Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زعيم حزب العمال البريطاني نجح في طي صفحة معاداة السامية

كير ستارمر قال إن حزبه تغير بشكل "جذري ودائم ولا عودة عنه" لكن لا شيء أبدياً في السياسة

يقول ستارمر إن حزب العمال اليوم لا يمكن مقارنته بالحزب الذي ورثه عن جيريمي كوربين (رويترز)

يوم جديد، وخطوة مهمة أخرى يخطوها #حزب_العمال_البريطاني في مسيرته المتسارعة من غياهب #المعارضة نحو الفوز بالسلطة بعدما حقق نتائجاً في #انتخابات عام 2019، هي الأسوأ منذ عام 1935.

إن قرار لجنة المساواة وحقوق الإنسان Equality and Human Rights Commission EHRC [هيئة عامة غير وزارية في إنجلترا وويلز]، بتأكيد خلو حزب العمال من حالات معاداة السامية هو خطوة أخرى في مسيرة كير ستارمر للفوز في الانتخابات المقبلة.

إن حزب العمال يخطو خطوات تمنحه صدقية على جبهات أخرى، وتحديداً من خلال فوزه بثقة الناخبين وقيادات قطاعات المال والأعمال والاقتصاد، كما كتب بول دريتشسلير Paul Drechsler، رئيس غرفة الصناعة البريطانية في مقالته في "اندبندنت" هذا الأسبوع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبدأ حزب العمال اكتساب الثقة [الجماهير] أيضاً في ملف الأمن القومي، وهذا مهم لتزامنه مع ما يجري من تطورات في أوكرانيا. إذ يمكن لستارمر أن يلف نفسه بعلم المملكة المتحدة تماماً مثل حزب المحافظين، وأن يشدد على التزام العمال بعضوية حلف الأطلسي.

لم يكن هذا الأمر ممكناً لو كان الحزب لا يزال تحت قيادة جيريمي كوربين، ونحن نعرف ما كان عليه موقفه الحاد والفاصل من حادثة تسميم سالزبيري [عملية تسميم العميل الروسي السابق ألكسندر سكريبال وابنته]، (كما أن كوربين كان ندد بالاجتياح الروسي لأوكرانيا، لكنه قام أيضاً بانتقاد الغرب على "إمداد السلاح" إلى ذلك البلد).

إن طي الصفحات المأسوية من فصول تاريخ حزب العمال المتعلقة بمعاداة السامية ــ يعتبر خطوة متقدمة للحزب الذي لطالما عرف عنه التزامه محاربة العنصرية، والنضال من أجل العدالة ــ وهو ما يسمح لستارمر في إرسال إشارات قوية حول كيفية نجاحه في إحداث التغييرات في حزب العمال.

إن نجاحاته يمكن اعتبارها أعظم إذا أخذنا في الاعتبار أن الحزب عانى كثيراً في محاولاته إبداء رأيه في مجريات أمور البلاد خلال جائحة كورونا. لكن الفضل يعود إلى حزب المحافظين في تقديم هدايا مجانية عدة، من شأنها السماح لأي حزب معارض له مكانته، أن يكون متقدماً بـ20 نقطة مئوية في استطلاعات الرأي.

وكان ستارمر محقاً في ادعائه في خطاب له ألقاه في شرق لندن هذا الأسبوع أن حزب العمال اليوم لا يمكن "مقارنته " بالحزب الذي ورثه ستارمر من زعيم الحزب السابق جيريمي كوربين، الذي علقت عضويته في مجموعة حزب العمال البرلمانية بعد إعلانه أن الاتهامات بمعاداة السامية كانت "مضخمة بشكل دراماتيكي لغايات سياسية".

وأكد كير ستارمر أخيراً أحد أكثر أسرار العالم السياسي اللندني تداولاً وهو أن جيريمي كوربين "لن يخوض الانتخابات المقبلة" كمرشح عن حزب العمال. وذلك ربما لن يمنعه من خوض المنافسة كمرشح مستقل، إذ يقدر عدد من كبار أعضاء حزب العمال بأنه يحظى بشعبية كبيرة في دائرة شمال إيسلنغتون Islington North، التي مثلها منذ عام 1983، وبأنه سينجح في الفوز بالمقعد النيابي هناك حتى من دون دعم حزب العمال لترشيحه.

وأقرن ستارمر ترحيبه بقرار لجنة المساواة وحقوق الإنسان، بإرسال تحذير إلى حلفاء كوربين من جناح اليسار الراديكالي في الحزب، بأنه لو لم ترق لهم التغييرات التي أجراها "فإن الباب مفتوح على مصراعيه أمامهم للاستقالة من عضوية الحزب". لكنه شدد أيضاً، لسوء حظ اليسار، أن "العمل على إعادة تأهيل حزب العمال لم ينته بعد، ولم نقترب من نهايته حتى".

وقال ستارمر إن حزب العمال قد انتقل "من حزب يقوم على الشعارات الغوغائية، إلى حزب يحمل المبادئ الوطنية، ومن حزب يقوم على الاحتجاج، ليتحول إلى حزب يوفر الخدمات العامة"، واعداً بأن الحزب لن يسمح في المستقبل بأن تقوم بالسيطرة على أعماله المصالح الضيقة"، أو أن "يغيب نظره عن المحافظة على أهدافه وقيمه"، أو أن "يتم تركيعه بسبب العنصرية أو التعصب الأعمى".

لماذا يتصرّف ستارمر بهذا الشكل؟ يبدو أن هناك شكوكاً عالقة عند بعض الناخبين البريطانيين، بأن ستارمر ليس شخصية جيدة بالقدر الذي يظهر فيه. حين استخدم توني بلير في الماضي مثل هذه اللغة المتعلقة بتغيير الحزب، صدقه المواطنون. "هناك تخوف بأن بعض الناس يعتقدون بأن حقيقة كير ستارمر ليست كما تبدو عليها حقاً"، بحسب ما قاله لي أحد المطلعين على كواليس حزب العمال.

سيواصل حزب المحافظين جهوده لتذكير الناخبين البريطانيين بأن ستارمر كان عضواً في حكومة ظل جيريمي كوربين، وكان يعمل من أجل وصول كوربين إلى منصب رئاسة الحكومة. رئيس الوزراء ريشي سوناك لا يكف عن ترديد تلك السردية كل أسبوع خلال جلسات المساءلة الحكومية في البرلمان. ولذلك فإن ستارمر قد استنتج بأن عليه أن يواصل العمل على إيصال رسالته هذه إلى الناخبين وهي أن يسار الحزب قد تم التغلب عليه.

وهذا هو السبب الذي دفع القيادة العليا في حزب العمال إلى اتخاذ قرار الإمساك بشكل حديدي بعملية اختيار المرشحين لخوض السباق النيابي في البرلمان. مطلعون على عمل شؤون حزب العمال الداخلية يتخوفون في مجالسهم الخاصة من نجاح 30 إلى 40 نائباً ثائراً من جناح اليسار [الراديكالي] العمالي في الفوز بمقاعد نيابية يمكنهم من خلالها التأثير بشكل قوي لو لم ينجح ستارمر في الفوز بأغلبية كبيرة في مجلس العموم. وهم من خلال ذلك يسعون ليكون العدد [الثائرين] أقل ما يمكن.

حتى اللحظة، يسعى معارضوه من اليساريين المتشددين شراء الوقت، ويسعون إلى عدم توفير حجة لستارمر يمكنه من خلالها نزع الغطاء الحزبي عنهم بشكل يعيق قدرتهم على الترشح للانتخابات المقبلة. رغم أن كثيرين من أعضاء الحزب المؤيدين لكوربين كانوا قد استقالوا من الحزب، فالنواب [المؤيدين لخط كوربين] ليست لديهم النية في تسهيل مهمة ستارمر من خلال تقديم استقالاتهم.

لقد أعلن زعيم حزب العمال اليوم أن حزبه قد تغير بشكل "جذري ودائم ولا رجعة فيه". لكن لا شيء دائماً في السياسة. إن شخصيات حزب العمال الجديد كانت اعتقدت أن التغييرات التي أدخلها بلير كانت لتكون دائمة، لكنه وبعد فوزه بالسلطة، فقد الرغبة في مواصلة عملية الإصلاح الداخلي في الحزب، فخلفه جيريمي كوربين في زعامة الحزب.

وهناك سبب آخر يدفع ستارمر للقيام بمزيد لبث الثقة. إن الجو العام السائد في البلاد يمكن تلخيصه بالشكل التالي: "لقد أدخل حزب المحافظين البلاد بالفوضى، فربما علينا أن نمنح الطرف الآخر فرصة أيضاً".

لكن هذا ليس دعماً إيجابياً لحزب العمال وهو دعم ستارمر بأمس الحاجة إليه الآن عبر توضيحه كيف بعد نجاحه في تغيير حزبه سينجح في تغيير البلاد، بينما يتبنى سياسة مالية مقيدة هي جزء من استراتيجية الضمانات التي كان أطلقها.

© The Independent

المزيد من آراء