Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النفط بين الحظر على المنتجات الروسية وعمليات الصيانة

النتيجة الحتمية لانخفاض إنتاج البنزين والديزل في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا هي زيادة أنشطة السوق السوداء

بدأ الحظر الأوروبي على استيراد المنتجات النفطية الروسية يوم الأحد الماضي (أ ف ب)

العالم في ورطة الآن، بدأ الحظر الأوروبي على المنتجات النفطية الروسية، ولن تكون هناك بدائل قوية حتى نهاية العام، بينما تقوم #المصافي_الأميركية والأوروبية والآسيوية بتخفيض إنتاجها من البنزين والديزل بسبب #عمليات_الصيانة!.

ارتفاع #أسعار_النفط يجعل شركات النفط تؤخر عمليات الصيانة للاستفادة من فترة الأسعار المرتفعة، وارتفاع هامش الربح من تكرير برميل النفط يجعل المصافي تؤخر عمليات الصيانة، ونقص الإمدادات وارتفاع الأسعار يجعل شركات الأنابيب تؤخر عمليات الصيانة، وارتفاع أسعار الغاز المسال في السوق الفورية يجعل الشركات تؤخر عمليات الصيانة في محطات التسييل، وتأخير عمليات الصيانة يعني زيادة مخاطر الانفجار والحرائق والتسرب.

ماذا لو توافقت أعمال الصيانة في الوقت نفسه؟ ماذا سيحصل لإمدادات المنتجات النفطية والغاز المسال؟ ماذا سيحصل لأوروبا؟ وما أثر ذلك في الأسعار؟ وما أثر ذلك في إيرادات شركات النفط والدول النفطية؟

بشكل عام، تستطيع دول "أوبك+" التي خفضت الإنتاج في الأشهر الثلاثة الأخيرة التعامل مع الأمر بأريحية، ولكن ليس في قطاع التكرير، مشكلة قطاع التكرير الآن عالمية، بخاصة في ظل انخفاض إمدادات الديزل والحظر الذي فرضته الدول الأوروبية على واردات المنتجات النفطية من روسيا.

هناك عمليات صيانة في بعض محطات الغاز المسال في أستراليا في الوقت الذي أعلنت الشركات إيقافها بعض المحطات خلال الشهرين المقبلين للقيام بعمليات الصيانة، ليس هناك أي بديل لهذا الغاز إلا عودة محطة فريبورت الأميركية للغاز المسال، التي تأخرت في العودة للعمل لأشهر، وإذا تأخرت عن موعد عودتها بالكامل المقرر في بداية مارس (آذار) المقبل، فإن هذا يعني أن العالم لن يستطيع التخلي عن الغاز المسال الروسي.

قرار الحظر الأوروبي

بدأ الحظر الأوروبي على استيراد المنتجات النفطية الروسية أمس الأحد مع تطبيق سقف سعري للمنتجات النفطية الروسية المصدرة بحراً إلى دول أخرى، وكانت الدول الأوروبية قد بدأت الحظر على استيراد النفط الخام الروسي في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وطبقت معه سقفاً سعرياً للنفط الخام الروسي عند 60 دولاراً للبرميل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكما ذكر كاتب هذه المقالة مراراً وتكراراً، فإن أغلب العقوبات المطبقة على روسيا هي "ضحك على اللحى"، والأدلة على ذلك كثيرة، منها أن الحظر الأخير ينطبق فقط على المنتجات المنقولة بحراً ولا ينطبق على المنتجات المنقولة في أنابيب أو في شاحنات، كما يمكن لدول الاتحاد الأوروبي أن تستورد المنتجات النفطية المكررة من النفط الروسي طالما أن التكرير تم في بلد آخر، وهو ما نسميه حالياً بـ"غسيل النفط!".

دول الاتحاد الأوروبي اشترت كميات كبيرة من المنتجات النفطية الروسية في الشهرين الماضيين وخزنتها قبل تطبيق الحظر، وإذا كان الهدف هو تحجيم بوتين والأموال التي يحصل عليها، فلماذا قاموا بزيادة الاستيراد من روسيا في الشهرين الماضيين؟ فقد ذكرت وكالة الطاقة الدولية، وهي المعادية لروسيا والمؤيدة للاتحاد الأوروبي، أن روسيا صدرت أعلى كميات ديزل في تاريخها (1.2 مليون برميل) يومياً في شهر ديسمبر الماضي، ذهب ثلثاها إلى دول الاتحاد الأوروبي!

 ويتوقع أن يستمر التصدير في مستويات عالية في شهر فبراير (شباط) الجاري، على رغم الحظر، وفقاً لبيوت التجارة العالمية.

تخزين الأوروبيين للمنتجات النفطية قبل تطبيق الحظر يعني أن أثر الحظر في المدى القصير محدود، وهذا يتنافى مع توقعات البعض الذين يرون أن الحظر سيخفض الإنتاج الروسي ويرفع أسعار النفط، وهم أنفسهم فشلت توقعاتهم في ديسمبر الماضي حين طبق الحظر ولم ينخفض الإنتاج الروسي ولم ترتفع أسعار النفط.

أوجدت روسيا أسواقاً جديدة لمنتجاتها النفطية في كل من آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، على رغم أن منتجاتها ستجد طريقها إلى أوروبا والولايات المتحدة على كل الحالات.

إلا أن إنتاج النفط الخام والمنتجات النفطية في روسيا قد ينخفض على كل الحالات بسبب عمليات الصيانة، وإذا توافق ذلك مع عمليات الصيانة في مناطق أخرى من العالم، فإن هذا سيرفع الأسعار. المشكلة أن الإعلام المؤيد للحكومات الغربية سيعزو انخفاض الصادرات الروسية إلى العقوبات والسقف السعري، وليس إلى عمليات الصيانة.

عمليات الصيانة

يعاني قطاع التكرير الأميركي من مشكلات عدة منذ سنوات، ليس بسبب قدم المنشآت النفطية فقط، وإنما أيضاً من القوانين البيئية الصارمة على المستويين، الفيدرالي والمحلي، ما نتج منه إغلاق عديد من المصافي في السنوات الأخيرة، الأمر الذي خفض السعة التكريرية للولايات المتحدة وجعل الصين تتفوق عليها.

تفاقمت مشكلات التكرير مع تكرار الأعاصير في خليج المكسيك، ثم إغلاقات فيروس كورونا، الأمر الذي أدى إلى بقاء أسعار البنزين والديزل مرتفعة، على رغم الانخفاض الكبير في أسعار النفط.

وحاولت المصافي الاستفادة من ارتفاع هوامش أرباح التكرير في العامين الماضيين لدرجة أنها أخرت عمليات الصيانة حتى وصلت الأمور إلى درجة حرجة، وهذا ما أجبرها على القيام بعمليات صيانة دورية، ولكن بشكل أكبر ولفترة أطول. وتشير البيانات الحالية إلى أن أغلب الصيانة في الولايات المتحدة ستكون في فصل الربيع لعدد مصاف يبلغ ضعف المعتاد، نحو 15 مصفاة، أقلها أسبوعين، وأكثرها ثلاثة أشهر، وعمليات الصيانة هذه تعني أمرين، انخفاض الطلب على النفط الخام من جهة بنحو مليون ونصف مليون برميل يومياً في الولايات المتحدة، وانخفاض إنتاج المنتجات النفطية مثل البنزين والديزل من جهة أخرى.

ولكن الأمر لا يقتصر على الولايات المتحدة فقط، فقد أعلنت شركة "شل" أنها ستقوم بعمليات الصيانة في مصفاة برنيس في هولندا، أكبر مصفاة في أوروبا، ومشكلة أوروبا حالياً احتمال عودة إضرابات عمال المصافي، كما حصل في فرنسا أخيراً، وهذا سيؤثر بشكل خاص في إمدادات الديزل التي تعاني من شح عالمي حالياً، الأمر نفسه ينطبق على مصاف آسيوية عدة في كوريا الجنوبية والصين وسنغافورة والهند، وأذكر القارئ هنا أن هذا يأتي في وقت حظر فيه الاتحاد الأوروبي استيراد المنتجات النفطية من روسيا.

النتيجة الحتمية لانخفاض إنتاج البنزين والديزل في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا هي زيادة أنشطة السوق السوداء للمنتجات النفطية الروسية!

اقرأ المزيد

المزيد من آراء