هذه المنتجات تشكل خطراً بالغاً على الصحة العمومية لأن الجزائر على غرار باقي دول العالم الثالث تفتقر إلى الاحترافية في تحضير بعض المنتجات، وبخاصة المواد الغذائية التي يحدث فيها نوع من التهاون على رغم أنها مصدر خطر في حال عدم احترام شروط السلامة الصحية المتعلقة بالإنتاج والتخزين والنقل والحفظ وظروف البيع".

ويؤكد أن هذه المنتجات قد تسبب أمراضاً خطرة بداية من التسمم البسيط إلى الإصابة بمضاعفات معقدة وأمراض مستعصية مثل السرطان، إذ تم تسجيل كثير من حوادث التسمم بسبب تناول مواد غذائية لم تراع شروط الحفظ والتخزين وعرضت بطريقة عشوائية، وأحياناً بسبب طريقة الإنتاج التي قد تعتمد على نسب مفرطة من الملونات أو المواد الحافظة، وهي مواد خطرة ومسرطنة تؤثر في عمل الكلى والكبد بشكل كبير.

ويشير كواش إلى أنه بسبب ضعف القدرة الشرائية أصبح المواطن يلجأ إلى اقتناء مواد غذائية تعرض بأسعار منخفضة، خصوصاً المأكولات السريعة التي تفتقر لشروط التحضير الجيدة.

ويرى امحمد كواش أن أنظمة السلامة الصحية في الجزائر تبقى بعيدة من المستوى المطلوب في غياب المراقبة والاحترافية والفعالية، بدليل غياب الشروط الصحية والنظافة في عدد من المحال ومساحات البيع والمطاعم وغيرها.

وفي هذا الإطار كشف كواشي عن تنظيم وزارة الصحة الجزائرية أسبوعاً وطنياً من الخامس وحتى الـ 11 من مارس (آذار) المقبل حول الوقاية، بهدف تعزيز ثقافة الحماية من الأمراض عبر تصحيح المفاهيم الخاصة باستهلاك المواد الغذائية والأدوية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غش

ويطاول استخفاف التجار وبعض المؤسسات المحلية والأجنبية المتخصصة في الصناعات الغذائية في الجزائر مواد موجهة للأطفال، مثلما حدث عام 2018 حين اكتشفت مصالح مديرية التجارة في محافظة وهران كمية من علب حليب أطفال منتهية الصلاحية تباع في المحال والأسواق.

ولكشف محاولات الغش في صناعة المنتجات الواسعة الاستهلاك تعمل ثلاثة مخابر معتمدة في الجزائر على تحليل عينات من المواد الغذائية التي تعرض في الأسواق بصفة دورية، إذ تدعو جمعيات حماية المستهلك الناشطة عبر مختلف المحافظات السلطات إلى كشف نتائج التحاليل للرأي العام لردع المصانع التي تتحايل على القانون.

واعتمدت الجزائر النظام الوقائي المعروف بـ "أش أ سي سي بي" المتعلق بشروط نظافة المواد الغذائية وسلامتها، الذي دخل حيز التنفيذ بداية فبراير (شباط) الجاري.

ويقوم نظام تحليل الأخطار ونقاط المراقبة الحرجة للتحكم فيها "أش أ سي سي بي" على الوقاية من الأخطار التي تهدد سلامة الأغذية، سواء كانت بيولوجية أو كيماوية أو فيزيائية من خلال تحديدها والسيطرة عليها.

وصدر في الجريدة الرسمية الجزائرية في الأول من ديسمبر (كانون الأول) 2020 قراران وزاريان مشتركان يتعلقان بشروط وكيفيات تطبيق نظام "أش أ سي سي بي"، وكيفيات المصادقة على أدلة الطرق الحسنة النظافة وتطبيق مبادئ هذا النظام.

ويتيح النظام مهلة عامين كاملين للمتدخلين المعنيين من أجل تحديث منشآتهم وكسب الكفاءة اللازمة التي تسمح لهم بامتلاك شهادة ونظام "أش أ سي سي بي" وتطبيقه في عملياتهم الإنتاجية.

ويؤكد رئيس المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك مصطفى زبدي وجود اختلالات في بعض المنتجات الغذائية من حيث العرض والطلب، وتذبذباً في حجم المخزونات بما يؤثر في وفرة هذه المواد في الأسواق.

ويوضح زبدي أن المنظمة التي يترأسها تقوم بإخطار السلطات المعنية فور تلقيها معلومات حول مواد غذائية غير مطابقة لمعايير السلامة الصحية أو لديها تأثير في صحة المستهلك، مشيراً إلى أن تدخل فروع منظمة حماية المستهلك يشمل الشركات المنتجة لمواد غذائية أو صناعية، إذ تمتلك المنظمة جهاز إنذار يتم من خلاله تبليغ السلطات بالتجاوزات المسجلة مع تحذير المستهلك من اقتناء واستهلاك هذه المواد المشكوك في مطابقتها للمعايير الصحية.

وذكّر مصطفى زبدي بملاحظة أبدتها المنظمة أخيراً وتتعلق باستعمال المضافات الغذائية في المنتجات والنسب القانونية الواجب احترامها ووجوب وضع الوسم والرموز التوضيحية على المنتجات التي تحوي هذه المضافات.

وتعليقاً على نظام "أش أ سي سي بي" قال زبدي إن اعتماد النظام يأتي في إطار الالتزامات الدولية لاتقاء الأخطار في سلاسل الصناعات الغذائية، مستدركاً بأن "النظام وحده لا يضمن سلامة المنتوج وإنما يقلل الأخطار المحتملة، لتبقى الرقابة إلزامية وضرورية إلى جانب إجراءات احترازية أخرى".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير