فرضت الولايات المتحدة، الثلاثاء 16 يوليو (تموز)، عقوبات على قائد الجيش البورمي وثلاثة من كبار ضباطه، إثر اتهامهم بتنفيذ عملية "تطهير عرقي" ضدّ أقلية الروهينغا.
وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في بيان، أن قائد الجيش مين أونغ هلاينغ ونائبه سو وين والجنرالين ثان أو وأونغ أونغ، ممنوعون وعائلاتهم من الدخول إلى الولايات المتحدة.
"تطهير عرقي"
وأضاف بومبيو، متحدّثاً عن "تطهير عرقي"، إن "الحكومة الأميركية هي أوّل من تحرّك علناً تجاه أرفع مسؤولين في الجيش البورمي... استهدفنا هؤلاء القادة بناءً على معلومات موثوقة تتعلّق بتورّطهم بانتهاكات خطيرة".
وكان نحو 740 ألف شخص من أفراد أقلية الروهينغا المسلمين، الذين تعرّضوا للاضطهاد على يد الجيش البورمي وميليشيات بوذية، لجأوا إلى مخيمات في بنغلادش. وتفيد تقديرات منظمة "أطباء بلا حدود" بأن ما لا يقل عن 6700 من مسلمي الروهينغا قتلوا في الشهر الأول من الحملة التي بدأت عام 2017، بينما ينفي الجيش البورمي ارتكاب أي مخالفات.
تشكيك في المحاسبة
وأعرب وزير الخارجية الأميركي عن "قلقه" إزاء عدم تحميل الحكومة البورمية منفّذي الحملة مسؤولية أعمال العنف في أواخر أغسطس (آب) 2017، قائلاً "نبقى قلقين من عدم اتخاذ الحكومة البورمية إجراءات لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان ومن وجود تقارير مستمرة عن عسكريين بورميين يرتكبون انتهاكات لحقوق الإنسان وتجاوزات في البلاد".
كما ندّد بومبيو بالإفراج عن قائد الجيش في مايو (أيار) الماضي، "بعد بضعة أشهر فقط في السجن"، مقارناً بين طريقة التعامل معه ومع جنود مسؤولين عن عمليات قتل في حق الروهينغا من جهة، والتعامل مع صحافيَّين اثنين يعملان في وكالة "رويترز"، سُجنا لأكثر من 500 يوم لإجرائهما تحقيقاً بشأن هذه القضية، من جهة أخرى.
"دفاع عن النفس"
في المقابل، رأى المتحدث العسكري باسم الجيش البورمي زاو مين تون أن الولايات المتحدة أساءت فهم تاريخ القتال في إقليم راخين، حيث وقعت الحملة، مضيفاً أن "الجيش قام بواجبه في حماية أرواح الأقليات العرقية والمنطقة". وفيما أكّد أن الحملة كانت دفاعاً عن النفس وأن بورما أجرت تحقيقاتها الخاصة، طالب مين تون باحترام تحركات بلاده.
وترفض بورما، ذات الغالبية البوذية، منح مسلمي الروهينغا الجنسية أو الحقوق الأساسية، وتشير إليهم باسم "البنغال"، في إشارة إلى أنهم مهاجرون غير شرعيين من بنغلادش. أمّا محققو الأمم المتحدة فيقولون إن العنف الذي شهدته أقلية الروهينغا يستدعي محاكمة كبار الجنرالات بتهمة "الإبادة الجماعية"، وقد بدأت المحكمة الجنائية الدولية بتحقيق أوليّ في الموضوع.
زعيمة بورما خارج دائرة الاتهام
ولا تؤثر العقوبات الأميركية بشكل خاص على زعيمة المعارضة في بورما والسجينة السياسية السابقة أونغ سان سو تشي، التي باتت أعلى مسؤولة مدنية في البلاد. وقد طلبت سو تشي، الحائزة جائزة نوبل، من الجهات الغربية التي كانت تدعمها وتدافع عنها خلال وجودها في السجن، عدم التحدث علناً عن الانتهاكات.
في هذا السياق، أعرب مسؤولون أميركيون عن أملهم في أن تساعد العقوبات القادة المدنيين في البلاد على السيطرة على الجيش، الذي قالت وزارة الخارجية إنه المسؤول الوحيد عن الحملة ضد الروهينغا. وقال مسؤول، رفض الكشف عن اسمه، "نأمل في أن تعزّز هذه الإجراءات موقف الحكومة المدنية وتساعد على زيادة نزع الشرعية عن القيادة العسكرية الحالية".
تأثير العقوبات ضعيف
غير أن مديرة مجموعة "إينل" الاستشارية المتخصّصة في بورما إيرين ميرفي رأت أن الحظر الأميركي لن يؤثر في الجنرالات بشكل مباشر، وإنما في أطفالهم وأحفادهم الذين يرغبون في المجيء إلى الولايات المتحدة للسياحة مثلا أو للدراسة.
وقالت ميرفي، وهي مسؤولة سابقة في وزارة الخارجية الأميركية ومواكبة للعلاقات الأميركية مع بورما، إن حظر السفر أداة لتشجيع التغيير، مشككةً في الوقت ذاته في قدرته على تغيير المواقف تجاه الروهينغا "المنبوذين عالمياً". وأوضحت "نتحدث عن تغيير المواقف الراسخة في كراهية الأجانب والعنصرية وحظر السفر وحده لن يغير ذلك... هناك حاجة إلى المزيد من الأدوات، إلى تعزيز سياسة الثواب والعقاب، للبدء بمعالجة القضية المعقدة والصعبة للغاية".
وكانت الولايات المتحدة فرضت العام الماضي عقوبات على مسؤولين صغار في بورما. ووصفت دراسة أجرتها وزارة الخارجية، عام 2018، العنف ضد الروهينغا بأنه "متطرّف وواسع النطاق ويبدو أن هدفه ترويع سكان الروهينغا وطردهم"، وشمل عمليات اغتصاب على نطاق واسع وإحراقَ قرى.