نبه مسؤولون في هيئة رقابية #بريطانية إلى أن مرضى حالات #الطوارئ يتعرضون لانتهاكات وسوء معاملة عندما يكونون في أكثر حالاتهم ضعفاً، وذلك نتيجة النقص في التدقيق في #سلوك_العاملين في #خدمات_الإسعاف.
وفي معرض التحذير من خطورة هذا الوضع، لفتت مسؤولة في الرقابة إلى أن المعتدين قد يبحثون حتى عن الانخراط في العمل كمسعفين طبيين، لأن هذا الإطار الوظيفي يؤمن لهم "بيئة جذابة" لاستغلال الأفراد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتشير أرقام رسمية في المملكة المتحدة، إلى أن عشرات من العاملين في الإسعاف، واجهوا خلال العامين الماضيين إجراءات قانونية مرتبطة باعتداءات جنسية، في وقت يشكل فيه المسعفون موضوع دعوى واحدة من كل ثلاث دعاوى قضائية مرفوعة ضد العاملين في مجال الرعاية. إلا أن عدداً من الناجين من تلك الاعتداءات وصفوا هذه الأرقام بأنها ليست سوى "رأس جبل الجليد".
يأتي هذا الوضع بعد تسجيل سلسلة من الحالات قام خلالها معتدون باستغلال مناصب سلطة في خدمات الطوارئ لتنفيذ اعتداءاتهم. وداخل شرطة العاصمة، تم الحكم هذا الأسبوع بـ 36 عقوبة سجن مدى الحياة بحق أحد عناصرها، ويدعى ديفيد كاريك، لارتكابه 85 جريمة جنسية خطرة، بما فيها 48 تهمة اغتصاب. وتم يوم الجمعة سجن شرطي آخر من القوة نفسها، لمدة 4 سنوات، بعدما قام بتقييد امرأة قائلاً لها: "بمن ستتصلين؟ أنا الشرطة".
غياب أعمال التدقيق، مكن المعتدين من التنقل بسهولة بين مزودي خدمات الإسعاف
من بين المسعفين الذين تم طردهم من العمل في العامين الماضيين، قام أحدهم بتصرف جنسي أمام مريضة، فيما حكم على آخر بالسجن مع وقف التنفيذ، لحيازته آلاف الصور الإباحية لأطفال.
هيلين فاين المستشارة الخاصة في "لجنة مراقبة جودة الرعاية" Care Quality Commission (CQC)، أكدت في ندوة أجريت أخيراً عبر الإنترنت، أن "هناك نسبة قليلة ممن يسعون إلى إساءة معاملة مرضانا، ويمكن أن تشكل سيارة الإسعاف بيئة جذابة لهذا النوع من الأشخاص. ويتمثل أحد الأسباب في أن قطاع خدمات الإسعاف يتمتع ببيئة عمل مستقلة ... وتقدم خدمات الإسعاف لهؤلاء المعتدين فرصة مميزة - تكون في أغلب الأحيان بلا إشراف أو رقابة - للوصول إلى المرضى الذين يمكن أن يكونوا ضعفاء للغاية".
وأوضحت أن "الشخص الذي يبحث عن فرصة لممارسة هذا النوع من السلوك المشين وارتكاب إساءة، يرى في هذا القطاع الخيار الأسهل للوصول إلى غايته".
ورأت السيدة فاين أن غياب أعمال التدقيق، مكن المعتدين من التنقل بسهولة بين مزودي خدمات الإسعاف، قائلة: "إنهم يلجؤون إلى اختبار الأجواء المتاحة والسلوكيات السائدة في هذه المراكز... فإذا ما اعترضتهم تحديات، يمضون في سبيلهم. لكن إذا لم يواجهوا أياً منها، يتسترون على مرأى من الجميع، مرتدين زياً رسمياً موثوقاً به، يتيح لهم الحق في الوصول إلى تلك المجموعة من المرضى".
ونبهت إلى أنه "بالنسبة إلى بعض هؤلاء المرضى، فهناك خطر عدم تصديقهم إذا ما أعربوا عن قلقهم أو مخاوفهم من الطريقة التي عولجوا بها".
وتشمل الأمثلة البارزة على اعتداءات التحرش الجنسي في خدمات الإسعاف التابعة لـ "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" (أن أتش أس) NHS، قضية أندرو ويلر "المعتدي الجنسي المخادع" من "خدمة الإسعاف في شرق إنجلترا" East of England ambulance Trust، الذي سجن في عام 2021 لاغتصابه مريضتين. وفي العام نفسه، فقدت خدمة الإسعاف تلك الاعتماد الممنوح لها في مجال التدريب، بعدما وجد تحقيق أن طلاباً لديها تعرضوا لتحرش جنسي من جانب المعلمين.
في العام نفسه، توصل تقرير مستقل نشرته "خدمة الإسعاف في الساحل الجنوبي الشرقي" South East Coast Ambulance Service إلى أن موظفين تعرضوا لسلوك جنسي ومضايقات من جانب عاملين آخرين، وصفوها بأنها أشبه بـ "ثقافة مدمجة" ضمن المنظمة.
وفي العامين الماضيين، تعرض 22 عاملاً في خدمات الإسعاف لإجراءات تتعلق بارتكابهم اعتداءات جنسية وإساءات في حق زملاء لهم ومرضى وأطفال. وأظهرت أرقام "مجلس المهن الصحية والرعاية" NHS Health and Care Professions Council التابع لـ "أن أتش أس"، أن المسعفين شكلوا موضوع 84 قضية من أصل 293 قضية تم فيها اتخاذ إجراءات في شأن اعتداء جنسي أو إساءة في جميع المهن، وذلك في الفترة الممتدة ما بين عام 2012 وعام 2021 - وهي أعلى نسبة في أية مهنة رعاية.
وفيما أعربت السيدة فاين عن القلق من وضع التدقيق في التوظيف وأعمال التفتيش، ولا سيما في قطاع الإسعاف الخاص، أفاد الدكتور شون أوكيلي كبير مفتشي المستشفيات في "لجنة مراقبة رعاية الجودة" بأن بعض مفتشي الإسعاف في القطاع الخاص، أعربوا عن مخاوف في شأن ضعف الالتزام بالحماية، وعدم إجراء فحوص توظيف مناسبة.
وقد أقر بهذه المشكلة آلان هوسون رئيس "جمعية الإسعاف المستقلة" Independent Ambulance Association التي تمثل مزودي خدمات الإسعاف الخاصة، لكنه قال لـ "اندبندنت" إن أعضاء في الجميعة وجدوا ثغرات في أعمال التدقيق لدى هيئة "أن إتش أس" أيضاً، بحيث أظهرت العقود المبرمة معها أن "خدمة الإفصاح والحظر" Disclosure and Barring Service (DBS) (تساعد من خلال أعمال الفحص والتدقيق في اتخاذ أرباب العمل قرارات توظيف أكثر أماناً) لم تجر التدقيقات اللازمة على العاملين. وأضاف: "يدرك المعتدون أن بإمكانهم الاختباء على مرأى من الجميع، ويعرفون طرق تجنب معرفة الآخرين بأفعالهم... إن سجلات التوظيف لا يتم تحديثها، ولا يخبرونك عن السبب الحقيقي لمغادرة الشخص".
كارول كينغ مؤسسة "مجموعة العمل والدعم لخدمات الإسعاف" Ambulance Service Action & Support Group - التي تضم أكثر من ألف عضو وتعمل على تسليط الضوء على حالات التنمر والتحرش الجنسي في القطاع - أشارت إلى الأرقام الرسمية هي مجرد نسبة ضئيلة من مشكلة أكبر بكثير.
وأكدت كينغ أن "هذا بالتأكيد ليس سوى رأس جبل الجليد. وأود أن أشدد على أن هذا الوضع يشمل مختلف المستويات، ولا يتعلق بالمديرين فحسب، ولا بمجرد طواقم تعمل على الخطوط الأمامية، ولا يقتصر على فريق الدعم وحده، بل يشمل أيضاً موظفي مركز الاتصال"، على حد تعبيرها.
إحدى المسعفات السابقات في "خدمة الإسعاف في الجنوب الغربي" قالت لـ "اندبندنت" إنها أصيبت باضطراب ما بعد الصدمة بعد تعرضها لاعتداء جنسي أثناء عملها. ولفتت إلى أن وجود ثقافة "جنسية" طاغية "ينظر من خلالها إلى المرأة على أنها مجرد جسد"، مشيرة إلى أنها التقت بعدد من الذكور من "المتحرشين جنسياً".
وتحدثت عن الحادثة الأولى قائلة إن زميلاً لها تلمس صدرها بينما كانت تقوم بتنظيف خزانات المركز. وأكدت أنها "تعرضت لتحرش جنسي" من جانب زميل لها في الطاقم في مركز آخر، خلال انحنائها لالتقاط دفتر السجلات. وعندما واجهته، قيل لها إنه "ما كان يجب أن تنحني".
وفي المركز نفسه، ادعت أن زميلاً لها فك سحابة سرواله، ووجه إليها تلميحات جنسية عندما فتحت باب الثلاجة للحصول على الحليب. وأضافت أنه عندما وقعت تلك الأحداث لم يقم أحد بالتدخل، وأن أعضاء الطاقم من الذكور كانوا يكتفون بالضحك، ويتجاهلون الأمر.
وفي مرة أخرى، قالت إن زميلاً لها أقفل عليها سيارة إسعاف، وقام بالاعتداء عليها جنسياً، وقام في ما بعد بإلقاء النكات، في إشارة إلى الحادثة.
وعلى رغم تعليق ذلك المسعف عن العمل، وإحالته من جانب الخدمة إلى الجهات المنظمة المعنية، فقد سمح له بالاستقالة ولم يعاقب قط. وقالت المرأة في تلك الأثناء إنها أصيبت بصدمة شديدة إلى درجة استدعت دخولها إلى المستشفى بعدما حاولت تناول جرعة زائدة.
وتخوفت من أن احتمال أن يعتدي ذلك الرجل على مرضى ضعفاء في أماكن أخرى. وقالت: "ماذا يحدث إذا قام بالاعتداء على شخص مصاب بسكتة دماغية وهو غير قادر على التواصل، أو على آخر أصم ولا يستطيع التحدث، وما إلى ذلك. من الذي سيدافع عنهم ويحميهم؟ من المحتمل أن يتعرض لأطفال أو لبالغين ضعفاء، على نحو متكرر".
المسعفة حصلت بعد استقالتها على تسوية مالية مقدارها 25 ألف جنيه استرليني (30 ألف دولار) بعد مطالبتها بتعويض شخصي.
وأكدت "خدمة الإسعاف في منطقة الجنوب الغربي"، أنها تتبع في هذا الإطار سياسات وإجراءات صارمة، وإنها تعاملت مع هذه المسألة بما ينسجم مع التوجيهات الموصى بها. وقال متحدث باسم الخدمة: "نحن نعتمد نهجاً صارماً في سياسة عدم التسامح المطلق التي نعتمدها حيال أي سلوك يؤثر سلباً في سلامة موظفينا، ونتعامل مع أية مشكلات مطروحة على محمل الجد".
© The Independent