Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تضاعف البناء العشوائي في المخيمات الفلسطينية 

انعدام البدائل والحلول لمعضلة الاكتظاظ وأسقف عديد من المنازل مهترئة وآيلة للسقوط 

معظم منازل مخيم الجلزون بنيت قبل أكثر من 40 سنة (اندبندنت عربية)

في كل موسم شتاء، تتجدد محنة #اللاجئين _الفلسطينيين داخل مخيمات #الضفة_الغربية، وعلى رغم ما يحمله المطر من خير وسعادة لكثيرين، فإن حضوره رسم #الحزن والمعاناة على وجه مأمون النجار (36 سنة) من مخيم الجلزون شمال مدينة #رام لله، الذي استيقظ فزعاً مع أسرته، بعد أن غمرت المياه منزلهم وابتلت البطانيات والأمتعة والمؤن، وقضوا ليلة صعبة وسط برد قارس. 

مرارة الواقع الذي عاشه النجار وأطفاله تلك الليلة، دفعته لترك منزله المتهالك والمتصدع، وشراء شقة داخل المخيم، لكنها وعلى رغم من حداثة البناء، قد يكون عرضة للسقوط في أي لحظة، فمع تراجع المعونات المقدمة من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) وارتفاع نسب الفقر والبطالة داخل المخيمات، اضطر اللاجئون الذين يعيشون في زحام شديد نتيجة ضيق المساحة ونقص المباني، لتشييد أبنية سكنية عمودية من طوابق عدة وبشكل عشوائي ومتراص، من دون الرجوع للاستشارات الهندسية ومن دون التأكد من أساساتها.

 

إمكانات معدمة

 

مخيم الجلزون الذي بني عام 1949 على نحو 250 مليون متر مربع لإيواء 2500 شخص فقط، يضم اليوم قرابة 10 آلاف نسمة، وهو واحد من 19 مخيماً للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، أقيمت على أراض استأجرتها وكالة الغوث "أونروا" منذ عام 1948، وبقيت مساحاتها على حالها. ووفقاً لدائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، يبلغ عدد اللاجئين في الضفة الغربية نحو 912 ألفاً، ثلثهم يعيشون في المخيمات التي تفتقر إلى بنية تحتية ومقومات حياة سليمة.

 

 
يقول النجار "معظم منازل المخيم بنيت قبل أكثر من 40 سنة، وهي متهالكة لا يصلح البناء عليها، لكن الفقر وضيق الحال وعدم توافر فرص عمل دائمة ومجدية، أجبرتني مثل المئات من أبناء المخيم، على البقاء داخل حدوده، بخاصة أن أسعار الأراضي والعقارات في المناطق المحيطة بالمخيمات مرتفعة جداً".
 ويضيف "هناك يأس سائد بين اللاجئين الفلسطينيين بفعل شعورهم بأن العالم تناساهم ولم يعد يكترث بأمرهم، إذ يشهد واقع اللجوء الفلسطيني قسوة كبيرة بفعل الظروف الاقتصادية والسياسية المزرية". 
ويوضح أحد شباب المخيم محمد مبارك، أنه اضطر إلى بناء طابق ثالث فوق منزل والده منذ سنوات، حتى يتمكن من الزواج، رغم علمه أن الطابق الأراضي بني منذ أكثر من 50 سنة، مؤكداً أنه دعم الطابق الأرضي بأعمدة إضافية لمنع انهيار البناء فوق رؤوس ساكنيه.
من جانبه، يرى علي أبو مطر الذي يسكن مع أسرته المكونة من 11 فرداً داخل منزل لا تزيد مساحته على 50 متراً مربعاً، أن ضيق الحال أجبره على بناء طابق فوق منزل ذويه من أجل تكوين أسرة خاصة به، مع اعتماد آلية التقسيط".

 

انفجار سكاني

 

وتعد مشكلة الاكتظاظ والعشوائية من أبرز المشكلات التي تعانيها مخيمات اللجوء داخل الأراضي الفلسطينية، حيث أصبحت ظاهرة بناء البنايات متعددة الطبقات منتشرة خلال السنوات القليلة الماضية في جميع المخيمات بما يخالف تعليمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) التي تعتبر أن أي بيت يزيد على طابقين غير قانوني ولا يدخل أي خطة ترميم، وأغلب منازل المخيمات مساحتها أقل من 100 متر.

في المقابل، حملت اللجان الشعبية المشرفة على المخيمات، "الأونروا" مسؤولية البناء العشوائي بشكلها العمودي، متهمة إياها بزيادة معاناة اللاجئين وضائقتهم المعيشية، لعدم تمكن معظم الأسر الفلسطينية داخل المخيمات من تلبية حاجات أفرادها، وترى أن الوضع داخل المخيمات يتجه نحو الانفجار الاجتماعي والسكاني، بخاصة أن "الأونروا" لا تسمح ببناء طابق لثالث، على رغم من أن الغالبية العظمى من أبناء المخيم يعيشون في أكثر من طابقين. 
ويعتبر مخيم بلاطة من أكبر مخيمات الضفة الغربية من حيث عدد السكان، حيث يزيد عددهم على 24 ألف نسمة، يعيشون فوق مساحة محدودة من الأرض تبلغ أقل من كيلومتر مربع.
 
 
يقول أحمد ذوقان رئيس اللجنة الشعبية لمخيم بلاطة "وكالة غوث اللاجئين (أونروا) تعتبر أنها لا تملك الإمكانات لتوسيع المخيم ليستوعب الزيادة السكانية، لكن في ظل الأوضاع الأمنية والمعيشية الصعبة وغياب إمكانية التوسع الأفقي، لا خيارات أمام سكان المخيم سوى البناء فوق منازلهم القديمة المتهالكة التي لا تساعد أونروا في ترميمها، وقد تسبب التأجيل والمماطلة في تنفيذ أعمال الترميم في زيادة أعداد البيوت التي تحتاج إلى ترميم".
وأضاف، "طول المعاناة فرضت نفسها على واقع اللاجئين، فاضطروا للتكيف التدريجي مع أوضاعهم المزرية، وبناء طوابق إضافية على أساسات متهالكة ومتصدعة، تفتقر للتنظيم المدني والبنى التحتية والخدمات، وهو خيار وحيد للحد من ضيق المسكن، التي يفترض أنها مؤقتة استناداً للقوانين الدولية".
 
 
خدمات محددة

 

من جهة ثانية، تدرك "أونروا" كما تكتب على موقعها الإلكتروني، أن اللاجئين في المخيمات يعانون مشكلات اجتماعية واقتصادية بسبب الاكتظاظ، إلا أنها تؤكد في الوقت نفسه أنها غير مخولة لاستئجار قطع أراض جديدة لاستخدامها من قبل أبناء المخيمات، وأن إيجاد مناطق جديدة مؤقتة تواكب هذا التزايد أمر مستبعد، وأن تحديد منطقة المخيم من قبل الحكومة المضيفة لا يمكن توسيعها، كما هي الحال مع جميع مخيمات لاجئي فلسطين في الأردن وسوريا ولبنان. 

ومع تصاعد الأوضاع المعقدة داخل المخيمات الفلسطينية، فإن وكالة "أونروا" كما توضح، تعاني أزمة مالية حادة فرضت عليها عدم تلبية جميع حاجات اللاجئين، حيث تعجز عن الاستمرار بخدماتها الاعتيادية، لافتة أنها تبذل جهدها لتقديم خدماتها، وتعمل على رفع النداءات للدول المانحة، حيث أعلنت الشهر الماضي، حاجتها إلى دعم طارئ من المجتمع الدولي بقيمة 1.6 مليار دولار للعام الجاري، من أجل الاضطلاع بمسؤولياتها تجاه اللاجئين، وتغطية النفقات وتقديم الخدمات وبرامج التنمية الإنسانية. ويبلغ عدد اللاجئين المسجلين نحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني، 80 في المئة منهم يعيشون تحت خط الفقر.
في سياق متصل، قال المستشار الإعلامي لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، عدنان أبو حسنة، إن الوكالة لا تستطيع بناء بيوت سكنية جديدة لسكان المخيمات، لكنها تقوم بعمليات إصلاح وتحسين البنية التحتية. 
وأكد أن الأونروا تعاني نقصاً في ميزانيتها نتيجة زيادة المعاناة والحصار الذي تتعرض له الحكومة الفلسطينية، وتوجه أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين الذي كانوا يعتمدون على خدمات الحكومة الفلسطينية إلى الأونروا مطالبين بتقديم الخدمات لهم، في ظل العوز والضائقة التي يمرون بها. 
 
 
وأضاف في اتصال هاتفي مع "اندبندنت عربية"، أن أعداد المحتاجين والمعتمدين على المعونات التي تقدمها الأونروا في تزايد مستمر، وأن الهيئة في حاجة إلى ميزانيات أكبر مما هو متوافر لديها حالياً.

 

تعزيز صمود

 
وفي ظل عجز "أونروا" عن حل مشكلة الاكتظاظ السكاني داخل المخيمات، يطالب غالبية اللاجئين بتشكيل لجنة متخصصة من أجل المواءمة بين حاجة السكان للشقق السكنية والبناء العمودي المتزايد، لا سيما تلك التي لا تستجيب لمواصفات البناء.
بدورها، بدأت السلطة الفلسطينية وبتمويل من ديوان الرئاسة، ترميم منازل وبنائها داخل المخيمات للعائلات المحتاجة، ضمن برنامج "صمود حتى العودة" الذي يأتي بحسب الموقع الرسمي لدائرة شؤون اللاجئين الفلسطينيين التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية "من أجل تعزيز صمود اللاجئين داخل المخيمات إلى حين عودتهم إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها عام 1948"، بخاصة أن 25 ألف أسرة في مخيمات الضفة يعيشون تحت خط الفقر، وهم بحاجة دائمة إلى مساعدات وخدمات "الأونروا" التي تشكل مصدر دخل أساسي لهم.
ووفق بيان صادر عن "شؤون اللاجئين"، فقد أكد وكيل دائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير الفلسطينية أنور حمام ضرورة استمرار "الأونروا" في تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين من دون تقليصات.
يذكر أن اتحاد موظفي "الأونروا" في الضفة الغربية، ومنذ 23 يناير (كانون الثاني) شرعوا، بالإضراب المفتوح عن العمل، كرد فعل على عدم استجابة إدارة "الأونروا" لزيادة رواتبهم في مواجهة ارتفاع كلفة المعيشة، حيث لا تزال الخدمات الحيوية المقدمة للاجئي فلسطين في الضفة الغربية، مثل الصحة والتعليم وصحة البيئة متوقفة بالكامل، وهو الأمر الذي أثر بشكل كبير على قدرة الوكالة تقديم الخدمات الرئيسة. 
وقال مدير شؤون الأونروا في الضفة الغربية آدم بولوكوس في بيان رسمي "آمل إنهاء الإضراب قريباً حتى نتمكن من استئناف تقديم خدماتنا لما فيه منفعة إلى لاجئي فلسطين، ويشمل ذلك إعادة فتح المدارس لكي تتوفر مساحة آمنة لأكثر من 45 ألف فتاة وصبي، لأن آخر مكان نريده لهؤلاء الأطفال أن يكونوا فيه هو الشوارع، من دون إشراف، في خضم العنف المتزايد. ولذلك، فإن الأونروا تظل ملتزمة الحوار البناء مع اتحاد العاملين في الضفة الغربية".
اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات