Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تغير حاسم في "الإدارة المدنية" يحبط التطلعات الفلسطينية لإقامة الدولة

السلطة اعتبرته قراراً إسرائيلياً غير معلن بضم الضفة الغربية وواشنطن قلقة من العواقب

حقوقيون وسياسيون إسرائيليون يحذرون من أن صلاحيات سموتيرتش الجديدة ترقى إلى ضم الضفة الغربية (اندبندنت عربية)

ملخص

سلطه #سموتريتش الجديدة على المنطقة #"ج" تمكنه من شراء ومسح وتسجيل #الأراضي هناك كأراضي دولة

بعد معركة ائتلافية داخلية مطولة استمرت أكثر من شهرين، تمكن زعيم "الصهيونية الدينية" ووزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش من تسلم السلطة على عديد من مسؤوليات منسق أنشطة الحكومة للشؤون المدنية في الضفة الغربية، وذلك على رغم التحذيرات من أن مثل هذه الخطوة ستزيد من تعقيد الوضع في الضفة، في وقت يجب فيه اتخاذ إجراءات لتهدئة الأوضاع الميدانية المحتدمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

 

وتتولى الإدارة المدنية التي أنشأها وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك أرييل شارون عام 1981 مسؤولية التنسيق الأمني والمدني مع السلطة الفلسطينية، ولم الشمل وقضايا اقتصادية، وشق الطرق والقضايا المتعلقة بالزراعة والمياه، ويقع على عاتقها تنفيذ أوامر الهدم للمباني الفلسطينية غير المرخصة والوحدات الاستيطانية غير المرخصة، وإصدار تصاريح العمل والموافقات لدخول الفلسطينيين إلى إسرائيل وغيرها، وعلى رغم نقل بعض الملفات مثل الصحة والتعليم وقضايا الأحوال الشخصية إلى السلطة الفلسطينية على أثر اتفاق "أوسلو" في 1993 و1995، لا تزال قضايا التخطيط والتطوير والبنية التحتية والخدمات، وبخاصة في المنطقة "ج" تحت السيطرة الإسرائيلية التي تشكل نحو 60 في المئة من مساحة الضفة الغربية.

صلاحيات واسعة

ووفقاً للاتفاقية، سيمنح سموتريتش، بصفته وزيراً في وزارة الدفاع الإسرائيلية، صلاحيات الإنفاذ على البناء الفلسطيني غير القانوني في المنطقة "ج" من الضفة الغربية التي تخضع لسيطرة أمنية ومدنية إسرائيلية كاملة، والسلطة على التخطيط والبناء للمستوطنات التي ستخضع لسيطرة إدارة المستوطنات الجديدة، ومسائل تخصيص الأراضي، بحيث سيتمكن، بسلطته الكاملة على المنطقة "ج"، من شراء ومسح وتسجيل الأراضي هناك كأراضي دولة، كما ستكون لديه سلطة لتطوير بعض الأراضي في الضفة كمحميات طبيعية، وتنص الاتفاقية على أن لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الحق في استخدام سلطته للتدخل في قرارات سموتريتش في ظل ظروف معينة، ويسمح أحد البنود لقائد القيادة المركزية للجيش الإسرائيلي أن يأمر بتنفيذ أنشطة إنفاذ "ملحة أمنياً" في حال جهود جديدة للسيطرة على الأراضي أو المباني، كما اتفق على أن هذه التفاهمات ستكون قابلة للتغيير في أي مرحلة، في حال تعرض الحكومة الإسرائيلية لضغوط دولية أو في حال تصعيد أمني. وتتراوح ميزانية الجيش الإسرائيلي في الأعوام الخمسة المقبلة، بحسب الاتفاق المعلن، ما بين 68 و69 مليار شيكل (قرابة 20 مليون دولار) سنوياً.

وقال سموتريتش على أثر التوقيع "سيحصل مواطنو يهودا والسامرة (الضفة الغربية) الآن على معاملة متساوية ومواطنة متساوية، وأنا واثق من أننا سنعرف كيف نعمل على النحو الأمثل لمواطني إسرائيل. أمامنا طريق طويل، لكن هذا عيد لسكان يهودا والسامرة وعيد لدولة إسرائيل"، بينما قال مجلس المستوطنات في الضفة الغربية "يشع" إن الصفقة كانت "أنباء مهمة لمشروع الاستيطان".

 

تداعيات أمنية

ودانت منظمة المتطوعين في مجال حقوق الإنسان الإسرائيلية "ييش دين"، وجمعية الحقوق المدنية في إسرائيل ومنظمة "كسر الصمت" الاتفاق. وأكدت المنظمات، في بيان مشترك "أن صلاحيات سموتيرتش الجديدة ترقى إلى ضم، بحكم القانون، الضفة الغربية".

وبحسب ما أوردته صحيفة "هآرتس"، وهيئة البث الإسرائيلية العامة "كان 11" فقد حذر قانونيون رفيعو المستوى في أجهزة الأمن الإسرائيلية رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من أن نقل صلاحيات الإدارة المدنية وتنسيق العمليات الحكومية في الضفة الغربية إلى سموتريتش له تداعيات أمنية خطرة. وأشار المستشار القانوني في الجيش الإسرائيلي إيتاي أوفير أن "جهات دولية، بما في ذلك المحكمة الدولية في لاهاي، ستعتبر القرار ضماً فعلياً لمناطق الضفة الغربية"، كما اعتبر رئيس المعارضة يائير لبيد "أن قرار نتنياهو نقل الصلاحيات عن الإدارة المدنية يعتبر بمثابة اللعب بأمن إسرائيل". أضاف "إذا كان كل وزير مسؤول عن جزء في الجيش واندلعت حرب مفاجئة، فمن سيدير المعركة غالانت أم سموتريتش؟ هذا القرار سيفكك الصلاحيات في المكان الأكثر حساسية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهته، انتقد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق بيني غانتس نتنياهو في شأن الصفقة، وكتب في تغيريدة على "تويتر" "مسؤولية تفكيك الجيش ووزارة الدفاع تقع على عاتق رئيس الوزراء نتنياهو، هذا قرار من شأنه أن يمزق الهرمية القيادية ويضر بأمن المواطنين الإسرائيليين ومكانتنا الدولية". وقال إن نتنياهو هو "أول رئيس وزراء إسرائيلي يضع السياسة فوق الأمن".

ضم الضفة

ويرى مراقبون أن احتفال سموتريتش بالاتفاق بوصفه "عيداً للمستوطنين"، بمثابة تأكيد رسمي على خطته بتعزيز الوجود الإسرائيلي خارج الخط الأخضر، وزيادة بناء المستوطنات والمستوطنين، وهو ما قد يحبط جدياً التطلعات الفلسطينية لإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967. وأظهرت بيانات مركز "القدس" للمساعدة القانونية (مستقل) أن منازل 150 ألف فلسطيني داخل تجمعات سكانية أو قرى غير معترف بها من قبل السلطات الإسرائيلية في الضفة الغربية، مهددة بالهدم الوشيك، في حين تشير تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن إسرائيل تستغل 76 في المئة من المساحة المصنفة "ج"، حيث ينتشر أكثر من 300 ألف فلسطيني، ووفقاً لـ"هآرتس"، فإن 80 في المئة من أوامر الهدم التي تنفذها "الإدارة المدنية" تطاول منشآت فلسطينية، في وقت يتم التغاضي عن تنفيذ غالبية أوامر الهدم الصادرة بحق مستوطنين.

 

بدورها، اعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية أن منح إسرائيل سموتريتش صلاحيات كاملة للإشراف على المستوطنات في الضفة الغربية قرار رسمي بضم الضفة. وقالت في بيان رسمي، "تنظر الوزارة بخطورة بالغة لمنح الوزير الإسرائيلي المتطرف العنصري سموتريتش صلاحيات كاملة للإشراف على المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، وتعتبره قراراً إسرائيلياً رسمياً غير معلن بضم الضفة الغربية، بخاصة أنه يتفاخر بعزمة تطبيق القانون الإسرائيلي عليها والتعامل معها باعتبارها جزءاً من دولة الاحتلال". وتابعت "هذا إضافة لما يصرح به علناً في شأن نيته تطبيق قرار الضم بمعناه العملي، بما يشمل رصد الميزانيات والتخطيط وتعميق وتوسيع المستعمرات ومدها بشبكة طرق ومواصلات وبنى تحتية أسوة بالمدن الإسرائيلية، وتسهيل إجراءات بناء مزيد من المستعمرات والوحدات الجديدة". وطالبت الوزارة المجتمع الدولي بمتابعة هذه الصلاحيات ومخاطرها على فرصة إحياء السلام والحلول السياسية للصراع.

تصعيد مقبل

من جهته، حذر المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان (حكومي)، من أن نقل الصلاحيات إلى سموتريتش ينذر باستفحال الاستيطان داخل الضفة، موضحاً أن مسؤوليته الكاملة على شؤون تسجيل الأراضي ومسحها وتسجيل بعضها كأراضي دولة، ستنعكس على تخطيط المواصلات وإخراج شق شوارع إلى حيز التنفيذ، وأعمال بنية تحتية مدنية أخرى، مثل المياه والطاقة وجودة البيئة، وبينت معطيات المكتب أن ثمانية شوارع التفافية جديدة، تربط ما يسمى المستوطنات المعزولة بالداخل "الإسرائيلي" لن تمر بالتجمعات السكانية الفلسطينية القريبة، الأمر الذي سيسهم "في محاصرة الفلسطينيين في معازل تحيط بها المستوطنات والبؤر الاستيطانية من كل جانب وتقطع أوصال الضفة الغربية".

بدوره، أكد مدير دائرة العمل الشعبي في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان (حكومي) عبدالله أبو رحمة، تصاعد المقاومة الشعبية خلال المرحلة المقبلة تصدياً "لإمكان ارتكاب المستوطنين مجازر بحق المواطنين الفلسطينيين". ولفت أبو رحمة إلى ضرورة استنهاض لجان الحراسة والحماية للقرى والبلدات الفلسطينية كافة، وفق برنامج نضالي واضح يلتئم فيه الجميع، على غرار الانتفاضة الفلسطينية الأولى".

عواقب مقلقة

وسط هذه الجواء، شددت اللجنة العامة للأمم المتحدة المعنية بممارسة حقوق الشعب الفلسطيني على "الحاجة إلى المساءلة عن جميع السياسات والتدابير الإسرائيلية غير القانونية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية"، في حين حذرت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الحكومة الإسرائيلية، بداية الشهر الحالي، من نقل صلاحيات واسعة من وزارة الأمن، لوزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بما في ذلك السلطة على "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق" المحتلة، و"الإدارة المدنية" للاحتلال في الضفة الغربية، وبحسب موقع "واللا" الإسرائيلي، "شددت واشنطن على أنها ستعتبر هذ الإجراء  خطوة باتجاه الضم الإسرائيلي لمناطق في الضفة الغربية المحتلة"، محذرة من إجراءات أحادية الجانب.

وأفاد الموقع الإسرائيلي بأن كبيرة مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف، وخلال اجتماعها مع عدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين، أبدت قلقها من عواقب مثل هذه الخطوة، مشددة على أنها ستزيد من تعقيد الوضع في الضفة الغربية.

من جانبه، رفض سموتريتش معارضة الإدارة الأميركية شرعنة بؤر استيطانية عشوائية في الضفة الغربية وتحذيراتهم من تسلمه صلاحيات في الإدارة المدينة. وقال خلال مؤتمر صحافي عقده في البؤرة الاستيطانية العشوائية "غفعات هرئيل" في منطقة رام الله (وسط الضفة الغربية)، أن حزب "الصهيونية الدينية" "ملتزم تسوية الاستيطان كله وإزالة قيود على البناء في المستوطنات". أضاف "نحن سنعمل كثيراً في البناء والتطوير، وخصوصاً في تطبيع حياة نصف مليون ساكن في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، وسننهي خضوعهم لحكم عسكري. وليست لدينا شكاوى ضد الجيش الإسرائيلي، لكن لا ينبغي أن يدير حياة مواطنين، وإنما الوزارات، وهكذا سيكون". وتابع "الرد الحقيقي على الإرهاب هو الاستمرار في البناء، والاستمرار في الاستقرار في أرض إسرائيل، وهذا ما علينا فعله كحكومة ودولة وشعب. والمشروع الاستيطاني ينمو بفضل الطلائعيين الذين ينفذونه على مدار سنوات طويلة جداً، ويوجد بند عام في القرار يسمح لنا بدفع مزيد في موازاة ذلك إذا دعت الحاجة، وشركائي في الائتلاف يدركون أن هذه خطوة منطقية".

وأظهر تحليل لمعهد دراسات "الأمن القومي الصهيوني" أن نقل مسؤوليات الإدارة المدنية و"منسق أنشطة الحكومة الاحتلالية في الأراضي المحتلة"، والذي يعتبر رسمياً مسؤولاً عن النسيج المدني لحياة اليهود والفلسطينيين في الضفة الغربية، من يد وزير الدفاع إلى وزير الاستيطان، سيترك عديداً من التداعيات، بما في ذلك عمليات الضم المتسارعة للضفة الغربية وتعطيل عمليات صنع القرار والقيادة والسيطرة في الجيش، وإمكانية زعزعة الوضع الأمني، مما سيجلب تحركات ضد إسرائيل في الساحة الدولية، وربما يؤثر على علاقاتها الإقليمية المستحدثة نتيجة اتفاقات التطبيع.

المزيد من تحقيقات ومطولات