Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الزلزال والإهمال يهددان المواقع الأثرية في طرابلس شمال لبنان

"كانت أشبه بمدينة البندقية وكانت تضم العشرات من الخانات والقصور والزوايا التي قاموا بهدمها بحجة تسوير النهر"

ملخص

في #طرابلس شمال #لبنان 190 موقعاً أثرياً يفترض التحرك سريعاً لحمايتها

الأضرار التي تعرضت لها المواقع الأثرية في غازي عنتاب التركية، وقلعة حلب السورية بفعل زلزال تركيا وسوريا، خلقت حالة من القلق من أن تتعرض آثار لبنان إلى مصير مشابه في حال حدوث أي كارثة طبيعية مشابهة. وبدأت الفرضيات حول تكرار واقعات تاريخية تسببت بخسائر كبيرة في مدن على غرار عنجر، بعلبك، وبيروت.

 

 

تعيش المواقع الأثرية في بيئة خطرة في لبنان بسبب الإهمال وقلة الموارد المالية لدى الدولة اللبنانية. وفي جولة على مدينة طرابلس اللبنانية، نجد أن أخطاراً متعددة تهدد تلك المواقع، فمن ناحية هناك الإهمال، وهنا يمكن أن نضرب مثالاً حمام النوري المتروك على رغم جماليته وفرادته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما هناك خطر النشاط الزلزالي، وكان ظاهراً للعيان اتساع الشقوق في سقف خان الصابون في طرابلس وهو أحد الخانات العريقة التي تزخر بها المدينة التي تعتبر أكبر مدينة أثرية في لبنان، وثاني أغنى مدينة بالتراث المملوكي في الشرق الأوسط بعد مدينة القاهرة المصرية. من هنا، يأتي الخوف من خسارة جزء من الثروة الوطنية التاريخية بفعل التجارب السابقة، حيث تؤكد الروايات التاريخية والحفريات الأثرية أن مدناً لبنانية عدة تدمرت عبر التاريخ بفعل زلازل ضربت البلاد قبل مئات السنين. ويوضح د. خالد تدمري (أكاديمي لبناني متخصص بملف الآثار) أن الاكتشافات التي تحدث كل فترة على طول الساحل اللبناني تجزم بأن هناك حضارات عاشت على طول البلاد وعرضها من فينيقيا إلى مرحلة الفتح العربي الإسلامي ومن ثم المملوكي والعثماني، وأن العمارة كانت ضحية أساسية للكوارث الطبيعية والزلازل المتعاقبة.

 

 

كما يوضح أن "المماليك فطنوا لتلك الزلازل، فما كان منهم إلا أن استحدثوا طريقة معمارية مقاومة للزلازل وتصمد بمرور الزمن، واعتمدوا أسلوب الهندسة المتماسكة والمتعاضدة، حيث يؤدي التصاق الأبنية ببعضها البعض بجعلها مقاومة للزلازل"، مضيفاً "المدينة القديمة في طرابلس تتضمن الكثير من تلك الأبنية التي صمدت مع الوقت، ولم تصبها الهشاشة والضعف إلا بعد العبث بها، والقيام بمشاريع شق الطرقات بصورة غير مدروسة، ناهيك عن تدمير أخرى من أجل إقامة الأبراج السكنية الإسمنتية". ويلفت إلى أن في طرابلس وحدها 190 موقعاً أثرياً تعود إلى المرحلة السابقة للقرن الثامن عشر، وأبنية تراثية كثيرة، يفترض التحرك سريعاً لحمايتها، وعدم تركها لمصيرها. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

طوفان نهر أبو علي

يأسف تدمري أن الزلزال الأخير أدى إلى تضرر فادح بقلاع في غازي عنتاب التي صمدت لآلاف السنين قبل أن تقع، ناهيك عن سقوط أجزاء كبيرة من قلعة حلب وهي مواقع موجودة على قائمة التراث العالمي. ويأمل في عدم تعرض قلاع لبنان لمصير مشابه، بعد أن كانت ضحية الحروب المتكررة، وغياب الدولة، والعبث بمحتوياتها. ويتطرق تدمري إلى ما جرى من ظلم بحق تاريخ طرابلس لناحية تعدد الأدوات للقضاء على الآثار، وأولها عدم الوعي لأهمية الحفاظ عليها. بعد طوفان نهر أبو علي في منتصف خمسينيات القرن العشرين، وما تلاها، يقول "كانت المدينة القديمة أشبه بمدينة البندقية، وكانت تضم العشرات من الخانات والقصور والزوايا التي قاموا بهدمها بحجة تسوير النهر، ومن ثم جاءت عملية شق الطرقات لتقضي على أجزاء كبيرة أخرى، وصولاً إلى الحرب الأهلية وما تلاها من تدمير وسرقة الآثار"، إضافة إلى الزحف الباطوني وسوء إدارة مشاريع الحفاظ على التراث والآثار.

 

 

وتطرق إلى المباني التراثية التي تنتشر في أحياء طرابلس خارج المدينة القديمة، حيث تتطلب خطوات حاسمة لمنع سقوط المتصدع منها، وعدم التضحية بها بفعل الصراع بين الورثة المالكين، والسكان الفقراء، متحدثاً عن عملية مسح تقوم بها البلدية لمعرفة حجم الأضرار التي لحقت بها إثر الهزة الأرضية.

تدعيم طارئ

بعد زلزال 6 فبراير (شباط) تكاثرت الدعوات في لبنان لإجراء مسوح ميدانية على الأبنية السكنية والتراثية، ويعتقد د. خالد تدمري أن هناك حاجة للكشف أيضاً على المواقع الأثرية في لبنان التي قد تكون تضررت جزئياً للقيام بالخطوات العاجلة للتدعيم عند الحاجة. يوضح تدمري أن أعمال التدعيم ممكنة، وقد سبق أن أجريت دخل قلعة بعلبك للحفاظ على الأعمدة الستة القائمة في داخلها لتلافي سقوط سابقاتها. ويلفت أن نجاحاً كبيراً تحقق داخل قلعة مدينة الشمس العائدة إلى الحقبة الرومانية، مستدركاً أن قلعة بعلبك خسرت أجزاء كبيرة منها بفعل الزلازل السابقة، فيما صمدت الأجزاء التي ما زالت ماثلة أمامنا. وعليه، فإن عمليات الترميم تستفيد إلى حد كبير من التقنيات الحديثة وتطور العلوم الهندسية، لافتاً أنه في عنجر أعاد علماء الآثار والمهندسين بناء أجزاء من الآثار الأموية في المدينة بعد اكتشافها في أربعينيات القرن العشرين من أجل تخليد تلك الحقبة من تاريخ البلاد التي توالت عليها مختلف الحضارات.

 

 

لائحة اليونيسكو

يتطرق تدمري إلى مسألة لائحة التراث العالمي الخاصة باليونيسكو، حيث يقع على عاتق المنظمة الدولية مهام الحفاظ على المواقع الأثرية الموضوعة ضمن تصنيفها. ففي لبنان 5 مواقع أثرية قديمة على القائمة هي بعلبك، جبيل، صور، عنجر، وادي قنوبين، حيث يفترض بالمنظمة القيام عند الحاجة بجملة خطوات للحفاظ عليها وترميمها أو تدعيمها. ويأمل في القيام بما يجب للحفاظ على ما تضرر من آثار في أعقاب زلزال 6 فبراير في تركيا وسوريا، فعلى سبيل المثال تحتاج قلعة حلب إلى تدخل طارئ وسريع لتجنيبها الدمار الكامل، ويأمل بعدم التأخير بتلك الإجراءات على غرار ما جرى خلال الحرب السورية، وصولاً إلى خسارة أجزاء كبيرة من أسواق المدينة ومعالمها التاريخية، مشدداً على ضرورة الحفاظ على روح المكان المراد ترميمه، وعدم استخدام مواد قد تسيء له أو تشوهه كما جرى أحياناً في طرابلس اللبنانية.  

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير