Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حافظ وهبة الذي نفاه الإنجليز وأعاده السعوديون للندن

أبعد من القاهرة ورفضته الكويت والبحرين ليستقبله الملك عبدالعزيز

عُين حافظ وهبة وزيراً مفوضاً للملك عبدالعزيز في لندن عام 1930 (غيتي)

يمكن تعريف #حافظ_وهبة باختصار بأنه السياسي الذي نفاه الإنجليز من أراضيهم المستعمرة ليعود إليها عبر عاصمتها #لندن بقرار من #السعودية.

تلك هي نهاية الحكاية أما بدايتها فقد انطلقت منذ الحراك الأول الذي قاده "الشيخ حافظ وهبة" كما يحلو للسعوديين تسميته، بصفه أحد أبرز الشخصيات العربية التي أسهمت في التعليم ورفع مستوى الوعي العربي حول ضرورة التحرر الوطني منذ كان في مصر، وهو يشاهد معظم المنطقة العربية في بدايات القرن الـ 20 تعيش أسوأ فترات ضعفها وتشرذمها، إذ تسلمتها قوى غربية من الاستعمار العثماني لتقود حقبة جديدة من السيطرة الأجنبية.

حافظ المصري

ولد حافظ وهبة في مصر عام 1889، ودرس القانون في جامعة الأزهر بكلية الفقه الإسلامي، وعمل صحافياً قبل أن تنفيه سلطات الاستعمار من القاهرة إلى الهند البريطانية عام 1914، لكنه استقر في الكويت ثم البحرين، وعمل في سلك التعليم هناك قبل أن ينتقل إلى السعودية عام 1923.

 

ورد اسمه ضمن الشخصيات العربية الفاعلة في الحركة التعليمية في الكويت عام 1915، وسرعان ما انخرط في النشاط السياسي العربي الدائر في تلك الفترة حول الثورة العربية وضرورة تحرير المنطقة العربية من الهيمنة الأجنبية، مؤيداً استقلال مشيخة الكويت والمحمرة ( الأحواز) آنذاك.

ويتضح من عنوان كتابه الأول الذي صدر في القاهرة عام 1935 بعنوان "جزيرة العرب في القرن العشرين"، بأن وهبة كان يملك اهتماماً بالنطاقات الجغرافية التي تتجاوز وطنه الأم.

وتتضح الصورة أكثر حين يطلع القارئ على الصفحات الأولى من كتابه الذي أهداه إلى الشباب العربي قائلاً "إلى شباب العرب الناهض، عدة المستقبل ومناط الأمل".

حافظ والملك عبدالعزيز

عمل حافظ وهبة في الكويت معلماً في المدرسة المباركية، ومن الكويت انتقل إلى البحرين وعمل مدرساً فيها قبل أن ترفض السلطات البحرينية في الـ 14 من يناير (كانون الثاني) 1922 استقباله بعد عودته من إجازة رسمية.

ويبدو أن وهبه عاد للكويت بعد ذلك الرفض ليجد نفسه غير مرحب به هناك أيضاً، مما دفعه لأن يلجأ إلى حاكم نجد في حينها الملك عبدالعزيز بن سعود، فأرسل رسالة للملك حين كان في الأحساء وطلب منه المساعدة، فوافق الملك عبدالعزيز ودعاه إلى مقابلته وجعله مستشاراً سياسياً في ديوانه، ثم وزيراً مفوضاً ومبعوثاً فوق العادة للملك في لاهاي، وبعدها سفيراً للمملكة في بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويذكر الإعلامي السعودي عبدالرحمن بن صالح الشبيلي أنه أجرى لقاء تلفزيونياً مع الأمير مساعد بن عبدالرحمن وسأله عن حافظ وهبة، وكانت إجابته "الشيخ حافظ أتى عبر الكويت، إذ أسهم في تأسيس مدرسة فيها لإيجاد حياة ثقافية في الكويت، ثم جاء إلى الملك عبدالعزيز وكان في الأحساء وصحبه إلى الحجاز في أول عام من دخولها في الحكم السعودي، فأوكل إليه الملك بعض الأعمال المالية والإدارية، وبعد هذا بمدة بعثه وزيراً مفوضاً في لندن، فهو من ناحية النشاط السياسي يعد أقل من غيره إلا بعد أن عُين في لندن، إذ قام بما كان يوكل إليه من مهمات".

رحلات السندباد

وبالبحث عن سبب انتقال الشيخ حافظ وهبه من الكويت والبحرين ولجوئه إلى الملك عبدالعزيز عام 1923، تشير وثائق الأرشيف الوطني البريطاني في لندن إلى أن السلطات البحرينية رفضت عودته على رغم أنه كان يحمل وثيقة بحرينية سارية المفعول، مما أجبره أن يستغل السفينة الكويتية "الأحمدي" التي كانت راسية في المنامة لينتقل على ظهرها إلى الكويت.

وتشير الوثيقة البريطانية رقم (11- س) الصادرة في الـ 14 من يناير 1922 من قبل الوكيل السياسي البريطاني في الكويت والمرسلة إلى الوكيل السياسي البريطاني في البحرين إلى ما تعرض له الشيخ حافظ وهبة عند وصوله المنامة وعدم السماح له بالنزول هناك.

 

وكان نصها "ارجع إلى برقيتك رقم 116-0 بتاريخ 24 نوفمبر 1921. في اليوم الخامس تقدم الشيخ حافظ بن وهبة بطلب الحصول على شهادة هويته (البحرين رقم 1582 بتاريخ 22 نوفمبر 1921) للعودة إلى البحرين، وكما وصفته على أنه قادماً إلى هنا للزيارة، وجعلها سارية المفعول لمدة عام بدلاً من رحلة واحدة، افترضت أنه لا يوجد اعتراض على عودته وأعطيته التأييد.

غادر من هنا (الكويت) على متن سفينة "بارجورا" في اليوم السابع لكنه عاد على متن "الأحمدي" بعد ظهر أمس، ويقول (حافظ) إنه لدى وصوله إلى البحرين صعد الشيخ سلمان بن حمد العيسى وخان بهادور محمد شريف على متن السفينة وأخبراه أن شيخ البحرين لا يرغب في بقائه في البحرين، وأنكم اتفقتم معه في هذا القرار".

وبناء على ذلك "انتقل إلى سفينة الأحمدي التي كانت راسية آنذاك في الميناء وعاد للكويت من دون أن ينزل. لقد جاء إليّ هنا كشخص بريطاني محمي ومضطهد، ويطلب أن يتم إخباره عن سبب اتخاذ هذا القرار كما هو معتاد مع هذا النوع من الأشخاص، فهو يعبر عن حبه وإعجابه بكل شيء بريطاني، ويقول إنه لم يكن لديه أي شك حين غادر البحرين في عدم السماح له بالعودة، ودعماً لتصريحه قدم ورقة تمنحه إجازة من المدرسة، ويؤكد أنه لا يستطيع التفكير في أي سبب على الإطلاق لقرار الشيخ عيسى، ويلمح إلى أنك شخصياً قد تسممت أفكارك ضده بتقارير كاذبة يخشى أنك صدقتها، وأنه كان يتحدث ضدك في ما يتعلق بقضية فارسي توفي بعد أيام قليلة من توقيفه وحضوره أمامك بتهمة سرقة خاتم، ولقد تحدثت إلى الشيخ أحمد (الجابر) عنه عندما تلقيت برقيتك بأنه لن يكون على استعداد للسماح له بالعيش في الكويت إذا رغب في ذلك، والآن بعد أن رفض السماح له بالعيش في البحرين، وبما أنه من المؤكد أنه سيطلب الحماية البريطانية إذا طلب منه الذهاب، فسأكون سعيداً إذا أعطيتني أي معلومات أخرى عنه".

الوزير المفوض

وتتحدثت وثيقة بريطانية أخرى عن تعيينات حجازية (سعودية) عام 1931، إذ ورد اسم حافظ وهبة في مقدم القائمة باعتباره وزيراً مفوضاً ومبعوثاً فوق العادة للملك عبدالعزيز في لاهاي، يليه عبدالله إبراهيم الفضل بمنصب السكرتير الأول المسؤول عن المفوضية في لاهاي.

 

ويقول نص الوثيقة: "التاريخ: 28 يونيو 1931- أعلنت "أم القرى" أخيراً عن التعيينات الحجازية التالية في الخارج: حافظ وهبة مبعوثاً فوق العادة لابن سعود ووزيراً مفوضاً في لاهاي، وعبد الله إبراهيم الفضل سكرتيراً أول مكلفاً بالمفوضية الحجازية في لاهاي، وحمزة الغوث قنصلاً حجازياً في باتافيا".

وكثيرة هي الوثائق البريطانية التي ورد فيها اسم حافظ وهبة، بخاصة تلك المتعلقة بمفاوضات سعودية مع دول أخرى ومنها المملكة المتحدة خلال فترة ترؤسه لمفوضية السعودية في بريطانيا حينما أصبح سفيراً سعودياً لدى لندن.

وتوفي الشيخ حافظ وهبة عام 1967 في العاصمة الإيطالية روما عن 80 سنة.

المزيد من تحقيقات ومطولات