Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"حزب الله" متمسك بفرنجية للرئاسة واحتمالات المعارضة مفتوحة

تتجه الأنظار إلى الاجتماع الخماسي الدولي والعربي الذي يعقد في باريس غداً الإثنين ويتطرق إلى الاستحقاق لتحديد المواصفات من دون الدخول بالأسماء

قرار مقاطعة الجلسات وارد لمنع وصول مرشح "حزب الله" إلى الرئاسة في لبنان (أ ف ب*)

ثلاثة أسابيع مرت على آخر جلسة عقدت في الـ 19 من يناير (كانون الثاني) لانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، ورئيس مجلس النواب نبيه بري المخوّل بالدعوة إلى عقد جلسات مستمر في رفضه تحديد جلسة جديدة أو الامتثال إلى مطلب المعارضة في عقد جلسات متتالية ما لم يتلق، بحسب مصادر مقربة منه، إشارات إيجابية تدعو إلى الاطمئنان بأن الجلسة ستكون حاسمة ولا تشبه سابقاتها.

وفي المقابل تستعد قوى المعارضة لمواجهة سيناريو محتمل يعمل على إنضاجه "حزب الله" وحلفاؤه في الوقت المستقطع، كان ألمح إليه المعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل عندما أكد في حديث تلفزيوني أنهم مستعدون للمضي برئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية من دون الكتلتين المسيحيتين، "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"، إذا جمع فرنجية 65 صوتاً، وفرضية تعليق جلسات انتخاب رئيس للجمهورية بانتظار تأمين فرص نجاح فرنجية عززها وصول مبادرة رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط إلى حائط مسدود عندما حاول طرح حل لخرق الجمود الرئاسي يقوم على إسقاط مرشح المعارضة النائب ميشال معوض في مقابل استبعاد فرنجية من السباق الرئاسي، واقترح سلة من ثلاثة أسماء، قائد الجيش العماد جوزيف عون ووزير المال الأسبق جهاد أزعور والنائب السابق صلاح حنين، وأبلغ بري جنبلاط أنه متمسك مع "حزب الله" بفرنجية ولن يقبل البحث في أي اسم آخر.

وأمام هذا الواقع بات السؤال البديهي ماذا ستفعل قوى المعارضة؟ وما هي الخيارات المتاحة أمامها؟ وهل تسلك مساراً أكثر حزماً إذا نجح "حزب الله" وحلفاؤه في توفير حظوظ وصول مرشحهم للرئاسة؟ وهل يواجه مشروع فريق "الممانعة" موحدة، بعد فشل اعتصام النائبين ملحم خلف ونجاة صليبا في قاعة المجلس بغية تحقيق هدفه في الدفع إلى عقد جلسات انتخاب رئيس متتالية؟

تعطيل النصاب أحد خيارات المواجهة

وبعد إعلان جنبلاط منفرداً انتقاله من مربع معوض إلى المرشح الثالث، برزت مخاوف جدية داخل صفوف القوى السيادية من إمكان تضعضع الأصوات في صفوف المعارضة، مما قد يسمح بتأمين ظروف جدية لتمرير سليمان فرنجية مرشح "حزب الله"، وقد عبر النائب ميشال معوض بشكل واضح عن هذه الهواجس في رسالة وجهها إلى كل القوى السيادية والإصلاحية والتغييرية، وغمز من قناة جنبلاط محذراً من أمرين، "من ينظر إلى الانقلاب الحاصل يكون مشاركاً بهذا الانقلاب، وثانياً ممنوع أن نكمل بتشتتنا فهو يعني الهزيمة، والوحدة معناها الانتصار".

وفي موازاة موقف معوض برز موقف لافت لأحد أقطاب المعارضة حين هدد رئيس "حزب الكتائب" النائب سامي الجميل، الجمعة، بتعطيل جلسات انتخاب الرئيس، وقال "سنعطل الانتخابات الرئاسية إذا أراد الفريق الآخر الإتيان برئيس يغطي سلاح ’حزب الله‘ لست سنوات مقبلة"، وتابع الجميل خلال افتتاح المؤتمر العام الـ32 للحزب، "سنعتمد الأسلوب نفسه من دون أن نجر البلاد إلى الخراب، ونحن غير مستعدين للاستمرار بهذا الوضع".

وقبل الجميل كان رئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع صاحب أكبر كتلة مسيحية في البرلمان ألمح إلى احتمال اعتماد خيار مقاطعة الجلسات، لكن ليس كخيار دائم قد يعطل الانتخابات الرئاسية. وإذا كان إعلان الجميل اعتماد الأسلوب نفسه لفريق "حزب الله" في تعطيل الجلسات يحتاج، وفق مصدر معارض، إلى التنسيق داخل القوى السيادية، فإنه على غرار فريق "حزب الله" وحلفائه نجد القوى المعارضة تمتلك النصاب المطلوب لتعطيل الجلسات، أي 43 نائباً كما تقول أوساطها، لأن نواباً لا يصوتون لمعوض قد ينضمون إلى خيار الانسحاب من الجلسات إذا صار جدياً خيار إيصال مرشح "حزب الله".

كل الاحتمالات واردة

ويحصر مصدر رفيع من القوى السيادية خيارات المعارضة بثلاثة، إما مقاطعة الجلسات منعاً لوصول رئيس مقرب من "حزب الله"، وإما الذهاب إلى مرشح ثالث، قد يكون قائد الجيش، يمكنه خلق مساحة مشتركة مع الفريق الآخر، وإما البقاء في حال تضعضع قد تؤدي إلى أخذ القوى المعارضة على حين غرة.

وفيما يؤكد النائب أشرف ريفي لـ "اندبندنت عربية" أن قرار مقاطعة الجلسات هو أحد الاحتمالات الواردة لمنع وصول رئيس لـ "حزب الله"، يكشف في المقابل أن هذا الخيار يحتاج إلى تشاور بين قوى المعارضة، مشدداً على ضرورة البحث بكل الخيارات المتاحة لمنع الدخول في "جهنم لست سنوات جديدة"، ويؤكد ريفي أنهم لن يتساهلوا في مسألة منع وصول رئيس يشبه الرئيس السابق ميشال عون "يبقينا في عزلتنا العربية والدولية"، ملمحاً إلى إمكان الانتقال إلى مرشح جديد ومستشهداً بكلام النائب ميشال معوض ورفضه تحويل المعركة الرئاسية إلى معركة شخص، بل هي معركة مشروع، واضعاً نفسه بتصرف هذا المشروع. ويؤكد أن طرح قائد الجيش جدّي وقد يكون الأوفر حظاً خلال المرحلة الحالية. كذلك لا يستبعد نائب رئيس "حزب القوات اللبنانية" النائب جورج عدوان اللجوء إلى مقاطعة الجلسات قائلاً إن "كل شيء بوقته حلو".

واعتبر في تصريح خاص أنه "علينا بذل كل ما في وسعنا لمنع وصول رئيس من الفريق الآخر، والاحتمالات مفتوحة".

أما عن وحدة المعارضة في أي خيار محتمل فيستند عدوان إلى الاجتماع التنسيقي الذي خصص لقضية انفجار المرفأ، والذي حصل في مجلس النواب وضم 40 نائباً من المعارضة، ليؤكد أن الوضع جيد وتركيبة المعارضة في تحسن دائم، لكن "القوات اللبنانية" لا تزال، وفق عدوان، متمسكة بالنائب ميشال معوض إلا إذا تم الاتفاق على مرشح آخر سيادي إصلاحي يمكن أن يؤمن 65 صوتاً.

ويشيد النائب القواتي بمعوض معتبراً أنه أثبت أنه واضح وصريح ويعرف ما يريده ويسمي الأمور بأسمائها، خاتماً "نحن نريد رئيساً يتمتع بالجرأة ولا يبدل موقفه كل يوم".

تشدد الفريق الآخر يدفع المعارضة إلى الحزم

ويؤكد النائب المستقل غسان سكاف أن قوى المعارضة تتجه إلى اعتماد "خطوات حازمة" قد يكون من بينها تعطيل الدورات الثانية من الجلسات، لكن بحسب سكاف فإن هذا الخيار يحتاج إلى دراسة متأنية، مثل تحديد المدة التي سيستمر فيها التعطيل والاتفاق مسبقاً على مخرج قبل المضي به.

ولفت سكان إلى أن اعتماد الحزم من قبل المعارضة جاء نتيجة تشدد الفريق الآخر، خصوصاً بعدما تبين أنه لم يظهر أية ليونة تجاه أية مبادرة يمكن أن تكسر الجمود الرئاسي، كما حصل تجاه مبادرة رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويكشف سكاف أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يرفض الدعوة إلى جلسات متتالية ولم يقبل حتى بالذهاب إلى جلسة انتخاب الرئيس بسلة من الأسماء، قد يكون من بينها رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية مع قائد الجيش جوزف عون، لعلم بري المسبق أن عون قد يتقدم بالأصوات على فرنجية بسبب استمرار تعذر تأمين دعم رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل له في مقابل إمكان تصويت عدد من نواب "تكتل لبنان القوي" للعماد عون، وحصوله على أصوات عدد من النواب الذين يقترعون حالياً بورقة ملغاة، علماً أن طرح قائد الجيش يعترضه إشكال تعديل الدستور الذي طالب به بري وقوى المعارضة أيضاً، لعلمه المسبق أن نصاب الـ86 لن يكون متوافراً إذا نفذ النواب الـ19 لـ"القوات اللبنانية" قرارهم بمقاطعة جلسات التشريع، في ظل الشغور الرئاسي ورفض نواب التغيير وغيرهم من المستقلين مبدأ تعديل الدستور لإيصال قائد الجيش.

وفي المقابل تكشف مصادر مقربة من باسيل أنه يقترح حالياً اسم المحامي ناجي البستاني الذي يمكن بحسب مصادر باسيل أن يضرب كلاً من فرنجية والعماد عون، لأن البستاني يتمتع بعلاقات جيدة جداً مع "حزب الله" و"حركة أمل"، ويمكن أن يحظى بموافقة بكركي.

لكن بحسب سكاف فإن أي مرشح يمكن أن يملك حظوظاً للفوز هو القادر على الحصول على دعم الثنائي الشيعي مع فريق مسيحي قد يكون من المستقلين وبعض الأصوات من كتلة مسيحية كبيرة، أو دعم الثنائي المسيحي "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" مع فريق شيعي، وحتى الآن لا يبدو أن سليمان فرنجية قادر على خرق الثنائي المسيحي ولا ميشال معوض قادر على الحصول على دعم فريق شيعي، فهل يكون الاحتمال الثالث قائد الجيش؟

نعم يقول سكاف إذا قبل بري بتأمين النصاب وحضر نواب "كتلة التنمية والتحرير" الجلسة وأمنوا نصاب الـ 86 المطلوب لتعديل الدستور، لكن حتى الآن لا يبدو الأمر محسوماً، كما أن "حزب الله" المتمسك بفرنجية لن يتخلى عنه إلا برزمة شروط تضمن له حماية المقاومة.

هل يأتي الحل من بكركي أم من اجتماع فرنسا؟

وفي ظل المشهد المنقسم بين خطين أو مشروعين بات من الصعب التقاؤهما، برزت محاولة تستعد "بكركي" لخوضها وتتمثل في دعوة النواب المسيحيين أو الأقطاب إلى اجتماع في الصرح البطريركي برئاسة البطريرك الماروني بشارة الراعي، في مسعى إلى البحث عن اتفاق يقضي بحل أزمة انتخاب الرئيس وسط انقسام واضح بين القوى المسيحية. لكن اجتماع "بكركي" الذي لم يحدد موعده بعد لاعتراض بعض القوى المسيحية عليه، واشتراط آخرين مثل "القوات اللبنانية" الحصول على ضمانات من المجتمعين بالالتزام بكل ما سيصدر عنه، يتخوف آخرون من أن يستغل رئيس "التيار" جبران باسيل لقاء "بكركي" لتعويم نفسه، كما يقول النائب غسان سكاف الذي يعمل على إقناع البطريرك بتشكيل لجنة مصغرة نيابية تسبق الاجتماع وتحدد جدول الأعمال لضمان التوصل إلى نتائج عملية.

وفي وقت تتجه الأنظار إلى الاجتماع الخماسي الدولي والعربي الذي يعقد في باريس غداً الإثنين، إذ إن الاجتماع الذي كان مخصصاً فقط للبحث في المساعدات الإنسانية وخصوصاً للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، أعيد النظر في الملفات المطروحة وتقرر أن يبحث بالاستحقاق الرئاسي، لكن من باب تحديد المواصفات للرئيس من دون الدخول في الأسماء. وتكشف مصادر دبلوماسية أن مسودة البيان قد أعدت وسيكون حازماً لجهة الالتزامات والتعهدات المطلوبة من لبنان في مجال الإصلاحات، وفي ما يتعلق باختيار رئيس ذي مواصفات محددة توحي من دون أن تقال بالمباشر، "ألا يكون مقرباً من ’حزب الله‘ ومن فريق الثامن من آذار".

ومن المواصفات المطلوبة أميركياً وفرنسياً وسعودياً ومصرياً وقطرياً أن يكون رئيساً إصلاحياً سيادياً يلتزم بتنفيذ القرارات الدولية (1559) و(1701) و(1680) التي تنص جميعها على "نزع كل سلاح غير شرعي وغير خاضع لقرار الدولة اللبنانية، ورئيس قادر على ضبط الحدود ولا غبار على ماضيه وغير فاسد".

وسيخلص البيان إلى القول للبنانيين وبطريقة دبلوماسية "ذنبكم على جنبكم" إذا لم يتم الالتزام بهذه النقاط، ولا تلومونا بعد ذلك ولا تسألوا عن أية مساعدات. وسيضع بيان فرنسا كل القوى السياسية في لبنان أمام مسؤولياتها، فإما أن تنقذ لبنان وخريطة الطريق واضحة، وإما فـ "على الدنيا السلام".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات