Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أهم إصدارات فبراير في بريطانيا من سلمان رشدي إلى بلايك موريسون

مارتن شيلتون في مراجعته الدورية لأهم الكتب الصادرة هذا الشهر 

أفضل إصدارات شهر فبراير (آي ستوك/إندبندنت)

ليس #التعذيب و#التجسس و#التجارب_العقلية سوى ثلاثة أمثلة عن المواضيع المثيرة التي تطرحها بعض أكثر #الكتب غير الأدبية تشويقاً الصادرة هذا الشهر (فبراير).

نظراً إلى أنه ما يزال ممنوعاً على المسؤولين الصينيين الاعتراف بهمجية عهد الرئيس ماو، يشكل كتاب تانيا برانيغان الذاكرة الحمراء: معايشة واستذكار ونسيان الثورة الثقافية الصينية Red Memory: Living, Remembering and Forgetting China’s Cultural Revolution (دار فابر) تذكيراً مهماً بطبيعة الأحداث المروعة التي دارت هناك خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. ويتضمن الكتاب اقتباساً مزعجاً للغاية نقل عن مدرسة قتلت في وقت لاحق في هجوم مسعور شنه متعصبون لماو، تتنبأ فيه بمقتلها وتقول "إن ضرب شخص مثلي حتى الموت لا يختلف عن قتل كلب". ويبين كتاب برانيغان أن بعض الوصمات التاريخية لن تزول أبداً. 

في كتاب شابات حكيمات: الجاسوسات اللاتي أسسن وكالة الاستخبارات المركزية وغيرن مستقبل الجاسوسية Wise Gals: The Spies Who Built the CIA and Changed the Future of Espionage (دار آيكون)، تقدم ناتاليا هولت تحية للعميلات السريات اللاتي نشطن خلال حقبة الحرب الباردة. ويعترف أحد الضباط من تلك المرحلة بأن "النساء كن أفضل بكثير في كشف الأشخاص الذين يقومون بالمراقبة سيراً على الأقدام"، وهو يعزو هذه المهارة إلى ضرورة تحلي النساء في الحياة إجمالاً بالحذر حفاظاً على سلامتهن الجسدية. كانت الجاسوسات الرائدات ذكيات وقويات، لكن الأمور لم تنته لصالحهن دائماً في الحياة الشخصية. عندما تقاعدت إليزابيث سودماير، بعد إنجازات هائلة حققتها في العمل كجاسوسة في العراق خلال خمسينيات القرن الماضي، وجدت صعوبة في التعامل مع الحياة من دون تشويق العمل السري الذي كانت تقوم به. وتشير هولت إلى أن "العزلة ضغطت عليها وأصبحت تفرط في معاقرة الخمر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مع أن العقول الضبابية التي تشبه عقلي تحتاج إلى كثير من الطاقة الذهنية في سبيل استيعاب العلوم الدقيقة، فإن كتاب سالي أديه Sally Adee نحن من كهرباء: العلم الجديد حول الإلكتروم في أجسامنا We Are Electric: The New Science of Our Body’s Electrome (دار كانونغايت بوكس) يستحق التحدي. يبدأ الكتاب بأسلوب درامي، إذ تكتب المحررة السابقة التي عملت طويلاً على مقالات التكنولوجيا في مجلة نيو ساينتست، عن تجربتها الخاصة مع اختبار عسكري مذهل لتحفيز الدماغ. وتقدم أديه في الكتاب دليلاً ملفتاً حول احتمال التلاعب بكهرباء الجسم الطبيعية في مجال الرعاية الصحية المستقبلية. ويطرح أحد السيناريوهات في الكتاب احتمال استبدال الأدوية بغرسات طبية كهربائية بحجم حبة الأرز.    

ومن بين الروايات الخيالية التي نوصي بها هذا الشهر، هذا النعيم الثاني This Other Eden، بقلم الكاتب بول هاردينغ الحائز على جائزة بوليتز (الصادر عن دار هتشينسون هاينمان). ويروي الكتاب قصة مؤثرة عن مجموعة من المنبوذين، مستوحاة من أحداث تاريخية، وفتيات غارنيت The Garnett Girls (عن دار إتش كيو) للمؤلفة جورجينا مور، التي تروي أحداث دراما عائلية مشوقة تقع في محيط مؤثر في جزيرة وايت. 

نستعرض في ما يلي مراجعة كاملة لروايات بقلم سلمان رشدي وكيفين جاريد حسين ووريبيكا مكاي، إلى جانب كتابي مذكرات بلايك موريسون وأفيريل مانسفيلد وسيرة ذاتية لجيمس إيلروي.

"مدينة النصر" لــسلمان رشدي ★★★★☆ Victory City by Salman Rushdie 

قد يجفل المرء مرة أو اثنتين من بعض مشاهد المعارك والعنف في "مدينة النصر" Victory City، الرواية الملحمية الجديدة لسلمان رشدي، بخاصة التوصيفات التصويرية مثل سقوط "آخر قطع اللحم المشوي" من رأس أحدهم أثناء معركة ضارية.  كتب رشدي هذه المشاهد قبل تعرضه لهجوم مروع في مؤسسة تشوتوكوا في نيويورك في أغسطس (آب) عام 2022، عندما تعرض المؤلف البالغ من العمر 75 سنة للطعن 15 مرة، مما سبب له فقدان البصر في إحدى عينيه والعجز عن استخدام إحدى يديه. وكان الكاتب تلقى تهديدات بهدر دمه من إيران في الثمانينيات بعد نشر روايته "آيات شيطانية" The Satanic Verses.

 

لا تزال شجاعة رشدي وإيمانه الراسخ بحرية التعبير مصدر إلهام، ولا تزال كتاباته مصدراً للمتعة. "مدينة النصر" هي تأويل بديل لملحمة هندية قديمة، تتناول تداعيات معركة نشبت بين مملكتين في القرن الـ14 جنوب الهند. تروي القصة حكاية بامبا كامبانا Pampa Kampana البالغة من العمر تسع سنوات، التي تتحول، بعد أن تشهد وفاة والدتها، إلى أداة لآلهة تحمل الاسم نفسه، بامبا، وتأخذ في التحدث من خلال الفتاة. تلعب بامبا كامبانا، التي "يخزن أنفها رائحة لحم والدتها المحترق لبقية حياتها" دوراً أساسياً في صعود مدينة بيسناغا Bisnaga - "مدينة النصر" – الأعجوبة الجديدة من عجائب العالم.

يبدو أن العودة لرواية هندية بعد عقد من كتابة الروايات التي تدور أحداثها في الغرب ألهبت خيال رشدي، وعلى رغم أن الخيال الوارد في "مدينة النصر" لن يرضي ذائقة الجميع، إلا أنها حكاية جارفة تحمل رسالة قيمة وهي أن القصص تدوم إلى الأبد والكلمات قادرة على أن تكون النصر الحقيقي.

تصدر رواية "مدينة النصر" لـ سلمان رشدي عن دار جوناثان كيب في التاسع من فبراير (شباط) وتباع النسخة الواحدة منها بسعر 18.99 جنيه استرليني

"أحبني بشراسة في الخطر: سيرة حياة جيمس إيلروي" لــستيفن باول ★★★☆☆ Love Me Fierce in Danger: The Life of James Ellroy by Steven Powell 

"يتملكني هوس بالعنف. ولدي هوس بالانحراف الجنسي". هذا ما اعترف به جيمس إيلروي، الذي وضع أكثر من 20 كتاباً من بينها الداليا السوداء The Black Dahlia إل آي كونفيدنشال LA Confidential وأميركان تابلويد American Tabloid. عندما تقرأ كتاب أحبني بشراسة في الخطر: سيرة حياة جيمس إيلروي، الذي يشكل شهادة على طفولة إيلروي المروعة والمختلة، من الصعب ألا تعتبره مثالاً على مقولة "أرني الطفل المكلوم وسأريك الرجل المختل".

 

تعرضت والدة إيلروي، جين، السيدة ذات الطبيعة المتقلبة التي كانت تفرط في معاقرة الخمر، للاغتصاب والقتل عندما كان إيلروي المولود في عام 1948، ما يزال في العاشرة من عمره. وفي سن التاسعة، تعرض إيلروي نفسه لاعتداء الجنسي من قبل مراهقة كانت تجالسه، وهي حادثة اعتبرها والده المبذر أرماند "مضحكة". وكان أرماند الذي سمم أفكار ابنه وحرضه على والدته، مجبولاً بالكذب، ويبدو تباهيه بأنه "مارس الجنس" مع [نجمة هوليوود] ريتا هيوارث  "الشهوانية" موضع شك.

لا شك في أن كتاب أحبني بشراسة في الخطر، الذي يستعير عنوانه من بيت شعر كتبه إيلروي، سيرة ذاتية تكشف كل المستور (حتى أنها تصف حبوب الشباب على ظهره) وهي غالباً مادة شنيعة. يوثق المؤلف ستيفن باول، الذي يعرف إيليوت منذ عام 2009، سلوك الكاتب أثناء فترة مراهقته، الذي تضمن إجراء اتصالات هاتفية بذيئة، والتلصص على الآخرين، والسرقة وممارسة أفعال شهوانية مع الملابس الداخلية للفتيات. لا عجب أبداً أن إيلروي لديه سجل لدى الشرطة بتهمة التسلل إلى الممتلكات الخاصة والتعري الفاضح والسلوك المشين في العلن.  

يخبر باول قصصاً ملفتة حول الطريق الذي شقه إيلروي نحو النجاح ككاتب وتعامله مع هوليوود بعد تحقيقه نجاحاً في عالم الكتابة. ويفصل الأسلوب الذي استخدمه إيلروي في محاولة "تشويه" النسخة المصورة من فيلم "إل آي كونفيدنشال" LA Confidential، وكراهيته لكيفن سبايسي الذي يزعم بأنه "شخص سام".

بعد مرور سنوات، وبعد أن ذاع صيت إيلروي واستغل حتى الرمق الأخير الشخصية التي رسمها لنفسه باعتباره "الكلب الشيطاني في أدب الجريمة الأميركي"، عانى الرجل فقدان الذاكرة الموقت بسبب الكحول، والإدمان على المخدرات والذهان والهلوسات والأرق ووسواس المرض وحالات التوهم ونوبات الهلع.  

وكان سلوك إيلروي تجاه النساء مخيفاً ومهيناً في معظم الأحيان، بينما لا يخفي هذا الكتاب الذي يتسم بالصراحة المطلقة عنصريته ومعاداته للسامية. لكن بعض التعليقات الواردة فيه من قبيل أن "المزاح متأصل في كل أفعاله" أو طريقة وصف عنصريته على أنها "تصرفات نازية صبيانية" أو أنها "استعراضه النازي"، تبدو متسامحة جداً برأي هذا الناقد ولا سيما نظراً لقيام إيلروي بزيارة مكاتب الحزب النازي الأميركي في غليندايل، وشرائه شريطاً يربط حول الذراع ويحمل إشارة الصليب المعقوف، وأسطوانة "اشحنوا أولئك الز..ج إلى أوطانهم". إحدى أولى الشخصيات التي ابتدعها إيلروي، فات دوغ، كانت "عنصرياً غير آسف" لسلوكه.     

أطلق إيلروي اسم مارغريت على كلب من فصيلة بول تيرير، تيمناً بـ"معبودته" مارغريت ثاتشر، وللكلاب حضور قوي في حياة إيلروي، وأحدها الكلب المسمى مينا الذي سمح له هو ووالده أن يتبول ويتغوط على السجادة في شقتهما في لوس أنجلوس. واضطر هذا الثنائي الغريب من أب وابنه أن يدعا النوافذ مفتوحة طوال الليل "لتخفيف وطأة الرائحة النتنة"، وعاشا على هذا الحال مدة خمس سنوات إلى أن طهر صاحب العقار المكان وبخره بالمواد الكيماوية. 

عنون إيلروي أحد كتبه أماكني المظلمة، وتلخص الجملة هذا البوح التام لسيرة حياته العنيفة والقاسية. 

"أحبني بشراسة في الخطر: سيرة حياة جيمس إيلروي" لــستيفن باول يصدر عن دار بلومزبيرغ أكاديميك بتاريخ 9 فبراير، في مقابل 14.99 جنيه استرليني للنسخة الواحدة

"شقيقتان" لــبلايك موريسون Two Sisters by Blake Morrison ★★★★★

اعتاد أصدقاء ليام، ابن شقيقة بلايك موريسون، الذي كان يعمل في التعاونية المحلية في يوركشير، أن يهاتفوه ليخبروه بأن والدته أغمي عليها على الرصيف مجدداً في الشارع. هذا أحد المشاهد الكثيرة المؤلمة في شقيقتان، كتاب مذكرات بلايك موريسون عن شقيقته جيليان وأخته غير الشقيقة، جوزي، اللتين توفيتا قبل الأوان بسبب الاستهتار الذاتي.

 

ويكتب موريسون "في لوعة الحزن بعد فقدان جيل، أعيد النظر في ذكريات طفولتنا"، ولا يستثني الرجل أحداً من هذا السرد المؤلم لعيوب العائلة والتعاسة. يظهر والده على أنه شخص غريب ومسيطر. فإلى جانب قيامه بإخفاء جوزي، التي كانت ثمرة علاقة حب خارج الزواج، تصرف بشكل غريب وقاس مع أطفاله (اتهم بلايك موريسون بأنه "طفولي" و"ما يزال يلبس حفاضات" بعمر الـ18)، ويبدو أنه حبس جيل التي كانت تبلغ سن الرشد آنذاك في قبو المنزل طوال 36 ساعة بعد اتهامها بالسرقة. ربما بالغ الكاتب في وقت الحبس. فالمذكرات تتشكل حول طابع الحقيقة المستعصية المتفلتة وأفخاخ الذاكرة.

كانت جيل صريحة بشأن معاقرتها الخمر حتى الهلاك، ومن باب الحكمة أن موريسون لا يحاول الخروج بإجابات قاطعة تشرح غموض الهوس بالكحول وإدمانه. وفي حالة جيل، تتضح لنا بعض الشيء الأسباب التي تدفع أي شخص للإفراط إلى هذا الحد في الشراب وتجعله يتصرف بطريقة بائسة ومهينة، كما يحدث عندما يخرج الهوس بالكحول عن عقاله. لكن موريسون عادل وصادق بشأن سلوكه الأناني والمبالغ به أحياناً.     

لكن هذا الكتاب يتعدى بأشواط كونه مذكرات حزينة، إذ يقدم نظرة متعمقة عن علاقة التنافس والحب بين الإخوة ولا سيما في إطار المشهد الأدبي الأوسع. ويضم الكتاب عشرات الملاحظات الملفتة التي تستند إلى الآراء الحكيمة لكتاب متفاوتين، من جورج إليوت إلى جون تشيفر. ولا يسعك إلا أن تقف مشدوهاً أمام بعض العلاقات الأخوية. ما نوع العلاقة الغريبة التي كانت تربط فعلاً بين دوروثي وويليام وردزورث؟ 

لا ريب في أن مواضيع إدمان الكحول والانتحار والعمى والاكتئاب والحزن ليست فرحة، لكن كتاب شقيقتان قوي ومتقن بشكل مذهل، ويفيض بالملاحظات الثاقبة إنما الحساسة حول الطبيعة البشرية.

"شقيقتان" لــبلايك موريسون تصدر عن دار ذا بورو برس في 16 فبراير، مقابل 16.99 جنيه استرليني للنسخة الواحدة

"أشباح جائعة" لـكيفن جاريد حسين ★★★★☆ Hungry Ghosts by Kevin Jared Hosein

الرفاهية والفقر يتجاوران في الرواية الأولى الصادرة عن كيفن جاريد حسين، أشباح جائعة، التي تدور أحداثها في وسط ترينيداد الواقعة تحت الاستعمار في أربعينيات القرن الماضي. تنبض هذه الرواية بالتهديد والخطر، على الصعيدين العاطفي والجسدي.

 

يملك دالتون تشانغور، المتزلف طويل القامة نحيف الجسم، وزوجته اللعوب مارلي، مزرعة ريفية تتربع فوق تلة، وقد اشتريا هذا العقار بأموال غامضة الأصل "ملظخة بالدماء". وفي أسفل التلة، قرب النهر، تعيش عائلة ساروب - هانس وشويتا وابنهما كريشنا - في مبنى قذر ومتهالك اسمه باراك (الثكنة). عندما يختفي دالتون ويبدو أن زوجته في خطر، يجمع القدر العائلتان وتكون عواقب اجتماعهما وخيمة.

مع أن الاستعمار الأبيض وتأثيره يبدو بعيداً إلا أنه موجود في خلفية أحداث الرواية (يتعرف دالتون إلى زوجته داخل ماخور يقصده ضباط بحرية أميركيون ويشدون شعر بائعات الهوى ويبصقون عليهن ويعضون أثداءهن)، وتتداخل الديناميات القاتلة لاختلاف الطبقات الاجتماعية والجنس والثروة ضمن قصة مشوقة. قد يولد الانتقال بين عوالم الأثرياء والفقراء لدى المرء شعوراً بأنه "كالعصفور المتدثر بريش طائر آخر". 

يستخدم الكتاب لغة شاعرية وغير اعتيادية - وتطالعك فيه كلمات فيها بلاغة تعبير وتخصص - وتستحضر من خلال الاستعارات الجميلة التي يرسمها حسين، على بساطتها، صورة زاهية وواضحة للحياة في الكاريبي: فهو يتحدث عن الطهو بخضراوات "تبدو كأنها حديقة برية مزدهرة في المقلاة المتفحمة". وفي الكتاب وصف قوي للمناظر الطبيعية يعكس كل الصور والأصوات في كل شيء، بدءاً بالثياب ووصولاً إلى الحيوانات، مثل "أصداء أصوات الكلاب المستفزة".

تضيف كل الشخصيات الثانوية أبعاداً إلى القصة، وأفضلهم وصفاً هي شويتا الواقعة في براثن المعاناة منذ زمن بعيد، والمعرضة لسوء معاملة شديد من هانس. ينجح حسين، الذي يكتب الشعر كذلك، في تصوير محنتها وشخصيتها الحقيقية عن طريق التفاصيل الصغيرة المثقلة بالمعاني، مثل قوله إنها عندما كانت طفلة وشاهدت أخاها الذي يفترض بأنه لطيف يتصرف بقسوة مع الحيوانات، تغير رأيها في الناس بشكل عام.

يخوض أشباح جائعة في مواضيع كئيبة - كيف يمكن أن يندفع البشر أحياناً نحو الانحلال، وكيف يستحيل التراجع عن بعض القرارات، وكيف يمكن أن تسحق التصرفات القاسية العادية شخصاً آخر، "يستحيل فتاتاً" - فيما يتأمل الأثر الذي يخلفه كل واحد منا خلال الفترة التي يقضيها على الأرض.

إن كتاب أرواح جائعة رواية أولى مذهلة، تعكس نظرة متعمقة تشدك للتفاعل مع مواضيع العنف والدين والعائلة والذنب والحزن.

"أرواح جائعة" لــكيفن جاريد حسين  تصدر عن دار بلومزبيري في 16 فبراير، مقابل 16.99 جنيه استرليني للنسخة الواحدة.

"بين يديها حياة: المسيرة المهنية الرائدة لجراحة" لــأفريل مانسفيلد ★★★☆☆ Life in Her Hands: The Pioneering Career of One Female Surgeon by Averil Mansfield 

نشأت أفريل مانسفيلد، التي ولدت لعائلة من الطبقة العاملة في بلاكبول في عام 1937 وأصبحت في ما بعد أول سيدة تشغل منصب أستاذة في الجراحة في المملكة المتحدة، في حقبة غابرة. عندما كانت تلميذة في المدرسة، استقطبت مادة الأحياء اهتمامها وطلبت من والدها العزيز رالف درينج أن يحضر لها كتاباً عن جسم الإنسان. فاشترى لها كتاباً "لكن أبي الحريص على حمايتي ألصق الصفحات المتعلقة بالجهاز التناسلي بقوة مع بعضها بعضاً"، كما تقول في كتاب مذكراتها "بين يديها حياة: المسيرة المهنية الرائدة لجراحة". لا عجب إذاً في أن النظر إلى الأعضاء التناسلية الذكرية داخل غرفة التشريح في كلية الطب جعلها تشعر "باضطراب عارم".

 

بعض أفضل الأقسام في هذه السيرة الذاتية هي سردها للفترة الأولى التي قضتها في التدريب والوقت الذي قضته في العمل في أميركا. في البداية، لم تكن تعلم معنى GSW بالإنجليزية (وهي اختصار عبارة جرح ناجم عن عيار ناري)، لكنها اكتشفت معناها من زملائها في فيلادلفيا المعتادين للأسف على هذه الحوادث. كانت ترافق هؤلاء الزملاء عند اغتيال جون كينيدي في عام 1963.

تحرص مانسفيلد على التأكيد على أهمية "تمرير الشعلة" بالنسبة إليها: تدريب الجيل الجديد واتباع مقولة "اصعد وساعد". وهي تقلل من أهمية التمييز على أساس الجنس في مهنة الطب في المملكة المتحدة خلال سبعينيات القرن الماضي، مع أن النساء لم يشكلن سوى اثنين في المئة تقريباً من طاقم استشاريي الجراحة خلال ذلك العقد. وتشدد "عوملنا بمساواة"، مضيفة "لم أشعر أبداً بأنني مضطرة للتعاطي مع سلوك غير ملائم". ربما حالفها الحظ بكل بساطة، مع أنها تعطي أمثلة على وجود مرضى اشتكوا من الخضوع لعملية تجريها "فتاة" وتذكر الرجل الذي تفاجأ ببساطة وصاح "يا إلهي، إنها امرأة!". 

ومع أن الكتاب يبدو أقرب إلى السيرة الذاتية الجافة لمسيرتها المهنية في بعض المواضع، لكنه يقدم نظرة داخلية على ثقافة ومخاطر غرفة العمليات (وهي تسمي العمليات الجراحية الخطرة "وطن النمر"). كان سيروقني أن أقرأ أكثر عن سبب قول قامة بارزة كهذه في عالم الطب أنها تشعر الآن "بالقلق على حالة هيئة الخدمات الصحية الوطنية". 

وفي أية حال، لا شك في أن مانسفيلد كانت رائدة وتشكل مذكراتها دليلاً مهماً عن حياة الجراحين في بريطانيا القرن الـ20. مع أنه ربما من المستحسن ألا يعلم أي شخص يوشك على الخضوع لجراحة كيف يمكن لبعض الجراحين أن يتحدثوا خلال العمليات الجراحية عن طريقة زرع الخضراوات. 

"بين يديها حياة: المسيرة المهنية الرائدة لجراحة" لــأفريل مانسفيلد يصدر عن دار إيبوري سبوتلايت في 23 فبراير، مقابل 20 جنيهاً استرلينياً للنسخة الواحدة

"لدي أسئلة أطرحها عليك" لــريبيكا ماكاي ★★★★☆ I Have Some Questions for You by Rebecca Makkai 

تصدر ريبيكا ماكاي - مؤلفة كتاب "المؤمنون العظماء" The Great Believers، الفائز بميدالية كارنيغي للتميز وجائزة بوليتز وأحد المرشحين النهائيين لجائزة الكتاب الوطني - روايتها الجديدة، وهي قصة تشويق وإثارة بعنوان لدي أسئلة أطرحها عليك.

 

تدور الحبكة، المستوحاة من قضية الإدانة الواقعية لعدنان السيد، الذي تناولت قصته المدونة الصوتية (بودكاست) "سيريال"Serial  في عام 2014، حول مقتل الصبية تاليا كيث البالغة من العمر 17 سنة في عام 1995 في المدرسة الداخلية "الفخمة" غرانبي، وحول احتمال أن يكون مدرب الرياضة الأسود عمر إيفانز قد قضى ربع قرن تقريباً في السجن بسبب جريمة لم يرتكبها.

تعود مدرسة صناعة الأفلام وصاحبة المدونة الصوتية الناجحة، بودي كاين، وهي امرأة لديها تاريخ مأسوي خاص، إلى غرانبي كي تدرس هناك، وتبدأ رحلة بحث شخصية لاكتشاف ما حدث فعلاً لشريكتها في السكن، تاليا المضطربة. وهي مدفوعة جزئياً برغبة معالجة "الذنب الهائل" المحفور في روحها بسبب التحقيق الأساسي.

تعرض الرواية حكاية جريمة متقنة، لكنها تغوص أيضاً في موضوع تمجيد القتل وسهولة الغضب الإلكتروني والأشخاص الذين يقحمون أنفسهم في قصص الآخرين. يصور مصير تاليا الرهيب ضمن سياق العنف المجتمعي ضد النساء - وفيه استعراض للاعتداء على الممثلة ريتا هيوارث ومزاعم ارتكاب كلارك غايبل "الاغتصاب أثناء المواعدة" في ماضيه - ويسمح سرد الأحداث في إطار المدرسة الداخلية لماكاي أن تتعمق في مواضيع الصداقة ومشاعر الرغبة وعدم الثقة بالنفس خلال فترة المراهقة، والعنصرية وقسوة أصحاب السلطة وإهمال الدولة في تحقيقات الجرائم، والاحترام بصفته غطاء مزيفاً. تتناول رواية "لدي أسئلة أطرحها عليك" أيضاً إعادة تقييم تحفز الفكر لإشكالية سلوك الذكور في تسعينيات القرن الماضي، على ضوء الفضائح التي كشفتها حركة #أنا_أيضاً (#MeToo) في القرن الـ21.  

وعلى رغم بعض الضعف في فصلين من الرواية، فهي تستحوذ على اهتمام القارئ لأكثر من 400 صفحة، وصولاً إلى النهاية القوية في إطار محاكمة تحدث في عام 2022 الذي ينتشر فيه كوفيد. لا شك في أن لدي أسئلة أطرحها عليك رواية تجذبك إليها لكنها تبوح أيضاً ببعض الحقائق القاتمة. كما تقول بودي "كيف لأية امرأة أن تصدم حقيقة لوجود المفترسين؟". 

"لدي أسئلة أطرحها عليك" لــريبيكا ماكاي تصدر عن دار فليت في 23 فبراير، مقابل 16.99 جنيه استرليني للنسخة الواحدة

© The Independent

المزيد من كتب