Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل خسرت روسيا معركة الطاقة مع الغرب؟

من غير المتوقع أن يؤدي خفض إنتاج النفط الروسي إلى تأثير كبير في سوق طاقة تبدو مشبعة

يتوقع بعض المحللين أن تلجأ موسكو إلى مزيد من التخفيض في إنتاجها نتيجة صعوبة تسويق مزيد من نفطها بسبب العقوبات (أ ف ب)

جاء إعلان موسكو خفض إنتاجها من النفط بدءاً من شهر مارس (آذار) المقبل بمقدار نصف مليون برميل يومياً بعد أيام من بدء دول أوروبا تطبيق حظر استيراد المشتقات النفطية المكررة من روسيا في الخامس من فبراير (شباط) الحالي، وكانت أوروبا بدأت حظر استيراد النفط الخام الروسي في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بالتزامن مع فرض سقف سعر للنفط الروسي عند 60 دولاراً للبرميل.

واعتبر البعض أن القرار الروسي هو شكل من أشكال الانتقام رداً على فرض سقف سعر على نفط روسيا من قبل دول مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي، خصوصاً أن نائب رئيس الوزراء ووزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أعلن القرار مشيراً إلى أن "الهدف منه هو استعادة علاقات السوق"، مضيفاً أن "ترى روسيا أن آلية سقف السعر للنفط الخام والمشتقات هي تدخل في علاقات السوق وهي تمثل استمرار سياسة التدمير لقطاع الطاقة من قبل دول الغرب".

واعتبر بعض المحللين في أسواق الطاقة أن القرار الروسي ينظر إليه في الغرب على أنه بمثابة "حرب نفط" وسعياً من جانب موسكو لاستخدام سلاح النفط كما فعلت العام الماضي باستخدام سلاح الغاز ضد دول أوروبا المساندة لأوكرانيا في الحرب الجارية، ونقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن مدير استراتيجية الطاقة في بنك "جيه بي مورغان" الاستثماري كريستيان مالك قوله إن "الخطوة الروسية سينظر إليها من قبل البعض على أنها استخدام النفط كسلاح".

تحصيل حاصل

وبالفعل، أثار الإعلان الروسي عن خفض الإنتاج الشهر المقبل مخاوف سريعة في الأسواق، ما جعل أسعار النفط ترتفع بأكثر من اثنين في المئة أمس الجمعة في رد فعل لحظي وسط مخاوف من تأثير القرار في معادلة العرض والطلب، لكن كثيراً من المحللين يرون أن رد الفعل اللحظي ربما لا يستمر في ظل توفر المعروض الكافي في الأسواق وعدم ارتفاع الطلب العالمي بالشكل الذي يهدد معادلة العرض والطلب في سوق النفط.

كما أن إعلان موسكو عن خفض الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يومياً يعد تحصيل حاصل بالفعل، مع تراجع الصادرات النفطية الروسية نتيجة توقف دول أوروبا عن استيراد الخام الروسي منذ أكثر من شهرين وبدء التوقف عن استيراد المشتقات أيضاً، ومع أن بعض المشترين في آسيا زادوا وارداتهم من النفط الروسي إلا أن ذلك لا يستوعب كل ما توقفت أوروبا عن استيراده.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كانت موسكو قد هددت برد الفعل على إجراءات العقوبات، خصوصاً بعد فرض سقف سعر على النفط الروسي، ويرى البعض أن قرار خفض الإنتاج هو أحد أشكال رد الفعل على العقوبات، كما تقول أمريتا سن من شركة "إنرجي أسبكتس" لأبحاث الطاقة، مضيفة أنه "مع الأخذ في الاعتبار انخفاض سعر الخام الروسي في الأسواق الدولية فمن المنطقي أن تفكر موسكو في زيادة العائدات من خلال خفض الإنتاج لدفع الأسعار للارتفاع، بالتالي زيادة دخلها من المبيعات".

لكن عدداً من المحللين استبعدوا ارتفاع الأسعار بقوة، خصوصاً أنه من غير المتوقع أن يتخذ تحالف "أوبك+" الذي يضم دول منظمة "أوبك" بقيادة السعودية ومنتجين من خارجها بقيادة روسيا، أي إجراء يتعلق بمستويات الإنتاج بعد قرار الخفض الروسي.

وذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" نقلاً عن مصادر في "أوبك"، أنه ليس هناك أي اتجاه لتغيير سياسة الإنتاج الحالية في ظل توازن السوق بالفعل.

مخزون الظل

وعلى رغم تحسب الأسواق لاحتمالات ارتفاع الطلب العالمي على النفط مع عودة النشاط للاقتصاد الصيني إثر إنهاء الإغلاقات بسبب الموجة الأخيرة من وباء كورونا، وكذلك تحسن التوقعات بشأن النمو الاقتصادي العالمي عموماً، إلا أن المعروض الحالي في السوق يكفي لتلبية الطلب ويزيد، ويقول كريستيان مالك في تفسيره للقرار الروسي بخفض الإنتاج، إن "هناك أسباباً عملية تتعلق بوضع السوق، فهناك كميات كبيرة من الخام في شكل (مخزون الظل) الناجم عن إعادة توجيه الناقلات المحملة بالخام الروسي من روسيا باتجاه آسيا، بالتالي يرغبون في ألا تكون هناك تخمة معروض في السوق".

وكان وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك توقع العام الماضي أن يكون الانخفاض في الصادرات النفطية الروسية نتيجة حظر أوروبا استيراد النفط الروسي، وفرض سقف السعر بما بين 500 ألف و700 ألف برميل يومياً، وإن كان ذلك أقل بكثير من توقعات وكالة الطاقة الدولية والمحللين في السوق الذين قدروا احتمال انخفاض إنتاج موسكو بما بين اثنين وثلاثة مليون برميل يومياً من الخام والمشتقات.

ويتوقع بعض المحللين أن تلجأ موسكو إلى مزيد من التخفيض في إنتاجها نتيجة صعوبة تسويق مزيد من نفطها بسبب العقوبات، ويعد ذلك أكثر ضرراً بعائدات موسكو من صادرات الطاقة، فعلى رغم أنها أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم، إلا أن عائداتها من بيع النفط والمشتقات تساوي أكثر من ثلثي عائداتها من صادرات الطاقة الإجمالية،  أي إنها أكبر بكثير، ربما بثلاثة أضعاف، من عائداتها من تصدير الغاز الطبيعي، وهو ما يعزز تقديرات البعض في الغرب أن روسيا خسرت بالفعل في حرب استخدام الطاقة كسلاح.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز