Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تصبح بريطانيا أقرب إلى الحرب مع روسيا بعد إرسال الطائرات المقاتلة؟

اعتبرت رئاسة الوزراء في داونينغ ستريت أن طلب الرئيس زيلينسكي الحصول على مقاتلات بريطانية يفتح الباب على "احتمال تصعيد خطير"

 طائرة مقاتلة من طراز يوروفايتر تايفون تابعة للقوات الجوية الملكية البريطانية (أ ف ب/غيتي)

هيمنت المطالبة بطائرات مقاتلة تعزز مقاومة #أوكرانيا أمام قوات فلاديمير #بوتين الروسية على الجولة الأوروبية المصغرة التي قام بها الرئيس الأوكراني فولوديمير #زيلينسكي، وشملت زيارة إلى #المملكة_المتحدة.

وقال الرئيس أمام جمهور مشدوه في البرلمان "أناشدكم وأناشد العالم بكلمات بسيطة إنما مهمة: طائرات مقاتلة لأوكرانيا، أجنحة للحرية".

وأضاف "غادرت البرلمان منذ سنتين وأنا أشكركم على الشاي الإنجليزي اللذيذ. واليوم سأغادر البرلمان وأنا أشكركم جميعاً مسبقاً على الطائرات الإنجليزية القوية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأهدى زيلينسكي رئيس مجلس العموم السير ليندزي هويل خوذة طيار عسكري أوكراني نقشت عليها رسالة "لدينا الحرية، أعطونا الأجنحة لحمايتها"، قبل أن يلتقي الملك تشارلز الثالث في قصر باكنغهام ويقول له "في بريطانيا، الملك طيار في سلاح الجو. وفي أوكرانيا اليوم، كل طيار في سلاح الجو ملك".

 

يعد السيد زيلينسكي، نجم المسلسلات الهزلية السابق، شخصاً يتمتع بجاذبية وشجاعة لا ريب فيهما حاز إعجاب العالم بأسره بعد بقائه في كييف بعدما تعرضت أوكرانيا للهجوم العام الماضي، رافضاً كل عروض مغادرة البلاد حين كانت حياته الخاصة وحياة أحبائه عرضة للخطر المباشر ومصراً على أنه "(يحتاج) إلى ذخيرة وليس رحلة".  

وبدا أنه فعل ما يكفي لكي يؤثر في السياسة الخارجية للمملكة المتحدة ويؤدي إلى تحول كامل فيها، بشكل جعل رئيس الوزراء ريشي سوناك - الذي استبعد سابقاً إرسال الطائرات إلى أوكرانيا باعتبار ذلك أمراً "غير عملي" - يختم النهار بطلبه من وزير الدفاع بين والاس أن ينظر في "أي مقاتلات يمكننا أن نرسلها"، وفقاً لرئاسة الوزراء.   

وقال السيد سوناك سابقاً، خلال مؤتمر صحافي مشترك أكد فيه أيضاَ على النية بتوسيع التدريب المقدم للطيارين الأوكرانيين في شروبشير "في موضوع تقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا، كل شيء مطروح".  

وأضاف "والسبب هو أننا عازمون على ضمان انتصار الرئيس وشعبه بمواجهة العدوان الروسي".

لكن في الوقت نفسه، شددت رئاسة الوزراء في داونينغ ستريت أنها تعتبر إرسال المقاتلات احتمالاً على "المدى البعيد" وموضوعاً يجب التفاوض حوله مع حلفاء بريطانيا، منبهةً من أن إكمال التدريب المطلوب عادة ما يستغرق خمس سنوات.

من جهته، رفض السيد زيلينسكي، الذي أعرب أخيراً عن استيائه من تردد الحلفاء، هذا الاعتراض خلال المؤتمر الصحافي، وقال "بالله عليكم، سوف نرسل لكم طيارين حصلوا أساساً على تدريب لمدة سنتين ونصف".

لكن بعض أفراد مؤسسة الدفاع البريطانية عبروا عن شكوك مماثلة، إذ قال مستشار الأمن القومي البريطاني سابقاً، بيتر ريكتس، إن التماس المقاتلات "لن ينجح" لأن المقاتلات البريطانية تتطلب وجود "فرق عمل متخصصة للغاية على الأرض".

أما في ما يتعلق بمسألة المقاتلات من طراز تايفون تحديداً- التي ضغط رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، صديق السيد زيلينسكي المقرب علناً للحصول عليها- فقال السيد ريكتس "لا يمكنك تسليم المفاتيح بكل بساطة إلى طيار متمرس يحلق بالطائرة بعيداً".  

وصرح اللورد ريتشارد دانات، رئيس الأركان العامة السابق، لصحيفة "آي" The i بأنه يشاطر هذا الرأي كذلك "ليس لدينا مخزون ضخم من المقاتلات السريعة المتطورة يمكننا التخلي عنه. لا أظن الموضوع مطروح بأن نعطيهم مقاتلات ’أف 35‘ من حاملات الطائرات. أسطولنا من مقاتلات تورنادو توشك على الخروج من الخدمة. ولا يتبقى إذاً غير الطائرات من طراز تايفون التي سيتطلب تدريب الطيارين الأوكرانيين عليها أسابيع وأشهراً طوال". 

وطرح السيد ريكتس بأن مقاتلات "أف 16" الأميركية باعتبارها "أنسب" لأوكرانيا بسبب وجود عدد كبير منها أساساً في أوروبا. 

وأيد كيم سنغوبتا من "اندبندنت" هذا التقييم، فعلق بقوله "هذا الأمر منطقي من ناحية الدعم العملي والصيانة وهي من طراز الطائرات التي يحتاج إليها الأوكرانيون تماماً مثلما تعد دبابات ليوبارد 2 الألمانية الخيار المنطقي لجيشهم".

وفيما وافق الكونغرس على تخصيص مبلغ 100 مليون دولار (83 مليون جنيه استرليني) لتدريب الأوكرانيين على استخدام الطائرات الحربية الأميركية بموجب قانون مخصصات الدفاع الوطني، أعرب نائب مستشار الأمن القومي الأميركي جون فاينر عن بعض الشكوك بشأن حيال تسليم الطائرات فعلياً، وقال إنه من الواجب مناقشة المسألة "بحذر شديد" مع كييف وحلفائها خوفاً من تأجيج التوتر أكثر مع موسكو فيما وصل الفتور في العلاقة إلى مستوى أقرب إلى أيام الحرب الباردة.

وأضاف "لم نستثن ولم نؤكد أي أنظمة محددة. حاولنا أن نقدم مساعدة تناسب مرحلة القتال التي وصلها الأوكرانيون".

ينتقل جدال الطائرات الحربية الآن إلى القارة الأوروبية، حيث حذر وزير الخارجية الهولندي فوبكه هويكسترا من أن إرسالها "سيشكل خطوة كبيرة جداً" فيما نبه المستشار الألماني أولاف شولتز من التنافس في السخاء الاستعراضي بين الدول، وبين من سيعطي أوكرانيا أكثر من الآخرين، معتبراً أن هذا السلوك قد يتحول إلى سياسات استعراضية لا معنى لها "تضر بوحدتنا". 

ختم الرئيس الأوكراني جولته الأخيرة إلى أوروبا الغربية في بروكسل، حيث شارك في مؤتمر قمة عقد في البرلمان الأوروبي وذكّر زملاءه، أصحاب المقامات الرفيعة، بأن أوكرانيا تخوض حرباً مع "أكبر قوة معادية لأوروبا في العالم الحديث"، وملمحاً إلى أنه في حال سقوط بلاده أمام روسيا، قد يضع السيد بوتين عينيه بعد ذلك على جيرانها.

وردت عليه رئيسة البرلمان، روبرتا ميتسولا، بقولها "عليكم أن تفوزوا، والآن على الدول الأعضاء (في الاتحاد الأوروبي) أن تدرس بسرعة الخطوة المقبلة وتوفير الأنظمة بعيدة المدى والمقاتلات التي تحتاجونها لصون حريتكم". 

لكن رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي تكلم بحذر أكبر، إذ قال للمراسلين "موقفنا واضح، لا يمكننا التحرك سوى ضمن كتلة الناتو الكاملة"، مضيفاً "لن نكون أول من يورد الطائرات المقاتلة، لكننا سنستجيب بإيجابية، طالما ستقوم الجهات التي تملك أكبر عدد من هذه المقاتلات بإعطائها لأوكرانيا".    

يستحق التحذير الذي أطلقه المستشار شولتز من الانجراف أن يؤخذ بالاعتبار لا سيما بالنسبة إلى بريطانيا التي تواجه خطر استفزاز الدب الروسي أكثر في سياق لهفتها لدعم قضية مهمة تحظى بالشعبية.

على بريطانيا أن تفخر بدورها القيادي في حشد المجتمع الدولي وتوحيده ضد موسكو منذ بداية غزوها غير القانوني، وفي فرض العقوبات الصارمة وتوفير المساعدات الإنسانية الحيوية والدعم المالي كما التدريب العسكري والأسلحة والمركبات المسلحة. 

لكن ليس هناك من شك بأن السيد بوتين يرى في كل هذا استفزازاً إضافياً مدروساً من الغرب الذي يشن حرباً بالوكالة على بلاده.

لم يبد زعم الرئيس الروسي في البداية بأن "عمليته العسكرية الخاصة" مرتبطة بمحاولة "اجتثاث النازية" من أوكرانيا حقيقياً، وقد تحول النزاع الذي أتم سنته الأولى إلى حرب استنزاف منذ ذلك الوقت.

رد الكرملين على زيارة السيد زيلينسكي إلى بريطانيا مستهزئاً به، ومعتبراً إياه "كوميدياً سابقاً يلبس سترة رياضية خضراء"، واستخف بكلامه، قائلاً إنها "التماسات متفاخرة حول قيم 'الحرية' و'حقوق الإنسان'" سماها "منافقة بشكل صارخ".

وهدد بقوله "سوف تعرف روسيا كيف ترد على أي تصرفات غير ودية من الطرف البريطاني"، في ترداد للزعم الذي أطلقه السيد جونسون في الفيلم الوثائقي الأخير على محطة "بي بي سي" ضمن سلسلة بوتين والغرب، بأن الرئيس الروسي هدده في إحدى المرات بضرب لندن بالصواريخ أثناء مكالمة رسمية بينهما.

كما ردت موسكو عسكرياً على الوقائع الدبلوماسية التي وقعت الأربعاء عبر تكثيف هجماتها على منطقتي دونيتسك ولوهانسك في منطقة دونباس الانفصالية التي تدور فيها المعارك منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014.

وقالت كييف إن قوات موسكو كثفت جهودها على المناطق الأوكرانية الشرقية التي تستهدف موسكو السيطرة عليها، ومن بينها كوبيانسك وليمان وباخموت وأفدييفكا، فيما واصلت ضرباتها الجوية وإلقاء القذائف على سومي وخاركيف وزابوريجيا.

قاومت المملكة المتحدة كما الناتو سابقاً الدعوات الأوكرانية لفرض منطقة حظر الطيران فوق البلاد للحد من الخطر الجوي الروسي، ورفض الطرفان ذلك لأن فرضه سيخلق احتمالاً حقيقياً جداً بإسقاط مقاتلات روسية، مما سيؤدي إلى دخولهما مباشرة في النزاع وتوريط الحلف العسكري بأكمله في الحرب وفقاً للبند الخامس من معاهدة شمال الأطلسي.

وتنص المادة التي تشكل أساس معاهدة تأسيس الناتو والتي حررت في عام 1949 على الآتي "تتفق الأطراف، على أن أي هجوم أو عدوان مسلح ضد أي طرف أو  أطراف عدة من بينها، إما في أوروبا أو أميركا الشمالية، يعد عدواناً عليها جميعاً"

وتكمل "وبناءً عليه، فإنها متوافقة على أنه في حال وقوع مثل هذا العدوان المسلح، فإن على كل طرف منها، تنفيذاً لما جاء في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة والمتعلقة بحق الدفاع الذاتي عن النفس إن بشكل فردي أو جماعي، تقديم المساندة والعون للطرف أو الأطراف التي تتعرض للهجوم، عبر اتخاذ إجراءات فردية كما بالتعاون مع الأطراف الأخرى، حسبما يقتضي الأمر، بما في ذلك اللجوء إلى القوى المسلحة من أجل إعادة فرض الأمن وصونه في منطقة شمال الأطلسي".

وتختم المادة "وسوف توقف هذه الإجراءات بمجرد اتخاذ مجلس الأمن للتدابير الضرورية من أجل إعادة فرض السلام والأمن الدوليين والحفاظ عليهما".

بما أن أوكرانيا ليست عضواً في الناتو، فالبند الخامس ليس مطروحاً كخيار حالياً. لكن بولندا وغيرها من الدول القريبة من أوكرانيا طرف في المعاهدة، ولذلك قد يؤدي عدوان من هذا النوع عليها إلى إثارة نزاع أوسع نطاقاً. طالما ظل النزاع ضمن ميدان الحرب الأوكراني، ستفضل المملكة المتحدة والناتو عدم الانضمام إلى النزاع مباشرة.

كما أن توريد المقاتلات البريطانية إلى كييف لن يدخل المملكة المتحدة في الصراع العسكري المباشر مع روسيا ولن يمثل بالتالي سوى استمرار للسياسة الحالية وليس خطوة باتجاه عدوان أكبر. صرح رئيس الناتو، ينس ستولتنبرغ، يوم الإثنين بأن قيام دول الناتو بتوريد الطائرات المقاتلة إلى أوكرانيا لا يجعل من الناتو طرفاً في النزاع.

لكن من غير المؤكد كيف ستكون الخطوة المقبلة لفلاديمير بوتين لا سيما بأنه يواجه ضغوطات لتحقيق نتائج ملموسة بحلول الذكرى السنوية الأولى للغزو يوم 24 فبراير (شباط).

وسوف يزداد الضغط والتوتر بعد خبر بلوغ معدل وفيات الجنود الروس 824 جندي يومياً هذا الشهر، أي ما يعادل أربعة أضعاف عدد الضحايا في يونيو (حزيران)، ويوليو (تموز) 2022.

صحيح أنه أطلق، هو ونظامه، تهديدات فارغة طيلة فترة النزاع، لكن يجب عدم الاستخفاف بقدرة موسكو على تحقيق هذه التهديدات. 

لذلك فإن داونينغ ستريت محقة في تحذيرها من "احتمال تصعيد خطير" بسبب تصرفاتها الداعمة للسيد زيلينسكي.

© The Independent

المزيد من دوليات