Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لبنان يستذكر ضحايا الهجرة غير النظامية... 182 ضحية في عام واحد

من أبريل لا يزال 33 غريقاً على عمق 450 متراً بعد فشل غواصة هندية في انتشالهم

أهالي الضحايا على متن أحد القوارب احياء لذكرى ذويهم (محمد صبلوح)

جاء اليوم العالمي لإحياء ذكرى الموتى والمفقودين والمخفيين قسراً في البحر وعلى الحدود، ليعيد إلى ذاكرة الناجين وأهالي الضحايا لحظات القلق. في #لبنان 182 ضحية، حصيلة حوادث قوارب #الهجرة_غير_النظامية التي انطلقت في عام 2022 باتجاه أوروبا. 

سجل طويل من النكبات

حفرت حوادث الهجرة غير النظامية عميقاً في وجدان أهالي طرابلس اللبنانية، والحداد لا يغادر الأحياء لكثرة ضحايا حوادث الغرق. وشكل قارب 14 سبتمبر (أيلول) 2020 باكورة الصدمات.
وفي 23 أبريل (نيسان) 2022، غرق قارب قبالة جزيرة الرمكين في الميناء طرابلس، وحتى يومنا هذا ما زال 33 راكباً على عمق 450 متراً تحت سطح الماء، بعد فشل مهمة الغواصة الهندية في أغسطس (آب) 2022، وما دار من علامات استفهام حول مهمة طاقمها الذي اختفى فجأة قبل إنجاز تقريره الرسمي، ناهيك بتضارب في وجهات النظر بين قائد الغواصة الذي أقر بوجود صدمات على الهيكل الخارجي للقارب وتأكيدات البحرية اللبنانية بسلامة القارب وعدم تعرضه إلى أي اصطدام، الأمر الذي دفع فريق الوكلاء القانونيين للدفاع عن الناجين وأهالي الضحايا إلى الحديث عن شبهات تحيط التحقيقات القضائية اللبنانية، والاتجاه نحو الأمم المتحدة بحسب المحامي محمد صبلوح.

بعد مرور خمسة أشهر على حادثة قارب الميناء، في 22 سبتمبر (أيلول) 2022 وقعت الفاجعة الأضخم في سجل رحلات الهجرة غير النظامية التي انطلقت من شمال لبنان، حيث غرق قبالة شاطئ طرطوس السورية قارب يحمل على متنه أكثر من 170 راكباً من الجنسيات اللبنانية والسورية والفلسطينية بعد أن تعطل المحرك في عرض البحر، وتخلف المهرب عن وعوده بإرسال قارب آخر يعيدهم إلى اليابسة. 
لم تتوقف محاولات الهرب رغم الكوارث التي أزهقت حياة العشرات من الركاب، وانتظمت عمليات التهريب إلى حد كبير، إلى درجة اشتهرت معها بعض العائلات بهذه الأفعال المخالفة للقانون. وازدادت وتيرة هذه الرحلات بعد نجاح بعضها في بلوغ إيطاليا.  

تركونا وحدنا 

بعد تكرار الحوادث، تلقى الناجون سلسلة كبيرة من الوعود بتحسين أوضاعهم. ويؤكد الناجي وسام التلاوي (قارب طرطوس) أنه خرج برفقة عائلته هرباً من الواقع السيئ، إلا أن الحادث غير حياتهم، فخسر زوجته واثنين من أطفاله، لافتاً أنه لم يتلق أي مساعدات لتحسين أوضاعه، حتى إنه يعالج رجله المصابة على نفقته الخاصة. أما جهاد والد المفقود هشام متلج (قارب 23 أبريل) فيعبر عن عدم ثقته بالمؤسسات الرسمية اللبنانية لإنصافه، متحدثاً عن تعرض عائلات المفقودين والضحايا إلى ضغوط بسبب الدعاوى القضائية التي رفعوها ضد عناصر عسكرية، وكذلك تمسك الأهالي برواية صدم الطراد العسكري لقارب الهجرة غير النظامية، مما أدى إلى غرقه بمن فيه من الركاب. وخلال المؤتمر الصحافي الذي أقيم في طرابلس، أكد جهاد متلج أن "الأهالي هم من يملكون الحقيقة"، مؤكداً أنه اقُتيد إلى وزارة الدفاع للتحقيق معه، بعد تقدمه بدعوى الإخفاء القسري لابنه هاشم، بناء لتقاطع معلومات، وتسجيلات وإفادات من ناجين وعاملين في المستشفى الحكومي في طرابلس وأنهم التقوا هاشم بعد الحادثة. ويتمسك جهاد بأن الشبان خرجوا لتأمين مستقبل أفضل لهم ولعائلاتهم، بعد أن ضاقت بهم السبل.   
كما تكررت رواية عدم الحصول على مساعدات على لسان مجموعة من الأهالي الذين تواصلت معهم "اندبندنت عربية"، وأنهم "هم من تحملوا الخسارة الكبرى". وتحدث الناجون وأهاليهم أن جل همهم حالياً هو الحصول على جواز سفر لمغادرة البلاد في أقرب فرصة ممكنة. وتوضح إحدى العائلات "أثمرت وساطة بعض الضباط في تأمين جوازات سفر للأطفال القاصرين لأحد المفقودين في قارب 23 أبريل، وقد تم تسفيرهم للإقامة مع أجدادهم في الخارج"، فيما عجز الناجون الراشدون عن الحصول على جواز السفر بحجة أنهم ارتكبوا جريمة في محاولة هربهم وسفرهم بطريقة غير مشروعة ومخالفة للقانون من البلاد.

علامات استفهام كبيرة

طرح المؤتمر الصحافي الذي أقامته مجموعة من الجهات الحقوقية في الرابطة الثقافية طرابلس بتاريخ السادس من فبراير (شباط) 2023، ذكرى الموتى والمفقودين والمخفيين قسراً في البحر وعلى الحدود، سلسلة من علامات الاستفهام التي تحيط بملف الهجرة غير النظامية في لبنان، وطريقة تعاطي الدولة اللبنانية والقضاء مع الملفات المتفرعة عنه، وكذلك الشبهات التي أحاطت استقدام الغواصة الهندية ومن ثم تهريبها من لبنان، كما وجه الائتلاف المكون من 12 هيئة ومنظمة حقوقية رسالة واضحة من خلال عنوان مؤتمرهم "قوارب الموت، حدود تقتل وعدالة مفقودة". 
تحدث صبلوح عن المسار القضائي اللبناني، وإحالة الدعوى أمام القضاء العسكري، لافتاً إلى وجود "مماطلة" في الإجراءات لأن المدعى عليهم عناصر عسكرية. 
كما تطرق المحامي صبلوح إلى موضوع "الغواصة الهندية". وأكد أن لديه تسجيلات تفضح "العصابات" التي استغلت الغواصة وحالت دون تعويم القارب الغارق إلى وجه الماء، وإعادة إحدى الجثث إلى العمق بعد انتشالها، إضافة إلى التلاعب بالصور، وتضارب الإفادات بين كابتن الغواصة والبحرية اللبنانية. واشترط صبلوح وجود "قضاء جريء في لبنان، لإعطائه الأدلة لفتح تحقيق لمحاكمة المافيات". ويضيف المحامي "هذا الأمر دفعنا إلى التقدم بشكوى أمام الإجراءات الخاصة لدى الأمم المتحدة عبر منظمة "Mena Rights Look". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهته سلط الناشط سعد الدين شاتيلا على عمل المنظمة وتوثيق الانتهاكات في ظل غرق قوارب الهجرة غير النظامية ودفع الشباب لمغادرة لبنان بطريقة غير آمنة، مذكراً بمجموعة من الثوابت لناحية إيجاد البدائل الآمنة ودعم سبل العيش، وموجب الإنقاذ الأمن للأشخاص العالقين في عرض البحر، الذي يقع على عاتق السلطات، واحترام مبدأ عدم الإعادة القسرية وعلى وجه التحديد اللاجئين السوريين. 
كما يكشف شاتيلا عن صعوبات واجهتهم في معرض وضع قائمة للضحايا والناجين بسبب عدم وجود قائمة رسمية بأسماء الناجين والضحايا. ويلفت أن قسم الإجراءات الخاصة الأمم المتحدة طالب لبنان بـالبحث عن المفقودين وانتشالهم، وإيلاء الطب الشرعي مهمة إجراء تحقيق، إلا أن الجانب اللبناني لم يلتزم. ويضيف جاء الجواب في لبنان في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، الذي تضمن رواية الجيش اللبناني بأن المركب الغارق لم يتعرض إلى أي أعمال عنف أو قوة، بل تلقى إنذارات، كما أشار الرد اللبناني في معرض الحديث عن التحقيقات إلى "أن فريق الغواصة الذي عاين القارب لم يقدم تقريره الفني بعد". 
ينوه شاتيلا إلى أنه تمت مراسلة الإجراءات الخاصة بالإخفاء القسري للأمم المتحدة، للمطالبة بجلاء مصير أحد الناجين اللبنانيين من قارب طرطوس، الذي سبح ووصل إلى الشاطئ قبل أن تقوم السلطات السورية باعتقاله. واستمر وضعه إلى 30 نوفمبر تاريخ إطلاق سراحه وتسليمه إلى السلطات الرسمية اللبنانية. 

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات