Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الكلاب الضالة في مصر تثير الجدل والتصدير حل مقترح

اعتبر البعض أن الحلول لمكافحة تلك الظاهرة موجودة لكن ينقص تنفيذها

تقدر جهات رسمية في مصر أن عدد الكلاب الضالة يقرب من 6.5 مليون (أ ف ب)

شوارع العاصمة المصرية #القاهرة التي لطالما كانت توصف بالأمان، أصبح كثيرون يخشون السير فيها، ليس خوفاً من السرقة وإنما من #الكلاب_الضالة التي تثير نقاشات حادة في الشارع المصري، بين مطالبين بالتدخل لتقليص أعدادها المقدرة بـ20 مليوناً وفق بعض التصريحات، وآخرون يرون في العناية بتلك الكلاب وتقديم الطعام لها، من صور الرحمة المطلوبة. وأجج ذلك الجدل أخيراً وفاة طبيبة شابة في ضاحية حدائق الأهرام إثر سكتة قلبية نتيجة الخوف من تجمع كلاب حولها، ووصل الأمر إلى مجلس النواب الذي عقدت إحدى لجانه اجتماعاً قبل أيام لدراسة المسألة.
ولا توجد أرقام رسمية بشأن أعداد الكلاب في شوارع مصر وتختلف التقديرات بشأنها، حيث أشارت دراسة أعدها أحد مسؤولي وزارة الزراعة قبل سنتين إلى أن هناك أكثر من 20 مليون كلب ضال، بينما ذكرت تقارير إعلامية إن العدد بلغ حوالي 12 مليوناً، في حين أن "العدد المناسب لتحقيق التوازن البيئي لا يتجاوز 6 ملايين كلب"، وفق نقيب الأطباء البيطريين خالد سليم.

تكلفة مرتفعة

وقال سليم لـ"اندبندنت عربية" إن "أزمة انتشار الكلاب الضالة في مصر تحتاج لتضافر جهود كافة الجهات المسؤولة لحلها"، مضيفاً أن "البعض يتخيل أن حل أزمة كلاب الشوارع لدى الأطباء البيطريين فقط، لكنه أمر غير حقيقي، إذ ينحصر دورنا في الوقاية والرعاية والتحصين ولا علاقة له بزيادة تعداد الحيوانات بالشوارع". وأوضح أن "سلوك المواطن قد يكون سبباً رئيساً في الأزمة، من خلال تقديم الطعام لها وسط المناطق السكنية، وتزايد إلقاء القمامة بصورة غير منظمة فتبدأ تجمعات الحيوانات حول القمامة التي يلقيها المواطنون بحثاً عن الطعام وبالتالي تجد فرصة للتكاثر".
وعن ارتفاع الأعداد بشكل غير مسبوق خلال السنوات الماضية، أوضح سليم أن "كلب الشارع ينجب من 8 إلى 10 كلاب في الولادة الواحدة، ومع تزايد أماكن تجمعات كلاب الشوارع أنشأت بيئة آمنة لها للتكاثر والإنجاب بشكل دوري ومستمر"، مشيراً إلى أن "محاولة تحصين الكلاب أو إخصاءها لوقف تزايد الأعداد تحتاج إلى خطة ممنهجة وتكلفة مرتفعة". وأضاف أن "بإمكان منظمات المجتمع المدني مساعدة الدولة في حل الأزمة ولديهم الإمكانيات التي يمكن استغلالها بالشكل الأمثل لتحقيق نتيجة إيجابية في أي خطة قد تنتهجها الحكومة لحل الأزمة". وأشار إلى أن "حالات العقر للبشر قد تصل إلى نحو نصف مليون حالة سنوياً".


غياب الإرادة

ووصف النقيب سليم تجدد الحديث عن ملف الكلاب الضالة بين الحين والآخر بـ"الطبيعي"، طالما لم يتم حسمه من جانب المسؤولين، مؤكداً أنه "لا توجد إرادة حقيقية للحل، بخاصة أنه تمت مناقشة مشاريع قوانين عدة بشأن التعامل مع الحيوانات، أحدها قُدم من جانب النقابة، خلال السنوات الماضية في البرلمان، لكن لم يخرج أي منها إلى النور".
وتختص الهيئة العامة للخدمات البيطرية التابعة لوزارة الزراعة المصرية بالتعامل مع الحيوانات عموماً، ومن بين اختصاصاتها التعامل مع الحيوانات الضالة وتطعيمها كي لا تنشر أمراض أو تنقلها للبشر.

ممارسات خاطئة

من جهة أخرى، تقول الطبيبة بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، نانسي الكسار، "إن ممارسات البعض بوضع طعام للحيوانات الضالة يؤدي إلى تجمعها في منطقة تواجد الطعام، وتظن أن تلك المنطقة هي نطاقها الخاص الذي تحميه، ولذلك تقوم أحياناً بمهاجمة من يقترب منها"، موضحةً أنه "حتى الشخص الذي يطعم الكلاب الضالة قد تقوم بمهاجمته فجأةً إذا اقترب منها أكثر من اللازم لأن تلك هي طبيعة تلك الحيوانات".
وأوضحت الكسار لـ"اندبندنت عربية" أن "الكلاب كانت بعيدة وعلى أطراف مناطق تجمع السكان، ولكن إتاحة الطعام لها سواء من خلال أشخاص أو بوجود قمامة بكميات كبيرة جعل تلك الكلاب تستسهل التواجد وسط البشر بدل البحث عن طعامها على أطراف المدن والتجمعات السكنية"، معتبرةً أن "من يضع الطعام للكلاب يضر بغيره من البشر الموجودين في المكان". كما أشارت إلى "استغلال بعض حراس العقارات للكلاب وتشريسها لمساعدتهم في إبعاد اللصوص عن مناطقهم".
ورأت الكسار أن "الحل يكمن في التوعية بعدم إتاحة الطعام للكلاب الضالة، وكذلك الاهتمام من جانب الأجهزة المحلية بالنظافة ومنع إلقاء القمامة"، رافضةً "الحلول التي تُطرح بإخصاء الكلاب لأنها تقوم بدور في تحقيق التوازن البيئي الذي ستظهر نتائجه على المدى البعيد"، مؤكدةً أن "الدول الأوروبية التي تخلصت من الحيوانات الضالة بتلك الطريقة ستواجه أزمات بيئية مستقبلاً".


جلسة برلمانية

وامتد النقاش الشعبي بشأن الكلاب الضالة إلى مجلس النواب، حيث عقدت لجنة الإدارة المحلية اجتماعاً قبل أسبوعين لمناقشة خطة الحكومة المصرية لمواجهة انتشار الحيوانات الشاردة في معظم المحافظات. وذكر رئيس الإدارة المركزية للصحة العامة والمجازر بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، أيمن محروس، خلال الاجتماع أن عدد الكلاب الضالة يقرب من 6.5 مليون، يتم تطعيمها سنوياً، بحسب مواقع إخبارية محلية. وأشار إلى تراجع معدلات إنتاج العقاقير المضادة للسعار، داعياً إلى التعامل بشكل علمي وسريع مع الملف. وقال محروس إن عدد الوفيات نتيجة العقر بلغ 100 حالة عام 2019، فيما وصل عدد بلاغات العقر الناتجة من الكلاب الضالة إلى ما بين 400 و450 ألف بلاغ سنوياً.
بدوره، أكد وزير الصحة المصري خالد عبدالغفار أن "حالات العقر المسجلة خلال السنوات الماضية تتزايد بنسبة 20 في المئة سنوياً". وأضاف خلال الاجتماع أن "تكلفة توفير الأمصال وصلت إلى 146 مليون جنيه عام 2019 ومرشحة للزيادة إلى 500 مليون جنيه".

تصدير الكلاب

في السياق، اقترحت عضو مجلس النواب رشا أبو شقرة تصدير الكلاب للدول التي تعتمد عليها "في أغراض مختلفة"، من بين عدة حلول طرحتها في طلب إحاطة برلماني موجه لوزيري الزراعة والتنمية، للحد من ظاهرة الكلاب الضالة، والتي وصفتها بأنها "تسبب مشكلة كبيرة، باعتبارها تتسبب في ذعر المواطنين وإصابتهم بحالات عقر أخيراً، وقد تتسبب في نقل بعض الأمراض". كما أن انتشارها "يعطي مظهراً غير حضاري وغير لائق بمصر كدولة سياحية". ودعت أبو شقرة أيضاً إلى "إطلاق حملات لتطعيم الكلاب الضالة وإقامة مستعمرات لهم"، معتبرةً أن "ذلك يحافظ على حقوق الإنسان والحيوان معاً". ولاقى ذلك الاقتراح رفضاً من جانب النشطاء في مجال حقوق الحيوان، الذين حذروا من وصول تلك الكلاب إلى دول تتغذى على لحومها أو أن يُساء استغلالها وتتعرض لتعذيب.
ويُعد ذلك الجدل حول تصدير الحيوانات الضالة بمثابة تكرار للحديث عن نفس الملف كان قد أثير في عام 2018، بعد إعلان وزارة الزراعة المصرية تصدير أكثر من 4 آلاف كلب وقطة إلى دول مختلفة. وظهرت أصوات رافضة كان أبرزها نجم كرة القدم، محمد صلاح، لاعب نادي ليفربول الإنجليزي والمنتخب المصري، الذي كتب حينها عبر حسابه الرسمي على تويتر "لن يتم تصدير القطط والكلاب لأي مكان... هذا لن يحدث ولا يمكن أن يحدث #لا_لانتهاك_حقوق_الحيوانات"، واعتُبرت تلك التغريدة أقوى دعم لمناصري حقوق الحيوان.
ويكفل الدستور المصري حق الحيوان بالرفق به "وفق القانون"، حيث تنص المادة 45 منه على أن "تلتزم الدولة بحماية بحارها وشواطئها وبحيراتها وممراتها المائية ومحمياتها الطبيعية. ويحظر التعدي عليها، أو تلويثها، أو استخدامها في ما يتنافى مع طبيعتها، وحق كل مواطن في التمتع بها مكفول، كما تكفل الدولة حماية وتنمية المساحة الخضراء في الحضر، والحفاظ على الثروة النباتية والحيوانية والسمكية، وحماية المعرض منها للانقراض أو الخطر، والرفق بالحيوان، وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

جدل بشأن الحملات

ونقلت تقارير صحافية محلية عن مصدر بالهيئة العامة للخدمات البيطرية قوله إن الهيئة أطلقت حملات عدة ضد الكلاب الضالة أخيراً في بعض أحياء القاهرة والجيزة، سواء بالقتل باستخدام السم أو القبض على الكلاب ومحاولة تعقيمها ثم إطلاقها مجدداً. لكن تلك الحملات تلقى معارضة من جانب نشطاء في مجال حقوق الحيوان وآخرون متعاطفون مع الكلاب، ففي إحدى التجمعات السكنية في ضاحية "6 أكتوبر" تنسق شيماء أحمد مع عدد من جيرانها لتقديم طعام يومياً للكلاب، وترى في حملات هيئة الطب البيطري "همجية" وأنها منافية للرحمة و"لا ترضي ربنا"، بحسب تعبيرها.
في المقابل، يجد الموظف الأربعيني، رمضان هلال، أن "أضرار الكلاب الضالة تدفع إلى الإسراع بالتعامل مع الملف"، مشيراً إلى أنه "لا يجب انتظار كارثة أخرى مثل وفاة الطبيبة لكي تتحرك الجهات المسؤولة. والرحمة لا تعني الإضرار بالإنسان لمصلحة الكلاب"، مؤكداً أنه "أصبح لا يأمن على أطفاله للعب بجوار المنزل بسبب تلك الكلاب". وبسبب النقاشات المحتدمة على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن التعامل مع الكلاب الضالة، طالبت دار الإفتاء المصرية في فتوى لها الشهر الماضي عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، المتضررين من تلك الكلاب إلى الإبلاغ عن "الحيوانات المؤذية" لدى أقرب وحدة صحية بيطرية.

استراتيجية الحل

وبرأي الناشطة في مجال حقوق الحيوان، دينا ذو الفقار، فإن "حل أزمة الكلاب الضالة يأتي بتنفيذ استراتيجية الدولة المصرية 2030 للتنمية المستدامة والتي تطرقت للصحة العامة والأمراض المشتركة وما يخص القضاء على السعار والتعامل مع الكلاب السائبة وغير السائبة، وهي استراتيجية متوافق عليها عالمياً وأقرتها منظمة الصحة العالمية ومنظمة الصحة الحيوانية وصادقت عليها مصر منذ 4 سنوات ولم تصدر اللائحة التنفيذية لها".
وقالت ذو الفقار إن "سبب التأخير في تطبيق الاستراتيجية على رغم الاجتماعات المستمرة من قبل الجهات المعنية وعرض الأمر على البرلمان هو عدم وجود خطة تنفيذية للاستراتيجية من الأساس"، مضيفةً "نحن نتحدث فقط، لكن يجب أن نفهم أننا لا نبتكر حلولاً ولكن علينا تطبيق الحلول التي يطبقها العالم أجمع لكن حالياً الجهات المسؤولة عن الأزمة لم تنظم ورشات عمل أو جلسات مجتمعية للشق التنفيذي للاستراتيجية".
وأوضحت أن "أهم بنود الاستراتيجية هي التوعية والتطعيم الجماعي سواء للحيوان المملوك أو غير المملوك، مما يخفف العبء المادي الكبير الذي تتكلفه الدولة في استيراد عقاقير من الخارج لعلاج حالات العقر والسعار الذي قد يؤدي للوفاة"، مشيرةً إلى أن "الهيئة العامة للخدمات البيطرية هي المسؤولة عن تطبيق الاستراتيجية".
وبشأن التحكم في تكاثر الكلاب الضالة، أوضحت أن "ذلك يجب أن يتم من خلال إخصاء الكلاب، ووفق الاستراتيجيات الدولية، يتحمل تكلفته الجهات المانحة الأجنبية والمجتمع المدني وليس الدولة، ولكن كلما زاد التطعيم قل العبء من استيراد أمصال العقر"، مشددةً على أن "مصادقة مصر على الخطة التنفيذية للاستراتيجية ستسمح بجذب دعم وتمويل دوليين". وأشارت إلى أن الاجتماع الأخير في البرلمان شاركت فيه إحدى الناشطات في مجال حقوق الحيوان وعرضت وجهة نظرهم، وانتهى الاجتماع إلى أن الحكومة ستقوم بإعداد اللائحة التنفيذية لاستراتيجية التعامل مع الحيوانات وعرضها على البرلمان خلال الجلسة التي عقدت في 12 يناير (كانون الثاني) الماضي.

وكان وزير الزراعة المصري السيد القصير أعلن في عام 2021 عن مبادرة حكومية مشتركة بين وزارات الزراعة والصحة والبيئة والتنمية المحلية لتنفيذ استراتيجية مصر للسيطرة على مرض السعار والإعلان عن خلو البلاد منه بحلول عام 2030.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات