Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

3 أفلام تجمع بين الكلاسيكية والعبثية ظُلِمت في برلين

الألمانية الرائدة مارغريت فون تروتا واللبناني النمسوي باتريك شيحا والياباني ماكوتو شينكاي تجاهلتهم لجنة التحكيم

من فيلم "رحلة إلى الصحراء" لفون تروتا الذي يستحق جائزة (ملف الفيلم)

ملخص

هذا العام، كان هناك في #برلين أكثر من 300 فيلم، وفي المقابل عدد محدود من #الجوائز. من "الطبيعي" والحال هذه، أن يغادر الكثير من #السينمائيين بخفي حنين.

مقابل كل فيلم يفوز بجائزة ويذاع صيت صاحبه ويحظى بالاهتمام الدولي، ثمة عشرات الأفلام المهمة التي تبقى في الظل ولا تنال الاهتمام الذي تستحقه. هذا ما يحدث في كل دورة جديدة من المهرجانات السينمائية، والنسخة الثالثة والسبعون من "البرليناله" (16 – 26 فبراير -  شباط) لا يشكّل استثناء في هذا المجال. الأفلام التي وجدت لجان تحكيم مختلف الأقسام أهلاً بالفوز ليست هي الوحيدة الجديرة بما نالته، وما هي الجوائز في النهاية سوى رأي بضعة أشخاص كُلِّفوا بمهمة تمييز بعض الأعمال على حساب أعمال أخرى. 

هذا العام، كان هناك في برلين أكثر من 300 فيلم، وفي المقابل عدد محدود من الجوائز. من "الطبيعي" والحال هذه، أن يغادر الكثير من السينمائيين بخفي حنين، مع العلم أن الجوائز ليست كلّ شيء وليست هي معيار الجودة، ولا ينبغي على الفنان أن ينجز عملاً فنياً وفي باله هدف واحد: الجوائز. مجرد المشاركة بعمل جديد في مهرجانات كبيرة يحضرها الآلاف هو في ذاتها فوز للفيلم وانتصار لرؤية العمل. مع ذلك، يبقى الفنان بطبيعته تواق إلى الجوائز التي يعتبرها البعض اعترافاً بجهده وتكريساً لموهبته من قبل العاملين في مجاله. 

الكبيرة مارغريت فان تروتا

أول الأفلام التي ظُلمت في هذه الدورة ولم يُسند أي جائزة: "إينغبورغ باخمان - رحلة إلى الصحراء" (مسابقة) لمارغريت فون تروتا، المخرجة الألمانية المخضرمة التي باتت في الثمانين من عمرها ولها في سجلها أعمال مهمة أنجزتها منذ السبعينيات. وهي عرفت خصوصاً بالأفلام التي تناولت فيها سير شخصيات بارزة، مثل المناضلة روزا لوكسمبورغ والقديسة هيلدغارد أو الفيلسوفة هنا أرندت أو المخرج إنغمار برغمان. في جديدها، تتطرق إلى بضعة أعوام من سيرة الروائية والشاعرة النمسوية إينغبورغ باخمان (1926 - 1973) التي تقول عنها بأنها كانت "رفيقتها" لسنوات طويلة، بالمعنى المجازي لا الحرفي، إذ إن تروتا لم تقابلها إلا مرة واحدة سريعاً في روما قبل عام من وفاتها.

 

إلا أن كتاباتها ظلت مصدر إلهام لها، وها أنها تخصص اليوم فيلماً عن السنوات الأربع المميزة بحلوها ومرها التي عاشتها مع الكاتب السويسري ماكس فريش (1911 - 1991)، وذلك بعدما التقيا في باريس في أواخر الخمسينيات، فوقع أحدهما في غرام الآخر، وقررت باخمان على أثرها أن تنتقل إلى زيورخ للعيش معه. لكن العلاقة العاطفية ستنتج الكثير من التوتر وشد الحبال والقسوة على مر الأيام، وذلك بسبب غيرة فريش وحبه للامتلاك. بعد السكرة ستأتي الفكرة وستظهر إلى السطح الطباع المختلفة لكلّ منهما: هي إمرأة حرة ومغامرة أما هو فرجل مقيد ومحافظ، يحتاج إلى صمت في البيت طوال الوقت وأي صوت غير صوت آلة الكتابة غير مرحب به. الفيلم سيحملنا أيضاً إلى مصر حيث الصحراء التي تجسّد بالنسبة لباخمان فكرة المغامرة والحرية والخروج من المحيط والقيود. 

كفنانة امتهنت التمثيل والإخراج، ندرك ما يهم فون تروتا في تجربة باخمان وما الجانب الذي وددت التركيز عليه: العلاقة الصعبة التي تنشأ بين كاتبين يتشاركان سقفاً واحداً، وأي نوع علاقة يتولد بينهما مع الوقت، ولماذا الرومانسية تتحول إلى عذابات وعلاقات فيها قوة وسلطة؟ يأتي الفيلم ببعض الإجابات على هذه التساؤلات، وذلك من خلال الدخول في حميمية الشخصيتين المعذبتين وعبر التنقيب في أعماقهما للخروج بواحد من أكثر الأعمال الدرامية التي تحاول دراسة الشخصيات من دون أن تحكم عليها. نعم، هذا ما تفعله فون تروتا، بدقة وجمالية وحوارات لماحة، على رغم أن أسلوبها، بحسب البعض، ينتمي إلى المدرسة القديمة في صناعة الأفلام ولو أنها متقنة. وللأسف، يبدو أن هذه الكلاسيكية التي أصبحت كلمة تحمل في باطنها اتهاماً، ليست على مزاج الكثير من المحكمين في المهرجانات، خصوصاً إذا تعلّق الموضوع بشخصيات بيضاء من زمن آخر، لا تخدم أجندات سياسية أو عرقية أو جندرية ولا يمكن توظيفها للترويج لأيديولوجيا معينة، بالتالي أصبحت خارج الموضة وخارج الاهتمامات الراهنة. أحد النقّاد كتب أن الفيلم يجهد للارتقاء فوق مستوى الدراما القديمة عن المجتمع الرفيع، وهذه قراءة كسولة لفيلم يتناول من خلال علاقة، هاجس البحث عن الحرية التي لا يمكن بلوغها.

"وحش الادغال"

 

ثاني الأفلام الكبيرة التي ظُلمت في برلين، شارك في قسم "بانوراما". إنه "وحش الأدغال" للمخرج النمسوي من أصل لبناني باتريك شيحا. عمل غاية في الجنون السينمائي عن حكاية تبدأ في عام 1979 وتنتهي في عام 2004، وتدور على فتاة وشاب (أناييس دوموستييه وتوم ميرسييه) يلتقيان في مرقص ليلي. الشاب الذي يُدعى جون مقتنع بأنه ينتظر حدثاً عظيماً سيغير مجرى حياته، وسيتغير كل شيء من حوله بمجرد وقوعه، بالتالي عليه انتظار تلك اللحظة بكامل قواه العقلية والجسدية. فيقنع الفتاة ماي أن تنتظر معه، ومن اللحظة تلك لن يفعلان سوى الانتظار طول 25 عاماً. عليهما انتظار ذلك الحدث مهما كلّف الثمن ومهما طال الزمن ولن نعرف ما هو هذا الشيء الذي سيكرس له شخصان ربع قرن من حياتهما. ستتوالى الفصول وسيتغير كل شيء من حول جون وماي، لكن الانتظار سيبقى سيد الموقف حتى آخر الطريق. الفيلم اقتباس حر لرواية هنري جيمس (1843 - 1916). عبثيته تضعه على لائحة الأعمال الأكثر غرابةً في تاريخ السينما. هناك شيء من سينما ديفيد لينتش الذي ذكره المخرج في لقاء له بعد عرض الفيلم. أما على مستوى الإحساس الذي يبثّه فالفيلم لا نظير له في هذا المجال. هذا الإحساس يضعنا في حالة مربكة خصوصاً في ما يتعلق بعلاقتنا بالزمن والسرد وطبيعة تلقينا للأشياء. فعلى غرار البطلين، نحن في حالة انتظار وترقب شديدين لما سيحدث في المشهد التالي. "وحش الأدغال" هو من الأعمال التي تبقى في داخلك لفترة ما، وذلك سواء أحببتها أو كرهتها، وقد لا تعرف ما الذي لمسه فيك. لا حلّ وسطاً مع هذا العمل الثائر الذي كان أحد أجمل الاكتشافات في برلين، وللأسف لم ينل ما يستحقه من اهتمام وتقدير. 

الياباني شينكاي

 

ثالث الأفلام "المغدورة" (إذا صح التعبير) في برلين هذا العام هو "سوزوميه" للمخرج الياباني ماكوتو شينكاي. هذا واحد من فيلمين تحريكيين شاركا في المسابقة، لكن لم يرد أي منهما على لائحة الجوائز. هي قصة سوزوميه، ابنة السابعة عشرة، التي تلتقي في أحد الأيام بشاب يبحث عن باب لا يزال صامداً وسط حقل من الأنقاض. هذا الشاب يبدو أن لديه موهبة إيقاف الزلازل قبل حدوثها. فضول سوزوميه وحسها المغامر سيجعلانها تتعقبه، وسيؤدي هذا إلى أن تفتح باباً من دون أن تعلم أن هذا سيحرر كل الكوارث التي كان الباب يخفيها. من تلك اللحظة وصعوداً، ستبدأ مغامرة مدهشة تحملنا إلى أماكن مختلفة من اليابان لاغلاق الأبواب تجنباً لحدوث كوارث. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أفلام التحريك عملة نادرة في مسابقة برلين، علماً أن "رحلة شيهيرو"، رائعة ميازاكي، كان نال قبل 22 عاماً "الدب الذهبي". بالتأكيد، التحدي الذي كان أمام شينكاي - المخرج المعروف في مجال التحريك - صعباً. فمن الصعب الوصول إلى مستوى ميازاكي، معلم سينما التحريك، مع التذكير أن كثراً يلقبون شينكاي بـ"الميازاكي الجديد". 

"سوزوميه" يضمن استعراضاً بصرياً ضخماً لكل مَن يرغب في قضاء ساعتين داخل الصالة وينسى كل هموم الأرض ولكن يتذكر بعضها. فالفيلم يملك هذه القدرة على شدنا وتحريرنا في آن معاً. ما سيعيشه المشاهد هو رحلة برية وبحرية وجوية إلى أقاصي الخيال والمتعة البصرية. لا نصدّق في بعض اللحظات أن هذا كله مجرد رسوم وليس عالماً حقيقياً. ثم أن النص غني بالمواضيع ويعرف جيداً كيف يمزج بينها، وكيف يخرج بوحدة كاملة متكاملة لا تعطي الإحساس بالحشو. يجمع السيناريو لحظات عاطفية بكوميديا رومنسية بـ"فيلم طريق" بـ"سينما الكوارث"، من دون أن يقطع علاقتها العضوية بالمناطق اليابانية التي تقع خارج الصورة النمطية التي ارتسمت في الأذهان لتلك البلاد المتطورة حيث للميثولوجيات مكانة كبيرة في ثقافتها. 

اقرأ المزيد

المزيد من سينما