أثارت قصة الشابة "سالي" تعاطفاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي إثر عملية #زراعة_الكبد في أحد المستشفيات العمومية بالعاصمة #تونس، وذلك بعد ساعات من إطلاق عائلتها نداء استغاثة لمساعدتها على السفر للعلاج بالخارج. وأُجريت العملية بعد قبول إحدى العائلات التبرع بأعضاء ابنها المتوفى سريرياً. لم ينته الأمر هنا، فمنح الحياة إلى سالي من جديد، حفز رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى زيارتها في المستشفى، وزيارة العائلة المتبرعة لشكرهم على قراراهم، مشيداً بإعلاء قيمة #التبرع_بالأعضاء والمساهمة في إنقاذ الشابة.
وأشاد الرئيس بالإطار الطبي وشبه الطبي وبكل الأعوان لكفاءتهم العالية، وأكد أن الحق في الصحة من حقوق الإنسان يجب أن توفره الدولة للجميع.
وعلى الرغم من أن القانون التونسي نظم عملية التبرع بالأعضاء منذ التسعينيات فإن عدد الأشخاص الذين وقع التنصيص على صفة متبرع ببطاقات تعريفهم لا يتجاوز 13500 من مجموع عدد السكان الذي يناهز 12 مليون نسمة، وذلك بحسب المركز الوطني للنهوض بالتبرع بالأعضاء. ويشار إلى أن أهم الأعضاء المتبرع بها هي: الكليتان والقرنية والقلب والكبد.
فرصة حياة
ينتظر المئات من التونسيين من أعمار مختلفة دورهم في زرع عضو يبعث فيهم الحياة من جديد. وتقول مفيدة، سيدة أربعينية، إنها تنتظر التبرع لها بكلية منذ خمس سنوات، وبدت متفائلة بفرصة حياة أفضل تنهي بها معاناتها مع رحلة عملية تصفية الدم.
من جهة أخرى أهدت مروى حياة جديدة لزوجها ماهر عندما تبرعت له بكليتها. وتقول في تصريح خاص "أشعر أن حبي لزوجي تضاعف بعد التبرع له" مضيفة أنها لم تتردد في التبرع بكليتها، أولاً لأنها تريد إنقاذ حياة زوجها، وثانياً لأنها تثق في أطباء تونس، بحسب تعبيرها.
وبحسب دراسة رسمية، فإن أكثر من 70 في المئة من التونسيين لا يرفضون التبرع بالأعضاء، لكن في الواقع عدد المتبرعين"دون المأمول"، وفق ما أفادت به المسؤولة عن التوعية بالتبرع بالأعضاء بالمركز الوطني للنهوض بزرع الأعضاء، بثينة زناد.
وأضافت في تصريح لها "ذلك بسبب رفض العائلات التبرع أو بسبب الأفكار السائدة بخصوص حق الأفضلية في قوائم الانتظار"، لافتة إلى أن "القانون عدد 22 لسنة 1991 والمنظم لعمليات التبرع بالأعضاء وزرعها يضبط الشروط والإطار القانوني لها ولا مجال لتبجيل شخص على آخر أو المحاباة".
ويشار إلى أن الحاجة لزرع الأعضاء تفوق كثيراً ما هو متوفر وهو ما يجعل قائمة الانتظار طويلة، حيث تسجل قائمات مرضى القلب والكبد 50 حالة جديدة سنوياً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتفيد زناد أن مدة الانتظار بالنسبة لمرضى القلب والكبد تتراوح بين شهرين وعام واحد قبل مفارقة الحياة مبرزة أن مدة الانتظار بالنسبة لمرضى الكلى أفضل حالاً حيث تصل إلى حوالى 15 عاماً وتسجل قائمة الانتظار لمرضى الكلى 1650 مريضاً، لافتة إلى أنه تم خلال عام 2022 زراعة كلى لـ33 مريضاً بتونس.
وأشارت زناد في السياق نفسه إلى أن سنة 2022 كانت مرضية بالنسبة لهم على مستوى التبرع بالأعضاء، مشيرة إلى أن "25 عائلة وافقت على التبرع، كما تم أخذ أعضاء من 19 مواطناً ماتوا دماغياً، مما مكن من إجراء 52 عملية زرع منها 33 كلى و12 لمرضى قصور قلب و7 لمرضى قصور الكبد".
صدقة جارية
وبخصوص الحملات التوعية لتشجيع المواطنين على التبرع تقول زناد إنها "من بين أهم المهام التي يقوم بها المركز"، مضيفة "الحملات تقام طوال السنة وبالشراكة مع عدة وزارات على غرار وزارة الشؤون الدينية"، مفسرة ذلك "من أجل تجهيز أئمة المساجد للحديث في خطب صلاة الجمعة على التبرع بالأعضاء واعتبارها صدقة جارية" وفي هذا الإطار تفيد زناد أنهم يتنقلون في كل محافظات الجمهورية، إضافة إلى تجهيز أعوان مراكز الشرطة لتسهيل عملية وضع عبارة متبرع في بطاقات التعريف.
في نفس السياق يقوم المركز بتدريب أعوان وزارة الصحة العاملين في المستشفيات من أجل تقديم المعلومة الصحيحة للمواطنين بخصوص التبرع بالأعضاء، وأيضاً تنظيم يوم رياضي بمناسبة اليوم العالمي للتبرع بالأعضاء يحضره سنويا قرابة أربعة آلاف مواطن.
"تونس رائدة في مجال زرع الأعضاء"، بحسب زناد التي أكدت أنه "منذ عام 1948 حيث جرت أول عملية لزراعة القرنية من طرف الطبيب الراحل الهادي الرايس، ثم عام 1986 من خلال أول زراعة كلى في تونس، وعام 1993 جرت أول عملية زراعة للقلب وأخيراً عام 1998 نجح أطباء تونس في زراعة الكبد".
بالنسبة لنجاح عمليات زرع الأعضاء، تقول زناد إن تونس قريبة جداً من نسبة النجاح العالمي فعمليات زرع الكلى تصل نسبة النجاح فيها إلى 99 في المئة وبقية العمليات تصل النسبة إلى حوالى 80 في المئة. مشيدة "بتغير عقلية التونسي في السنوات الأخيرة باقتناعه بأهمية التبرع بالأعضاء".